انتقال «هادئ» لرئاسة «الأهلية» إلى القبندي بعد عزل «المركزي» العوضي والنبهان
كتب المحرر الاقتصادي: لم يكن الهدوء في قاعة الاجتماعات داخل مقر الشركة الأهلية للاستثمار بعد ظهر أمس، يعكس صخب القضية التي كان مجلس الادارة يطوي فصلا حاسما من فصولها.
رئيس مجلس الادارة عبدالسلام العوضي، الذي عزل مع عضو مجلس الادارة عبدالعزيز النبهان بقرار من البنك المركزي أمس، كان في انتظار زملائه الخصوم في مجلس الادارة, وحين وصلوا كانت المصافحة عادية بينه وبين من أصبح بعد قليل من ذلك الرئىس الجديد لمجلس الادارة والرئيس التنفيذي للشركة عبدالله القبندي.
جاء الحسم من البنك المركزي إذن، ليزيح عن طاولة الاجتماع أكداساً من الوثائق والوثائق المضادة والتصريحات والتصريحات المضادة، فالقرار كما القضاء والقدر لا ينفع الجدل في ما قبله ولا مناص من البحث في ما بعده.
المهمة محددة أمام الاجتماع ولا حاجة إلى الدخول في التفاصيل، وليس ثمة وجهتا نظر, الاجتماع انتهى سريعا، والخلاصة بيان مقتضب,,, هذا نصه:
«بناء على قرار مجلس ادارة بنك الكويت المركزي بجلسته المنعقدة بتاريخ 5/2/2006 اعتبار كل من رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب وكذا عضو مجلس الادارة المنتدب لشؤون الاستثمار فاقدين لصلاحية العضوية في مجلس الادارة استنادا إلى الفقرة (و) من المادة (85) من القانون رقم (32) لسنة 1968 ومقتضاها ان كلا من عبدالسلام عبدالله العوضي وعبدالعزيز ابراهيم النبهان اصبحت عضويتهما شاغرة في مجلس ادارة الشركة الاهلية للاستثمار، فقد اجتمع مجلس الادارة واتخذ القرار التالي:
انتخاب السيد العضو عبدالله احمد القبندي
رئىساً لمجلس الادارة ورئىسا تنفيذيا للشركة
ويود مجلس الادارة أن يؤكد للسادة المساهمين الكرام حرصه الشديد على المحافظة وصيانة حقوقهم والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لعقد جمعية عمومية في أسرع وقت ممكن».
لكن القصة لم تنته مع آخر سطر في البيان، فالاستحقاقات المنتظرة كثيرة، والفريقان بدآ اعتبارا من أمس باعادة ترتيب الأوراق.
وفي حين يخيم الهدوء على «جبهة» عبدالسلام العوضي، قبل بدء الترتيب لجولة مقبلة مع انعقاد الجمعية العمومية للشركة، يجد الفريق الآخر نفسه أمام واقع جديد يعطيه الكثير من عناصر القوة، لكنه لا يعفيه من ترتيب أوراقه خصوصا وان مجلس الادارة الحالي سيمارس صلاحياته فقط في الفترة الممتدة حتى انعقاد الجمعية العمومية, لكنه حاز، بلا شك، جرعة ثقة كبيرة أكدت أحقية موقفه وسلامة الإجراءات التي اتخذتها ادارة سوق الكويت للأوراق المالية التي أوقفت تداول السهم مرتين، الأولى حين تبين وجود خلل في البيانات المالية للشركة، والثانية حين تحققت من شكوى الفريق الذي اعترض على بعض ممارسات رئىس مجلس الادارة السابق.
وتؤكد مصادر مجلس الادارة (في تشكيله الجديد) ان الأولوية الآن ستكون لاعداد البيانات المالية السنوية، التي سيصار فور انجازها إلى الدعوة إلى اجتماع للجمعية العمومية للشركة، والتي ستنتخب مجلس ادارة جديداً.
