waseem
عضو محترف
جون أوثرز
"الاتجاه صديقك" The trend is your friend. هذا رأي قديم يتداول في السوق، وقد جعل الكثيرين أغنياء.
ففي أثناء الهرج والمرج في قاعات التداول، فإن الاتجاهات الواضحة – أو على الأقل الاتجاهات التي تبدو واضحة إذا استطعت النظر إلى البيانات التي تعرضها شاشات بلومبيرج – تعطي المتداولين شيئاً للتمسك به.
غير أن ثمة أمرا مؤسفا ملازما لذلك الرأي. فعندما يتهاوى الاتجاه، فلا يبقى لديك أي شيء تتمسك به. وتلك هي اللحظة التي يدب فيها الذعر.
هذا ما حدث صباح الخميس الماضي في أسواق السندات الحكومية، وفي مقدمتها سندات الخزينة الأمريكية. وأدى الأمر إلى موجة من البيع هددت بتغيير الحسابات الأساسية التي يعتمد عليها جانب كبير من التمويل العالمي.
كما وضع سوق الأسهم العالمية الصعودية، التي تعتبر الآن في سنتها الخامسة منذ أن بدأت الأسهم التعافي من انفجار فقاعة التقنية عام 2002، في مواجهة أصعب اختبار لها.
فما الذي حدث إذن؟
لمدة 20 عاماً كانت عائدات السندات تتراجع بشكل ثابت. ويعكس ذلك الأمر ثقة متنامية في أن الاقتصاد العالمي تم تخليصه من التضخم. وتقلبت العائدات، بيد أن ذروة كل دورة خلال العقدين الماضيين كانت أدنى من الذروة التي سبقتها. وشكلت الذرى خطاً مثالياً في الاتجاه المنخفض، بينما كان الخط المستقيم يتقاطع مع جميع هذه الذرى.
وكان هذا الخط مصدر ثقة عميقة. وفي اللحظة التي تم فيها التقاطع – وجاءت هذه اللحظة عندما وصل عائد السنوات العشر إلى 5.05 في المائة بداية يوم الخميس في نيويورك – لم يعد للمتداولين أي شيء يتعلقون به.
عندها بدأوا البيع دون تمييز، لتستقر العائدات عند 5.13 في المائة بحلول نهاية وقت التداول في "وول ستريت" يوم الخميس.
ووصل المتداولون الصينيون إلى العمل ليروا الواقع الجديد، وبدأوا موجتهم في البيع. وجعل هذا الأمر العائد على سندات الخزينة لعشر سنوات، يصل إلى 5.24 في المائة في غضون ساعات قليلة أخرى.
علينا أن نتذكر أن عائد سندات الخزينة لعشر سنوات هو المعدل الوحيد الأكثر أهمية الذي يدعم نطاقاً من الأوراق المالية في شتى أرجاء العالم، على الأخص سوق القروض العقارية الأمريكية الضخمة، والضعيفة حالياً.
وعند هذه النقطة، ارتفعت تكلفة النقود فعلياً نحو 5.7 في المائة في غضون 30 ساعة فقط. وكانت آفاق سوق الإسكان الأمريكية تصبح حالكة أكثر بمرور الثواني.
ثم حضر متداولو نيويورك إلى العمل. وبحلول الساعة 9.30 صباحاً، عندما افتتحت سوق الأسهم الأمريكية، عاد عائد السندات ليصبح عند 5.14 في المائة. وتنفس المتداولون في بورصة نيويورك الصعداء لأن الأسهم ارتفعت فعلياً عند افتتاح "وول ستريت". مع ذلك، ما زال الارتباك شديداً.
فما الذي سبب انكسار خط الاتجاه هذا؟
لم تكن هناك أي أنباء ذات أهمية كبيرة يوم الخميس، لكن تراكم الأدلة وصل إلى مستوى حرج في النهاية.
لقد افترضت السوق منذ الصيف الماضي أن الخطوة التالية للاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق بمعدلات الفائدة، ستكون في الاتجاه المنحدر. وكان سعر الفائدة لليلة واحدة بين البنوك، وهو على العكس من عائد السندات يمكن تحديده مباشرة، عند 5.25 في المائة منذ حزيران (يونيو) الماضي.
