الغلط في الواقع والغلط في القانون

ahmed_nagh42

عضو نشط
التسجيل
30 يناير 2013
المشاركات
3,747
الإقامة
الكويت
الغلط في الواقع والغلط في القانون : وفي كل ما قدمناه من تطبيقات لمعيار الغلط الجوهري ، سواء وقع الغلط في الشيء أو الشخص أو القيمة أو الباعث ، لا نفرق بين ما إذا كان الغلط هو غلط في الواقع أو غلط في القانون . فما دام جوهرياً ، أي مادام هو الذي دفع إلى التعاقد ، فإنه يجعل العقد قابلا للإبطال . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 122 من القانون المدني الجديد إذ تقضي بما يأتي : " يكون العقد قابلا للإبطال لغلط في القانون إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقا للمادتين السابقتين ، هذا ما لم يقض القانون بغيره ( [1] ) " . ولم يكن القانون القديم يشتمل على نص في هذه المسألة ، ولكن القضاء والفقه في مصر سارا على أن الغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل العقد قابلا للإبطال ( [2] ) .


والذي كان يلبس الأمر في هذه المسألة وقت قيام القانون القديم غير مشتمل على نص فيها هو وجود قاعدة أخرى معروفة تقضي بان الجهل بالقانون لا يقبل عذراً ، أو كما يقولون : " لا يفرض في أحد أنه يجهل القانون " ( Nul n'est cense ignorer la loi ) . ولكن مجال تطبيق هذه القاعدة لا يكون إلا حيث توجد أحكام قانونية تعتبر من النظام العام ، فيجب على جميع الناس مراعاتها ولا يجوز لأحد أن يخل بها بدعوى أنه يجهلها ، ويفترض أن كل شخص يعرف هذه الأحكام ، وإلا لما أمكن تطبيقها تطبيقاً منتجا لو أفسحنا جانب العذر في ذلك . ويدخل في هذه الأحكام القوانين الجنائية وبعض من القوانين المدنية وهي التي تعتبر من النظام العام . مثل ذلك أن يقرض شخص آخر بفائدة تزيد على 7 في المائة وهو يجهل أن الحد الأقصى للفوائد هو 7 في المائة ، فليس للمقرض في هذه الحالة أن يطلب إبطال عقد القرض بدعوى الغلط في القانون وانه ما كان يقرض نقوده لو علم بان الحد الأقصى للفائدة لا يزيد على 7 في المائة ، بل يبقى القرض صحيحاً وتنقص الفائدة إلى 7 في المائة . أما إذا كان الغلط واقعاً في مسألة قانونية لا تعتبر من النظام العام ، فلا شك في أنه يمكن الاحتجاج بهذا الغلط والتمسك به لطلب إبطال العقد ، إلا إذا نص القانون على غير ذلك كما فعل في عقد الصلح حيث تنص المادة 556 على أنه " لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون (
[3] ) " .



( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 169 من المشروع التهيدي على الوجه الآتي : " الغلط في القانون كالغلط في الواقع ، يجعل العقد قابلا للبطلان ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك " . وقد وافقت عليها لجنة المراجعة مع تعديلات لفظية ، وأصبح رقم المادة 126 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على المادة دون تعديل . وترددت لجنة القانون المدني لمجلس الشيوخ طويلا في استبقاء المادة أو حذفها اكتفاء بالقواعد العامة ، واستقر رأيها أخيراً على استبقائها بعد تعديلها على الوجه الآتي : " يكون العقد قابلا للإبطال لغلط في القانون إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقاً للمادتين السابقتين ، هذا ما لم يقض القانون بغيره " . وأصبح رقم المادة 122 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما أقرتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 159 – ص 164 ) .
( [2] ) دي هلتس لفظ ( Convention ) فقرة 60 – والتون 1 ص 186 – ص 189 – الدكتور محمود وهيبة فقرة 272 – نظرية العقد للمؤلف فقرة 372 – الدكتور حلمي بهجت بدوي فقرة 123 – الدكتور أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 165 .
وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بان الغلط الواقع في صفة جوهرية في الشيء يفسد الرضاء لا فرق في ذلك بين غلط في القانون وغلط في الواقع ( 20 مايو سنة 1915 م 27 ص 344 ) . وقضت كذلك بأن الاعتراف بصفة الحائز لعقار لا يكون صحيحاً إذا كان مبيناً على غلط في القانون ( 14 نوفمبر سنة 1918 م 31 ص 22 ) ، وبأن إمضاء الورثة على محضر جرد التركة ، وقد ذكر فيه بيع صادر من المورث في مرض الموت لأحد الورثة ، لا يعتبر إجازة لهذا البيع إذا كانت الورثة التي أمضت محضر الجرد تجهل حكم القانون في بيع المريض مرض الموت وانه يتوقف على إجازة الورثة ( 24 فبراير سنة 1897 م 2 ص 171 ) .
( [3] ) ولكن يجوز الطعن في الصلح لغلط في الواقع ، كما إذا صالح الدائن المدين على مبلغ الدين وكان الدافع لهذا الصلح توهم الدائن يسار المدين ( استئناف مختلط في 28 ابريل سنة 1938 م 50 ص 261 ) .
هذا وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادة 122 ما يأتي : " قد المشروع . . . إلى القضاء على كل شك فيما يتعلق بحكم الغلط في القانون . فكثيراً ما يستبعد هذا الغلط من بين أسباب البطلان النسبي استناداً إلى قاعدة افتراض عدم الجهل بالقانون . والواقع أن نطاق هذه القاعدة لا يتناول إلا القوانين المتعلقة بالنظام العام ، وعلى وجه الخصوص ما تعلق منها بالمسائل الجنائية . أما إذا جاوز الأمر هذا النطاق فيكون للغلط في القانون ، متى ثبت أنه جوهري ، شأن الغلط في الوقائع من حيث ترتيب البطلان السنبي ، ما لم يقض القانون بغير ذلك ، كما هي الحال مثلا في عقد الصلح . وقد جرى القضاء المصري على ذلك : أنظر استئناف مختلط في 20 مايو سنة 1915 م 27 ص 344 – 5 فبراير سنة 1918 م 30 ص 204 – 14 نوفمبر سنة 1918 م 31 ص 22 " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 159 ) .
ويلاحظ أن المراد بالغلط في القانون الغلط في القواعد القانونية التي ليست محلا للخلاف ، فهذا هو الذي يحتج به . أما الغلط في المسائل المختلف عليها وترجيح أحد الآراء خطأ فلا اثر له في صحة العقد ( محكمة الاستئناف المختلطة في 23 يناير سنة 1930 م 42 ص 226 – وفي 24 مايو سنة 1934 م 46 ص 302 – وفي 6 مارس سنة 1945 م 57 ص 84 ) . ولكن يشترط أن يكون المسألة قد اختلفت فيها المحاكم فعلا ، فإذا لم تكن عرضت على المحاكم ، فإن الشخص إذا رجح رأياً خطأ منه عد هذا غلطا في القانون ( محكمة الاستئناف المختلطة في 16 يناير سنة 1924 م 36 ص 156 ) . وقد يتفق أن مسألة قانونية يبت فيها القضاء على نحو معين ، ويجرى تعالم الناس على مقتضى الرأي الذي سار عليه القضاء ، ثم يرجع القضاء عن رأيه إلى رأي آخر ، ففي مثل هذه الحالة يجرد اعتبار الغلط في القانون مؤثراً في صحة العقد ( أنظر في تحليل القضاء الفرنسي في هذا الموضوع رسالة الدكتور فهمي نور ص 71 – ص 76 ) .
وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يجوز للاحتجاج على فساد الرضاء التمسك بأنه بني على حصول غلط في القانون إلا إذا كان الغلط قد وقع في حكم منصوص عليه صراحة في القانون أو مجمع عليه من القضاء . فإذا حرر أحد منكوبي حريق حدث بقطار سكة حديد الحكومة إقرارا بأنه تسلم من خزانة المديرية 150 جنيها بصفة إحسان ، وانه ليس له بعد إحسان الحكومة وعطفها هذا أي حق في مطالبتها بشيء ما ، فهذا الإقرار لا يعتبر مشوباً بغلط في القانون . والحكم الذي يعتبره كذلك مستنداً إلى أن المقر كان حين الإقرار يعتقد أن مصلحة السكة الحديد غير مسئولة عن الحادث ، وانه إذن يكون تنازل عما كان يعتقد أنه لا حق له فيه ، هو حكم مخالف للقانون متعين نقضه . وذلك لأن الأمر الذي حتمل أن يصاحب الإقرار كان يجهله هو المسئولية المترتبة على الدولة بسبب الخلل في تنظيم المصالح الحكومية أو سوء إدارتها ، وهذه المسئولية لا يقطع بها في القانون المصري نص صريح فيه أو إجماع من جهة القضاء ، فجهلها إذن لا يشوب الإقرار بالغلط المستوجب لفساد رضاء المقر ، ويتعين إذن أعمال الإقرار واخذ صاحبه به ( نقض مدني في 3 يونيه سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 127 ص 394 ) .
 

