أهلية الوجوب

ahmed_nagh42

عضو نشط
التسجيل
30 يناير 2013
المشاركات
3,749
الإقامة
الكويت
أهلية الوجوب : يميز الفقهاء بين أهلية الوجوب ( capacite de jouissance ) وأهلية الأداء ( capacite d'exercice ) .

ويعرف علماء أصول الفقه الإسلامي أهلية الوجوب بأنها صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه . وأهلية الوجوب بهذا التعريف هي في الواقع الشخص ذاته منظوراً إليه من الناحية القانونية . فالشخص ، سواء كان شخصاً طبيعاً أو شخصاً اعتبارياً ، إنما ينظر إليه القانون من ناحية أنه صالح لأن تكون له حقوق وعليه واجبات . فكل إنسان – بعد أن أبطال الرق – شخص قانوني تتوافر فيه أهلية الوجوب . وتثبت له هذه الأهلية من وقت ميلاده ، بل وقبل ذلك من بعض الوجوه عندما يكون جنيناً ، إلى وقت موته ، بل وبعد ذلك إلى حين تصفية تركته وسداد ديونه . وكذلك الشخص الاعتباري شخص قانوني تتوافر فيه أهلية الوجوب ، لأن الشخصية الاعتبارية ليست في الواقع إلا القابلية لامتلاك الحقوق وتحمل الواجبات .
فإذا انعدمت أهلية الوجوب انعدمت الشخصية معها ، وذلك كالجنين يولد ميتاً ، وكالميت بعد سداد ديونه ، وكجماعة من الناس ليست له شخصية معنوية ، وكالشركة بعد أن تصفى ، وكالرقيق في القوانين التي كانت تبيح الرق ، وكمن يحكم عليه بالموت المدني في القوانين التي كانت تبيح ذلك ، وكالراهب في قوانين بعض الطوائف الدينية ( [1] ) .

( [1] ) هذا وقد صدر حكمان متناقضان من محكمة استئناف مصر الوطنية ، أحدهما يعترف بالقوانين المسيحية في الرهبنة ويطبقها على إنها عادة لها قوة القانون ( 25 مارس سنة 1931 المحاماة 12 رقم 364 ص 744 ) ، والحكم الثاني يقضي بعكس ما قضى به الحكم الأول ، فيعتبر قوانين الرهبنة قوانين دينية محضة لا يعترف بها القانون ، وهي مخالفة لقوانين الأهلية التي تعتبر من النظام العام ، وأن مجرد الرهبنة لا ينقل مال الراهب إلى الدير بل لا بلد من اتخاذ الطريق القانونية لذلك كأن توهب للدير أو توقف عليه ( 9 ابريل سنة 1931 المحاماة 12 رقم 365 ص 746 ) .
ثم صدر حكم من محكمة النقض يقضي بأن الرهبنة نظام جار عند بعض الطوائف المسيحية في مصر ، وقد اعترفت به الحكومة المصرية إذ اختصت الرهبان ببعض المزايا فأعفتهم من الخدمة العسكرية ومن الرسوم الجمركية ، والقانون المادة 14 من الأمر العالي الصادر في 14 مايو سنة 1883 بترتيب واختصاصات المجلس المحلى لطائفة الاقباط الارثوذكس قد صرح بأن للرهبنة نظاماً خاصاً يجب احترامه والعمل على نفاذ الأحكام المقررة له . ومن هذه الأحكام أن كل ما يقتنيه الراهب بعد انخراطه في سلك الرهبنة يعتبر ملكا للبيعة التي كرس حياته لخدمتها . ويترتب على ذلك أن الأموال التي تؤول للرهبان عن طريق وظائفهم أو بسببها تصبح ملكاً للبيعة . فالحكم المطعون فيه إذ عد المطران مالكاً لما اشتراه وقت أن كان شاغلاً منصبه الديني لمجرد أن العقود صادرة له شخصياً لا بصفته نائباً عن الكنيسة قد أخطأ في عدم الأخذ بالقواعد الكنسية المحددة للعلاقة المالية بين الرهبان والكنيسة حالة كونها قانون الطرفين ( نقض مدني 24 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 155 ص 431 ) .
والظاهر من هذه الأحكام أنه يجب التمييز بين : ( أولاً ) مايملكه الراهب قبل دخولهف ي الرهينة – وكذلك ما يملكه حتى بعد دخوله الرهينة عن ميراث أو وصية – فهذا يبقى ملكاً خاصاً له يورث عنه لأن شخصية الراهب لا تنعدم بدخوله سلك الرهبنة فإن ذلك مخالف للنظام العام . ( ثانياً ) ما يملكه بعد دخوله في سلك الرهبنة عن غير طريق الميراث أو الوصية ، فهذا يكون ملكا للكنيسة ، لا لأن شخصيته اعدمت ، بل لأنه يعتبر ، طبقاً لقوانين الكنيسة التي تطبق هنا لعدم مخالفتها للنظام العام ، نائباً عن الكنيسة في تملكه هذه الأموال . ويؤيد هذا التمييز ما ورد في كتاب القوانين لابن العسال ( طبعة سنة 1927 ص 315 ) : " ليكن معروفاً ما للأسقف إن كان له شيء ، وليكن معروفاً ما للبيعة ، لكي ما يكون له سلطان على ما كان له ليطيع فيه ربه ما أحب ويورثه لمن أراد . . فأما ما اقتناه بعد الأسقفية فهو للبيعة ، ليس له أن يوصي في شيء منه إلا ما صار إليه من ميراث من والدين أو إخوة أو أعمام " .

منقول
 
أعلى