وبقي عائد السندات تحت هذا المستوى بكثير، والسبب الوحيد هو أن المتداولين كانوا على استعداد للمراهنة ضد بن بيرنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والمصرفيين المركزيين عبر العالم، الذين قالوا إن أولويتهم الأولى هي التضخم.
ومنذ أكثر من شهر بدا هذا الافتراض ضعيفاً على نحو متزايد. وأظهرت البيانات الرسمية أن الولايات المتحدة والاقتصادات العالمية تنمو بشكل أسرع مما هو متوقع.
واستسلم عدد من شركات "وول ستريت" الكبيرة في أوائل الأسبوع، وتخلى عن توقعات بتخفيض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام.
فلماذا يطلق انكسار خط الاتجاه هذا العنان لعمليات بيع مثل تلك؟
التفسير الوحيد هو الرضا عن الذات. فالعديد من المؤسسات كانت أكثر انكشافاً للسندات الحكومية. وكان العديد من أولئك المستثمرين ملزمين ببيع ممتلكاتهم مقابل ما يستطيعون الحصول عليه.
فما الذي يحدث تالياً؟
لقد ربحت سوق الأسهم من الائتمان رخيص الثمن. وجعل ذلك من المفيد للشركات شراء أسهمها مرة ثانية بمعدل قياسي، ما رفع أسعار الأسهم. ومكّن أيضاً قطاع الأسهم الخاصة من المضي قدماً في طفرة الشراء الشامل، آخذا الشركات المسجلة إلى مستويات أعلى بشكل لم يسبق لها مثل، مقارنة بأسعارها في السوق.
وشكل التفاؤل طويل الأجل، المتضمن في سوق السندات الهادئة، دعماً أساسياً لهذه الأموال رخيصة الثمن. لكنه لم يكن العامل الوحيد.
ففي السنوات الخمس الماضية، جعلت مشتقات الائتمان سريعة التطور، الأمر أسهل للمقرضين لتوزيع مخاطرهم. وقلص ذلك المعدلات التي يمكن للشركات الاقتراض وفقها.
ومثل تلك "التوزيعات" – معدلات الفائدة الإضافية التي ينبغي على الشركات أن تدفعها مقابل اقتراضها مقارنة بالمعدل الافتراضي الخالي من المخاطر الذي تقترض الحكومة وفقه – تقلصت إلى مستوى ينظر إليه الكثيرون الآن على أنه متدن بشكل خطر.
ومع تدني توزيعات المخاطر، يمكن لعائد السندات أن يتذبذب دون أن يؤثر بشكل خطير على تكاليف إنجاز الصفقات. لكن ثمة حدود لمدى ما يمكن اتخاذه حيالها.
فالعائد على سندات الخزينة لعشر سنوات كان يوم الجمعة عند أعلى نقطة له منذ منتصف عام 2002، عندها وصل التشاؤم في أسواق الأسهم إلى أسوأ نقطة له. والمرة الوحيد الأخرى التي بقي عندها العائد لعشر سنوات أعلى من 5 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية، كانت في أيار (مايو)، وحزيران (يونيو)، وتموز(يوليو) 2006، حين دفعها الفزع من التضخم إلى ذلك المستوى لفترة وجيزة.
وتزامن ذلك مع تصحيح مختصر وحاد في الأسهم، انتهى عندما هبطت أسعار الفائدة. وبناء عليه، العائد على السندات يعتبر الآن عند مستوى يمكنه أن يؤثر في الأسهم.
وحتى مع توزيعات الائتمان المتدنية، إذا أصبح عائد السندات أعلى، فإنه يفسد الحسابات الأصلية لصفقات الأسهم الخاصة. ومن الواضح أنه يستطيع، إذا انتهى هذا الارتباك بتخلي الأسواق عن افتراضاتها بنمو بطيء.
إنها ليست بعد النهاية لتفاؤل السوق لخمس سنوات فيما يتعلق بالأسهم. وعند نسبة 5.1 في المائة، يبقى عائد سندات الخزينة متدنيا بالمقاييس التاريخية.
لكنه يمكن أن يشير إلى بداية النهاية.
