الشايع: إذا انهار التجار.. انهار اقتصاد الكويت
حمد عبدالعزيز الشايع
كتب محمد الإتربي:
أعرب حمد الشايع رئيس مجلس إدارة شركة انجازات عن عدم رضاه عن الهجوم غير المبرر على التجار من جانب أعضاء مجلس الأمة، قائلا: «عند أي مشروع يخص التجار والقطاع الخاص نلحظ هجوما ووصفا عنيفا بما لا يليق بانجازات التجار والمشاريع التنموية التي يقومون عليها، مثلا يقولون عنهم إنهم مصاصو دماء، هوامير، مستفيدون، وسراق المال العام».
وهذا تعميم غير صحيح وخلط كبير. هؤلاء تجار ورجال أعمال وطنيون يرون مصلحة البلد في مشاريع ويسعون للتنمية.. لذا فهم مختلفون كليا عن أشخاص قد تنطبق عليهم تلك الأوصاف الهجومية.
وقال الشايع: بين النواب أنفسهم من يرى مصلحته ويدافع عنها ويتمصلح من منصبه وموقعه، ولا ينظر إلى مصلحة البلد.
وتابع: لا أحد يسائل النواب، فدائما المساءلة لمن هم خارج المجلس.
وأضاف: المفروض أن تكون هناك لجنة قيم، تحاسب وتسائل من يدخلون المجلس وهم لا يملكون شيئا، ويخرجون وعندهم الملايين، كيف ذلك؟
متسائلا، ألا يوجد في هذا البلد سوى اثنين فقط يخافان على المال العام، أين المشاريع التي قدماها للدولة وعادت بالمنفعة على المواطنين؟
وما البديل لديهما؟
كلام حمد الشايع جاء في حوار مع «القبس» تطرق إلى أعمال مجموعة الشايع، وعن مشروع محافظ البنك المركزي للانقاذ، فضلا عن نقاش طال أسواق الأسهم والعقار والتدعايات الحاصلة جراء الأزمة المالية.
وفي ما يلي نص الحوار:
• كيف قرأت مقترح فريق المحافظ المعروض حالياً لاقراره بقانون..؟
- يبدو لي انه جيد مبدئيا، وهذا الانطباع الاول بالنسبة لي، لكننا تأخرنا كثيراً اكثر من اللازم.. وبالتالي اي اجراء يصدر سيكون له اثر ايجابي، فمجرد تحرك واهتمام الحكومة، هذا في حد ذاته جيد بالنسبة للمستثمرين والمراقبين، لانهم يرون في ذلك نية للتحرك.
• لكن أوليس لنا عبرة في ما يحدث حولنا؟
- مع فارق المقارنة، متى جاء باراك اوباما للحكم رسمياً في الولايات المتحدة الاميركية؟ لقد قدّم خلال فترة وجيزة جداً برنامجاً انقاذياً وافقوا له عليه. اما لدينا ومنذ ثلاثة اشهر لم يصدر اي اجراء يواجه الازمة.
• لكن هل كل هذه التداعيات للازمة مبررة في احداثها بالنسبة الى السوق الكويتية؟
- قطعاً ما حدث في الكويت من تداعيات ما كان يجب ان يحدث من الاساس. ولنرَ كيفية التعامل مع ازمة بنك الخليج. عندما تدخّل البنك المركزي بشكل مباشر وسريع تدارك مشكلة كانت ستؤدي الى انعكاسات سلبية. وعلى المقياس نفسه، لو تحركت الحكومة بشكل ايجابي وبالاجراءات الصحيحة وفي الوقت المناسب تجاه الازمة، لما تفاقمت بهذا الشكل، فالحلول ممكنة ولا يوجد هناك مستحيل. ولدي قناعة بأن الشركات المتعثرة لديها اصول وان كانت منتفخة نسبياً، لكنْ لديها شيء، وباعتقادي ربما هناك نوع من الشخصانية في التعاطي مع الازمة لجهة تطبيق نظرية «خلي الكبار يطيحون ويتأدبون»!