وقد يكون هذا الاجتماع محطة منتظرة لفريق عبدالسلام العوضي الذي تقول بعض أوساطه ان «المجلس الجديد بعد الانتخابات سيمثل ملاك الشركة»، وهي اشارة قد يكون لها مدلولها.
ولعل واحدة من أكثر المفارقات استدعاء للتوقف ان أحد العضوين الاحتياطيين اللذين حلا في المقعدين اللذين شغرا بقرار البنك المركزي، زياد محمد هادي العوضي الذي يقف مع عمه عبدالسلام العوضي على طرفي نقيض في نزاع آخر لم تنته فصوله إلى الآن، لكن زياد العوضي لم يحضر اجتماع مجلس الادارة امس، رغم ان عضويته باتت مؤكدة بحكم القانون، أقله حتى انعقاد اجتماع الجمعية العمومية.
وكان مجلس ادارة بنك الكويت المركزي اتخذ قرارا بعزل رئىس مجلس الادارة العضو المنتدب للشركة الأهلية للاستثمار عبدالسلام العوضي، وعضو مجلس الادارة المنتدب لشؤون الاستثمار عبدالعزيز النبهان.
وفور تلقي ادارة سوق الكويت للاوراق المالية قرار «المركزي» عمدت إلى ايقاف سهم «الأهلية» عن التداول ونشرت القرار في الساعة 10,25 صباحا ثم أعادت السهم إلى التداول في الساعة 11 صباحاً.
وبعد التدقيق في التداولات الصباحية على السهم عمدت ادارة السوق إلى الغاء 152 صفقة تم انجازها قبل الايقاف، فيما بلغت كمية الاسهم الملغاة 4,150 مليون سهم.
وأعلنت ادارة السوق عصر امس انه بعد فحص ومراجعة الصفقات التي تمت على سهم الشركة الأهلية للاستثمار فقد قررت الغاء الصفقات التي تمت على السهم قبل الساعة 9,57 صباحا وهو التوقيت الذي تم ايقاف السهم فيه.
كيف بدأت القصة؟
القضية التي انتهت أمس بعزل عبدالسلام العوضي من رئاسة مجلس ادارة الشركة الأهلية للاستثمار وانتخاب عبدالله القبندي بدلاً عنه، كانت قد بدأت فصولها بعد اكتشاف ادارة البورصة خللا في الحسابات الفصلية للشركة، وكان صاعق التفجير التوضيح الذي بعث به العوضي إلى ادارة السوق المالية التي كانت قد أوقفت السهم.
فقد رأى الأعضاء في مضمون التوضيح آنذاك ان هناك قرارات اتخذها العوضي من دون علم مجلس الادارة تتعلق ببيع وشراء أراض في منطقة الخيران، إذ باع العوضي هذه الأراضي إلى شركة بيت السلام العقارية التابعة للمجموعة بمبلغ 66,8 مليون دينار بعقد عُلِقّ على شرط يعطيه الحق باسترجاع الأراضي غير المباعة إذا لم تستطع المجموعة بيعها خلال سنة من تاريخ العقد مع احتفاظه وحده بالحق في تمديد الفترة المذكورة لمدة أو مدد مماثلة أخرى دون أن يكون للمجموعة حق الاعتراض.
وبالفعل استرد العوضي بعض هذه الأراضي غير المباعة، وأعاد بيعها للمجموعة بفارق سعر بلغ 14 مليون دينار، واستوفاها عن طريق تحويل استثمارات بهذه القيمة من حساب المجموعة إلى حسابه.
وفور اكتشاف أعضاء مجلس الادارة للأمر أثاروا القضية مع الجهات الرقابية ممثلة بالبنك المركزي وإدارة السوق التي سارعت إلى ايقاف السهم, وكانت «الرأي العام» انفردت بالكشف عن هذا الخلاف داخل مجلس الادارة, الذي تفرعت عنه قضايا خلافية أخرى كانت محل تحقيقات البنك المركزي وادارة البورصة.
وأعيد السهم إلى التداول بعد أن أخذت الاجراءات الرقابية مجراها وانتهى الأمر إلى ما انتهى اليه أمس.
