توقع استمرار ارتفاع أسعار العقار حتى 2012
كمال: المنطقة تستوعب المشروعات الضخمة ولم نصل لمرحلة التشبع
العدلية - جميل المحاري
توقع رئيس لجنة العقار بغرفة تجارة وصناعة البحرين المدير العام لعقارات البحرين حسن كمال استمرار ارتفاع أسعار العقار في البحرين حتى العام 2012 على الأقل، أو حتى الوصول إلى مرحلة التشبع النهائي، وقال: «إننا لم نصل لحد الآن لمرحلة التشبع وأمامنا ثلاث أو أربع سنوات لنصل إلى ذلك».
وقدر كمال حجم المشروعات العقارية المقامة حالية في البحرين بـ 30 مليار دولار، مؤكداً أن الطفرة العمرانية التي تشهدها المنطقة في الوقت الحالي يمكن استيعابها، وأضاف «أرى أن الطفرة العمرانية في المنطقة واقعية ويمكن استيعابها بدليل أن الجميع يعمل والجميع يربح».
واستبعد كمال حدوث نكسة أو كساد في السوق العقارية في المنطقة على المستوى المنظور على الأقل، وقال: «إن الخوف يمكن أن يأتي فقط من قيام حرب في المنطقة تنعكس لاحقاً على السوق وتبدأ الانهيارات، ولكن لا توجد مؤشرات لا في القريب أو البعيد ببوادر لحروب في المنطقة».
ورد على انتقاد عدد من الاقتصاديين بخصوص توجه رؤوس الأموال إلى القطاع العقاري واستثناء القطاعات المنتجة بأنه لا يوجد بديل في الوقت الحالي عن توجه رؤوس الأموال لهذا القطاع، فالتوجه للقطاع الصناعي يستوجب وجود خدمات وبنية تحتية وأيدٍ عاملة وتسهيلات وقدرة على النمو الصناعي الكبير الذي يحتاج إلى إمكانيات مادية ضخمة، مشيراً إلى وجود خيارين فقط هما القطاع العقاري وأسواق المال. وفيما يلي نص اللقاء:
* ما هو تقييمكم إلى سوق العقار في البحرين والمنطقة؟
- لاشك في أننا نعيش في الفترة الحالية سوقاً عقارية متميزية من حيث الأسعار ومن حيث تنوع الوحدات العقارية من حيث جذب المستثمرين العقاريين سواء على مستوى البحرينيين أنفسهم أو على مستوى دول مجلس التعاون والدول العربية والكثير من المستثمرين الأجانب، إن السوق العقارية البحرينية تعمل ضمن نهضة عمرانية رافقت المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي يشجع على أن تكون البحرين مركزاً للاستثمار واستقطاب كل أنواع الاستثمارات المالية والتجارية والعقارية وغيرها.
إن سوق البحرين قد حققت نمواً غير مسبوق خلال الخمس سنوات الماضية وبالتالي فنحن نرى أن هذه السوق أتاحت الفرصة للكثير من المستثمرين بالولوج في هذه السوق بسبب أن لدينا أولاً قوانين وتشريعات واضحة نسبياً وهناك شفافية ودقة متناهية في أساليب التعامل، وإن كانت هناك رغبة جامحة ومؤكدة لدى الكثير من المستثمرين العقاريين بضرورة تنقيح وتعديل بعض القوانين العقارية لتتمشى مع المستجدات الحالية، وعلى سبيل المثال قانون الإيجارات القديم، وهناك توجه حتى من قبل السلطة التشريعية لتبني قانون جديد للعقارات يتمشى مع الوضع العقاري العام في البحرين وهناك أيضاً قانون الاستملاك العقاري الذي تم طرحه في المجلس النيابي لمناقشته وهذه قضية محورية لإعطاء كل ذي حق حقه ولأن تكون هناك عدالة في عملية استملاك الأراضي للمنفعة العامة، من جانب آخر هناك ما يتصل بقانون التسجيل العقاري نفسه الذي لابد أيضاً من تنقيحه وتطويره ليتماشى مع الطفرة العمرانية وهناك أيضاً قانون الدلالة والوساطة العقارية الذي يجب أيضاً تطويره، هناك الكثير من القوانين الموجودة لتنظيم السوق العقارية في البحرين الجيدة نسبياً مقارنة مع القوانين الموجودة في الدول الخليجية ولكنها تتطلب أيضاً نوعاً من التقييم المتواصل والتقييم الحديث وبالتالي فانه لابد من أخذ رأي المجموعات المتكاملة من الأفراد والمهتمين بأمر السوق من وسطاء ومستثمرين وممولين وبيوت خبرة واستشاريين ومحامين ومهندسين من أجل تكاتف هذه الجهود للخروج بمجموعة من القوانين تعدل وتنقح ما هو موجود لتتماشى هذه القوانين جملة وتفصيلاً مع الطفرة العقارية.