"الاتجاه صديقك" The trend is your friend. هذا رأي قديم يتداول في السوق، وقد جعل الكثيرين أغنياء.
ففي أثناء الهرج والمرج في قاعات التداول، فإن الاتجاهات الواضحة – أو على الأقل الاتجاهات التي تبدو واضحة إذا استطعت النظر إلى البيانات التي تعرضها شاشات بلومبيرج – تعطي المتداولين شيئاً للتمسك به.
غير أن ثمة أمرا مؤسفا ملازما لذلك الرأي. فعندما يتهاوى الاتجاه، فلا يبقى لديك أي شيء تتمسك به. وتلك هي اللحظة التي يدب فيها الذعر.
هذا ما حدث صباح الخميس الماضي في أسواق السندات الحكومية، وفي مقدمتها سندات الخزينة الأمريكية. وأدى الأمر إلى موجة من البيع هددت بتغيير الحسابات الأساسية التي يعتمد عليها جانب كبير من التمويل العالمي.
كما وضع سوق الأسهم العالمية الصعودية، التي تعتبر الآن في سنتها الخامسة منذ أن بدأت الأسهم التعافي من انفجار فقاعة التقنية عام 2002، في مواجهة أصعب اختبار لها.
فما الذي حدث إذن؟
لمدة 20 عاماً كانت عائدات السندات تتراجع بشكل ثابت. ويعكس ذلك الأمر ثقة متنامية في أن الاقتصاد العالمي تم تخليصه من التضخم. وتقلبت العائدات، بيد أن ذروة كل دورة خلال العقدين الماضيين كانت أدنى من الذروة التي سبقتها. وشكلت الذرى خطاً مثالياً في الاتجاه المنخفض، بينما كان الخط المستقيم يتقاطع مع جميع هذه الذرى.
وكان هذا الخط مصدر ثقة عميقة. وفي اللحظة التي تم فيها التقاطع – وجاءت هذه اللحظة عندما وصل عائد السنوات العشر إلى 5.05 في المائة بداية يوم الخميس في نيويورك – لم يعد للمتداولين أي شيء يتعلقون به.
عندها بدأوا البيع دون تمييز، لتستقر العائدات عند 5.13 في المائة بحلول نهاية وقت التداول في "وول ستريت" يوم الخميس.
ووصل المتداولون الصينيون إلى العمل ليروا الواقع الجديد، وبدأوا موجتهم في البيع. وجعل هذا الأمر العائد على سندات الخزينة لعشر سنوات، يصل إلى 5.24 في المائة في غضون ساعات قليلة أخرى.
علينا أن نتذكر أن عائد سندات الخزينة لعشر سنوات هو المعدل الوحيد الأكثر أهمية الذي يدعم نطاقاً من الأوراق المالية في شتى أرجاء العالم، على الأخص سوق القروض العقارية الأمريكية الضخمة، والضعيفة حالياً.
وعند هذه النقطة، ارتفعت تكلفة النقود فعلياً نحو 5.7 في المائة في غضون 30 ساعة فقط. وكانت آفاق سوق الإسكان الأمريكية تصبح حالكة أكثر بمرور الثواني.
ثم حضر متداولو نيويورك إلى العمل. وبحلول الساعة 9.30 صباحاً، عندما افتتحت سوق الأسهم الأمريكية، عاد عائد السندات ليصبح عند 5.14 في المائة. وتنفس المتداولون في بورصة نيويورك الصعداء لأن الأسهم ارتفعت فعلياً عند افتتاح "وول ستريت". مع ذلك، ما زال الارتباك شديداً.
فما الذي سبب انكسار خط الاتجاه هذا؟
لم تكن هناك أي أنباء ذات أهمية كبيرة يوم الخميس، لكن تراكم الأدلة وصل إلى مستوى حرج في النهاية.
لقد افترضت السوق منذ الصيف الماضي أن الخطوة التالية للاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق بمعدلات الفائدة، ستكون في الاتجاه المنحدر. وكان سعر الفائدة لليلة واحدة بين البنوك، وهو على العكس من عائد السندات يمكن تحديده مباشرة، عند 5.25 في المائة منذ حزيران (يونيو) الماضي.