وان كنت لا اعفي احداً من الشركات من مسؤولياتها، سواء ما يتعلق باخطاء ادارية او بعض المبالغات في تأسيس الشركات وتفريخها، اضافة الى اخطاء استثمارية، وتجاهل لاهمية ادارة المخاطر والتي تعتبر من اهم الادارات المكونة للمؤسسات الاستثمارية او البنوك، اضافة الى التدقيق الداخلي، لكن يبدو ان احدا لا يكترث بذلك كثيرا.
• كيف ترى دور مجالس الادارات؟
ــ المجلس يكاد ألا تكون له صلاحيات مقابل صلاحيات واسعة للعضو المنتدب، لكن ذلك لا يعفي مجلس الادارة من مسؤولياته، كما حدث في بنك الخليج، والبعض الآن يدفع ضريبة عدم تطبيق مبادئ ومعايير الحوكمة، هذا بالاضافة الى ان اعضاء م جلس الادارة لا يعرفون مسؤولياتهم وصلاحياتهم، علماً بان عضو مجلس الادارة قد يتعرض في اي لحظة الى السجن نتيجة مسؤولياته، لكنه لا يعلم شيئاً في احيان كثيرة عن قضايا قد تحدث.
في البحرين مثلا، هناك فصل تام بين مصبي رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب. ربما يكون لذلك ايجابيات يجب أن نبحث عن الأفضل ونطبقه.
• هل برأيك من الاجدى فصل الادارة عن الملكية؟
ــ الأفضل والاجدى فصل الادارة عن الملكية لتسير الامور حسب الاجراءات السليمة.
• هل ترى ان البرلمان سيتجاوب مع المقترحات التي وضعها فريق المحافظ؟
ــ في اعتقادي لن يصح الا الصحيح، فما يحدث من مزايدات وغيرها حول المال العام هي مسائل وامور انتخابية، وليست نظرة الى مصلحة البلد، البعض يقول الازمة تخص التجار، ويجب عدم دعم التجار، وهذه النظرة غير صحيحة، لان الامر مرتبط باقتصاد ومصير دولة، فاذا انهار التجار او التجارة انهار البلد، ولنا في تاريخ الكويت عبرة، فعلامَ كانت تعتمد الكويت اول نشأتها؟ على التجارة والغوص، فالغوص تجارة لان من يغوص يبحث عن «اللؤلؤ» وهو سلعة ستباع فيما بعد. فأساس البلد التجارة.
• هل انت مع تدخل المال العام في معالجة الازمة؟
ــ نعم، لا يوجد خيار آخر غير التدخل باستخدام المال العام لحماية اقتصاد الدولة، لأننا لا نملك غيره من ادوات.
والمال العام هو مال الشعب، وبالتالي تدخله ضروري وفق أسس مدروسة ومعايير واضحة وبمال لا يؤثر فيه، بشرط ان يستفيد وتوجد فرصة فعلاً كي يستفيد، كما حدث بالسابق عندما تدخلت هيئة الاستثمار وتملكت عدداً من الشركات ثم باعتها لاحقاً بربح وفير.
• لكن ما الأسلوب الأمثل للمعالجة والتعاطي مع الأزمة..؟
ــ التركيز منصب لدى البعض على سوق الأسهم.
وأرى ان ذلك جزء صغير من الأزمة، فالبورصة مرآة لاقتصاد وما يدور فيه، علماً بأنه ومنذ 35 سنة لم يطرح مشروع ضخم واحد سوى استاد جابر. أعتقد اننا أمام تحدٍ كبير فالبلد يحتاج الى بنية تحتية كبيرة، وثمة مرافق عديدة نحن في حاجة ماسةاليها. لكن هناك تأجيل وتأجيل.
منذ متى يتحدثون عن تطوير جزيرة فيلكا وجسر الصبية وميناء بوبيان وتطوير الطرق، حيث أنتج عدم تطويرها أزمة مرور خانقة يعانيها الجميع.
فالمطلوب مشاريع لتحريك البلد اقتصادياً.
وإذا تحرك الاقتصاد الحقيقي والفعلي، سنرى كيف سينتعش الاقتصاد والسوق وستعم الفائدة على الجميع.
