السلام عليكم
هذه المقالة
---------------------------------------
بورصة الكويت ليست مدينة للملاهي (1)
صرح وزير المالية بأن الهيئة ستتدخل عبر الصناديق عن طريق زيادة مساهمتها فيها لدعم البورصة لأنها فقدت 8% فقط من قيمتها، وطالب نواب في مجلس الامة بعقد جلسة خاصة لمناقشة تدهور البورصة وانهيارها، وصرح كل من سمو رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الامة بأنهما يراقبان الوضع وان الوضع متين وانهما لن يسمحا بتدهور البورصة لأن اقتصاد الكويت متين وقوي.
انا اسأل كل هؤلاء ماذا لو فقدت البورصة 40% من قيمتها؟ وهذا بالتأكيد سيحدث شئنا ام ابينا، وحتى لو كان اقتصاد الكويت الاقوى في العالمِ كما اسأل الافاضل الكرام كم ستضخ الحكومة لدعم السوق مائة أو مائتي مليون، مليار دينار او مليارين ام اكثر؟ فان السوق اليوم ليس كالسوق في السابق، فاليوم تصل قيمته الى 40 مليار دينارِ كما اني اسألكم عندما تدخلون وتشترون من الذي سيبيعكم ومن الذي سيشتري معكم؟ وماذا ستشترون؟ ومتى ستبيعون؟ وماذا لو قمتم بعد ذلك بالبيع؟ اما السؤال الذي يجب على مديري الصناديق الاجابة عنه فهو: هل من حق الهيئة فرض رأيها عليكم وارغامكم على الشراء؟ اين حق باقي ملاك وحدات الصناديق الذين لا يرغبون في الدخول؟
اسئلة كثيرة ومعقدة غفل عنها معالي الوزير وغفل عنها كل من صرح او هول بالموضوع وتم تصويره على انه انهيار.
السوق لم ينخفض بعد، فكل ما فقده هو 11% من اعلى نقطة وصل اليها يوم 7 فبراير، وهذا امر طبيعي ومتوقع في اي لحظة، خصوصا ان السوق اعطى المتعاملين ارباحا خيالية لم يحلموا بها طيلة حياتهم (الله يزيدهم ويزيدنا معاهم) فخمس سنوات متتالية كفيلة بأن يرتاح المؤشر لسنتين او ثلاث، حتى لو تدخلت كل دول المنطقة فإن ذلك لن ينفع، وسينخفض المؤشر وستزداد المشاكل والازمات.
اتذكر عندما وصل المؤشر الى مستويات متدنية عام 99، عندها طلب سمو ولي العهد (سمو الوالد القائد حاليا) ومستشاره (وزير الديوان الاميري حاليا) وضع تصور حول اسباب تدهور السوق، وقتها لم يستطع احد تقديم اي تصور فاستكمل السوق دورته المتراجعة ومن ثم اتجه ثانية للصعود دون ايعاز من احد وفق آليات واضحة للعيان.
قرار التدخل غبي وسطحي وغير مدروس، وانا متأكد أنه سياسي تم تحت وطأة ضغط جاء من عشرة او عشرين خرجوا إلى الشارع، وهذه سابقة خطيرة تتحملها الدولة اذا ما دخلت فعلا للسوق فالعدالة الاجتماعية تحتم تدخلها عند خسارة اي قطاع غير البورصة، واستطيع حشد عشرين من اصحاب البقالات الخاسرة واذهب بهم الى وزارة التجارة لتعويضهم وشراء معلبات الفول الفاسدة منهم، ومن اشترى عمارة وتدنى مدخوله الشهري بسبب نسبة الشاغر من الشقق فإنه يستطيع المطالبة بالتعويض، وهكذا اصبحنا ندار وفق نظام القطيع لا نظام المؤسسات وحرية السوق.
انا على يقين بأنه عندما تدخل الهيئة للشراء سيدخل الصغار معها، اما البائع فسيكون ثعلب السوق الكبير، وهكذا تتفاقم الازمة وتزيد مشاكل الصغار، عندئذ لا تستطيع الهيئة بيع سهم واحد لأنها ستكون سببا رئيسيا في الانخفاض الكبير، وسيتهمها الجميع بأنها سبب ذلك، وسيخسر المال العام الكثير وسيتحمل الوزير المسؤولية السياسية عن ذلك.
كما اتمنى على جميع ملاك وحدات الصناديق واطالبهم باسترداد وحداتهم والانسحاب من كل الصناديق التي تساهم فيها الهيئة، لأن القرار اصبح سياسيا وليس استثماريا، وستتوالى خسائر الصناديق.
البورصة ليست مدينة للملاهي حيث المتعة دائما والضحك، والاسهم ليست 'ديارف' يتسلى بها الناس للوناسة وضياع الوقت، فكما اعطت الربح الوفير فلا بد ان تلسع قليلا بالخسارة، وهذه هي اسواق المال التي تعتبر اكثر قطاعات الاستثمار مخاطرة.
حديث وزير التجارة ممتاز ومسؤول ويعطينا انطباعا بأنه على اطلاع جيد على أوضاع السوق.