مال وقانون / ... واقتربت المنصة
الراي -
اقتصاد · 14 ديسمبر 2014
شارك:
| بقلم المحامي الدكتور بدر الملا |
أيام بل ساعات تفصلنا عن استجواب أحد الوزراء المعنيين باقتصاد الكويت، فبعد أن أوفى النائب بوعده بتقديم الاستجواب، واستوفى كل الخطوات الدستورية التي يجب أن تسبق الاستجواب، ارتأى الوزير أن يعتلي المنصة لتفنيد ما ورد في الاستجواب من محاور ومعلومات ومستندات.
وقبل أن نقوم بالتنجيم في ما ستؤول إليه جلسة الثلاثاء المقبل، علينا أن نتطرق إلى بعض الأخطاء التي وقع فيها الوزير خلال هذه المدة، إذ يتمثل الخطأ الأول في قيامه بتزويد النائب المستجوب بمستندات في إجاباته البرلمانية من دون أن يتأكد أنها ستستخدم في إدانته، فضلاً عن أن بعض الإجابات تتضمن إقراراً ضمنياً لمحاور الاستجواب.
أما الخطأ الثاني فتمثل في طلب تأجيل الاستجواب، وهو ما ترتب على إثره استمرار انهيار التعامل في السوق بعدما رأى المتداولون أنه لا توجد بارقة أمل إيجابية مقبلة في الطريق، في ظل استمرار هبوط سعر النفط الذي بسببه ستستمر الحكومة في سياستها في ترشيد الإنفاق، وعدم الضخ في البورصة، ووجود مخاطر تقليل الإنفاق الحكومي على المشاريع.
أما الخطيئة فقد كانت قبول الوزير حضور الاجتماع، الذي تم في مكتب رئيس مجلس الأمة مع بقية الفريق الحكومي حول الأوضاع في البورصة، لربما ومن الوهلة الأولى أظن أنه راهن على أن هذا الاجتماع سيكون بمثابة طوق نجاة من الاستجواب، لكن في ظني أعتقد أن الوزير من خلال قبوله هذا الاجتماع فإنه قد أرسل رسالة لجميع الأعضاء أن محور انهيار التعامل في البورصة أصبح محوراً مستحقاً لا جدال عليه، فلا يستطيع أن ينكر النواب أمام ناخبيهم وجود انهيار التعامل في البورصة.
عموما أيا كانت النتيجة التي ستؤول إليها جلسة الثلاثاء، سواء بتقديم طلب بطرح الثقة من عشرة أعضاء، أو بنجاته من هذا الاستجواب، يبقى على الوزير أن ينتظر إما استجواباً ثانياً باعتبار أن كل وزير بعد نجاته من الاستجواب يصبح صيداً سهلاً، أو بتقديم تنازلات لا تليق بمكانته حتى يظل موجوداً على كرسي الوزارة، وكلا الأمرين مر.
وتدل المؤشرات أنه لن ينصلح السوق بالسرعة المطلوبة، فأسعار النفط لم تصل إلى قاعها، وارتدادات ما حصل من انخفاض سعر النفط ستظهر في الأيام المقبلة، ومن ثم ستظل هذه الأزمة مستمرة خلال الأيام المقبلة.
طبعا عندما ذكرنا موضوع استمرار انخفاض سعر النفط، فلا نقصد بذلك أن هبوط سعر النفط هو الذي أدى إلى انهيار التعامل في البورصة، فالانهيار مسبباته واضحة للأعمى وبألوان قوس قزح منذ بداية السنة عندما كان سعر البرميل يعلو 100 دولار، إذ تمثل في أداء سيىء تزامن مع رقابة سيئة من الوزير على الجهات الخاضعة له، فضلاً عن تأخير الأدوات التي ستساعد في حل مشكلة السوق كصانع السوق، بالإضافة إلى التعديلات على قانون أسواق المال التي كانت فاتورة تأخيرها وقوف الوزير على منصة الاستجواب.
لذلك لا يخلو تصريح من الوزير هذه الأيام من التأكيد على سرعة البت في التعديلات، ولم تتبق وسيلة إعلامية لم يذكر لها رغبته في إنهاء موضوع التعديلات إلا إذاعة مونت كارلو.
باختصار، انخفاض النفط لم يؤد إلى انهيار التعامل، بل كشف عورة تراخي إصلاح الاختلالات الاقتصادية، وكشف قصر النظر الحكومي، فلا تجعلوا من هذا الانخفاض شماعة لتبرير أخطاء الماضي .