طبيعة حُكـم المحكمين وأثره، وتسبيبه واصداره

ahmed_nagh42

عضو نشط
التسجيل
30 يناير 2013
المشاركات
3,881
الإقامة
الكويت
طبيعة حُكـم المحكمين وأثره:

من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن التحكيم هو عمل قضائي ذو طبيعة خاصة أساسها أن المحكم لا يستمد ولايته من القانون، كما هو الحال بالنسبة لقضاة المحاكم، وإنما يستمدها من اتفاق الخصوم على تحكيمه، ولذا كان طريقاً استثنائياً لبعض الخصومات، قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات بما يتعين معه تحديد موضوعه في المشارطة والتقيد بهذا التحديد وتفسير إرادة الطرفين في شأنه تفسيراً ضيقاً، وقصره على طرفيه وعلي ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئه التحكيم. وأن مفاد الفقرة الأولى من المادة 182 من قانون المرافعات أن المشرع وأن لم يشأ أن يتضمن حكم المحكم جميع البيانات التي يجب أن يشتمل عليها حكم القاضي إلا أنه أوجب إتباع الأحكام الخاصة بالتحكيم الواردة في الباب الثاني عشر من الكتاب الثاني من قانون المرافعات ومنها حكم المادة 183 التي تُوجب اشتمال الحكم بوجه خاص على صورة من الاتفاق على التحكيم، وقد هدف المشرع من وجوب إثبات هذا البيان بحكم المحكم، التحقق من صدور القرار في حدود سلطة المحكم المستمدة من مشارطة التحكيم رعاية لصالح الخصوم، فهو على هذا النحو بيان لازم وجوهري يترتب على إغفاله عدم تحقيق الغاية التي من أجلها أوجب المشرع إثباته بالحكم بما يؤدي إلى البطلان، ولا يغني عن اشتمال الحكم صورة من الاتفاق على التحكيم أية بيانات أخري خاصة بالنزاع موضوع التحكيم لأن الحكم يجب أن يكون دالاً بذاته عل استكمال شروط صحته دون أن يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية بأي طريق آخر. وكان من المقرر أنه يجوز طلب بطلان حكم المحكم الصادر نهائياً وفقاً لنص المادة 186 من قانون المرافعات إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة حكم التحكيم رقم 23 لسنة 99 أنه جاء خلواً من مشارطة التحكيم المبرمة بين الطاعن والمطعون ضدها، وهو بيان جوهري استهدف المشرع من وجوب إثباته، التحقق من صدور حكم المحكم في حدود سلطته المستمدة من تلك المشارطة ويترتب على إغفاله بطلان الحكم ولا يغير من ذلك اشتمال الحكم على صورة اتفاقية التحكيم لأن ذلك لا يغني عن وجوب اشتماله على مشارطه التحكيم حتى يكون دالاً بذاته على استكمال شروط صحته، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه ببطلان حكم التحكيم لخلوه من مشارطة التحكيم فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي في هذا الشأن على غير أساس وكانت هذه الدعامة التي أقام الحكم عليها قضاءه ببطلان حكم التحكيم، كفايتها وحدها لحمل قضائه فإنه أياً ما كان الرأي الذي يثيره الطاعن من أن الحكم أثبت على لسانه خلافاً للثابت بالأوراق- خلو حكم التحكيم من مشارطة التحكيم- يكون غير منتج بعد أن أورد الحكم بمدوناته اطلاعه على صورة حكم التحكيم وثبوت خلوها من مشارطة التحكيم ويكون النعي في هذا الخصوص غير مقبول.

(الطعنان 332، 338/2000 مدني جلسة 25/3/2002)

يترتب على أن لحكم المحكم بين الخصوم جميع الآثار التي تكون للحكم القضائى، أن تلحقه الحجية ولو لم يكن قد صدر الأمر بتنفيذه، لأن صدور هذا الأمر إنما يُتطلب من أجل التنفيذ لا من أجل قوة الثبوت. لما كان ذلك، وكان الثابت من صورة حكم المحكمين المقدمة من الشركة المطعون ضدها الأولى أنها مذيلة بأمر السيد رئيس المحكمة الكلية التي أودع الحكم إدارة كتابها وأنه أصدر الأمر بعد أن اثبت إطلاعه على حكم التحكيم وعلى البند الخامس من عقد الاتفاق بالتحكيم الموثق في 22/3/1990 وعلى المادة 42 من نظام التوثيق والتحكيم التجاري لغرفة تجارة وصناعة الكويت وعلى المادة 185 من قانون المرافعات بما مؤداه أنه راقب عمل المحكمين قبل تنفيذ حكمهم من حيث التثبت من وجود مشارطة التحكيم وأن الحكم قد راعى الشكل الذي يتطلبه القانون سواء عند الفصل في النزاع أو عند كتابة الحكم، وإذ كانت رقابة رئيس المحكمة الآمر بالتنفيذ لا تتناول -وعلى النحو المتقدم- حق البحث في مدى سلامة الأسباب التي أقيم عليها حكم التحكيم ومدى مطابقته للقانون ذلك أنه لا يعد درجة ثانية من درجات التقاضي، وكان الأمر الصادر بالتنفيذ باعتباره عملاً ولائياً تنطبق في شأنه القواعد الخاصة بالأوامر على العرائض بما لا يلزم معه أن يكون مسبباً. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدع عدم وجود مشارطة تحكيم أو أنه قد شابها البطلان أو أن حكم التحكيم لم يراع فيه الشكل المتطلب قانوناً أو قيام موانع تنفيذه فإن نعيه على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون على غير أساس.

(الطعن 227/2004 تجاري جلسة 8/1/2005)

تسبيبه وإصداره:

من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن صحة تسبيب حكم المحكمين لا يقاس بذات المقاييس التي تقاس بها أحكام القضاء، إذ يكفي لحمل حكم المحكمين على محمل الصحة أن يرد بأسبابه ملخص الوقائع التي استخلصها في المساجلة الدائرة بين الطرفين في النزاع محل التحكيم، وأن يصيب في موقع ما يحكمها من القواعد القانونية، فلا يعيبه إيراده للأسباب بصيغة عامة أو مجملة ما لم يقع في موضوعها مخالفة للقانون. لما كان ذلك، وكان البين من الإطلاع على حكم المحكمين مثار النزاع الصادر بتاريخ 5/11/2001 أنه أورد بأسبابه ملخص لوقائع النزاع ومستندات الخصوم وأوجه دفاعهم ودفوعهم فيه بما يكفي لحمله على محمل الصحة إذ لا تقاس أسبابه بذات المقاييس التي تقاس بها أحكام القضاء، ولا يعيبه أن ترد أسبابه بصيغة عامة أو مجملة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس.

(الطعن 531/2002 تجاري جلسة 8/2/2003)
 
أعلى