عدم اختصاص القضاء بنظر أعمال السيادة

ahmed_nagh42

عضو نشط
التسجيل
30 يناير 2013
المشاركات
3,735
الإقامة
الكويت
عدم اختصاص القضاء بنظر أعمال السيادة

من المقرر في الفقه والقضاء أن نظرية أعمال السيادة وإن كانت فى أصلها الفرنسى([1]) قضائية النشأة أرسى القضاء قواعدها ونظم أحكامها إلا أنها فى الكويت ذات أساس تشريعى، فقد نصت المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء رقم 23/90 على أنه (ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة)، وعلى الرغم من تعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة فإن ثمة عناصر ومميزات تميزها عن الأعمال الإدارية العادية أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها (أى فى أعمال السيادة) لما يحيطها من اعتبارات سياسية فهى تصدر عن السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم وبما لها من سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة السياسية كلها وأمنها فى الداخل والخارج ، ومن ثم فأن استبعاد أعمال السيادة من ولاية القضاء إنما يأتى تحقيقاً للاعتبارات السياسية التى تقتضى النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية، وذلك لدواعى الحفاظ على كيان الدولة ورعاية مصالحها العليا.

ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن القضاء الذى أرسى قواعد هذه النظرية وكذلك الفقه لم يستطع كلاهما وضع تعريف أو معيار جامع مانع لأعمال السيادة فانتهى القول الفصل فى شأنها إلى أن القضاء وحده يقرر بسلطته التقديرية ما يعتبر من أعمال السيادة ومالا يعتبر منها، ولقد نهج الشارع الكويتي هذا النهج حين أغفل عمدا تعريف أعمال السيادة، كما تدل على ذلك المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء رقم 23/ 90 المتقدم ذكرها، إذ اقتصرت على النص على استبعاد أعمال السيادة من ولاية القضاء العادى دون تعريف أو تحديد لهذه الأعمال تاركة ذلك كله للقضاء.

في ذلك:

المحكمة الدستورية المصرية القضية رقم 22 لسنة 6 قضائية "دستورية"

المحكمة الدستورية المصرية القضية رقم 48 لسنة 4 قضائية "دستورية"

د. أحمد مليجي - تحديد نطاق الولاية القضائية - دار النهضة العربية - ص302

د. سليمان الطماوي : النظرية العامة للقرارات الإدارية - 1991م - ص130وما بعدها​



[1] الأصل الفرنسي للنظرية يرجع الي حقبة سقوط الإمبراطورية الأولى وعودة الملكية إلى فرنسا سنة 1814م حيث كان ينظر لمجلس الدولة الفرنسي على أنه من مخلفات النظام البائد وامتداداً لحكم نابليون ، لذلك كانت رغبة رجال النظام الجديد هي إزالة هذا الكيان والقضاء عليه ، فإن لم يكن فعلى الأقل تقليص نفوذه والحد من رقابته على أعمال الإدارة ، فعملوا على انتظار أول فرصة للاحتكاك والاصطدام به، إلا أن قضاة مجلس الدولة تنبهوا لهذا الأمر وأدركوا مقاصد النظام الجديد، ولذلك عملوا جاهدين من أجل تجنب الاصطدام بالنظام حتى يحافظوا على وجود المجلس واستمراره، ومن هنا ظهرت نظرية أعمال السيادة على يد مجلس الدولة والتي بموجبها أخرج عدداً من أعمال الإدارة السياسية المهمة من رقابته ، وذلك منعاً للاصطدام بالحكومة ومحاولة منه لكسب ثقتها ، ويجمع شراح القانون العام على أن هذا التصرف من المجلس يعد سياسة حكيمة للحفاظ على كيانه . ومن الغرائب التي واجهت مجلس الدولة الفرنسي وقت إقرار هذه النظرية أنه اعترف بها في قضية تتعلق بأسرة نابليون بونابرت صاحب الفضل في وجوده ، وموضوعها رفض النظام الحاكم تسليم أموال تم التبرع بها لعائلة بونابرت وتقريره حرمانها كلية من هذه الأموال ، وعرض النزاع على مجلس الدولة ليقول كلمته في مدى مشروعية هذا التصرف الحكومي وفي مدى أحقية أسرة نابليون في هذه الأموال، وكان رأي المجلس أن الدعوى هنا تتعلق بمسألة سياسية لا يختص هو بالفصل فيها وإنما يكون القول فيها للحكومة باعتبارها عملاً سياسياً لا قانونياً ، في ذلك د. رأفت فودة : مصادر المشروعية - دار النهضة العربية 1994م - ص202
 
أعلى