ahmed_nagh42
عضو نشط
المبادئ العامة لشرعية الجزاء التأديبي
وسلامة القرار التأديبي
وسلامة القرار التأديبي
المبادئ التي سوف نذكرها، قد وردت في حكم أصدرته محكمة الاستئناف العليا في دعوى إدارية، حيث كانت لجنة التراخيص الطبية بوزارة الصحة بدولة الكويت قد أصدرت قراراً إدارياً بمجازاة طبيب بإلغاء الترخيص الصادر له بمزاولة مهنة الطب، وقد أسندت إليه إهمالاً في معالجة مريضة، ومخالفة أصول مهنة الطب، فطعن الطبيب أمام القضاء (الدائرة الإدارية) بإلغاء القرار الصادر ضده بإلغاء الترخيص بمزاولة مهنة الطب، والتعويض عما سببه له هذا القرار من أضرار مادية وأدبية.
ألغت المحكمة القرار الصادر بالجزاء وقضت بتعويض للمدعي (الطبيب) واستأنفت وزارة الصحة هذا الحكم فصدر حكم الاستئناف وقد قرر المبادئ التي سوف نوردها فيما يأتي:
1 - "الأصل في شرعية الجزاءات عموماً أيا كان مجال توقيعها أنها لا تستنتج، وإنما يتعين أن ترتكن إلى نص قانوني يبررها وتجد فيه ركنها الشرعي على نحو صريح حيث يبين مداها والسلطة المختصة بذلك وعلى من توقع.
ومن المبادئ العامة لشرعية الجزاء والعقاب أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية يكفل له فيها سبيل الدفاع عن نفسه، ويستتبع ذلك حتمية أن يكون التحقيق الذي تجريه الإدارة تحقيقاً قانونياً صحيحاً، باعتباره وسيلة استبانة الحقيقة، وبغير أن يكون تحت يد جهة الإدارة تحقيقاً مستكمل الأركان لا يكون في مكنتها الفصل في الاتهام".
2 - "ولا يكون التحقيق مستكمل الأركان إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتحقيق، وتحديد عناصرها بوضوح، وذلك من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت، فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر كان تحقيقاً معيباً، ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيباً كذلك".
3 - "ومن المقرر كذلك أن سلامة القرار التأديبي تتطلب أن تكون النتيجة التي ينتهي إليها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً من تحقيق توافر له كل المقومات الأساسية للتحقيق القانوني السليم، وأول هذه المقومات ضرورة مواجهة المتهم بصراحة ووضوح بالمآخذ المنسوبة إليه، والوقائع التي تمثل تلك المآخذ، وأن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه".
"ولا يكفي في التحقيق مجرد إلقاء أسئلة حول وقائع معينة، بل ينبغي مواجهة من يتم التحقيق معه باتهامات محددة ليكون على بينة منها فيعد دفاعه على أساسها".
4 - "إن قصور التحقيق عن تبيان العناصر السابقة الخاصة بالواقعة محل النزاع، وعدم مواجهة الشخص بالمخالفات المسندة إليه في صراحة ووضوح من شأنه أن يبطل التحقيق ويجعل القرار الصادر بالجزاء والذي استند إليه غير مستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تؤدي إليه. ويفقد القرار الصادر بالجزاء ركن السبب الذي يبرره، ويكون بذلك مخالفاً للقانون ويتعين القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار"
5 - "إن صدور قرار بالجزاء على النحو السابق يكون مشوباً بالخطأ المتمثل في إصدار جهة الإدارة لقرار غير مشروع وهذا القرار متمثل في إلغاء ترخيص مزاولة المدعي مهنة الطب، وقد رتب هذا القرار ثمة أضرار مادية وأدبية للمدعي بأن حال بينه وبين ممارسة المهنة التي يرتزق منها ويعيش من دخلها، كما أصابه بأذى نفسي ومعنوي حيث ينال من سمعته واعتباره كطبيب له مدة خدمة طويلة في ممارسة مهنة الطب داخل الكويت".
6 - وفي القضية التي وردت بها المبادئ السابقة تقول محكمة الاستئناف : "إن الأحكام الخاصة بالتأديب تقتضي كأصل عام تفسير المادة 39 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1981 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري تفسيراً ضيقاً، فلا يجوز التوسع في تفسيرها أو القياس عليها، ومن ثم يتعين أن يكون الفعل أو التصرف الذي يشكل المخالفة التأديبية وهو سبب القرار التأديبي ثابتاً ثبوتاً يقينياً، بمعنى أن يثبت في حق الطبيب المعالج - محل المساءلة - بأدلة قاطعة إتيانه فعلاً أو تصرفاً محظوراً أو ينطوي على خروج على أصول ومقتضيات وآداب مهنة الطب، فإذا لم يكن ذلك ثابتاً، وكان المنسوب إلى الطبيب المعالج مجرد أقوال مرسلة لم يقم عليها دليل، ولم تثبت صحتها للمحكمة، فإنه يمتنع مساءلة الطبيب عن تلك المخالفة لعدم ارتكازها إلى سند قانوني يمكن تأسيسها عليه.
7 - ثم تقول المحكمة في موضع آخر من الحكم " … وهذا السبب الذي استند إليه القرار المطعون فيه قد ارتكز على قاعدة استوحاها مما أطلق عليه "نظم وبروتوكلات العلاج في المجال الطبي" وهي عبارة غامضة وغير محددة لا تفيد بيان حقيقة كنه هذه النظم ومصدرها، وما إذا كانت نصوصاً تشريعية أو قاعدة تنظيمية أو أعراف مهنية طبية مستقرة، وبهذه المثابة افتقدت تلك القاعدة وهي ركيزة القرار الإداري المطعون فيه سندها الشرعي، وبالتالي صدر القرار المطعون فيه مجرداً من سبب صحيح.
8 - وفي النهاية تقول المحكمة في هذا الحكم "وحيث إنه يبين مما تقدم أن تقرير الطب الشرعي المنوه عنه قد قطع في أن ما اتخذ من خطوات علاجية للمريضة المذكورة لا يتعارض مع الأصول الفنية المتبعة في مثل حالتها، وليس ثمة ما يشير إلى عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة في العلاج، كما أرجع تقرير اللجنة الفنية الذي استند إليه قرار لجنة التراخيص الطبية المطعون فيه المضاعفات التي اشتكت منها المذكورة إلى فعلها هي …. وارتأت اللجنة صراحة تعذر إسناد أية مسئولية تجاه الطبيب المعالج (المستأنف ضده) … فضلاً عن حصول المستأنف ضده على ترخيص …".
[[محكمة الاستئناف العليا، الاستئناف رقم 437/2000، إداري جلسة 10/6/2001م]]