بوعنتر
عضو نشط
- التسجيل
- 30 مارس 2004
- المشاركات
- 891
ديزل
خلال حرب تحرير العراق سنة 2003، برز وزير الإعلام العراقي، آنذاك، محمد سعيد الصحاف كشخصية مميزة وذات طابع كوميدي من خلال تصريحاته اليومية، وقيادته للحرب من الناحية الإعلامية. كان من أبرز ادعاءاته أن الجنود الأميركيين كانوا ينتحرون بالمئات خارج بغداد، والحقيقة أنهم كانوا على بعد مئات الأمتار من موقعه في بغداد، وكانت أصوات إطلاق النار تسمع من خلال البث التلفزيوني نفسه، كما كان آخر ظهور له كوزير إعلام في 8 أبريل 2003، حين صرح بأن الأميركيين هم من سينسحبون أو سيحرقون في دباباتهم.
بعد تطبيق قرار رفع الدعم عن الديزل وتعديل سعره من 55 إلى 170 فلساً لليتر مطلع العام الحالي، ظهرت حاجة الحكومة إلى وزير ذي شخصية مميزة مثل الصحاف. ولأن شخصية الصحاف نادرة، ومن الصعب أن تتكرر في شخص واحد، فقد تم توكيل مهمة إدارة الحرب الإعلامية على أسعار الديزل إلى ثلاثة وزراء دفعة واحدة. فوزير يقول إن رفع الدعم عن الديزل سيوفر على الدولة مليار دولار سنوياً، ثم يقول بعد ذلك إن على أي متضرر أن يذهب إلى قطاع التسويق المحلي في مؤسسة البترول الكويتية بأوراق ثبوتية بعد صدور القرار في 15 أكتوبر الماضي، كي يتسنى توفير الدعم لمصنعه ومنشأته. فكيف سيتم توفير المليار؟ ووزير آخر يقول إن دراسة رفع الدعم عن الديزل استغرقت سنتين، ثم يقول: إنه بعد نزول أسعار النفط تجري دراسة، حالياً، لجعل سعر الديزل 170 فلساً أو السعر العالمي أيهما أقل. هل فترة سنتين لم تكن كافية لدراسة تأثير انخفاض أسعار النفط؟ ثم يصرح الوزير بأن الدعم رفع عن الأفراد. أما الشركات التي توجه إنتاجها للداخل، فستظل تدعم. ألا يعرف الوزير أن العديد من الشركات التي توجه خدماتها للداخل تتعامل مع مقاولين أفراد (نساف للنقل وخلافه مثلاً) وليسوا شركات؟ ثم يضيف وزير آخر: إننا طوّقنا زيادات الأسعار وسنحاسب كل من رفع الأسعار، ولم يذكر أسماء الشركات التي قامت برفع الأسعار، أو لماذا كانت لديها الجرأة على رفع الأسعار ما دام هناك حساب وعقاب حقيقي ينتظرها؟
هناك 120 محطة وقود فقط، أي يمكن حصرها ومراقبتها ودراسة الاستخدام فيها بشكل سهل جداً، وبتكاليف قليلة كذلك. فلا يوجد معنى من تبرير رفع الدعم بسبب عدم القدرة في السيطرة على التهريب، حيث إن رفع الدعم أمر حتمي وضروري لتصحيح وترشيد استهلاكه، وتخفيف الأعباء على ميزانية الدولة، ولكن يجب أن يطبق بشكل تدريجي تصاحبه مراقبة مستمرة للتأثيرات من دون تهويل التوفير الذي ستحصل عليه الدولة أو استخدام أساليب التضليل بدراسة غير مجدية أو غير جادة استمرت سنتين والتي لم تعط حتى انطباعاً معقولاً عن حجم الضرر.
محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي
rammohammad@
خلال حرب تحرير العراق سنة 2003، برز وزير الإعلام العراقي، آنذاك، محمد سعيد الصحاف كشخصية مميزة وذات طابع كوميدي من خلال تصريحاته اليومية، وقيادته للحرب من الناحية الإعلامية. كان من أبرز ادعاءاته أن الجنود الأميركيين كانوا ينتحرون بالمئات خارج بغداد، والحقيقة أنهم كانوا على بعد مئات الأمتار من موقعه في بغداد، وكانت أصوات إطلاق النار تسمع من خلال البث التلفزيوني نفسه، كما كان آخر ظهور له كوزير إعلام في 8 أبريل 2003، حين صرح بأن الأميركيين هم من سينسحبون أو سيحرقون في دباباتهم.
بعد تطبيق قرار رفع الدعم عن الديزل وتعديل سعره من 55 إلى 170 فلساً لليتر مطلع العام الحالي، ظهرت حاجة الحكومة إلى وزير ذي شخصية مميزة مثل الصحاف. ولأن شخصية الصحاف نادرة، ومن الصعب أن تتكرر في شخص واحد، فقد تم توكيل مهمة إدارة الحرب الإعلامية على أسعار الديزل إلى ثلاثة وزراء دفعة واحدة. فوزير يقول إن رفع الدعم عن الديزل سيوفر على الدولة مليار دولار سنوياً، ثم يقول بعد ذلك إن على أي متضرر أن يذهب إلى قطاع التسويق المحلي في مؤسسة البترول الكويتية بأوراق ثبوتية بعد صدور القرار في 15 أكتوبر الماضي، كي يتسنى توفير الدعم لمصنعه ومنشأته. فكيف سيتم توفير المليار؟ ووزير آخر يقول إن دراسة رفع الدعم عن الديزل استغرقت سنتين، ثم يقول: إنه بعد نزول أسعار النفط تجري دراسة، حالياً، لجعل سعر الديزل 170 فلساً أو السعر العالمي أيهما أقل. هل فترة سنتين لم تكن كافية لدراسة تأثير انخفاض أسعار النفط؟ ثم يصرح الوزير بأن الدعم رفع عن الأفراد. أما الشركات التي توجه إنتاجها للداخل، فستظل تدعم. ألا يعرف الوزير أن العديد من الشركات التي توجه خدماتها للداخل تتعامل مع مقاولين أفراد (نساف للنقل وخلافه مثلاً) وليسوا شركات؟ ثم يضيف وزير آخر: إننا طوّقنا زيادات الأسعار وسنحاسب كل من رفع الأسعار، ولم يذكر أسماء الشركات التي قامت برفع الأسعار، أو لماذا كانت لديها الجرأة على رفع الأسعار ما دام هناك حساب وعقاب حقيقي ينتظرها؟
هناك 120 محطة وقود فقط، أي يمكن حصرها ومراقبتها ودراسة الاستخدام فيها بشكل سهل جداً، وبتكاليف قليلة كذلك. فلا يوجد معنى من تبرير رفع الدعم بسبب عدم القدرة في السيطرة على التهريب، حيث إن رفع الدعم أمر حتمي وضروري لتصحيح وترشيد استهلاكه، وتخفيف الأعباء على ميزانية الدولة، ولكن يجب أن يطبق بشكل تدريجي تصاحبه مراقبة مستمرة للتأثيرات من دون تهويل التوفير الذي ستحصل عليه الدولة أو استخدام أساليب التضليل بدراسة غير مجدية أو غير جادة استمرت سنتين والتي لم تعط حتى انطباعاً معقولاً عن حجم الضرر.
محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي
rammohammad@