17/08/2006 بقلم: سيمور هيرش (مجلة نيويوركر)
كشف الصحافي الاميركي الشهير سيمور هيرش ان الإدارة الاميركية كانت على علم بأن إسرائىل تعد لهجوم على لبنان قبل ان يخطف حزب الله الجنديين الاسرائيليين في يوليو الماضي، وان واشنطن وتل ابيب نسقتا الهجوم بوصفه بروفة لهجوم اميركي محتمل على المنشآت النووية الإيرانية.
ونظرا لاهمية المعلومات الواردة في تحقيق هيرش الذي يعتبر من ابرز المحققين الصحافيين في العالم، ولمصداقية المطبوعة التي نشرت التحقيق وهي مجلة نيويوركر تنشر 'القبس' التحقيق كاملا:
في الوقت الذي عبر فيه مقاتلون من حزب الله لخطف جنديين اسرائيليين في الثاني عشر من يوليو الماضي، مما اثار هجوما جويا ثم حربا اسرائيلية شاملة على لبنان، كانت ادارة بوش تتخذ موقفا سلبيا على نحو لافت، فقد صرح الرئيس بوش في قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية بالقول 'انها لحظة الحقيقة، لقد اصبح جليا الآن لماذا لم يتحقق السلام في الشرق الاوسط' ووصف العلاقة بين حزب الله وكل من سوريا وايران بأنها 'السبب الجذري لعدم الاستقرار'. ثم قال بعد ذلك ان الامر منوط بهاتين الدولتين لإنهاء الازمة.
وبعد يومين، وعلى الرغم من دعوات الكثير من الدول للولايات المتحدة بتصدر المفاوضات لإنهاء القتال، قالت وزيرة الخارجية كونداليسا رايس انه ينبغي ارجاء وقف اطلاق النار الى حين 'نضوج الظروف لذلك'.
انخراط وثيق
ولكن ومع ذلك، كانت ادارة بوش منخرطة بشكل وثيق في التخطيط للرد الاسرائىلي على خطف الجنديين. لقد ابلغني مسؤولون دبلوماسيون واستخباراتيون حاليون وسابقون، ان الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني كانا مقتنعين بأن من شأن حملة جوية اسرائيلية ناجحة - ضد حزب الله ومجمعات القيادة والسيطرة والصواريخ المحصنة تحت الارض التابعة له - تخفيف مخاوف اسرائيل الامنية وتكون مقدمة لهجوم اميركي استباقي لتدمير المنشآت النووية الايرانية، المحصن بعض منها تحت الارض بالطريقة ذاتها.
واكد لي خبراء عسكريون واستخباراتيون اسرائيليون ان القضايا الامنية المباشرة لبلادهم كانت تشكل مبررا كافيا لمواجهة حزب الله، بصرف النظر عما كانت ترغب فيه ادارة بوش، وابلغني شابناي شافيت مستشار الامن القومي للكنيست الذي سبق له ان ترأس جهاز الامن الخارجي (الموساد) خلال الفترة من 1996-89 'اننا نفعل ما نعتقد انه الافضل بالنسبة الينا، واذا حدث ان تلاقي ذلك مع المتطلبات الاميركية، فهذا هو جزء من العلاقة التي تربط دولتين صديقتين، فحزب الله مسلح حتي الاسنان ومدرب على احدث تكنولوجيا حرب العصابات، وكان علينا التعامل مع مثل هذا الوضع، وكانت مسألة وقت ليس إلا'.
محور الشر
وينظر الى حزب الله في اسرائىل باعتباره يمثل تهديدا عميقا، فهو منظمة ارهابية تعمل على حدودها وتمتلك ترسانة عسكرية، وتنامت بشكل كبير - بمساعدة ايران وسوريا - منذ انتهاء الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان في عام ،2000 وسبق لزعيم حزب الله السيد حسن نصر الله ان صرح بأنه لا يؤمن بأن اسرائىل 'دولة شرعية'. وكانت الاستخبارات الاسرائيلية قدرت في بداية الحرب ان حزب الله يمتلك حوالي خمسمائة صاروخ متوسط المدى من طراز 'فجر 3' و'فجر 5' والعشرات من الصواريخ طويلة المدى من طراز 'زلزال'. ويصل مدى زلزال مائتي كيلو متر الذي يصل الى مدينة تل ابيب (وقد اطلق حزب الله صاروخا واحدا على مدينة حيفا في اليوم الثاني للحرب).
