jarrah_aam
عضو مميز
- التسجيل
- 3 نوفمبر 2005
- المشاركات
- 5,278
انخفض لترتفع
تفكرت مليا في هذه الجملة , فكيف يكون الانخفاض سبيلا للارتفاع ؟
وكيف لمن جبل على حب الارتفاع ان ينخفض ؟
معادلة عجيبة غريبة , لكنها لازمة لمن اراد الرفعة الحقيقة .
من اراد الرفعة في يوم لا ينفع فيه الندم , كان عليه ان ينخفض في هذه الدنيا .
يقول الله جل وعلى في سورة الواقعة " خافضة رافعة " , اي كما قال المفسرون هي خافضة أقواما في دركات النار ، رافعة أقواما إلى الدرجات العلى إلى الجنة , وقالوا ايضا هي خافضة أقواما كانوا مرتفعين في الدنيا , رافعة أقواما كانوا منخفضين في الدنيا .
اذا كيف انخفض في الدنيا حتى ارتفع في الاخرة ؟
احد اهم مظاهر هذا الانخفاض يكمن في كثرة السجود , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء " , أي أقرب حالاته من الرحمة حال كونه ساجدا , وإنما كان في السجود أقرب من سائر أحوال الصلاة وغيرها , لأن العبد بقدر ما يبعد عن نفسه يقرب من ربه , والسجود غاية التواضع وترك التكبر وكسر النفس لأنها لا تأمر الرجل بالمذلة ولا ترضى بها ولا بالتواضع بل بخلاف ذلك , فإذا سجد فقد خالف نفسه وبعد عنها فإذا بعد عنها قرب من ربه ، لأن السيد يحب عبده الذي يطيعه ويتواضع له ويقبل منه ما يقوله وما يسأله .
انخفض لترتفع
ومن الخفض المهم في الدنيا والذي يرفع قدر الانسان في اخرته , خفضه جناح الذل لوالديه , قال تعالى في سورة الاسراء " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ( 23 ) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ( 24) "
فأمر الله سبحانه في هذه الايات بعبادته , وببر الوالدين مقرونا بعبادته , كما قرن شكرهما بشكره .
ثم خص سبحانه مرحلة الكبر , لأنها بطول المدى توجب الاستثقال عادة , ويحصل الملل , ويكثر الضجر , فيظهر غضبه على أبويه ، وأقل المكروه أن يؤفف لهما ; وهو ما يظهره بتنفسه المردد من الضجر .
ويأتي الامر بخفض الجناح , اي تذلل لهما تذليل الرعية للأمير ، والعبيد للسادة ; وضرب خفض الجناح ونصبه مثلا لجناح الطائر حين ينتصب بجناحه لولده أو لغيرهم من شدة الإقبال .
ولا يكتمل ذلك الا بالدعاء لهما بالرحمة , ويكون ذلك لهما في حياتهما وبعد مماتهما بأن يكون البارئ يرحمهما كما رحماك ، وترفق بهما كما رفقا بك ; فإن الله هو الذي يجزي الوالد عن الولد ; إذ لا يستطيع الولد كفاء على نعمة والده أبدا .
انخفض لترتفع
انخفض لاولادك , ولا تظن ان ذلك ينقص من قدرك او من شانك , فقد ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده رجل اسمه الأقرع بن حابس رضي الله عنه، وكان شديداً -يعني: مجبولاً على الشدة والقسوة، فرأى الأقرع بن حابس النبي عليه الصلاة والسلام يقبل الحسن و الحسين ، فقال: تقبلون أولادكم؟ والله إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت أحداً منهم، فغضب النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: وما أملك لك إن نزعت الرحمة من قلبك؟!.
وجاء في الحديث ايضا بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه و هو ساجد ، فأطال السجود بين الناس حتى ظنوا أنّه قد حدث أمر فلما قضى صلاته ، سألوه عن ذلك ، فقال عليه الصلاة و السلام : (إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) .
ذاك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وليس في داره .
ولقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ولده، فأمر عمر بإحضار الولد، وأنّبَ عمر الولد لعقوقه لأبيه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟! قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب ـ أي:القرآن ـ، قال الولد: يا أمير المؤمنين، إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك؛ أما أمي فإنها عبدة ، وقد سماني جعلا، ولم يعلمني من الكتاب حرفا واحدا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته من قبل أن يعقَّك، وأسأت إليه من قبل أن يسيء إليك.
قال احدهم ناصحا : اولادنا هم ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة وبهم نصول إلى كل جليلة ، فإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم ، ويحبّوك جهدهم ، ولا تكن عليهم ثقيلاً فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك ويملوا حياتك.
