14/07/2013
ما صحة ضمانات نجاح مستشفيات الضمان الصحي? (1-2)
داوود سالم توفيق
الضمان الصحي هو خدمة تأمينية بحتة ومن صميم العمل التأميني المتعارف عليه في شركات التأمين العالمية المؤثرة في اقتصادات الدول المتقدمة. وإذا كانت الكويت قد سبقت بعض دول المنطقة فهي لم تسبق دولا كثيرة من حولنا متقدمة كانت أو غير متقدمة.
بنهاية الربع الأول من العام 2011 - أي قبل أكثر من سنتين وأربعة أشهر - كان قطاع التأمين في الكويت على موعد مع حلم تأميني طال انتظاره, ومشروع استثماري ضخم كان يتوقع منه أن يساهم من بين المساهمات العديدة المتوقعة لهذا المشروع أن يعيد قطاع التأمين المحلي إلى مكانه الطبيعي في الواجهة الاقتصادية, وأن يوفر أكثر من 8 آلاف فرصة عمل للشباب الكويتي وغير الكويتي بالإضافة إلى تنويع مصادر إيرادات الدولة جنبا إلى جنب إيرادات قطاع التأمين, وأن يخفض من التكاليف العلاجية الباهضة على كل من الدولة (العلاج في الخارج) ومتلقي العلاج (مواطنا كان أو وافداً) في آن واحد, وأن يعتمد المقاييس العالمية في إدارة المستشفيات وجودة الأداء وفي الاقتصاد الصحي تماشياً مع الاتجاه العالمي, إلى جانب زيادة وعي الناس بأهمية التأمين في حياة البشر.
في تلك السنة - أي قبل أكثر من 28 شهراً - حضر كبار مسؤولي شركات التأمين الكويتية حفل تدشين تأسيس شركة مستشفيات الضمان الصحي, والذي كان على شكل مؤتمر صحافي, حيث توقعوا أن يكون لهم دور في هذا المشروع الرائد في المنطقة, خصوصاً عندما صرح وزير الصحة الأسبق الدكتور هلال الساير في ذلك المؤتمر أن مشروع مستشفيات الضمان الصحي يتضمن إنشاء منظومة صحية متكاملة تقدم الضمان الصحي والخدمات العلاجية الأساسية في إطار الالتزام الاجتماعي الذي تتبناه الدولة في مجال تقديم الخدمات الصحية للمقيمين طبقا للقانون (رقم 1999/1) المتعلق بالتأمين الصحي على الأجانب وفرض رسوم مقابل الخدمات الصحية).
حينها وصف الوزير الساير مشروع شركة مستشفيات الضمان الصحي بأنه مشروع وطني بأبعاد اجتماعية واقتصادية, لأنه يمثل تنفيذا حقيقيا للقانون المذكور أعلاه سواء من حيث تكلفة الخدمات الطبية أو من حيث الحاجة الملحة للتحول إلى سياسة اقتصاد السوق والتدرج في تطبيق قانون التأمين الصحي, بالإضافة إلى قدرة المشروع على توفير مبالغ ضخمة على ميزانية الدولة قدرت حينها ب¯ 250 مليون دينار في السنة تقريبا, وهو مبلغ يكفي لبناء مستشفى متكامل البناء يحتضن مختلف التخصصات الطبية والفنية والإدارية.
وإذا كان هذا المشروع الذي سوف يوفر فرص عمل كثيرة يمثل مبادرة غير مسبوقة لشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص - كما ذكر الدكتور الساير - من خلال تفعيل دور القطاع الخاص في تقديم خدمات الضمان الصحي والخدمات العلاجية ويوفر خدمات صحية أفضل للوافدين والمواطنين على السواء, فأين دور قطاع التأمين الكويتي المعني بالأمر وبشكل مباشر في هذا المشروع الذي أخذ صفة التأمين منذ البداية?.
الغريب في الأمر أن الدولة ممثلة بوزارة الصحة وفي إطار تعاونها مع الشركة الحديثة العهد في كل شيء حتى في مجال التأمين الصحي - وأقصد شركة مستشفيات الضمان الصحي - ماضية في اتجاه تفعيل الفرصة الاستثمارية المتاحة لهذه الشركة دون الاتصال بأي من شركات التأمين المعنية بالأمر. فقد قامت الوزارة بمنح هذه الشركة حوافز عدة منها تخصيص 3 قطع أرض تبلغ مساحتها الكلية نحو 140000 متر مربع, وتوقف وزارة الصحة عن بيع وثائق التأمين الصحي للوافدين, بالإضافة إلى موافقة الوزارة على التعاقد مع شركة مستشفيات الضمان الصحي لتقديم خدمات الرعاية الثالثة نظير نسبة رمزية من سعر وثيقة التأمين الصحي. وإذا كانت هذه بعض من الحوافز التأمينية التي وفرتها وزارة الصحة لهذه الشركة الوليدة لضمان نجاح مشروع مستشفى الضمان الصحي, فأين دور قطاع التأمين الكويتي في هذا المشروع التأميني?.
فهل يعقل أن يقوم متلقي العلاج - مواطنا كان أو وافداً - بدفع رسوم زهيدة للضمان الصحي قد لا تزيد على المئة دينار سنويا, مقابل تكاليف علاج داخل أو خارج الكويت قد تتجاوز عشرات الآلاف من الدنانير للمريض الواحد متوقع أن تتكبدها شركات التأمين المعنية بوثيقة التأمين, دون أن تتم استشارة شركة تأمين كويتية واحدة سواء بشكل مباشر أو من خلال اتحاد شركات التأمين?. وهل يعقل أن يقف اتحاد شركات التأمين الكويتية موقف المتفرج منذ أكثر من سنتين حيال هذا المشروع ولا يحرك ساكناً للدفاع عن حقوقه المشروعة, وكأن الموضوع لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد?.
لاحظ أنه وبعد مرور أكثر من سنتين على إعلان تأسيس شركة مستشفيات الضمان الصحي عقد مؤتمر صحافي آخر يوم الثلاثاء الماضي الموافق التاسع من يوليو الجاري حيث أعلن عن فوز إحدى الشركات الكويتية بحصة الشريك الستراتيجي في هذه الشركة المساهمة العامة المعنية بالضمان الصحي, بعد أن تقدمت بأعلى الأسعار في المزايدة العلنية التي نفذتها الهيئة العامة للاستثمار, وشاركت فيها شركات أخرى نافست على هذه الحصة. وحضر هذا المؤتمر الذي دعت إليه الهيئة العامة للاستثمار وكيل وزارة الصحة وعضو اللجنة التأسيسية المستشار ثلاب الهاجري والمستشار القانوني للجنة عبد الرحمن الهارون, بالإضافة إلى رئيس اللجنة التأسيسية لشركة مستشفيات الضمان الصحي محمد المنيفي.
ونحن وإن كنا نكن كل التقدير والاحترام لكل المشاركين في هذا الحدث الاقتصادي المهم سواء من الحضور لهذا المؤتمر أو من المتنافسين على الحصة الاستراتيجية في شركة مستشفيات الضمان الصحي, إلا أنه يحق لنا أن نتساءل عن السبب في عدم دعوة اتحاد شركات التأمين أو أي من شركات التأمين الكويتية أو حتى أي ممثل لها, تماما كما حدث في المؤتمر الصحافي الذي عقد قبل 28 شهرا وأرسلت حينها الدعوات إلى شركات التأمين. باختصار شديد: ما هو دور شركات التأمين الكويتية في هذا المشروع التأميني?.
وللحديث بقية.
داوود سالم توفيق
dawoud.tawfeeq@ghazalins.com