الجانب الآخر في هذا الموضوع هو ما يتعلق بالدراسات والبحوث، فنحن نحتاج في الحقيقة إلى المزيد من الدراسات التي تتعلق بتصنيف المناطق والأسس التي يتم من خلالها تصنيف المناطق إلى سكنية وتجارية وأخرى استثمارية.
* ولكن التخطيط الهيكلي المطروح حالياً يعالج هذه المسائل؟
- التخطيط الهيكلي الذي يضع ما يجب أن تكون عليه البحرين خلال العشرين سنة المقبلة هو ما يجب إقراره بسرعة كما يجب أن يعمل به من الآن لتكون الرؤية واضحة أمام كل مستثمر ومتعامل في العقار أن ما لديه من أرض أو عقار هو محدد بهذا التصنيف المعين الوارد ضمن الاستراتيجية الهيكلية للبحرين.
إن الدراسات عادة ما تكون مكلفة ولذلك لابد من إيجاد جهة لتمويلها، فإن تم إيكالها لجهات معينة فإن الخوف من أن تتبنى هذه الجهات وجهات نظر معينة تفتقد إلى الصدقية الكاملة، ولذلك فنحن نريد جهات محايدة تتولى عملية تقييم السوق العقارية تقيماً شاملاً.
* ما هي هذه الجهات المحايدة؟
- مثلاً مركز البحرين للدراسات والبحوث أو مجلس التنمية الاقتصادية وفي هذا الصدد فإنني أناشد ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة لتبني مجلس التنمية إجراء دراسات متكاملة عن وضعية السوق العقارية البحرينية ما لها وما عليها والواقع التشريعي والتمويلي، وفي هذا الخصوص أحب أن أشير إلى الندوة التي ستقام في غرفة التجارة والصناعة قريباً التي ستتناول هذا الموضوع بالذات «الواقع العقاري بين التمويل والتشريع» وسيتم استدعاء الكثير من الجهات ذات العلاقة للمشاركة في هذه الندوة التي ستصب في النهاية في صالح السوق العقارية البحرينية وفي صالح التنمية العقارية الشاملة في هذا المجتمع.
* ذكرت سابقاً أن السوق العقارية في البحرين تمر بمرحلة متميزة في ما يخص الأسعار في حين يرى البعض أن الأسعار لدينا غير واقعية وهي مرتفعة بشكل كبير جداً ومبالغ فيها؟
- إن المشكلة التي واجهتنا أن الأسعار ارتفعت بشكل سريع من خلال طفرات كبيرة، وهذا ما أربك السوق من ناحية أن بعض المناطق كضاحية السيف وصل سعر القدم المربع فيها إلى 300 دينار وفي الجفير مثلاً إلى 150 ديناراً، إن هذه الأسعار المرتفعة جاءت نتيجة عدة عوامل منها محدودية الأراضي في البحرين، كما أن الأراضي الاستثمارية التي يمكن إقامة المشروعات الاستثمارية عليها محدودة جداً، بالتالي فإن المستثمرين وخصوصاً الوافدين منهم الذين يفضلون الاستثمار في الأراضي الراقية كضاحية السيف والجفير سيدفعون أسعاراً عالية للحصول على هذه الأراضي.
