السبب الأجنبي في مجال المسئولية التقصيرية (التعويض):
النصوص القانونية:
تنص المادة (233) من القانون المدني الكويتي على أنه:
"إذا اثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي عنه لا يد له فيه، كقوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير، كان غير ملزم بالتعويض، وذلك ما لم يوجد نص يقضى بخلافه".
المذكرة الإيضاحية:
"لا يكفى، لقيام المسئولية عن العمل غير المشروع، أن يقع الخطأ ويحدث الضرر، بل يلزم أن تتوافر رابطة السببية، بأن ينشأ الضرر عن الخطأ، ولذلك تقرر المادة 233 عدم الالتزام بالتعويض إذا كان الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي.
فاذا استطاع المدعى عليه في دعوى المسئولية أن يثبت أنه، برغم وقوع الخطأ منه، الا أن خطأه هذا ليس هو الذى أحدث الضرر، ولم يسهم في إحداثه على نحو معتبر قانوناً، وأن الضرر قد حدث
لسبب أجنبي عنه لا يد له فيه، كقوى قاهرة أو حادث مفاجئ أو فعل المضرور نفسه أو فعل الغير، فإنه يكون بذلك قد أفلح في قطع رابطة السببية بين خطئه وبين الضرر، ولا يكون بالتالي ملتزماً بالتعويض، وذلك ما لم يقض القانون بخلافه".
المادة (243):
1- كل من يتولى حراسة شيء مما يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منه يلتزم بتعويض الضرر الذي يحدثه هذا الشيء، ما لم يثبت أن هذا الضرر قد وقع بسبب أجنبي من قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير.
2- وتعتبر الأشياء التي تتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منها السيارات والطائرات وغيرها من المركبات الأخرى والآلات الميكانيكية والسفن، والأسلحة، والأسلاك والمعدات الكهربائية، والحيوانات، والمباني، وكل شيء آخر يكون، بحسب طبيعته أو بحسب وضعه، مما يعرض للخطر.
3- وتبقى الحراسة على الحيوان ثابتة للحارس، حتى لو ضل الحيوان أو تسرب، وذلك إلى ان يسيطر عليه غيره لحساب نفسه".
المذكرة الإيضاحية:
"يعالج قانون العمل غير المشروع المسئولية عن الحيوان وعن النبات وعن الاشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة كلا منها على حده ويخصها بحكم على استقلال (المواد 16 و 17 و 18 ) متأثرا في ذلك بالقوانين العربية التي اتخذها مصدرا له.
بيد أن المسئولية عن ضرر الحيوان، في القانون المعاصر، تكاد أن تندمج تماماً، في المسئولية عن الضرر الناجم عن الاشياء بوجه عام، حتى باتت التفرقة، في هذا المجال، بين الاشياء الحية والاشياء غير الحية أي الجمادات، غير ذات موضوع.
أما المسئولية عن انهدام البناء، فإن لم يكن الفكر القانوني في مجموعه قد وصل بها الى حد الادماج في المسئولية عن الاشياء بوجه عام، بسبب وجود نصوص تشريعية تخصها بأحكام معينة، فقد ضيق من نطاقها الى حد كبير، ليترك المجال للمسئولية عن الاشياء لتؤدي دورها البالغ في اضفاء الحماية على المتضررين من البناء، بسبب آخر غير انهدامه، وعلى الأخص أولئك الذين ينالهم الضرر في حوادث المصاعد ونحوها. وهو أمر بات يتمثل متجافياً مع المنطق، حيث أن المسئولية عن الضرر الناجم بفعل المصاعد، بل وعن كافة الأضرار الأخرى الناجمة عن البناء في غير ما نشأ منها عن انهياره وانهدامه، أصبحت أشد وقراً من تلك الناجمة عن انهدام البناء ذاته. وإذا كان أصل هذا التجافي مع المنطق يرجع الى نصوص في التشريع، وهى من بعد نصوص عتيقة تجاوزها الزمن، فقد آن له أن يقتلع عن جذوره.
ولقد حرص المشروع على أن يساير آخر ما وصل اليه الفكر القانوني المعاصر، مزيلاً كل العقبات التشريعية التي تقف أمامه. وهذا ما دعاه الى أن يركز المسئولية عن الضرر الناجم بفعل الاشياء كلها في نص واحد، عقارات كانت أم منقولات، حيوانات كانت أم جمادات، بناءات كانت أم غير بناءات، وان اشترط فيها جميعا أن تكون من الأشياء التي يخشى على الناس اذاها، والتي تتطلب لذلك عناية خاصة ممن يتولى أمرها ويسيطر عليها.
