عدم نفاذ التصرفات

ahmed_nagh42

عضو نشط
التسجيل
30 يناير 2013
المشاركات
3,735
الإقامة
الكويت
تنص المادة (312) من القانون المدني على أنه:

"إذا كان تصرف المدين بعوض، ثم تصرف الخلف الذي انتقل إليه الحق المتصرف إليه إلى خلف آخر بعوض فلا يكون للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا اثبت أن الخلف الثاني كان يعلم غش المدين وأن الخلف الأول يعلم بهذا الغش.

وإذا كان تصرف المدين تبرعاً، ثم تصرف الخلف الذي انتقل إليه الحق المتصرف فيه إلى خلف آخر بعوض، فلا يكون للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا اثبت أن الخلف الثاني كان يعلم بإعسار المدين وقت تصرفه للخلف الأول
".



ويقول السنهوري في وسيطه:

إن كان المدين قد تصرف معاوضة للخلف الأول، فلا يكفى أن يثبت الدائن غش كل من المدين والخلف الأول، بل يجب أيضا أن يثبت غش الخلف الثاني، فيثبت أن الخلف الثاني علم أمرين:

غش المدين.

وعلم الخلف الأول بغش المدين( [1] ).

وفى هذا الحكم تخرج الدعوى البولصية على القواعد العامة. فقد كان مقتضى تطبيق هذه القواعد أنه متى أمكن النجاح في الدعوى البولصية بالنسبة إلى الخلف الأول، انتزع الشيء من يد الخلف الثاني دون حاجة إلى إثبات سوء نيته، لأنه لم يكن في وسع الخلف الأول أن ينقل إلى الخلف الثاني أكثر مما له( [2] ). ولكن المبررات التي قامت لحماية الخلف الأول وتفضيله على الدائن إذا كان حسن النية تقوم هي نفسها لحماية الخلف الثاني وتفضيله على الدائن إذا كان هو –دون الخلف الأول- حسن النية( [3] ).

أما إذا كان المدين قد تصرف تبرعا للخلف الأول، فقد قدمنا أن الدائن ليس مكلفاً بإثبات سوء نية المدين ولا سوء نية الخلف الأول. ولكن مادام الخلف الأول قد تصرف معاوضة للخلف الثاني، فإنه يجب على الدائن أن يثبت، حتى ينجح في الدعوى البوصلية قِبله. علم هذا الخلف الثاني بإعسار المدين. فإذا كان الخلف الثاني حسن النية، فإنه يفضل على الدائن، لأنه دفع مقابلاً فهو يتوقى ضرراً كالدائن كما تقدم القول( [4] ).

ويلاحظ أن الدائن، في هذا الفرض الثاني وفى حالتيه، قد ينجح في الدعوى البولصية في مواجهة الخلف الأول دون الخلف الثاني. وعند ذلك يعتبر تصرف المدين للخلف الأول غير نافذ في حق الدائن، أما تصرف الخلف الأول للخلف الثاني فنافذ، ومن ثم يستطيع الدائن التنفيذ بحقه على العوض الذى التزم به الخلف الثاني للخلف الأول، ويشاركه في ذلك –إلى جانب سائر دائني المدين- جميع دائني الخلف الأول مشاركة الغرماء( [5] ).



