TKA
عضو نشط
- التسجيل
- 11 سبتمبر 2009
- المشاركات
- 568
***
جريدة الراي - 2 مارس 2015
«محاميها»... حراميها!
كان صغار المساهمين في إحدى الشركات يبحثون عن قشّة للتعلّق بها حين أتى محامٍ فهلوي يلعب بالبيضة والحجر ليعرض عليهم خدماته «لوجه الله»، فجمع توكيلاتهم و«صارخ» باسمهم في الجمعية العمومية، إلى أن أعلن الانتصار والسيطرة على مجلس الإدارة. لكن ما هي إلا أيام قليلة حتى انكشف «المقلب»، وبدا للمساهمين أن «محاميها... حراميها».
انقضى شهر العسل بين صغار المساهمين ومحاميهم سريعاً، انفضت اجتماعات الدواوين وانتهى دور «الصغار»، وصارت الاجتماعات تُعقد في أحد أبراج العاصمة بعيداً عن أنظارهم. ما جرى بعد ذلك لا يعرف أصحاب التوكيلات الكثير من تفاصيله. كل ما يعرفونه أن المحامي «ضبّط أموره» بالرواتب والمكافآت وحصل على الأصل النفيس الذي كانت «عينه عليه»، فيما خسرت الشركة ما تبقّى لها من أصول.
قصّة كهذه صارت شائعة في أوساط صغار المساهمين، الذين أكلت أزمة 2008 معظم مدخراتهم، ولم يبق لهم إلا الفتات، ويبدو أنها ستنتقل إلى ساحات القضاء قريباً، إذ يعمل المتضررون على توكيل محامٍ آخر بالادعاء لاسترجاع حقوقهم من محاميهم السابق الذي بات معروفاً بينهم بلقب «الأخطبوط».
يقول أحد صغار المساهمين وهو يقلّب كفّيه: «اشتريت السهم بين 420 فلساً و460 فلساً قبل الأزمة، وحدث ما حدث وتم شطب الشركة من السوق، ولم يبق لي إلا 5 في المئة من رأسمالي، وحين قيل لي إن المحامي سيسترجع لنا شيئاً من حقوقنا، قلت في نفسي ليس لديّ ما أخسره، فلنجرّب، وأعطيته توكيلي، وكانت النتيجة أنه حتى الفتات لم يسلم من الاعتداء».
مساهمٌ آخر يروي كيف نجحت «مجموعة الأخطبوط» في نسج علاقة مع صغار الملاك مستفيدة من خبرة بعض أعضائها من المحامين، وحصلت على توكيلات مكنتها من السيطرة على شركة متعثّرة معروفة تحت مظلتها 4 شركات تابعة، بأموال الصغار من أن يتكلفوا شيئاً.
يوضح المساهم أن «السيطرة على مجالس إدارات تلك الشركات تمت من خلال عمليات ظاهرها إنقاذ الشركة والمحافظة على ما تبقى من أصولها وإعادة هيكلتها ورد حقوق صغار الملاك وباطنها السيطرة والتلاعب بما يتبقى من أصول أو موجودات في تلك الشركات».
ويشير المساهم إلى أن «ارتيابنا بدأ حين وجدنا أن المحامي وجماعته توزعوا المناصب في الشركة وشركاتها التابعة، وباتوا يحصلون على رواتب مجزية تتراوح بين خمسة آلاف وسبعة آلاف دينار شهرياً لكل منهم، عدا العمولات والمكافآت وعقود الاستشارات والمحاماة، متناسين ما كانوا يقولونه قبل أيام قليلة عن صعوبة أوضاع الشركة وتعهدهم بالحفاظ على حقوق مساهميها».
ويقدّر المساهم إجمالي المبالغ التي تم اختلاسها من خلال الرواتب العالية والعمولات وعقود الاستشارات والمحاماة والحوافز الأخرى بعشرات ملايين الدنانير.