كما أن لدينا الكثير من المصارف التي تمول وتشجع المستثمرين على الشراء لدرجة أن بعض المصارف تقدم ما يوازي 90 في المئة من قيمة العقار في حين أن المستثمر يدفع 10 في المئة فقط حتى وإن كانت أسعار الصفقات بالملايين ما أوجد سيولة ضخمة في السوق وشجع على ارتفاع الأسعار. إن ذلك لم يؤثر فقط في المناطق القريبة والمرغوبة وإنما انعكس ذلك أيضاً على المناطق البعيدة، ففي حين ارتفعت أسعار الأراضي القريبة بثلاثة أو أربعة أضعاف فإن ارتفاع الأسعار في الأراضي البعيدة قد زاد إلى الضعف أو الضعفين.
* ولكن البعض يرى أن دخول الخليجيين الذين يمتلكون سيولة ضخمة إلى السوق العقارية البحرينية ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار؟
- إن دخول الخليجيين إلى السوق العقارية في البحرين جاء نتيجة اتخاذ قرار سياسي في مطلع السبعينات وكان قراراً حكيماً إذ ربط البحرين بالخليج ولذلك يجب أن ننظر إلى هذا الأمر بشكل إيجابي وليس سلبياً، ولكن إذا تحدثنا من الجانب المرتبط بالمواطن العادي الذي يسعى للحصول على قطعة أرض، فنحن اقترحنا ومنذ فترة طويلة أن الأراضي الواقعة في حزام الأرياف والقرى يجب أن يمنع عنها التداول بالنسبة للخليجيين وأن تكون حكراً على البحرينيين فقط.
* من الملاحظ وجود طفرة عمرانية غير مسبوقة في الدول الخليجية كافة وقيام مشروعات ضخمة جداً, فهل يمكن لدول الخليج المحدودة السكان استيعاب جميع هذه المشاريع؟ وأليس هناك تخوف من حصول نكسة أو كساد في السوق؟
- لو نظرنا إلى البحرين في الوقت الحالي فإن حجم المشروعات التي تقام حالياً هي في حدود 30 مليار دولار وهي قيمة القطاع العقاري النشط وذلك لا يشمل الموجودات الحالية.
فيما يخص المحاذير السابقة، لا أرى أنها واقعية بدليل أن الجميع يعمل ويربح والذي يتم شراؤه اليوم بدينار يتم بيعه غداً بدينار ونصف الدينار، ولذلك أقول إنه من الواضح أن الدول الخليجية تستوعب هذه المشروعات، وعلى رغم أن في المفاهيم الاقتصادية كل شيء محتمل في فترة الرواج، ولكن الخوف يأتي فقط من قيام حرب في المنطقة تنعكس لاحقاً على السوق وتبدأ الانهيارات، ولكن ولله الحمد لا توجد مؤشرات لا في القريب أو البعيد لبوادر حروب في المنطقة وذلك أمر جيد.
* إذا استثنينا نشوب حرب في المنطقة أليست هناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى الكساد، في أميركا مثلاً حدثت أزمة الرهن العقاري؟
- إننا في مأمن من حدوث أزمات الرهن العقاري، وإن أي كساد يمكن أن يحدث يمكن أن يكون في حالة نشوب حرب أو حدوث قلاقل أمنية أو تفاقم مشكلة العراق أو انهيار أسعار النفط. وحتى تفاقم أزمة لبنان أو حدوث أي قلاقل في منطقة حوض الأبيض المتوسط الذي يرتبط بشكل أو بآخر بمنطقة الخليج العربي يمكن أن تؤثر علينا ولكن جميع المؤشرات لا تعطي انطباعاً بأن هناك أزمات حادة ستحدث في الوقت القريب أو المتوسط فالحمد لله أن منطقة الخليج آمنة وأن القيادات السياسية لدينا قادرة على تهدئة الأمور بشكل إيجابي يمكنها من المحافظة على وتيرة النمو الاقتصادي.