وان لديه اكثر من اثني عشر الف صاروخ قصير المدى. ومنذ بدء الحرب، اطلق الحزب اكثر من ثلاثة آلاف صاروخ على اسرائيل.
قبل الخطف
ووفقا لخبير في شؤون الشرق الاوسط له دراية بالتفكير السائد الآن في اسرائيل والولايات المتحدة، فإن اسرائيل اعدت خطة لمهاجمة حزب الله، وعرضتها على مسؤولي ادارة بوش قبل خطف الجنديين الاسرائيليين في الثاني عشر من يوليو.
وقال: 'لم يكن الامر فخا نصبته اسرائىل لحزب الله فوقع فيه، لكن كان هناك احساس قوي في البيت الابيض بأن الاسرائيليين سيهاجمون الحزب ان عاجلا او آجلا'.
وقال الخبير في شؤون الشرق الاوسط ان لدى ادارة بوش الكثير من المبررات لدعم الهجوم الاسرائيلي. فوزارة الدفاع الاميركية تنظر الى العملية كوسيلة لتقوية الحكومة اللبنانية لدرجة تمكنها من بسط سيطرتها على جنوب البلاد الذي يخضع معظمهم لسيطرة حزب الله.
واضاف ان 'البيت الابيض كان اكثر تركيزا على تجريد حزب الله من صواريخه، لانه اذا قرر انتهاج الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الايرانية، فينبغي التخلص من اسلحة حزب الله التي يمكنه استخدامها في ضرب اسرائيل ردا على ضرب المنشآت النووية الايرانية. اما بوش فكان يرغب في تحقيق الهدفين معا. فالرئيس بوش يستهدف ايران كجزء من محور الشر، ويستهدف مواقعها النووية. وكان معنيا ايضا، باستهداف حزب الله كجزء من اهتمامه بنشر الديموقراطية، خاصة في لبنان الذي يعتبره واسطة عقد الديموقراطية في الشرق الاوسط.
نفي وصمت
وقد نفى مسؤولو ادارة بوش علمهم بخطة اسرائيل بشن الحرب. اما البيت الابيض فلم يرد على قائمة طويلة من التساؤلات بهذا الشأن. وفي رده على سؤال منفصل، قال الناطق باسم مجلس الامن القومي انه 'قبل هجوم حزب الله، لم تبد اسرائيل لأي من المسؤولين في واشنطن المبرر للاعتقاد ان اسرائيل تخطط لمهاجمة حزب الله. وحتى بعد ا لثاني عشر من يوليو، لم نكن على علم بما يخطط الاسرائيليون القيام به'.
وقال ناطق باسم البنتاغون ان 'الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بحل دبلوماسي لمشكلة برنامج ايران النووي'. ونفى رواية العلم الأميركي بخطة الهجوم الاسرائيلية، كما نفاها الناطق باسم وزارة الدفاع.
بروفة!
وهناك تعاون استخباراتي وعسكري وثيقان بين الولايات المتحدة واسرائيل منذ عقود.
ويقول مسؤول استخباراتي سابق انه وبضغط من ادارة بوش لاعداد خطة حرب تقضي بتوجيه ضربة قاصمة لمنشآت ايران النووية، بدأ مخططون على مستوى رفيع من سلاح الجو الأميركي، اعتبارا من بداية الربيع الماضي، مشاورات مع نظرائهم في سلاح الجو الاسرائيلي حول هذا الموضوع.
واشار المسؤول الاستخباراتي السابق الى ان 'السؤال الكبير بالنسبة لقواتنا الجوية هو كيف يمكن ضرب سلسلة من الاهداف الصعبة في ايران بنجاح، ومن هو اوثق حلفاء سلاح الجو الاميركي في التخطيط؟ انها ليست الكونغو، بل اسرائيل. والكل يعلم ان المهندسين الايرانيين هم الذين نصحوا حزب الله باقامة الانفاق والتحصينات تحت الارض. ولذلك قدم سلاح الجو الأميركي تكتيكات جديدة لاسرائيل وقال لهم: دعونا نركز على عمليات القصف ونتبادل المعلومات التي لدينا حول ايران ولديكم حول حزب الله'. وكشف أن هذا النقاش جرى على مستوى رئاسة هيئة الاركان المشتركة ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد.