ويقول المساهم: «وصلنا إلى الأسوأ حين بدأنا نكتشف كيف يتم التصرّف بأصول الشركة في الخفاء، ومن دون العودة إلى صغار المساهمين الذين صعد المحامي على ظهر توكيلاتهم». ويضيف: «نملك وثائق دامغة تثبت كيف أنه تحت عنوان إجراء تسويات أو فك تشابك ما بين مجلس إدارة سابق ومجلس إدارة حالٍ بدأ أعضاء المجموعة بقيادة المحامي بتفريغ الشركة مما تبقى فيها من أصول يمكن التعويل لإصلاح حال الشركة، فجرى مثلاً التنازل عن أرض تملك فيها إحدى الشركات التابعة في مصر حصة مؤثرة وقيمتها في دفاتر الشركة نحو 9 ملايين دينار، وتم التنازل عنها لصالح شركة أخرى تابعة مقابل أسهم لا تتجاوز قيمتها 100 ألف دينار».
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. ففي إطار عمليات توزيع المغانم، تنازلت إحدى الشركات التابعة عن حصة في شركة تابعة الى شركة تابعة أخرى بقيمة تقل قليلاً عن المليون دينار في حين أن قيمة تلك الحصة في دفاتر الشركة مقيدة بقيمة نحو 4 ملايين دينار، كما تم التنازل عن حصة اخرى للشركة الأم في شركة تابعة مقابل مبلغ يصل الى نحو 180 ألف دينار فقط في حين أن هذه الحصة مقيدة في دفاتر الشركة بقيمة تفوق المليون دينار، وفق المساهم.
مصادر أخرى من المساهمين تشير إلى أنه «جرى التلاعب أيضاً بحصص وأسهم أخرى بينها استثمارات في أسهم غير مسعرة بملايين الدنانير وبقيت تلك الاسهم خارج ملكية الشركة المباشرة، بالاضافة الى تسجيل استثمارات في دفاتر الشركة مشكوك بأمرها على أنها استثمارات وهمية».
وتشير المصادر إلى أنه «وتحت عنوان فك التشابك ما بين الإدارات السابقة والإدارات الجديدة المتمثلة بالمحامين المشار إليهم عمليات تدليس مماثلة في شركات أخرى، تم خلال دفع عمولات وأموال طائلة تحت الطاولة هنا وهناك لتمريرها».
ماذا يمكن للجهات الرقابية أن تفعل مع «الأخطبوط»؟
يقول المساهمون إنهم بدأوا التحرّك في اتجاه الجهات الرقابية، «لكننا لم نلق السرعة والفاعلية المطلوبتين في وضع اليد على المخالفات».
تؤكد مصادر المساهمين أن «المشكلة تكمن في أننا نتعامل مع (أخطبوط)، وكل الاختلاسات تجري وفق صيغ قانونية لا لبسَ فيها، في شكل تسويات أو فك تشابك، أو من خلال عقود استشارات وعقود محاماة، والأدهى من ذلك أن هناك تواطؤاً صريحاً من قبل موظفين في وزارة التجارة، منهم من يحصل على رواتب من تلك الشركات مقابل تعاونهم وتقديم تسهيلات أو أوراق مزوّرة على أنها سليمة وممهورة بأختام الوزارة لتمرير عقود أو تسويات أو عقد جمعيات عمومية لتمرير قرارات مشبوهة باستغلال التوكيلات، أو لتعطيل جمعية عمومية هدفها إنقاذ ما يمكن إنقاذه».
مصادر في وزارة التجارة أكدت أن «الوزارة تنظر في شكاوى عديدة وردتها من مساهمين في شركات مساهمة، تتحدث عن عمليات تهريب أصول واعتداء على أموال المساهمين، لكن التحقيق فيها لم يكتمل بعد».
مصدر رقابي آخر أقر بأن «تهريب الأصول من الشركات المتعثرة مشكلة كبيرة، ولا بد من الاعتراف بأن الجهات الرقابية لا تملك الكثير من الأدوات لضبطها أو الحد من آثارها، لأن من الصعب التمييز ظاهرياً بين الصفقات الاحتيالية وعمليات التنازل في إطار تسويات مديونية أو ما شابه».
ورأى المصدر أنه «لا بد للجهات الرقابية من وضع ضوابط تحد من استغلال صغار المساهمين، خصوصاً حين يكون محاميهم أقدر الناس على استغلالهم».
