أوساط اقتصادية قلقة من «نوايا» باقر: التوسّع في مراسيم الضرورة قد يفسد ضرورتها
تخوّف من تهريب مشروع «هيئة السوق» تحت ستار «الاستقرار»
الراى 24/3/2009
سيقدم وزير التجارة والصناعة أحمد باقر عرضاً في جلسة مجلس الوزراء، المتوقعة اليوم، يشرح فيه الأسباب التي تسوّغ إصدار قانون هيئة سوق المال وقانون الشركات بمرسومي ضرورة، وسيعينه في المهمة فريق يضم بعض المسؤولين في وزارة التجارة.
وفي رأي مصادر ذات صلة، أن الوزير باقر يرى الفرصة مواتية لتمرير المشروعين وفق رؤيته، في الظروف الحالية من دون إخضاعهما للأخذ والرد مع النواب والجهات الاقتصادية المعنية، خصوصاً وأن الكثير من الجهات الاقتصادية لديها اعتراضات أساسية على المشروعين وفق تصور باقر.
ومع دفع وزير التجارة باتجاه إقرار هذين المشروعين، يصبح أمام مجلس الوزراء أربع ضرورات تشريعية، من دون الأخذ في الاعتبار المشاريع التنموية المجمدة. فإلى جانب مشروعي باقر، سيحمل وزير المالية مصطفى الشمالي إلى طاولة الحكومة مشروعي تعزيز الاستقرار المالي في الدولة ومشروع الموازنة العامة.
ضرورة «الاستقرار»
وتبدو «ضرورة» مشروع قانون الاستقرار المالي مفهومة، لأن الشركات التي تواجه إرباكات مالية قد لا تكون قادرة على الانتظار حتى موعد الانتخابات البرلمانية ثم إلى حين انتخاب اللجان ومناقشة المشروع وإحالته إلى الهيئة العامة، وما قد يتخلل تلك المراحل من مفاجآت.
وعلاوة ذلك، من المعلوم أن مشروع القانون وضع لمعالجة ضرورف استثنائية على نحو مستعجل، وقد استدعى ذلك سرعة كبيرة في إعداده من قبل البنك المركزي، كما استدعى من الحكومة أن تنجز إقراره خلال اجتماعين فقط، أحدهما استثنائي. لذلك، لا يختلف اثنان على الطبيعة المستعجلة لهذا المشروع. ويبقى النقاش مفتوحاً على المستويين السياسي والاقتصادي حول مضمونه، وما إذا كان يجدر إقراره وفق الصيغة الحكومية، أم الأخذ في الاعتبار التعديلات التي انتهت إليها مناقشات اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة المنحل، خصوصاً وأن بعضها كان يشكل فتيلاً متفجراً لمشكلات سياسية.
... وضرورة «الموازنة»
أما مشروع قانون الموازنة، فبات محاصراً في مهلة زمنية ضيقة، مع اقتراب السنة المالية من نهايتها بعد نحو أسبوع. وإذا لم تصدر الحكومة الموازنة بمرسوم ضرورة (بغض النظر عن النقاش حول فذلكتها وما تتضمنه من توزيع للإنفاق)، ستكون البلاد مضطرة إلى الدخول في مرحلة من الإنفاق وفق القاعدة الاثني عشرية لأشهر مقبلة، ريثما يقر المجلس الجديد الموازنة، وهذا ما قد لا يتم قبل مرور الفصل الأول وربما الفصل الثاني من السنة المالية. وفي ظروف تشهد فيها البلاد أزمة اقتصادية ومالية، لا يليق بالحكومة أن تترك البلاد من دون موازنة. ولذلك فإن مبررات الاستعجال في الموازنة لها مسوغاتها.
خلط الأوراق
وربما يحدو وزير التجارة أمل بأن تكون سلة الضرورات الاقتصادية واسعة بما يكفي لتمرير قوانين استغرقت في السابق الكثير من الجدال والنقاش، مما يثير استغراباً في الأوساط الاقتصادية وتساؤلاً عن الخلفيات والأسباب.
فمشروع قانون هيئة السوق مثلاً جاء بعد سلسلة من المشاريع والاقتراحات المقدمة من الوزارة وإدارة سوق الكويت للأوراق المالية وسواهما. وقد تعرض المشروع الأخير الذي أنجزت دراسته في اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية إلى نقد متعدد الجهات، فما الذي يبرر تجاهل كل هذا النقد وإصداره بمرسوم ضرورة، مع أن من المعلوم أنه سيؤسس لوضع جديد في سوق المال تشريعياً وتنظيمياً، سيستمر لسنوات، وربما لعقود مقبلة، وسيشكل حجر الزاوية في التأسيس لسمعة الكويت كمركز مالي في المنطقة.
وما يصح على مشروع قانون هيئة السوق يصح أكثر منه على مشروع قانون الشركات. فهذا القانون مهم جداً بالنسبة للقطاع الخاص في مختلف القطاعات، وسيكون أثره حاسماً في تصنيف الكويت على صعيد التنافسية في مجال الأعمال، وقد سبق لمجلس الأمة أن رفضه بعد أن أقرته الحكومة بمرسوم ضرورة في العام 1999. فما المسوّغ الآن لتجاهل وجهات النظر ولعب الحكومة دور المشرّع في قانون لم يسبق أن استعجلته بهذ الشكل طيلة السنوات الماضية، ولو شاءت لفعلت؟
وأسوأ ما تخشاه الأوساط الاقتصادية أن توسع الحكومة سلة «الضرورات» المتعلقة بالشأن الاقتصادية فيختلط حابل «الاستقرار المالي» بنابل مشروعي الشركات وهيئة السوق. ويحق للمتشائمين إذ ذاك أن يتخوفوا من أن يأتي المجلس الجديد فيقلب السلة بما فيها ويعود بالبحث إلى نقطة الصفر.