• كيف هي ثقتكم بالمحافظ.. لاسيما في إدارة الأزمة؟
ــ ثقتنا كبيرة بمحافظ البنك المركزي الشيخ سالم الصباح، وإذا كان هناك تأخر في العلاج، فذلك لعدم جود صلاحيات واسعة له وللفريق الذي يرأسه، إضافة إلى غياب الدعم الكافي له والتذبذب في اتخاذ القرار.
لو كانت لدى المحافظ صلاحيات لما أحالوا مقترحاته والفريق إلى لجنة للدراسة مرة أخرى.
الحكومة كلفته بتشكيل فريق وأوكلت إليه متابعة تداعيات الأزمة المالية العالمية وتداعياتها مع صفة تنفيذية. فهل يعقل أن تكلف لجنة أخرى لدراسة ما أنجزه؟ طبعا غير معقول!
• يوجد في المقترح اهتمام واسع بحماية البنوك.. كيف تراه؟
ـــ هذا جيد، فالمصارف عصب الاقتصاد، وقطاع مهم جدا، لكن يجب أن يكون ذلك مع عدم نسيان الشركات الأخرى.
• هل يجب انتشال الجميع؟
ـــ الشركات الورقية يجب أن تخرج من السوق، واعتقد ان السوق غربلها وستخرج عاجلا أم آجلا.
• هل ترى أن اجمالي «الباكج» البالغ 5 مليارات ضمن مقترح فريق المحافظ كاف؟
ـــ للبداية المبلغ «زين» لنبدأ في الاجراءات أفضل من أن نتوقف كما هو الحال المتحول من سيىء إلى أسوأ، ربما تتعدل الأوضاع وتتحسن تدريجيا مع طرح المشاريع، علما انني ارى أن الازمة تحتاج الى حزمة متكاملة من الحكومة، ومجلس الأمة، وغرفة التجارة.
• هل غرفة التجارة قامت بدورها كما يجب؟
ـــ «الغرفة» دائما متحفظة، وأرى أنها لا تعلن عن نفسها كثيرا، وقد أكون قاسيا عليها، فهي قامت بدور، لكن كنا نريد دورا أكثر قوة وهجومية، وهذا هو دورها الحقيقي، لكن الحرج السياسي يحول دون ذلك.
• هل لمستم تحفظا زائدا في البنوك في التمويل فاقم في شح أزمة السيولة؟
ـــ طلبات وشروط البنك المركزي كانت ارغمت البنوك على التشدد. الآن لم تعد هذه المشكلة. فالأزمة تشعبت، ولم تعد هناك أصول متماسكة تفي بضمانات تطلبها البنوك لتغطية 150% من القرض أو أكثر. فمن أين يأتي العميل بهذا الضمان في ظل الظروف الحالية؟
فالعقار لم يعد كما كان قطاعا آمنا ومغريا، فلا احد يتجه اليه في ظل الازمة ولا توجد اسعار واضحة ومعلنة.
• هل أنت مع خفض إضافي للفائدة؟
ــ ارتفعت نسبة المارجن، علما انه في ظل هذه الظروف يجب ان يتعاون الجميع، فبدلا من المغالاة في الفائدة يفترض بالبنوك ان تحصل على شيء معقول، فالجميع متورط والوضع غير طبيعي.
في ظل الظروف والاوضاع الحالية الفائدة مرتفعة جدا، خصوصا ان العالم متجه الى فائدة الصفرية، فإذ لم يكن هناك اقراض كيف ستعمل الشركات؟
• هل ستوقفون مؤسسات ومشاريع لديكم؟
ــ لدينا تفكير جدي في تجميد مشاريع في الداخل والخارج.
لكن بالنسبة للمرحلة الاخيرة من مشروع الأفنيوز، التراخيص النهائية من البلدية لم تنته بعد، علما انه يفترض ان تشجع البلدية المشاريع القائمة والناجحة التي انشأها القطاع الخاص.
ومشروع الافنيوز اثبت جدواه ونجاحه. لكن للآن لم تنته التراخيص الخاصة بالمرحلة الأخيرة.
• هل ترى في الافق ازمة عقار؟
ــ حتما ستكون هناك ازمة عقار تلوح في الافق، ففي السابق كانت عندما تتراجع البورصة ترتفع العقارات تلقائيا، وهذا لم يحدث في هذه الازمة.