حرب سهلة
كشف الصحافي الاميركي الشهير سيمور هيرش ان الإدارة الاميركية كانت على علم بأن إسرائىل تعد لهجوم على لبنان قبل ان يخطف حزب الله الجنديين الاسرائيليين في يوليو الماضي، وان واشنطن وتل ابيب نسقتا الهجوم بوصفه بروفة لهجوم اميركي محتمل على المنشآت النووية الإيرانية.
ونظرا لاهمية المعلومات الواردة في تحقيق هيرش الذي يعتبر من ابرز المحققين الصحافيين في العالم، ولمصداقية المطبوعة التي نشرت التحقيق وهي مجلة نيويوركر تنشر 'القبس' التحقيق كاملا:
في الوقت الذي عبر فيه مقاتلون من حزب الله لخطف جنديين اسرائيليين في الثاني عشر من يوليو الماضي، مما اثار هجوما جويا ثم حربا اسرائيلية شاملة على لبنان، كانت ادارة بوش تتخذ موقفا سلبيا على نحو لافت، فقد صرح الرئيس بوش في قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية بالقول 'انها لحظة الحقيقة، لقد اصبح جليا الآن لماذا لم يتحقق السلام في الشرق الاوسط' ووصف العلاقة بين حزب الله وكل من سوريا وايران بأنها 'السبب الجذري لعدم الاستقرار'. ثم قال بعد ذلك ان الامر منوط بهاتين الدولتين لإنهاء الازمة.
وبعد يومين، وعلى الرغم من دعوات الكثير من الدول للولايات المتحدة بتصدر المفاوضات لإنهاء القتال، قالت وزيرة الخارجية كونداليسا رايس انه ينبغي ارجاء وقف اطلاق النار الى حين 'نضوج الظروف لذلك'.
انخراط وثيق
ولكن ومع ذلك، كانت ادارة بوش منخرطة بشكل وثيق في التخطيط للرد الاسرائىلي على خطف الجنديين. لقد ابلغني مسؤولون دبلوماسيون واستخباراتيون حاليون وسابقون، ان الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني كانا مقتنعين بأن من شأن حملة جوية اسرائيلية ناجحة - ضد حزب الله ومجمعات القيادة والسيطرة والصواريخ المحصنة تحت الارض التابعة له - تخفيف مخاوف اسرائيل الامنية وتكون مقدمة لهجوم اميركي استباقي لتدمير المنشآت النووية الايرانية، المحصن بعض منها تحت الارض بالطريقة ذاتها.
واكد لي خبراء عسكريون واستخباراتيون اسرائيليون ان القضايا الامنية المباشرة لبلادهم كانت تشكل مبررا كافيا لمواجهة حزب الله، بصرف النظر عما كانت ترغب فيه ادارة بوش، وابلغني شابناي شافيت مستشار الامن القومي للكنيست الذي سبق له ان ترأس جهاز الامن الخارجي (الموساد) خلال الفترة من 1996-89 'اننا نفعل ما نعتقد انه الافضل بالنسبة الينا، واذا حدث ان تلاقي ذلك مع المتطلبات الاميركية، فهذا هو جزء من العلاقة التي تربط دولتين صديقتين، فحزب الله مسلح حتي الاسنان ومدرب على احدث تكنولوجيا حرب العصابات، وكان علينا التعامل مع مثل هذا الوضع، وكانت مسألة وقت ليس إلا'.
محور الشر
وينظر الى حزب الله في اسرائىل باعتباره يمثل تهديدا عميقا، فهو منظمة ارهابية تعمل على حدودها وتمتلك ترسانة عسكرية، وتنامت بشكل كبير - بمساعدة ايران وسوريا - منذ انتهاء الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان في عام ،2000 وسبق لزعيم حزب الله السيد حسن نصر الله ان صرح بأنه لا يؤمن بأن اسرائىل 'دولة شرعية'. وكانت الاستخبارات الاسرائيلية قدرت في بداية الحرب ان حزب الله يمتلك حوالي خمسمائة صاروخ متوسط المدى من طراز 'فجر 3' و'فجر 5' والعشرات من الصواريخ طويلة المدى من طراز 'زلزال'. ويصل مدى زلزال مائتي كيلو متر الذي يصل الى مدينة تل ابيب (وقد اطلق حزب الله صاروخا واحدا على مدينة حيفا في اليوم الثاني للحرب).
