محب التوحيد
عضو نشط
- التسجيل
- 9 فبراير 2005
- المشاركات
- 1,933
الدخول من بوابة الأحزان
جرح ٌ على جرحٍ تهز كياني ***** وتمد لي لهبا من الأحزانِ
خط من الألم المبرّح ساخنٌ ***** يسري من الأقصى إلى الشيشانِ
ويضم كوسوفا التي اكتملت بها ***** مأساة هذا العصر في البلقانِ
ويضم باميرا التي شهدت بما ***** شهد المدى من حسرة الأفغانِ
ويثير ألف قضية وقضية ***** رحلت بأمتنا إلى الطوفانِ
يا صرخة الألم التي اشتعلت على ***** شفة الجريح كألسن النيرانِ
يا أدمع الثكلى التي رسمت لنا ***** في مقلتيها حسرة الوجدانِ
يا ألف باكية وألف يتيمة ***** يا ألف هاربة بلا عنوانِ
يا ألف شيخ في انحناء ظهورهم ***** خبر يحدثنا عن الطغيانِ
يا ألف مئذنة توقف نبضها ***** يا ألف محراب بلا أركانِ
يا ألف طفل قارئ أمسوا بلا ***** كتب ولا نُسخ من القرآنِ
يا ألف مسلمة شربن تعاسة ***** ولبسن ثوب مذلة وهوانِ
يا ألف دار ما يزال ركامها ***** يُلقي عن المأساة ألف بيانِ
يا ألف ألف قذيفة روسية ***** رسمت ملامح وحشة الإنسانِ
يا ألف مؤتمر على أوراقها ***** جثم انتهاك شريعة الرحمنِ
ماذا يقول الشعرُ ؟ كيف أصوغه ؟ ***** أتصاغ شعرا ثورة البركانِ
أتصاغ شعرا أدمع تجري كما ***** يجري لهيب النار في الأجفانِ
ماذا يقول الشعر ؟ دمع حروفه ***** يجري كشلال على الأوزانِ
ويكاد يغرق كلما يلقاه من ***** لفظ ومن معنى ومن ألحانِ
يا من تسائلني عن الريح التي ***** هبت عواصفها على الأوطانِ
وعن الجحافل ما تريد جيوشها ***** من هذه الغارات في الشيشان ِ
أو مـا لـهم دين يرقق أنفسا ***** جُبلت على الإلحاد والكفرانِ
لا تسـأليني عن ديانة أمـة ***** لم تبق للإنجيل فضل بيانِ
هي حرّفته لكي تنال مكانة ***** مرموقة في دولة الرومانِ
ما دينهم إلا بقايا من سنا ***** دين المسيح وظلمة اليونانِ
مزجت بأهواء الرجال وأصبحت ***** دينا يحقق رغبة الرهبانِ
دينا تلبّس بالأساطير التي ***** تمضي بصاحبها إلى الهذيانِ
أرأيت دينا صافيا يحي على ***** أرجوحة صُنعت من الصلبانِ
أوَ بعد هذا تطلبين عدالةً ***** ممن يشوّه صورة الأديانِ ؟
ما الروس إلا صورة من عُملة ***** مشؤومة شُبكت على النكرانِ
هم أول الوجهين والغرب الذي ***** يستمريء التضليل وجه ثاني
آلاف قتلى المسلمين كأنما ***** هم في حقول تجارب الفـئـرانِ !
والغرب يرسم كل يوم خطة ***** لرعاية الحشرات والـديـدانِ !
إعلامه يقتات من أخبـارنا ***** ويـبثهـا مصحـوبة بـأغـاني !
يا غربُ، يا قلبـا أمات شعوره ***** لهب من الأحـقاد والأضغـانِ
ما بـال مجلـس خوفكم لا ينطوي ***** إلا على التضليـل والبهتـانِ ؟
ما بـالـه يـلقى مـآسي أمتي ***** وجراحـها بالصمـت والخذلانِ ؟
أيـن الـقوانين التي برزت لـنا ***** في أرض تيمـور وفي السـودانِ ؟!
أوَ ليس في الشيشان جرح نازف ***** أوَ ما لكم فيهـا شهـود عيـانِ ؟!
ما ذنـب طـفـلٍ مُزّقت أعضائه ***** وغدا قـعيـدا ما لـه قدمانِ ؟!
ما ذنب وجـه يتيمـة أضحى بلا **** ثغرٍ تصوغُ جمـاله الشـفتـانِ ؟!
ما ذنبهـا ؟! صارت بغيـر حقيبـة ***** وبلا يد يمـنى ودون لسـانِ ؟!
ما ذنب مسـلمـة تحطم قلبهـا ***** لما رأت في الأفـق ليـل دخـانِ ؟!
فقدت رفيـق حياتـها وصغارهـا ***** في ليـلـة دمـويـة الـعدوانِ
ما ذنبهـا ؟! فقدت منابع حبهـا ***** وأمـام عينيهـا قضى الأبَوَانِ
ما ذنب أم حينما انكشف الـدجى ***** وجدت بقـايا مقـلة وبنـانِ ؟!
ورأت حـذاءً واحـداً وظـفيرةً ***** محروقةً ، ودمـاً على الجـدرانِ
ويداً قد انفصـلت عن الجسم الذي ***** نسفتـه قنبـلةُ العدو الجاني
وبقيـةً من معصـمِ الـزّوجِ الذي ***** ضـم الصغـار بلهفةٍ وحنانِ
ورأت شظايـا من قذائف مـجرمٍ ***** شهدت بمـا اقترفته كفُّ جبانِ
يا غربُ ، إن مات الضمير فإنـما ***** موت الضمير علامة الخسرانِ
يا ألـف مليـون بكيـتُ لأنـني ***** أبصرتكم في الأرض دون مكانِ
ولأنني أبصـرتُ بعضَ رجـالِكم ***** يتـلـذذون بطـاعة الشيطانِ
يتسلـقـون جدار كـل إثـارة ***** ويحسِّنـون قبـائحَ العصيـانِ
ولأنني أبصرتُ بعضَ نسـائِـكم ***** يـلقـين شرعَ الله باستهجـانِ
من حولـهن النبـع يصفو مـاؤه ***** وبـه تتـم سعـادة الظمـآنِ
وكؤوسَهـن مـليـئةً بطحـالب ***** وعقـولَهـن سريـعة الذّوَبـانِ
ولأنني أبـصرتُ ظبيـتنـا الـتي ***** هـربت ، تـمد يدا إلى الثعبـانِ
وتعيـش وهـم تـحرر وهي التي ***** وضعت يديهـا في يـد السجـانِ
ولأنني يـا ألـف مـليـونٍ أرى ***** عين الشمـوخ بكت على الفرسـانِ
وبكت على صهوات خيـل إبائنـا ***** لـم تحمـل الأبطـال في المـيدانِ
يا ألـف مليـون بكيـتُ وإنـما ***** أبـكي لأن ضيـاعـكم أبـكـاني
ما ذا يقول الشعرُ في العصـر الذي ***** يقتـات من ألـمي ومن أشجـاني ؟
يا ألـف مليـون حبـال مشاعري ***** مـوصـولـة بالخـالـق الديـّانِ
أنا لست أيـأسُ من مصـائبنـا التي ***** تُذكي لـهيبَ الحزن في وجـداني
أنا مـا يئستُ إذا بكيتُ لـمـا أرى ***** من وطـأة الأحداث في الشيشانِ
فـلربـما كان الـدخولُ إلى العـلا ***** والـمـجد من بوابـة الأحـزانِ
عبدالرحمن بن صالح العشماوي