ahmed_nagh42

عضو نشط
التسجيل
30 يناير 2013
المشاركات
3,747
الإقامة
الكويت
وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يجوز للاحتجاج على فساد الرضاء التمسك بأنه بني على حصول غلط في القانون إلا إذا كان الغلط قد وقع في حكم منصوص عليه صراحة في القانون أو مجمع عليه من القضاء . فإذا حرر أحد منكوبي حريق حدث بقطار سكة حديد الحكومة إقرارا بأنه تسلم من خزانة المديرية 150 جنيها بصفة إحسان ، وانه ليس له بعد إحسان الحكومة وعطفها هذا أي حق في مطالبتها بشيء ما ، فهذا الإقرار لا يعتبر مشوباً بغلط في القانون . والحكم الذي يعتبره كذلك مستنداً إلى أن المقر كان حين الإقرار يعتقد أن مصلحة السكة الحديد غير مسئولة عن الحادث ، وانه إذن يكون تنازل عما كان يعتقد أنه لا حق له فيه ، هو حكم مخالف للقانون متعين نقضه . وذلك لأن الأمر الذي حتمل أن يصاحب الإقرار كان يجهله هو المسئولية المترتبة على الدولة بسبب الخلل في تنظيم المصالح الحكومية أو سوء إدارتها ، وهذه المسئولية لا يقطع بها في القانون المصري نص صريح فيه أو إجماع من جهة القضاء ، فجهلها إذن لا يشوب الإقرار بالغلط المستوجب لفساد رضاء المقر ، ويتعين إذن أعمال الإقرار واخذ صاحبه به( نقض مدني في 3 يونيه سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 127 ص 394 ) القانون الواقع في شخص المتعاقد أن يهب رجل لمطلقته مالا وهو يعتقد أنه استردها لعصمته جاهلا أن الطلاق الرجعي ينقلب بائناً بانتهاء العدة فلا ترجع إلى عصمته إلا بعقد جديد . ومثل الغلط في القانون الواقع في القيمة أن يبيع وارث حصته في التركة وهو يحسب أنه يرث الربع فإذا به يرث النصف . ومثل الغلط في القانون الواقع في الباعث ما قضت به محكمة الاستئناف المختلطة من أنه إذا اعترف الوارث بحق للغير في التركة معتقداً أن القانون الوطني هو الواجب التطبيق ، ثم تبين بعد ذلك أن القانون الإيطالي هو الذي يطبق ، وأن دعوى الغير ليست صحيحة طبقاً لهذا القانون ، فإن رضاء الوارث يكون مشوباً بغلط في القانون ( [1] ) .

( [1] ) 5 فبراير سنة 1918 م 30 ص 204 – جازيت 8 رقم 193 ص 79 .

( نقض مدني في 3 يونيه سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 127 ص 394 ) .
 
أعلى