وان لديه اكثر من اثني عشر الف صاروخ قصير المدى. ومنذ بدء الحرب، اطلق الحزب اكثر من ثلاثة آلاف صاروخ على اسرائيل.
قبل الخطف
ووفقا لخبير في شؤون الشرق الاوسط له دراية بالتفكير السائد الآن في اسرائيل والولايات المتحدة، فإن اسرائيل اعدت خطة لمهاجمة حزب الله، وعرضتها على مسؤولي ادارة بوش قبل خطف الجنديين الاسرائيليين في الثاني عشر من يوليو.
وقال: 'لم يكن الامر فخا نصبته اسرائىل لحزب الله فوقع فيه، لكن كان هناك احساس قوي في البيت الابيض بأن الاسرائيليين سيهاجمون الحزب ان عاجلا او آجلا'.
وقال الخبير في شؤون الشرق الاوسط ان لدى ادارة بوش الكثير من المبررات لدعم الهجوم الاسرائيلي. فوزارة الدفاع الاميركية تنظر الى العملية كوسيلة لتقوية الحكومة اللبنانية لدرجة تمكنها من بسط سيطرتها على جنوب البلاد الذي يخضع معظمهم لسيطرة حزب الله.
واضاف ان 'البيت الابيض كان اكثر تركيزا على تجريد حزب الله من صواريخه، لانه اذا قرر انتهاج الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الايرانية، فينبغي التخلص من اسلحة حزب الله التي يمكنه استخدامها في ضرب اسرائيل ردا على ضرب المنشآت النووية الايرانية. اما بوش فكان يرغب في تحقيق الهدفين معا. فالرئيس بوش يستهدف ايران كجزء من محور الشر، ويستهدف مواقعها النووية. وكان معنيا ايضا، باستهداف حزب الله كجزء من اهتمامه بنشر الديموقراطية، خاصة في لبنان الذي يعتبره واسطة عقد الديموقراطية في الشرق الاوسط.
نفي وصمت
وقد نفى مسؤولو ادارة بوش علمهم بخطة اسرائيل بشن الحرب. اما البيت الابيض فلم يرد على قائمة طويلة من التساؤلات بهذا الشأن. وفي رده على سؤال منفصل، قال الناطق باسم مجلس الامن القومي انه 'قبل هجوم حزب الله، لم تبد اسرائيل لأي من المسؤولين في واشنطن المبرر للاعتقاد ان اسرائيل تخطط لمهاجمة حزب الله. وحتى بعد ا لثاني عشر من يوليو، لم نكن على علم بما يخطط الاسرائيليون القيام به'.
وقال ناطق باسم البنتاغون ان 'الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بحل دبلوماسي لمشكلة برنامج ايران النووي'. ونفى رواية العلم الأميركي بخطة الهجوم الاسرائيلية، كما نفاها الناطق باسم وزارة الدفاع.
بروفة!
وهناك تعاون استخباراتي وعسكري وثيقان بين الولايات المتحدة واسرائيل منذ عقود.
ويقول مسؤول استخباراتي سابق انه وبضغط من ادارة بوش لاعداد خطة حرب تقضي بتوجيه ضربة قاصمة لمنشآت ايران النووية، بدأ مخططون على مستوى رفيع من سلاح الجو الأميركي، اعتبارا من بداية الربيع الماضي، مشاورات مع نظرائهم في سلاح الجو الاسرائيلي حول هذا الموضوع.
واشار المسؤول الاستخباراتي السابق الى ان 'السؤال الكبير بالنسبة لقواتنا الجوية هو كيف يمكن ضرب سلسلة من الاهداف الصعبة في ايران بنجاح، ومن هو اوثق حلفاء سلاح الجو الاميركي في التخطيط؟ انها ليست الكونغو، بل اسرائيل. والكل يعلم ان المهندسين الايرانيين هم الذين نصحوا حزب الله باقامة الانفاق والتحصينات تحت الارض. ولذلك قدم سلاح الجو الأميركي تكتيكات جديدة لاسرائيل وقال لهم: دعونا نركز على عمليات القصف ونتبادل المعلومات التي لدينا حول ايران ولديكم حول حزب الله'. وكشف أن هذا النقاش جرى على مستوى رئاسة هيئة الاركان المشتركة ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد.
حرب سهلة