وبقي عائد السندات تحت هذا المستوى بكثير، والسبب الوحيد هو أن المتداولين كانوا على استعداد للمراهنة ضد بن بيرنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والمصرفيين المركزيين عبر العالم، الذين قالوا إن أولويتهم الأولى هي التضخم.
ومنذ أكثر من شهر بدا هذا الافتراض ضعيفاً على نحو متزايد. وأظهرت البيانات الرسمية أن الولايات المتحدة والاقتصادات العالمية تنمو بشكل أسرع مما هو متوقع.
واستسلم عدد من شركات "وول ستريت" الكبيرة في أوائل الأسبوع، وتخلى عن توقعات بتخفيض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام.
فلماذا يطلق انكسار خط الاتجاه هذا العنان لعمليات بيع مثل تلك؟
التفسير الوحيد هو الرضا عن الذات. فالعديد من المؤسسات كانت أكثر انكشافاً للسندات الحكومية. وكان العديد من أولئك المستثمرين ملزمين ببيع ممتلكاتهم مقابل ما يستطيعون الحصول عليه.
فما الذي يحدث تالياً؟
لقد ربحت سوق الأسهم من الائتمان رخيص الثمن. وجعل ذلك من المفيد للشركات شراء أسهمها مرة ثانية بمعدل قياسي، ما رفع أسعار الأسهم. ومكّن أيضاً قطاع الأسهم الخاصة من المضي قدماً في طفرة الشراء الشامل، آخذا الشركات المسجلة إلى مستويات أعلى بشكل لم يسبق لها مثل، مقارنة بأسعارها في السوق.
وشكل التفاؤل طويل الأجل، المتضمن في سوق السندات الهادئة، دعماً أساسياً لهذه الأموال رخيصة الثمن. لكنه لم يكن العامل الوحيد.
ففي السنوات الخمس الماضية، جعلت مشتقات الائتمان سريعة التطور، الأمر أسهل للمقرضين لتوزيع مخاطرهم. وقلص ذلك المعدلات التي يمكن للشركات الاقتراض وفقها.
ومثل تلك "التوزيعات" – معدلات الفائدة الإضافية التي ينبغي على الشركات أن تدفعها مقابل اقتراضها مقارنة بالمعدل الافتراضي الخالي من المخاطر الذي تقترض الحكومة وفقه – تقلصت إلى مستوى ينظر إليه الكثيرون الآن على أنه متدن بشكل خطر.
ومع تدني توزيعات المخاطر، يمكن لعائد السندات أن يتذبذب دون أن يؤثر بشكل خطير على تكاليف إنجاز الصفقات. لكن ثمة حدود لمدى ما يمكن اتخاذه حيالها.
فالعائد على سندات الخزينة لعشر سنوات كان يوم الجمعة عند أعلى نقطة له منذ منتصف عام 2002، عندها وصل التشاؤم في أسواق الأسهم إلى أسوأ نقطة له. والمرة الوحيد الأخرى التي بقي عندها العائد لعشر سنوات أعلى من 5 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية، كانت في أيار (مايو)، وحزيران (يونيو)، وتموز(يوليو) 2006، حين دفعها الفزع من التضخم إلى ذلك المستوى لفترة وجيزة.
وتزامن ذلك مع تصحيح مختصر وحاد في الأسهم، انتهى عندما هبطت أسعار الفائدة. وبناء عليه، العائد على السندات يعتبر الآن عند مستوى يمكنه أن يؤثر في الأسهم.
وحتى مع توزيعات الائتمان المتدنية، إذا أصبح عائد السندات أعلى، فإنه يفسد الحسابات الأصلية لصفقات الأسهم الخاصة. ومن الواضح أنه يستطيع، إذا انتهى هذا الارتباك بتخلي الأسواق عن افتراضاتها بنمو بطيء.
إنها ليست بعد النهاية لتفاؤل السوق لخمس سنوات فيما يتعلق بالأسهم. وعند نسبة 5.1 في المائة، يبقى عائد سندات الخزينة متدنيا بالمقاييس التاريخية.
لكنه يمكن أن يشير إلى بداية النهاية.