ahmed_nagh42
عضو نشط
الحق في المنافسة المشروعة
إن حرية النشاط التجاري تستوجب حماية ذلك النشاط من الاعتداء عليه من الأخطاء التي قد يرتكبها المتنافسون بعضهم ضد البعض الآخر خلال ممارستهم لنشاطهم التجاري.
فالمنافسة من سنن الفطرة الكونية للبشر غايتها التفوق في مجالات الأعمال والأنشطة أياً كانت طبيعتها، وقد لازمت المنافسة النشاط التجاري خاصة حتى اتصفت بكونها أحد الشروط اللازمة لاحترافه.
[[يراجع : الدكتور أحمد محمد محرز، الحق في المنافسة المشروعة في مجالات النشاط الاقتصادي، الصناعة - التجارة - الخدمات، ص 7]]
وموضوع المنافسة في مجال النشاط الاقتصادي عموماً والتجاري بصفة خاصة يتعلق بآداب السلوك، حتى وصفت المنافسة بأنها ديمقراطية النشاط الاقتصادي، حيث يجب أن تسود مبادئ الديمقراطية الثلاثة : الحرية، العدالة، المساواة، بما يسمح بالقضاء على فكرة المنافسة يتولد عنها التمييز وعدم المساواة، أو يتولد عنها مسائل غير مشروعة، ومخالفة للقانون كالاتفاقات السيئة بين التجار التي تتضمن القيام بأعمال فحواها منافسة غير مشروعة أو بتكامل بين مشروعات ينطوي على احتكارات ظاهر الرحمة وباطنها العزاب.
ولكل مشروع اقتصادي أو تجاري عناصر لها القدرة على المنافسة وهي عبارة عن أموال يملكها المشروع تتميز بجودة خاصة تحظى بقبول اختيارات العملاء، وهي ما تسمى بالقيم التنافسية تلك القيم التي تتصل اتصالاً وثيقاً بأنواع ذات طبيعة خاصة من الملكية، كما تتصل بأفعال الغش والخداع وسائر التصرفات غير المشروعة باعتبارها الوجه السلبي للمنافسة.
فقد أظهرت التطورات الاقتصادية صوراً جديدة لملكية الأموال بعد امتدادها لتشمل طائفة جديدة من الأموال كبراءة الاختراع والرسوم والنماذج والعلامات والأسماء التجارية والاتصال بالعملاء، وهي أموال لا يمكن لرجل القانون أو القضاء أن يضع أو يستخلص أساسها القانوني الملائم إلا إذا أدرك وظائفها الاقتصادية، ومن ثم يجب على كل منهما أن يرقى فوق الأشكال والصيغ القانونية التقليدية ليقف على الحقيقة في جانبها الاجتماعي والاقتصادي كما يعبر عنها علماء الاجتماع القانوني وعلم الاقتصاد السياسي.
[[الدكتور أحمد محمد محرز، الحق في المنافسة المشروعة، المرجع السابق ص 43]]
وتتوقف القيمة التنافسية للمال على قدرته على اجتذاب العملاء، تلك القدرة التي لن تكون إلا إذا تم إحاطة العملاء علماً بهذا المال حتى يمكنهم بعد ذلك ممارسة اختياراتهم بشأنه، وهنا يكون دور الإعلان دوراً أساسياً ورئيسياً، لأنه يؤدي إلى دفع العملاء لممارسة اختياراتهم، وهكذا، نجد أن دور الإعلان هنا هو الترويج المقبل لقيمة معينة كعلامة سيارة، أو الترويج لمنتج جديد مسجل ببراءة اختراع معلومة المزايا بما يسمح للعميل بممارسة حق الاختيار.
[[د. أحمد محمد محرز، المرجع السابق، ص 99]]
وتتفاوت المشروعات التجارية التي تستثمر وتستغل تطبيقات أفكار المبدعين من ناحية مركزها التنافسي ومدى تأثيرها في السوق، وذلك لأن المبدعين أنفسهم أياً كانت مناهجهم ووسائلهم وسواء كانت إبداعاتهم أدبية أو فنية أو اختراعات وابتكارات صناعية لا يحتلون مكانة واحدة، لأن المركز التنافسي يعتمد على موهبة المنافسة وقدرته على تنظيم نشاطه.
[[المرجع السابق، ص 207]]
وفي مجال المنافسة المشروعة لا يجب إغفال حقيقة جوهرية من الحقائق التي تقوم عليها تلك المنافسة، وتتمثل هذه الحقيقة في الاعتراف لصالح المشروع بحق قصر على وسائل المنافسة التي يقتنيها ويقوم على استغلالها.
ويجب التنويه إلى أن القواعد القانونية التقليدية لم تستطع ملاحقة عناصر المنافسة لوضع ضوابطها وتكييفها، مما حدا بالقضاء أن يقيم دعوى المنافسة غير المشروعة ليحمي القيم التي يقوم عليها صاحب المشروع المنافس باستغلالها، بالاعتراف بسيطرته، وحق القصر عليها حيث لم يولها المشرع اهتمامه.
[[المرجع السابق، ص 280]]
فلا شك أن المنافس (التاجر) سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً مالك لقيمة، فهي أموال نتائج جهده وذكائه، يجب أن تكون ملكاً له باعتباره منشئها، إذ لا تقتصر أسباب كسب الملكية على الاستيلاء أو الحيازة، إنما توجد أيضاً ملكية لنتاج مواهب شخصيته، لا ينفصل فيها محل الملكية عن شخص المالك، وهذه الملكية لها طبيعة خاصة، تستلزم تنظيماً خاصاً يختلف عن تنظيم الملكية المطبقة على الأشياء المادية، وإن كانت جميع العناصر المكونة لحق الملكية، وهي الاستعمال والاستغلال والتصرف، متوافرة في حق المنافس على قيمه، فعنصر الاستعمال متوافر لأن المنافس هو الذي ينشئ قيمه محل المنافسة، فهو الذي يقتنيها ويبتكرها، والاستغلال موجود بالضرورة حيث يستطيع المنافس استغلال قيمه واستثمارها بالأسلوب الذي يروقه، كذلك فإن التصرف يوجد أيضاً عندما يقوم المنافس بتأجير المشروع بنظام الاستغلال الحر أو تقديمه كحصة في شركة أو ادماجه، بل وبيعه إذا ما أراد إنهاء النشاط.
[[د. سميحة القليوبي، تأجير استغلال المحل التجاري - الإدارة الحرة للمتجر القاهرة 1984 ص 220]] [[د. أحمد محمد محرز، اندماج الشركات من الوجهة القاونية، دراسة مقارنة القاهرة 1985 ص ]]
ومؤدى ما تقدم أنه من المتصور أن ترد الملكية على القيم المعنوية التي هي نتاج جهد المنافسة وتفوقه، ويحق له إثبات مكنات الملكية عليها، مهما تعددت صور هذه القيم، فلا خلاف على حقوق التاجر سواء على اسم محله أو شهرته، وحق عملائه، وكل ما يرد على الملكية التجارية.
وعليه فإن المشرع يحمي الحق في المنافسة المشروعة عن طريق دعويين:
الأولى : دعوى الحق.
والثانية : دعوى المنافسة غير المشروعة.
[[د. أحمد محمد محرز، الحق في المنافسة المشروعة، المرجع السابق، ص 321]]