* الاقتصاديون في المنطقة ينتقدون توجه رؤوس الأموال إلى القطاع العقاري فقط واستثناء الكثير من القطاعات المنتجة؟ كيف ترد على ذلك؟
- لا بديل عن توجه رؤوس الأموال عن هذا القطاع، فالتوجه للقطاع الصناعي يستوجب وجود خدمات وبنية تحتية وأيدٍ عاملة وتسهيلات وقدرة على النمو الصناعي الكبير الذي يحتاج إلى إمكانيات مادية ضخمة، هناك خياران فقط هما القطاع العقاري وأسواق المال.
أتمنى أن نتمكن من صناعة منتجات جديدة وهذه مسئولية الدولة أيضاً التي من واجبها تقديم فرص استثمارية للمستثمرين الصناعيين وغيرهم، فالمستمرون أنواع شتى منهم من يفضل الاستثمار في العقار ومنهم من يفضل الاستثمار في الآلات وهناك من يفضل الاستثمار في الإلكترونيات وتقنية المعلومات، ولكن للأسف لا توجد الدراسات التي توضح الجدوى الاقتصادية من إنشاء مثل هذه الصناعات والخدمات في المنطقة، كما أن الدولة لا تقدم إغراءات للمستثمرين للدخول في هذه المشروعات وبالتالي فإن المستثمرين سيتوجهون للقطاع الأسهل «هناك فرص متاحة يمكن الاستفادة منها ومن الغباء عدم استغلال هذه الفرص» العقل والمنطق يؤكدان ذلك، ان مسئولية الدولة والإدارة الاقتصادية أن تبحث عن فرص ممكنة وذات جدوى اقتصادية لتوجيه المستثمرين وإعطائهم الخيارات المتاحة.
* كيف تنظر إلى مستقبل السوق العقارية في المنطقة؟
- مع بقاء الأمور على ما هي عليه الآن فإنني أرى أن هذا القطاع الذي نما بشكل جيد سيستمر في النماء في المستقبل كما أن الأسعار ستستمر في النماء والارتفاع.
* هل ترى أن هناك إمكانية لارتفاع الأسعار بشكل كبير؟
- أرى أن الأسعار ستستمر في الارتفاع حتى العام 2012 على الأقل حتى تصل إلى مرحلة التشبع النهائي، إننا لم نصل لحد الآن لمرحلة التشبع وأمامنا ثلاث أو أربع سنوات لنصل إلى ذلك، وذلك بالنسبة للأراضي والأموال التي يمكن أن توظف في السوق. وبعد ذلك إن لم تخلق فرصاً جديدة أو مجالات أخرى للاستثمار فقد نصل إلى مرحلة الانحسار، وأرى أن هذه الانحسارات لن تكون مخيفة وإنما يمكن أن تكون على شكل وقفة ترقب وتأنٍ وإعادة النظر وتلمس الوضع الجديد، ولذلك فإنني أتمنى من الدراسات التي يمكن أن تعد أن تقدم لنا تصورات لما وراء هذه الطفرة وما الذي سيكون بعد ذلك.
لا يجب أن نخاف من مستقبل السوق العقارية في البحرين، فالبحرين مساحتها محدودة جداً، فجغرافية البحرين كجزيرة ومع وجود رساميل ضخمة ومدورة لمضاعفة الاستثمار في داخل البلاد تتيح الفرصة لنمو قطاع العقار، لأنه لايزال القطاع الوحيد الأكثر دخلاً والأكثر ربحاً، ولو وجدت فرصاً أو قطاعات أخرى تعزز ذلك فإن الأموال ستتجه إليها. إن الطفرة العمرانية خلقت الكثير من فرص العمل ونشطت السوق البحرينية بشكل كبير، فالمقاولون والمهندسون وجميع الوحدات المرتبطة بالبناء والتشييد تعمل الآن بكامل طاقتها وذلك شيء جيد أتاح للعناصر الشابة الدخول إلى السوق.