واعتقد انه يفترض ان لا تكون هناك ازمة اذا ما طرحت الحكومة خطة تنموية حقيقية، وان كانت هناك من ازمة متفاقمة، فهي ستكون من فعلنا لعدم اتخاذ الاجراءات اللازمة بالسرعة اللازمة.
في السابق كانت لدينا ازمة عقار لعدم وجود مساحات كافية ونقص في المكاتب وغيرها، وحدثت طفرة هائلة وتنمية غير مسبوقة قادها القطاع الخاص،لكن الامور تغيرت حاليا، لذلك يجب الاسراع لعدم تفاقم ازمة العقار.
• كيف ترى تراجع أرباح بيت التمويل الخليجي..؟
ــ تراجع الارباح ناجم عن حسم الكثير من المخصصات على نحو احترازي، حتى لا يتأثر البنك في 2009، فالبنك وضعه جيد، والتراجع في الارباح ليس ناجما عن خسائر، بل عن مخصصات للتحوط.
• ما أنجح المشاريع لدى «الخليجي»؟
ــ اعتقد ان مشاريع الهند في الطاقة والتكنولوجيا ستحقق نجاحا باهرا. فاقتصاد الهند هو القادم لانه ينمو بطريقة لافتة. ففي آسيا جناحان هما الصين والهند، وفي ظل الازمة المالية العالمية ستبرز قوتهما اكثر.
• توجد نماذج عديدة من الشركات في الكويت تقوم بنفس نهج «الخليجي»، لكن ليس بدرجة النجاح عينها.. لماذا؟
ــ بيت التمويل الخليجي يركز على النوع وعلى حجم المشاريع الضخمة، وهو دائما ما يرتبط بحكومات، وهذا يشكل عامل دعم كبير، فالشراكات مع الحكومات تختلف عن شراكات الافراد.• هل لديكم تسهيلات وديون قصيرة الاجل تشكل لكم ضغوطا..؟
ــ لدينا تسهيلات طويلة وقصيرة نقوم بمعالجتها وهيكلتها حسب الظروف، لكن ليس لدينا ضغوط تمويلية.
• هل ترى في المشاريع العملاقة المرتقب دخولها الخدمة على غرار الأفنيوز أن تؤثر في الأفنيوز؟
ـ مشروع الأفنيوز «غير» ومختلف. لقد أصبح وجهة للسياحة والنزهة والترفيه وليس للتسوق فقط، وفي أغلب الأحيان تجد «المول» ممتلئا، لكن لا رواج كبيراً في التجارة، توجد قطاعات أخرى تستفيد في المجمع، مثل المطاعم والمقاهي والسينما وغيرها من وسائل الترفيه المختلفة.
• هل أنت مع أو ضد إسقاط قروض المواطنين؟
ـ من اقترض يتحمل المسؤولية، لكن لا بد أن نراعي ظروفه، أؤيد الجدولة ومراعاة الوضع الحالي للمقترضين. لكن في الإسقاط عدم عدالة.
تمكن المعالجة بتوقيف الملاحقات أو تخفيض الفائدة ومعالجة التعثر وأي حلول مساعدة أخرى غير الإسقاط.
• هل تنصح بالاستثمار في السوق حالياً؟
ـ السوق فيه «خير»، وأعتقد ان من لديه «كاش» حالياً بإمكانه تحقيق أرباح جيدة من السوق، فهناك فرص عديدة. الأسعار منخفضة، بل منعدمة وخصوصاً أسهم الشركات الممتازة والكفؤة.
• هل أنت مع تقليص فترة الإفصاح عن البيانات المالية، لتكون أقل من 3 أشهر؟
ــ أعتقد ان تقصير المهلة أفضل للسوق ولتحقيق الشفافية، نحن في إنجازات أعلنا نتائجنا بشكل عاجل، وأعتقد انه بإمكان الشركات ان تقدم بياناتها بسرعة أكبر، وأرى ان من يتأخر أكثر من اللازم فربما يسعى الى تعديل أوضاعه لتظهر نتائجه أفضل.