***
http://www.alraimedia.com/Articles.aspx?id=568303
جريدة الراي - 2 مارس 2015
«محاميها»... حراميها!
كان صغار المساهمين في إحدى الشركات يبحثون عن قشّة للتعلّق بها حين أتى محامٍ فهلوي يلعب بالبيضة والحجر ليعرض عليهم خدماته «لوجه الله»، فجمع توكيلاتهم و«صارخ» باسمهم في الجمعية العمومية، إلى أن أعلن الانتصار والسيطرة على مجلس الإدارة. لكن ما هي إلا أيام قليلة حتى انكشف «المقلب»، وبدا للمساهمين أن «محاميها... حراميها».
انقضى شهر العسل بين صغار المساهمين ومحاميهم سريعاً، انفضت اجتماعات الدواوين وانتهى دور «الصغار»، وصارت الاجتماعات تُعقد في أحد أبراج العاصمة بعيداً عن أنظارهم. ما جرى بعد ذلك لا يعرف أصحاب التوكيلات الكثير من تفاصيله. كل ما يعرفونه أن المحامي «ضبّط أموره» بالرواتب والمكافآت وحصل على الأصل النفيس الذي كانت «عينه عليه»، فيما خسرت الشركة ما تبقّى لها من أصول.
قصّة كهذه صارت شائعة في أوساط صغار المساهمين، الذين أكلت أزمة 2008 معظم مدخراتهم، ولم يبق لهم إلا الفتات، ويبدو أنها ستنتقل إلى ساحات القضاء قريباً، إذ يعمل المتضررون على توكيل محامٍ آخر بالادعاء لاسترجاع حقوقهم من محاميهم السابق الذي بات معروفاً بينهم بلقب «الأخطبوط».
يقول أحد صغار المساهمين وهو يقلّب كفّيه: «اشتريت السهم بين 420 فلساً و460 فلساً قبل الأزمة، وحدث ما حدث وتم شطب الشركة من السوق، ولم يبق لي إلا 5 في المئة من رأسمالي، وحين قيل لي إن المحامي سيسترجع لنا شيئاً من حقوقنا، قلت في نفسي ليس لديّ ما أخسره، فلنجرّب، وأعطيته توكيلي، وكانت النتيجة أنه حتى الفتات لم يسلم من الاعتداء».
مساهمٌ آخر يروي كيف نجحت «مجموعة الأخطبوط» في نسج علاقة مع صغار الملاك مستفيدة من خبرة بعض أعضائها من المحامين، وحصلت على توكيلات مكنتها من السيطرة على شركة متعثّرة معروفة تحت مظلتها 4 شركات تابعة، بأموال الصغار من أن يتكلفوا شيئاً.
يوضح المساهم أن «السيطرة على مجالس إدارات تلك الشركات تمت من خلال عمليات ظاهرها إنقاذ الشركة والمحافظة على ما تبقى من أصولها وإعادة هيكلتها ورد حقوق صغار الملاك وباطنها السيطرة والتلاعب بما يتبقى من أصول أو موجودات في تلك الشركات».
ويشير المساهم إلى أن «ارتيابنا بدأ حين وجدنا أن المحامي وجماعته توزعوا المناصب في الشركة وشركاتها التابعة، وباتوا يحصلون على رواتب مجزية تتراوح بين خمسة آلاف وسبعة آلاف دينار شهرياً لكل منهم، عدا العمولات والمكافآت وعقود الاستشارات والمحاماة، متناسين ما كانوا يقولونه قبل أيام قليلة عن صعوبة أوضاع الشركة وتعهدهم بالحفاظ على حقوق مساهميها».
ويقدّر المساهم إجمالي المبالغ التي تم اختلاسها من خلال الرواتب العالية والعمولات وعقود الاستشارات والمحاماة والحوافز الأخرى بعشرات ملايين الدنانير.
ويقول المساهم: «وصلنا إلى الأسوأ حين بدأنا نكتشف كيف يتم التصرّف بأصول الشركة في الخفاء، ومن دون العودة إلى صغار المساهمين الذين صعد المحامي على ظهر توكيلاتهم». ويضيف: «نملك وثائق دامغة تثبت كيف أنه تحت عنوان إجراء تسويات أو فك تشابك ما بين مجلس إدارة سابق ومجلس إدارة حالٍ بدأ أعضاء المجموعة بقيادة المحامي بتفريغ الشركة مما تبقى فيها من أصول يمكن التعويل لإصلاح حال الشركة، فجرى مثلاً التنازل عن أرض تملك فيها إحدى الشركات التابعة في مصر حصة مؤثرة وقيمتها في دفاتر الشركة نحو 9 ملايين دينار، وتم التنازل عنها لصالح شركة أخرى تابعة مقابل أسهم لا تتجاوز قيمتها 100 ألف دينار».
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. ففي إطار عمليات توزيع المغانم، تنازلت إحدى الشركات التابعة عن حصة في شركة تابعة الى شركة تابعة أخرى بقيمة تقل قليلاً عن المليون دينار في حين أن قيمة تلك الحصة في دفاتر الشركة مقيدة بقيمة نحو 4 ملايين دينار، كما تم التنازل عن حصة اخرى للشركة الأم في شركة تابعة مقابل مبلغ يصل الى نحو 180 ألف دينار فقط في حين أن هذه الحصة مقيدة في دفاتر الشركة بقيمة تفوق المليون دينار، وفق المساهم.
مصادر أخرى من المساهمين تشير إلى أنه «جرى التلاعب أيضاً بحصص وأسهم أخرى بينها استثمارات في أسهم غير مسعرة بملايين الدنانير وبقيت تلك الاسهم خارج ملكية الشركة المباشرة، بالاضافة الى تسجيل استثمارات في دفاتر الشركة مشكوك بأمرها على أنها استثمارات وهمية».
وتشير المصادر إلى أنه «وتحت عنوان فك التشابك ما بين الإدارات السابقة والإدارات الجديدة المتمثلة بالمحامين المشار إليهم عمليات تدليس مماثلة في شركات أخرى، تم خلال دفع عمولات وأموال طائلة تحت الطاولة هنا وهناك لتمريرها».
ماذا يمكن للجهات الرقابية أن تفعل مع «الأخطبوط»؟
يقول المساهمون إنهم بدأوا التحرّك في اتجاه الجهات الرقابية، «لكننا لم نلق السرعة والفاعلية المطلوبتين في وضع اليد على المخالفات».
تؤكد مصادر المساهمين أن «المشكلة تكمن في أننا نتعامل مع (أخطبوط)، وكل الاختلاسات تجري وفق صيغ قانونية لا لبسَ فيها، في شكل تسويات أو فك تشابك، أو من خلال عقود استشارات وعقود محاماة، والأدهى من ذلك أن هناك تواطؤاً صريحاً من قبل موظفين في وزارة التجارة، منهم من يحصل على رواتب من تلك الشركات مقابل تعاونهم وتقديم تسهيلات أو أوراق مزوّرة على أنها سليمة وممهورة بأختام الوزارة لتمرير عقود أو تسويات أو عقد جمعيات عمومية لتمرير قرارات مشبوهة باستغلال التوكيلات، أو لتعطيل جمعية عمومية هدفها إنقاذ ما يمكن إنقاذه».
مصادر في وزارة التجارة أكدت أن «الوزارة تنظر في شكاوى عديدة وردتها من مساهمين في شركات مساهمة، تتحدث عن عمليات تهريب أصول واعتداء على أموال المساهمين، لكن التحقيق فيها لم يكتمل بعد».
مصدر رقابي آخر أقر بأن «تهريب الأصول من الشركات المتعثرة مشكلة كبيرة، ولا بد من الاعتراف بأن الجهات الرقابية لا تملك الكثير من الأدوات لضبطها أو الحد من آثارها، لأن من الصعب التمييز ظاهرياً بين الصفقات الاحتيالية وعمليات التنازل في إطار تسويات مديونية أو ما شابه».
ورأى المصدر أنه «لا بد للجهات الرقابية من وضع ضوابط تحد من استغلال صغار المساهمين، خصوصاً حين يكون محاميهم أقدر الناس على استغلالهم».
***
http://www.alraimedia.com/Articles.aspx?id=568303