فيعرض المشروع في المادة 243، للمسئولية عن الضرر الناجم بفعل الاشياء الخطرة، وهى تلك التي تتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الأذى منها للناس في أرواحهم أو أموالهم.
وهو، في تقريره هذه المسئولية، لا يفرق بين الأشياء حسب طبيعتها من الحركة أو الثبات أو من الحياة أو الموت. فحسب الشيء، لكى تثبت المسئولية عن الضرر الناجم عنه، أن يكون، نتيجة ذات طبيعته أو وضعه، مما يتميز بالخطورة، من حيث أنه يعرض الناس للخطر في أرواحهم أو في أموالهم، وسواء بعد ذلك أن يكون منقولاً أم عقاراً، حياً أم جماداً، بناء أم غير بناء. وإذا كان المشروع قد جاء، في الفقرة الثانية من المادة 243، يخص بالذكر أشياء معينة على اعتبار انها تتسم بالخطورة وتتطلب لذلك عناية خاصة لمنع وقوع الأذى منها، فما ذلك إلا على سبيل التمثيل لا الحصر، مراعاة منه أن هذه الاشياء هى التي تحدث في واقع حياة الناس أكثر ما يلاقونه من صروف الأذى.
وقد ارتأى المشروع أن يركز المسئولية عن الأضرار الناجمة عن الأشياء الخطرة في نص واحد، ليوحد الحكم فيها، دون اعتبار لطبيعتها أو لكيفية وقوع الضرر منها. وهو بهذه المثابة يسوى في الأثر بين الضرر الناجم بفعل الحيوان، وبين الضرر الناجم بفعل الآلات وغيرها من الجمادات، وبين الضرر الواقع بسبب البناء، من جراء سقوطه أو غير ذلك من بقية أخطاره. وقد حذا بالمشروع الى ما فعله ما لاحظه من أن التفريق في الحكم بحسب ما إذا كان الضرر ناجماً بفعل الحيوان أو البناء أو غير ذلك من كافة الأشياء الخطرة الأخرى، لا يرجع الا لاعتبارات تاريخية فقدت اليوم المبرر والمسوغ، الامر الذى دعا الفكر القانوني المعاصر الى أن يعمد الى نبذه.
وقد آثر المشروع أن يساير الفكر القانوني المعاصر، الذى سبق المشرع الكويتي أن التزمه في قانون العمل غير المشروع الحالي، فجعل المسئولية عن الضرر الناجم بفعل الاشياء على حارسها. فالحراسة وليست الملكية، هى مناط المسئولية، وإن كان يفترض في مالك الشيء أنه حارسه، ما لم يقم الدليل على غيره.
والمقصود بالحراسة على الشيء هو السيطرة الفعلية عليه التي تمكن صاحبها من الهيمنة والتسلط عليه لحساب نفسه، بحيث يكون زمامه في يديه، ولو لم تستند الى أساس من القانون، وإنما قامت من حيث الأمر الواقع فحسب.
وتبقى الحراسة على الحيوان ثابتة لمن له السيطرة الفعلية عليه حتى لو ضل أو تسرب، وذلك حتى يتسلط عليه شخص آخر غيره، ويسيطر عليه لحساب نفسه.
وتلزم المسئولية حارس الشيء عن الضرر الناجم عن فعله، ما لم يثبت أنه قد حدث بسبب أجنبي عنه لا يد له فيه، ولم يكن له من سبيل الى تفاديه، من قوة قاهرة، أو حادث مفاجئ أو فعل المضرور أو فعل الغير".
من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن:
"من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 233 من القانون المدني -وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون- أنه إذا استطاع المدعى عليه في دعوى المسئولية أن يثبت أنه برغم وقوع الخطأ منه إلا أن خطأه هذا ليس هو الذي أحدث الضرر ولم يسهم في إحداثه على نحو معتبر قانوناً وأن الضرر قد حدث
لسبب أجنبي عنه لا يد له فيه كقوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو فعل للمضرور نفسه أو فعل الغير فإنه يكون بذلك قد أفلح في قطع رابطة السببية بين خطئه وبين الضرر ولا يكون ملزماً بالتعويض وذلك ما لم يقض القانون بخلافه".
