*بو عبدالله*
عضو محترف
- التسجيل
- 2 يونيو 2005
- المشاركات
- 2,785
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيــة
قال تعالى { وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ، وهو السميع العليم } العنكبوت: 60
الحديث
أخرج ابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب )
المال ... خير وشر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، وبعد ..
يسمى المال خيراً ، وقد جبل الإنسان على حبه ،
قال تعالى : { وإنه لحب الخير لشديد } العاديات : 8 وقال جل ثناؤه :
( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ) البقرة: 180.
والمال لا يذم لذاته ، بل يمدح إذا كان سبباً للتوصل لمصالح الدنيا والدين :
قال سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى : لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله ، يكف به وجهه عن الناس ، ويصل به رحمه ، ويعطي منه حقه .
فأما كسب المال فإن من اقتصر على كسب ما يبلغه الحياة من حلها فذلك أمر لا بد منه .
وأما من قصد جمعه والاستكثار منه من الحلال فإنه ينظر في مقصوده : فإن قصد المفاخرة والمباهاة فبئس المقصود ، وإن قصد إعفاف نفسه وعائلته ، وادخار المال لحوادث زمانه وزمانهم ، وقصد التوسعة على الإخوان ، وإغناء الفقراء ، وفعل المصالح أثيب على قصده ، وكان جمعه بهذه النية أفضل من كثير من الطاعات .
وقد كانت نيات خلق كثير من الصحابة في جمع المال سليمة لحسن مقاصدهم بجمعه ، فحرصوا عليه وسألوا زيادته.
وكان سعد بن عبادة رضي الله عنه يقول في دعائه: اللهم وسع علي.
وقال شعيب لموسى عليهما السلام : ( فإن أتممت عشرا فمن عندك ) القصص : 27
وهو فتنة كما قال تعالى : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } الأنفال : 28
والمال لا يذم لذاته ؛ بل يقع الذم لمعنى في الآدمي :
إما لشدة حرصه عليه ، أو لتناوله من غير حله ، أو حبسه عن حقه ، أو إخراجه في غير وجهه ، أو المفاخرة به ، قال يحيى بن معاذ : مصيبتان للعبد في ماله عند موته لا تسمع الخلائق بمثلهما ، قيل ما هما ؟ ، قال : يؤخذ منه كله ، ويسأل عنه كله .
الرزق مقسوم قبل أن تولد
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - : ان أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات ، بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد .. متفق عليه.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : إن رزق الله لا يجره إليك حرص حريص ، ولا يرده كراهة كاره .
والرزق ليس بالضرورة مالاً : فالرزق صحة ، والرزق عافية ، والرزق ستر ، والرزق محبة الناس ، و الرزق زوجة صالحة ، والرزق أبناء بررة بآبائهم ،والرزق جار صالح ، والرزق توفيق من الله وتسديد .. إلخ
لماذا لا يستوي الناس في الرزق ؟
سؤال إجابته في قول الله تعالى : { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع } الرعد : 26.
بين الله تعالى أنه الذي يبسط الرزق ويقدره في الدنيا ، لأنها دار امتحان ؛ فبسط الرزق على الكافر لا يدل على كرامته ، والتقتير على بعض المؤمنين لا يدل على إهانتهم . " ويقدر " أي يضيق .
وفيه امتحان أيضاً : قال تعالى : { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ، أتصبرون ؟ } الفرقان : 20 فالصحيح فتنة للمريض ، والغني فتنة للفقير ، والفقير الصابر فتنة للغني . ومعنى هذا أن كل واحد مختبر بصاحبه .
ولكن هناك الأسباب الشرعية التي يجب على المرء أن يسلكها لطلب الرزق ، وهي كثيرة نورد بعضها :
أسباب الرزق وجوالبه
1- الإيمان والعمل الصالح
قال تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون } . الأعراف: 96
وقال تعالى: { من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }. النحل:97
وقال تعالى في وصف دعاء النبي إبراهيم عليه السلام - ودعاء الأنبياء مستجاب - : { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير} .البقرة :126
2- إقامة شرع الله
فإقامة الشرع وتنفيذه والاستقامة عليه بحسب الاستطاعة سبب لجلب الرزق ، قال تعالى : { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون } .المائدة :65-66
ويقول الله تعالى : ( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً ) . الجن :16
3-إحسان العبادة والإخلاص فيها
يقول تعالى في وصف مريم الصديقة عليها السلام : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } . آل عمران :37
قال مجاهد وعكرمة : يعني وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف .
4- الاستغفار
قال تعالى مخبراً عن نوح عليه السلام عندما خاطب قومه : { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } . نوح : 10-12
استسقاء عمر رضي الله عنه بالاستغفار
قال الشعبي : خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ، فأمطروا ، فقالوا : ما رأيناك استسقيت ؟ فقال : لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر ؛ ثم قرأ : ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا . يرسل السماء عليكم مدرارا ) .
و قال تعالى : {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين } هود : 52
5-البر وصلة الأرحام
أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( من سره أن يبسط له في رزقه ، وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه ) .
6- التقوى من أعظم أسباب الرزق
قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ) . الطلاق : 2-3
والتقوى هي ترك المعاصي والحذر منها ؛ كالذي يمشي فوق أرض من الشوك :
خل الذنوب صغيرها وكبيرها فهو التقـــى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لاتحقــرن صغيـرة إن الجبال من الحصى
قال الحسن : ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام .
7- التبكير في طلب الرزق
عنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيّ قالَ : قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم « الّلهُمّ بَارِكْ لأمّتِي في بُكُورِهَا » .
وكانَ إذَا بَعَثَ سَرِيّةً أوْ جَيْشاً ، بَعَثَهُمْ أوّلَ النّهَارِ . وكانَ صَخْرٌ رَجُلاً تَاجِراً ، وكانَ إذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أوّلَ النّهَارِ ، فَأَثْرَى وكَثُرَ مَالُهُ . رواه الترمذي بسند حسن
8- التوكل على الله حق التوكل مع الأخذ بالأسباب والأكل من عمل اليد
قال تعالى : { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور } الملك :15
عن عمر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أنكم تتوكَّلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا - أخرجه البخاري .
وقال : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) الفرقان : 20
قال العلماء : أي يتجرون ويحترفون .
·
وخاطب موسى الكليم صلى الله عليه وسلم : " اضرب بعصاك البحر " الشعراء: 63 وقد كان قادراً على فلق البحر دون ضرب عصا . وكذلك مريم عليها السلام : " وهزي إليك بجذع النخلة" [ مريم: 25 ] وقد كان قادرًا على سقوط الرطب دون هز ولا تعب .
* وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أطيب ما أكل الرجل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ) أخرجه البخاري .
9 -الجهاد في سبيل الله
قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( جعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ). خرجه الترمذي وصححه.
فجعل الله تعالى رزق نبيه صلى الله عليه وسلم في كسبه لفضله ، وخصه بأفضل أنواع الكسب ، وهو أخذ الغلبة والقهر لشرفه وقال : ( أرزاق أمتي في سنابك خيلها ، وأسنة رماحها ) فالغنيمة كلها رزق طيب .
10-الدعاء بالبركة وقضاء الدين
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال : ( يا أبا أمامة :
ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة ؟ قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله . قال :
أفلا أعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك ؟ . قال : قلت : بلى يا رسول الله
قال : قل إذا أصبحت وإذا أمسيت :
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ،وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال . قال : ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي ، وقضى عني ديني .
11- الزواج
قال تعالى في سورة النور. الآية : 32 { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ، والله واسع عليم } .
وقال عمر رضي الله عنه : عجبي ممن لا يطلب الغني في النكاح ، وقد قال الله تعالى: " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة كلهم حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والناكح يريد العفاف ، والمكاتب يريد الأداء ) . أخرجه ابن ماجه في سننه .
12- شكر النعم
يقول تعالى في سورة إبراهيم الآية : 7 { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد }
سائل وتمرة :
* وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه أن سائلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه تمرة ، فقال الرجل سبحان الله !... نبي من الأنبياء يتصدق بتمرة ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثيرة ؟
فأتاه آخر فسأله فأعطاه ، فقال تمرة من نبي ؟
لا تفارقني هذه التمرة ما بقيت ، ولا أزال أرجو بركتها أبدا . فأمر له النبي صلى الله عليه وسلم بمعروف ، وما لبث الرجل أن استغنى .
13- الصدقة و الإنفاق
قال تعالى: { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه } .
وقال صلى اللّه عليه وسلم : " أنفقْ بلالاً ولا تخش من ذي العرش إقلالاً " أخرجه البخاري .
وفي الصحيح أن ملكين ينزلان من السماء صبيحة كل يوم فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفا .
وفي الصحيح : يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، وما لبست فأبليت ، وما تصدقت فأمضيت ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه .
الآيــة
قال تعالى { وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ، وهو السميع العليم } العنكبوت: 60
الحديث
أخرج ابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب )
المال ... خير وشر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، وبعد ..
يسمى المال خيراً ، وقد جبل الإنسان على حبه ،
قال تعالى : { وإنه لحب الخير لشديد } العاديات : 8 وقال جل ثناؤه :
( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ) البقرة: 180.
والمال لا يذم لذاته ، بل يمدح إذا كان سبباً للتوصل لمصالح الدنيا والدين :
قال سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى : لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله ، يكف به وجهه عن الناس ، ويصل به رحمه ، ويعطي منه حقه .
فأما كسب المال فإن من اقتصر على كسب ما يبلغه الحياة من حلها فذلك أمر لا بد منه .
وأما من قصد جمعه والاستكثار منه من الحلال فإنه ينظر في مقصوده : فإن قصد المفاخرة والمباهاة فبئس المقصود ، وإن قصد إعفاف نفسه وعائلته ، وادخار المال لحوادث زمانه وزمانهم ، وقصد التوسعة على الإخوان ، وإغناء الفقراء ، وفعل المصالح أثيب على قصده ، وكان جمعه بهذه النية أفضل من كثير من الطاعات .
وقد كانت نيات خلق كثير من الصحابة في جمع المال سليمة لحسن مقاصدهم بجمعه ، فحرصوا عليه وسألوا زيادته.
وكان سعد بن عبادة رضي الله عنه يقول في دعائه: اللهم وسع علي.
وقال شعيب لموسى عليهما السلام : ( فإن أتممت عشرا فمن عندك ) القصص : 27
وهو فتنة كما قال تعالى : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } الأنفال : 28
والمال لا يذم لذاته ؛ بل يقع الذم لمعنى في الآدمي :
إما لشدة حرصه عليه ، أو لتناوله من غير حله ، أو حبسه عن حقه ، أو إخراجه في غير وجهه ، أو المفاخرة به ، قال يحيى بن معاذ : مصيبتان للعبد في ماله عند موته لا تسمع الخلائق بمثلهما ، قيل ما هما ؟ ، قال : يؤخذ منه كله ، ويسأل عنه كله .
الرزق مقسوم قبل أن تولد
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - : ان أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات ، بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد .. متفق عليه.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : إن رزق الله لا يجره إليك حرص حريص ، ولا يرده كراهة كاره .
والرزق ليس بالضرورة مالاً : فالرزق صحة ، والرزق عافية ، والرزق ستر ، والرزق محبة الناس ، و الرزق زوجة صالحة ، والرزق أبناء بررة بآبائهم ،والرزق جار صالح ، والرزق توفيق من الله وتسديد .. إلخ
لماذا لا يستوي الناس في الرزق ؟
سؤال إجابته في قول الله تعالى : { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع } الرعد : 26.
بين الله تعالى أنه الذي يبسط الرزق ويقدره في الدنيا ، لأنها دار امتحان ؛ فبسط الرزق على الكافر لا يدل على كرامته ، والتقتير على بعض المؤمنين لا يدل على إهانتهم . " ويقدر " أي يضيق .
وفيه امتحان أيضاً : قال تعالى : { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ، أتصبرون ؟ } الفرقان : 20 فالصحيح فتنة للمريض ، والغني فتنة للفقير ، والفقير الصابر فتنة للغني . ومعنى هذا أن كل واحد مختبر بصاحبه .
ولكن هناك الأسباب الشرعية التي يجب على المرء أن يسلكها لطلب الرزق ، وهي كثيرة نورد بعضها :
أسباب الرزق وجوالبه
1- الإيمان والعمل الصالح
قال تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون } . الأعراف: 96
وقال تعالى: { من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }. النحل:97
وقال تعالى في وصف دعاء النبي إبراهيم عليه السلام - ودعاء الأنبياء مستجاب - : { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير} .البقرة :126
2- إقامة شرع الله
فإقامة الشرع وتنفيذه والاستقامة عليه بحسب الاستطاعة سبب لجلب الرزق ، قال تعالى : { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون } .المائدة :65-66
ويقول الله تعالى : ( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً ) . الجن :16
3-إحسان العبادة والإخلاص فيها
يقول تعالى في وصف مريم الصديقة عليها السلام : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } . آل عمران :37
قال مجاهد وعكرمة : يعني وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف .
4- الاستغفار
قال تعالى مخبراً عن نوح عليه السلام عندما خاطب قومه : { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } . نوح : 10-12
استسقاء عمر رضي الله عنه بالاستغفار
قال الشعبي : خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ، فأمطروا ، فقالوا : ما رأيناك استسقيت ؟ فقال : لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر ؛ ثم قرأ : ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا . يرسل السماء عليكم مدرارا ) .
و قال تعالى : {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين } هود : 52
5-البر وصلة الأرحام
أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( من سره أن يبسط له في رزقه ، وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه ) .
6- التقوى من أعظم أسباب الرزق
قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ) . الطلاق : 2-3
والتقوى هي ترك المعاصي والحذر منها ؛ كالذي يمشي فوق أرض من الشوك :
خل الذنوب صغيرها وكبيرها فهو التقـــى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لاتحقــرن صغيـرة إن الجبال من الحصى
قال الحسن : ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام .
7- التبكير في طلب الرزق
عنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيّ قالَ : قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم « الّلهُمّ بَارِكْ لأمّتِي في بُكُورِهَا » .
وكانَ إذَا بَعَثَ سَرِيّةً أوْ جَيْشاً ، بَعَثَهُمْ أوّلَ النّهَارِ . وكانَ صَخْرٌ رَجُلاً تَاجِراً ، وكانَ إذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أوّلَ النّهَارِ ، فَأَثْرَى وكَثُرَ مَالُهُ . رواه الترمذي بسند حسن
8- التوكل على الله حق التوكل مع الأخذ بالأسباب والأكل من عمل اليد
قال تعالى : { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور } الملك :15
عن عمر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أنكم تتوكَّلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا - أخرجه البخاري .
وقال : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) الفرقان : 20
قال العلماء : أي يتجرون ويحترفون .
·
وخاطب موسى الكليم صلى الله عليه وسلم : " اضرب بعصاك البحر " الشعراء: 63 وقد كان قادراً على فلق البحر دون ضرب عصا . وكذلك مريم عليها السلام : " وهزي إليك بجذع النخلة" [ مريم: 25 ] وقد كان قادرًا على سقوط الرطب دون هز ولا تعب .
* وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أطيب ما أكل الرجل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ) أخرجه البخاري .
9 -الجهاد في سبيل الله
قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( جعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ). خرجه الترمذي وصححه.
فجعل الله تعالى رزق نبيه صلى الله عليه وسلم في كسبه لفضله ، وخصه بأفضل أنواع الكسب ، وهو أخذ الغلبة والقهر لشرفه وقال : ( أرزاق أمتي في سنابك خيلها ، وأسنة رماحها ) فالغنيمة كلها رزق طيب .
10-الدعاء بالبركة وقضاء الدين
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال : ( يا أبا أمامة :
ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة ؟ قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله . قال :
أفلا أعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك ؟ . قال : قلت : بلى يا رسول الله
قال : قل إذا أصبحت وإذا أمسيت :
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ،وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال . قال : ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي ، وقضى عني ديني .
11- الزواج
قال تعالى في سورة النور. الآية : 32 { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ، والله واسع عليم } .
وقال عمر رضي الله عنه : عجبي ممن لا يطلب الغني في النكاح ، وقد قال الله تعالى: " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة كلهم حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والناكح يريد العفاف ، والمكاتب يريد الأداء ) . أخرجه ابن ماجه في سننه .
12- شكر النعم
يقول تعالى في سورة إبراهيم الآية : 7 { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد }
سائل وتمرة :
* وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه أن سائلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه تمرة ، فقال الرجل سبحان الله !... نبي من الأنبياء يتصدق بتمرة ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثيرة ؟
فأتاه آخر فسأله فأعطاه ، فقال تمرة من نبي ؟
لا تفارقني هذه التمرة ما بقيت ، ولا أزال أرجو بركتها أبدا . فأمر له النبي صلى الله عليه وسلم بمعروف ، وما لبث الرجل أن استغنى .
13- الصدقة و الإنفاق
قال تعالى: { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه } .
وقال صلى اللّه عليه وسلم : " أنفقْ بلالاً ولا تخش من ذي العرش إقلالاً " أخرجه البخاري .
وفي الصحيح أن ملكين ينزلان من السماء صبيحة كل يوم فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفا .
وفي الصحيح : يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، وما لبست فأبليت ، وما تصدقت فأمضيت ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه .