ahmed_nagh42
عضو نشط
تطور النتيجة الإجرامية
خلال المحاكمة أو بعد صدور حكم في الواقعة]
خلال المحاكمة أو بعد صدور حكم في الواقعة]
من المقرر أن النتيجة عنصر في الركن المادي للجريمة، وقد يحدث أن تكون النتيجة التي تحقـَّقت في المحاكمة الأولى خلاف النتيجة التي تحقـَّقت بعد ذلك على الأقل من حيث جسامة النتيجة، ومثال ذلك أن يكون شخصاً قد حُوكم عن إصابة خطأ، إلاَّ أنه قد حدثت نتيجة جديدة أو تطوَّرت النتيجة السابقة إلى نتيجةٍ أشدُّ جسامة منها وهي وفاة المجني عليه، فيكون السؤال هو: هل تجوز محاكمة الجاني مرة أخرى عن القتل الخطأ ؟ أو أن يكون الجاني قد حُوكم عن تحقـُّق نتيجة وهي شروع في قتل، ثمَّ حدثت نتيجة أخرى أشدُّ جسامة وهي زهوق الروح بأن مات المجني عليه، فهل يجوز للنيابة العامة – أو الادعاء العام في بعض الأحوال - رفع دعوى جزائية أخرى في تلك الأحوال؟
وتكون الإجابة على هذا السؤال من خلال طرح الحقائق الآتية:
أولاً: إنه إذا حَدَثت النتيجة الجديدة أثناء المحكمة الأولى وقبل صدور الحكم الابتدائي (حكم محكمة أول درجة) فإنه يجوز لسلطة الاتهام إدخال تعديلات في صحيفة الاتهام وذلك بعد إذن المحكمة التي تنظر الدعوى، والأساس القانوني للتعديل في هذا الفرض هو نصُّ المادة (133) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على أنه: "للمحكمة أن تأذن للمدعي في أن يُدخل تعديلاً في صحيفة الاتهام في أيِّ وقت، بشرط أن يكون ذلك في مواجهة المتهم أو بإعلانه به، ويجب أن يعطي المتهم فرصة كافية لإعداد دفاعه بشأن هذا التعديل، وفقاً لأحكام المادة التالية"، وتنصُّ المادة التالية (135) على أنه: "إذا تبيَّن للمحكمة من التحقيق ما يستدعي تعديل وصف التهمة بتطبيق مادة من مواد القانون غير المادة المطلوبة أو تعديل التهمة بزيادة بعض الوقائع إليها أو تغيير بعض عناصرها أو إدخال متهم أو متهمين آخرين، فللمحكمة أن تـُنبِّه جميع الخصوم إلى ذلك، وتأمر المدعي بالقيام بما يستدعيه التعديل من إجراءات التحقيق التي يستدعيها هذا التعديل، وللمتهم أن يطلب تأجيل نظر الدعوى لإعداد دفاعه، وعلى المحكمة أن تـُجيب طلبه إذا كان التعديل قد شمل وقائع جديدة".
إذن، سلطة الاتهام في نطاق هذا الفرض تقوم بإدخال تعديلات في صحيفة الاتهام، إمَّا بعد صدور إذن من المحكمة لها بعد طلبها، أو بناءً على أمر المحكمة.
ثانياً: إذا حدثت النتيجة الجديدة بعد صدور الحكم الابتدائي (حُكم محكمة أول درجة) ولا يزالُ طريق الاستئناف مفتوحاً، فإنه يتعيَّن أن يتم إجراء تعديل التهمة بإضافة النتيجة الجديدة – من شروع في قتل إلى قتل، أو من إصابة خطأ أو قتل خطأ إلى قتل عمد - أمام محكمة الاستئناف وذلك وفقاً لما جرى عليه نصُّ المادة (134) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.
ثالثاً: إذا حدثت النتيجة الجديدة بعد صدور الحكم الاستئنافي وكان طريق الطعن بالتمييز لا يزال مفتوحاً.
في نطاق هذا الفرض لا يجوز إضافة واقعة جديدة، لأن محكمة التمييز تنظر الطعن بصدد عيوب معينة في الحكم المطعون فيه باعتبارها محكمة التمييز ما يتعلق بتغير أو تطور النتيجة الإجرامية.
رابعاً: إن المشرِّع قد أوردَ بعض الحلول التشريعية والقواعد التي تتعلَّق بمواجهة بعض حالات تطور النتيجة الإجرامية بعد صدور حكم في الواقعة بشأن النتيجة الأولى، وتحكم هذه الحلول القواعد التالية:
(1) في حالة وفاة المجني عليه في جريمة قتل أو ضرب أفضى إلى موت بعد مرور عام على الفعل، فإن علاقة السببية بين الفعل والنتيجة تـُعتبر منتفية، وهو ما نصَّت عليه المادة (156) من قانون الجزاء.
ومعنى ذلك، وبمفهوم المخالفة أن مسؤولية الجاني عن النتيجة الجديدة، والتي تـُعدُّ تطوراً للنتيجة السابقة، تظلُّ قائمة لمدة سنة، وتسقط هذه المسؤولية بعد مرور سنة، إذ أن القانون قد افترض انقطاع علاقة السببية بين نشاط الجاني والنتيجة الجديدة بعد مرور سنة من ارتكاب الفعل.
فالمادة (156) من قانون الجزاء تنصُّ على أنه:
"لا يعتبر الإنسان أنه قتلَ إنساناً آخر إذا لم يمت المجني عليه خلال سنة من وقوع سبب الوفاة، وتـُحتسب هذه المدة من اليوم الذي وقع فيه آخر فعل غير مشروع أفض إلى الموت، ولا تشمل هذا اليوم".
(2) إن الحكم الأول الصادر قبل تطوُّر النتيجة التي حدثت أولاً إلى نتيجةٍ أخرى ليس له إلاَّ حجية محدودة، ذلك أنه يجوز محاكمة المتهم عن النتيجة الجديدة مرة أخرى، مع مراعاة ما قضت به المحكمة في الحكم الأول.
فالمادة (185) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية تنصُّ على أنه: "إذا صدر حكم بشأن جريمة معينة، ثم تبيَّن أن الأفعال المكونة لهذه الجريمة، تكون جريمة أخرى بسبب ما ترتـَّب عليها من نتائج جديدة جاز رفع الدعوى عن الجريمة الجديدة إذا كانت هذه النتائج قد حدثت بعد صدور الحكم الأول، أو وقعت قبل صدوره ولكن المحكمة لم تعلم بها".
ونصَّت المادة (186) من القانون ذاته على أنه: "في الحالة المنصوص عليها في المادة السابقة، إذا كان الحكم الأول قد صدَر بتوقيع عقوبة، فعلى المحكمة أن تـُراعي ذلك، إذا حكمت بالعقوبة في الدعوى الجديدة".