هل يعود عبدالسلام العوضي في الانتخابات المقبلة؟
مع القرار الصادر عن بنك الكويت المركزي فإن الأنظار تتجه إلى الجمعية العمومية المقبلة للشركة والمتوقع انعقادها خلال أشهر قليلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد: هل سيعود رئىس مجلس ادارة الشركة المعزول من «المركزي» إلى عضوية المجلس من باب الانتخابات؟ خصوصا ان الترشح لعضوية مجالس ادارة شركات الاستثمار وعلى رغم خضوعها إلى رقابة البنك المركزي لا يحتاج إلى موافقة مسبقة من مجلس ادارة البنك كما هي الحال بالنسبة للبنوك.
وليس من المعروف ان كان «المركزي» سيفرض «حظراً» دائما أو موقتا على العوضي خصوصا انه يعتبر المالك الرئيسي لأسهم «الأهلية»، إذ انه يملك مع الأطراف المخالفة معه نسبة تفوق الـ 60 في المئة.
وفي حال كان قرار «المركزي» ينسحب على الحاضر والمستقبل، فإنه من غير المستبعد أن يتم اللجوء إلى القضاء لحسم المسألة، كما حدث في قضايا مشابهة لأعضاء عدد من مجالس ادارات البنوك، خصوصا ان قرار البنك المركزي ليس حكما قضائيا.
حكم وقرار ,,, يشهدان لنزاهة إدارة البورصة
علقت مصادر مراقبة ان ادارة سوق الكويت للأوراق المالية تلقت أمس ما يمكن وصفه بـ «شهادتي» نزاهة اعتباريتين، إحداهما من خلال الحكم القضائي الذي أكد ما كشفته الادارة في شأن بعض ممارسات رئىس مجلس ادارة شركة بيان للاستثمار، والأخرى من خلال قرار البنك المركزي في شأن خلاف مجلس ادارة الشركة الأهلية للاستثمار.
ورأت المصادر ان الحكم القضائي والقرار كانا كافيين للرد على اتهامات المتضررين لادارة السوق بأن قراراتها مبنية على الكيدية والمواقف الشخصية، وكشفا، بما لا يدع مجالا للشك، المهنية العالية التي تتمتع بها ادارة السوق في متابعة أداء مجالس الادارة والكشف عن المخالفات، وشفافيتها في التعاطي مع مثل هذه الأحداث.
وقال أحد المراقبين إن ما حدث أمس أكسب المدير العام للبورصة الرهان، حين قرر عدم الرد على ما قرأه من تهجم عبر الصحف، وانتظر الرد من القضاء والجهات الرقابية الأخرى.
تأثير نفسي موقت على تداولات البورصة
مع انتشار الأخبار المتعلقة بقرار بنك الكويت المركزي في شأن عزل رئىس مجلس الادارة العضو المنتدب للشركة الاهلية للاستثمار عبدالسلام العوضي والعضو المنتدب لشؤون الاستثمار عبدالعزيز النبهان غيّر سوق الكويت للأوراق المالية اتجاهه من صعود تعدى الـ 50 نقطة إلى تراجع بالمقدار نفسه، بعد أن تراجع سهما «الأهلية» و«غلف انفست» على خلفية المعلومات التي انتشرت أخبارها بقوة قبل قرار البورصة بايقاف سهم «الأهلية».
وعلى رغم تأكيدات أكثر من طرف ان التطورات الحالية ستصب في المحصلة في صالح «الأهلية» كان للقرار اثر نفسي تم استيعابه في نهاية التداولات، خصوصا ان الاجواء المسيطرة على سوق الكويت للأوراق المالية كانت ايجابية جدا.
وتوقع مراقبون ان تعود التداولات الايجابية إلى السوق اليوم، بعد التطمينات الصادرة من مختلف أطراف «الأهلية»، وفي ضوء عوامل الدفع الايجابية المحيطة بالسوق من أكثر من اتجاه.
http://www.alraialaam.com/07-02-2006/ie5/economics.htm#01