( [1] ) وذلك: "حتى لا يكون عقد الخلف الثاني معرضاً للطعن فيه إلا إذا كان الخلف الثاني عالماً بعيب التصرف الأول من جهة المدين ومن جهة الخلف الأول". (أنظر تاريخ نص المادة 238 آنفاً فقرة 569 في الهامش).
أنظر : استئناف أهلي 14 أبريل سنة 1915 الشرائع 2 رقم 257 ص 244 – بنى يوسف الكلية 31 ديسمبر سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 331 – مصر الكلية الأهلية 29 نومبر سنة 1904 المجموعة الرسمية 6 رقم 21 ص 43 – استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1929 م 41 ص 344.
ولكن إذا باع المشترى العين بعد أن رفعت عليه الدعوى البولصية وصدر الحكم فيها وسجل، فلا ضرورة لإثبات سوء نية المشترى الثاني ( استئناف مختلط 22 يناير سنة 1914 م 26 - ويلاحظ أنه قد يتواطأ المدين مع آخر، ولكن بدلا من أن يبيع له العين مباشرة، يبيعها لشخص حسن النية، وهذا الشخص يبيعها للمتواطئ مع المدين، ففي هذه الحالة يكفى تواطؤ المدين مع المشترى من المشترى وإن كان المشترى الأول حسن النية (ديمولومب 25 فقرة 199 – أوبرى ورو 4 فقرة 313 ص 205 وهامش رقم 23 – بودرى وبارد 1 فقرة 967 ص 678 هامش رقم 2).
( [2] ) فالقواعد العامة كانت تقضى إذن بالاقتصار على اشتراط الغش في جانب المدين والمشترى دون المشترى من المشترى، وقد ذهب في فرنسا بعض الفقهاء والمحاكم إلى هذا الرأي (لوران فقرة 465 – فقرة 466 – ديفرجييه على تولييه 3 فقرة 252 ص 227 هامش رقم 1 محكمة استئناف أميان 26 مارس سنة 1825 سيريه 25 – 2 – 417 – محكمة استئناف ليون 23 يناير سنة 1863 داللوز 66 – 1 – 165). ولكن جمهور الفقهاء نزلوا عند تقاليد الدعوى البولصية، وكان القانون الروماني يشترط غش المشترى من المشتري (ديرانتون 10 فقرة 582 – فقرة 583 – ديمولوب 25 فقرة 200 – هكذا فقرة 223 – ماركاديه 4 فقرة 499 مكررة – لارومبيير 2 م 1167 ص 46 – أوبرى ورو 4 فقرة 313 ص 205 – بودرى وبارد 1 فقرة 667 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 959 – نقض فرنسي 24 مارس سنة 1830 سيريه 30 – 1 – 252 – 2 فبراير سنة 1852 داللوز 52 – 1 – 49).
وفى مصر نزل الفقه والقضاء على تقاليد الدعوى البولصية واشترط الغش في جانب المشترى من المشترى (دى هلتس 1 في الدعوى البولصية فقرة 29 – هالتون 1 ص 344 – ص 345 – والتون 2 ص 121 – ص 122 – نظرية العقد للمؤلف فقرة 735 ص 807 – استئناف أهلي 14 أبريل سنة 1915 الشرائع 2 ص 244 – بنى سويف 31 ديسمبر سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 331 – استئناف مختلط 22 يناير سنة 1914 م 26 ص 170). أنظر عكس ذلك في عهد التقنين المدني السابق (استئناف مختلط 6 سنة 1901 م 14 ص 3 – 13 مايو سنة 1903 م 15 ص 292، وتعليق الأستاذ جبرييل بسطوروس في التعليقات على التقنين المدني المختلط م 204 ص 406 هامش رقم 1 . وأنظر دفاعاً طيباً عن القاعدة التقليدية في دى هلتس 1 الدعوى البولصية فقرة 30). – هذا وقد نص التقنين المدني الجديد ( م 238 ) على القاعدة التقليدية صراحة كما رأينا، فأصبح لهذه القاعدة سند تشريعي، ولم تعد بذلك محلاً للخلاف (أنظر في كل ذلك نظرية العقد للمؤلف فقرة 735 ص 807 هامش رقم 1).
( [3] ) وإذا فرض أن المدين باع عقاراً، وأثبت الدائن الغش في جانبه وجانب المشترى معاً، ولكن شفيعاً أخذ هذا العقار بالشفعة، فهل يجب على الدائن أن يثبت غش الشفيع كذلك؟ إذا اعتبرنا أن الشفيع تلقى الحق عن المشترى، فإنه يجب إثباته غشه أيضاً. ولكن من القواعد المقررة في الشفعة أن الشفيع يتلقى الحق عن البائع مباشرة ولا يتلقاه عن المشترى، فلسنا إذن في صدد مشتر ثان من المشترى الأول. لذلك لا نرى اشتراط غش الشفيع –وهو يكاد يكون مستحيلا عملاً- ويكفى غش المشترى. والأولى إن يقال إن البيع الذى كان سبباً في الأخذ بالشفعة لا ينفذ أثره بالنسبة إلى الدائن، فلا تنفذ الشفعة في حقه، وتبقى قائمة ما بين البائع والمشترى والشفيع. ومن ثم ينفذ الدائنون بحقوقهم على العقار المشفوع فيه، ويجوز للشفيع بعد ذلك أن يستبقى في يده ما عسى أن يبقى من العقار ويرجع بضمان الاستحقاق الجزئي على البائع (نظرية للعقد المؤلف فقرة 735 ص 802 هامش رقم 2).
( [4] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 632 – ويلاحظ أن هذه الحالة من الفرض الثاني صعبة التصور عملاً، فما دام الموهوب له حسن النية، فيبعد أن يكون المشترى من الموهوب له سيء النية. ومع ذلك تتحقق هذه الحالة في فرنسا في المهر ( Dot ) ، فقد يهب أب معسر لابنته مهراً وهى حسنة النية لا تعلم بإعسار أبيها، وتعطى البنت المهر لزوجها وهى سيء النية متواطئ مع الأب. ولا تتحقق هذه الحالة عملاً في مصر إلا إذا كان كل من المدين والموهوب له سيء النية، فعندئذ إما أن يكون المشترى من الموهوب له حسن النية فلا يجوز للدائن رفع الدعوى البولصية، وإما أن يكون سيء النية فيجوز للدائن ذلك (دى هلتس 1 في الدعوى البولصية فقرة 38 – فقرة 39).
( [5] ) استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1929 م 41 ص 344 – وقد قيل في الاعتراض على القاعدة التقليدية إنها تيسر سبيل التهرب من الدعوى البولصية، ويكفى لذلك ان يبادر المشترى المتواطئ مع المدين إلى بيع العين لمشتر ثاني حسن النية، فيعجز الدائن عن رفع الدعوى البولصية على المشترى من المشترى (بودرى وبارد 1 فقرة 667 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 959 ). وما قدمناه يصلح رداً على هذا الاعتراض، فإن الدائن في هذه الحالة يستطيع رفع الدعوى البولصية على المدين والمشترى، ويجب أن يرد المشترى الثمن الذى أخذه من المشترى الثاني –أو قيمة العين إن كانت أكبر من الثمن– لينفذ عليه الدائن بحقه. وكذلك الأمر لو وهب المدين العين ثم باعها الموهوب له لمشتر حسن النية، فإن الدائن يرفع الدعوى البولصية على المدين والموهوب له ولو كان كل منهما حسن النية دون المشترى من الموهوب له إذ هو حسن النية، وينفذ بحقه على الثمن الذى دفعه المشترى للموهوب له (استئناف مختلط 9 ابريل سنة 1929 م 41 ص 344 – وأنظر في القانون الفرنسي، مع ملاحظة اشتراط سوء نية المدين دون الموهوب له، بودرى وبارد 1 فقرة 668).
 
أعلى