(الطعن بالتمييز رقم 98 لسنة 2003 مدني/2 - جلسة 28/6/2004م)
وأن: "النص في الفقرة الأولى من المادة 243 من القانون المدني على أن "كل من يتولى حراسة شيء مما يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منه، يلتزم بتعويض الضرر الذي يحدثه هذا الشيء، ما لم يثبت أن هذا الضرر قد وقع بسبب أجنبي من قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير"، يدل على أن مسئولية حارس الشيء الذي يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية فقط إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان
بسبب أجنبي، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير، ومتى ثبت أن الضرر وقع نتيجة تدخل الشيء تدخلاً إيجابياً فلا يستطيع حارس هذا الشيء أن يدفع المسئولية عن نفسه بنفي الخطأ، بل ينفي رابطة السببية بين فعل الشيء وبين الضرر، لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن انفجار إطار السيارة المتسببة في الحادث ليس أمراً خارجاً عن السيارة وتكوينها، وهو لذلك ليس من قبيل
السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية بينهما وبين الضرر وبالتالي لا تنتفي به مسئولية حارسها عما أحدثته من ضرر".
(الطعن بالتمييز رقم 351 لسنة 2002 مدني - جلسة 26/5/2003م)
وأن: "النص في الفقرة الأولى من المادة 243 من القانون المدني على أن "كل من يتولى حراسة شيء مما يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منه يلزم بتعويض الضرر الذي يحدثه هذا الشيء ما لم يثبت أن هذا الضرر قد وقع بسبب أجنبي من قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير"، يدل على أن مسئولية حارس الشيء الذي يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منه تقوم على أساس خطأ في الحراسة مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ولا تدرأ هذه المسئولية عن الحارس إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان
بسبب أجنبي، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً أو فعل المضرور أو فعل الغير متى ثبت أن الضرر وقع نتيجة تدخل الشيء تدخلاً إيجابياً في إحداثه فلا يستطيع حارس الشيء أن يدفع المسئولية عن نفسه إلا بنفي رابطة السببية بين فعل الشيء والضرر، ويلزم أن يتوافر في فعل الغير أن يكون غير ممكن توقعه ولا يستطيع دفعه، فإن كان ممكناً توقعه أو تجنب أثره انتفى عنه وصف
السبب الأجنبي ولا تنقطع به علاقة السببية وتبقى مسئولية الحارس قائمة تجاه المضرور، واستخلاص قيام علاقة السببية بين فعل الشيء وبين الضرر أو توافر
السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية بينهما من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله".
(الطعن بالتمييز رقم 880 لسنة 2003 تجاري/3 - جلسة 18/6/2005م)
وأن: "المسئولية المقررة بالمادة 243 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس، وترتفع عنه المسئولية إذا أثبت أن وقوع الضرر كان
بسبب أجنبي لا يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير".
(الطعون بالتمييز أرقام 321 و 362 و 367 لسنة 2006 تجاري/2 - جلسة 29/4/2007م)
وأنه: "من المقرر أن المسئولية المنصوص عليها في المادة 243 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء وهو خطأ في الحراسة لا يقبل إثبات العكس، ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان
بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو حادث فجائي أو خطأ المضرور أو خطأ الغير".
(الطعن بالتمييز رقم 248 لسنة 2008 مدني/3 - جلسة 7/1/2009 م)
وأن: "النص في الفقرة الأولى من المادة 243 من القانون المدني على أن "كل من يتولى حراسة شيء مما يتطلب عناية خاصة لمنع الضرر يلتزم بتعويض الضرر الذي يحدثه الشيء ما لم يثبت أن هذا الضرر قد وقع بسبب أجنبي من قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير"، يدل -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- على أن مسئولية حراسة الشيء الذي يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منه تقوم على أساس خطأ في الحراسة مفترض وقوعه عن حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس، وهذه المسئولية لا تدرأ عن الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ أو أنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية فقط إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان
بسبب أجنبي وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير، ومتى ثبت أن الضرر وقع نتيجة تدخل الشيء تدخلاً إيجابياً في إحداثه فلا يستطيع حارس الشيء أن يدفع المسئولية عن نفسه بنفي الخطأ بل ينفي رابطة السببية بين فعل الشيء والضرر".
(الطعن بالتمييز رقم 348 لسنة 2006 تجاري/2 - جلسة 17/6/2007م)
ملحوظة:
مسئولية حراسة الشيء الذي يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منه، إنما تقوم على أساس "
خطأ" في الحراسة مفترض وقوعه عن حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس. وقيام الحارس بإثبات
السبب الأجنبي ليس لنفي "
الخطأ المفترض الذي لا يقبل إثبات العكس"، وإنما هو لنفي "
علاقة السببية" بين هذا الخطأ الثابت وبين الضرر الذي أصاب المضرور.