يقول الشاعر :
ولدي وأنت على الزمان * * * لي السراج النير
لك من حناني ما يضيق* * * الوصف عنه ويقصر
ولدي وهل شيء اعز * * * علي منك وأكثر
يصفو الزمان إذ ابتسمت* * * بناظري ويثمر
وإذا شكوت فكل ما * * * حولي جديب مقفر
رزقنا الله واياكم قربه , وقرب عمل يؤدي الى قربه , ورزقنا بر ابائنا كما امرنا سبحانه , ورزقنا بر ابنائنا في حياتنا وبعد مماتنا . اللهم امين
تفكرت مليا في هذه الجملة , فكيف يكون الانخفاض سبيلا للارتفاع ؟
وكيف لمن جبل على حب الارتفاع ان ينخفض ؟
معادلة عجيبة غريبة , لكنها لازمة لمن اراد الرفعة الحقيقة .
من اراد الرفعة في يوم لا ينفع فيه الندم , كان عليه ان ينخفض في هذه الدنيا .
يقول الله جل وعلى في سورة الواقعة " خافضة رافعة " , اي كما قال المفسرون هي خافضة أقواما في دركات النار ، رافعة أقواما إلى الدرجات العلى إلى الجنة , وقالوا ايضا هي خافضة أقواما كانوا مرتفعين في الدنيا , رافعة أقواما كانوا منخفضين في الدنيا .
اذا كيف انخفض في الدنيا حتى ارتفع في الاخرة ؟
احد اهم مظاهر هذا الانخفاض يكمن في كثرة السجود , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء " , أي أقرب حالاته من الرحمة حال كونه ساجدا , وإنما كان في السجود أقرب من سائر أحوال الصلاة وغيرها , لأن العبد بقدر ما يبعد عن نفسه يقرب من ربه , والسجود غاية التواضع وترك التكبر وكسر النفس لأنها لا تأمر الرجل بالمذلة ولا ترضى بها ولا بالتواضع بل بخلاف ذلك , فإذا سجد فقد خالف نفسه وبعد عنها فإذا بعد عنها قرب من ربه ، لأن السيد يحب عبده الذي يطيعه ويتواضع له ويقبل منه ما يقوله وما يسأله .
انخفض لترتفع
ومن الخفض المهم في الدنيا والذي يرفع قدر الانسان في اخرته , خفضه جناح الذل لوالديه , قال تعالى في سورة الاسراء " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ( 23 ) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ( 24) "
فأمر الله سبحانه في هذه الايات بعبادته , وببر الوالدين مقرونا بعبادته , كما قرن شكرهما بشكره .
ثم خص سبحانه مرحلة الكبر , لأنها بطول المدى توجب الاستثقال عادة , ويحصل الملل , ويكثر الضجر , فيظهر غضبه على أبويه ، وأقل المكروه أن يؤفف لهما ; وهو ما يظهره بتنفسه المردد من الضجر .
ويأتي الامر بخفض الجناح , اي تذلل لهما تذليل الرعية للأمير ، والعبيد للسادة ; وضرب خفض الجناح ونصبه مثلا لجناح الطائر حين ينتصب بجناحه لولده أو لغيرهم من شدة الإقبال .
ولا يكتمل ذلك الا بالدعاء لهما بالرحمة , ويكون ذلك لهما في حياتهما وبعد مماتهما بأن يكون البارئ يرحمهما كما رحماك ، وترفق بهما كما رفقا بك ; فإن الله هو الذي يجزي الوالد عن الولد ; إذ لا يستطيع الولد كفاء على نعمة والده أبدا .
انخفض لترتفع
انخفض لاولادك , ولا تظن ان ذلك ينقص من قدرك او من شانك , فقد ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده رجل اسمه الأقرع بن حابس رضي الله عنه، وكان شديداً -يعني: مجبولاً على الشدة والقسوة، فرأى الأقرع بن حابس النبي عليه الصلاة والسلام يقبل الحسن و الحسين ، فقال: تقبلون أولادكم؟ والله إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت أحداً منهم، فغضب النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: وما أملك لك إن نزعت الرحمة من قلبك؟!.
وجاء في الحديث ايضا بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه و هو ساجد ، فأطال السجود بين الناس حتى ظنوا أنّه قد حدث أمر فلما قضى صلاته ، سألوه عن ذلك ، فقال عليه الصلاة و السلام : (إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) .
ذاك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وليس في داره .
ولقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ولده، فأمر عمر بإحضار الولد، وأنّبَ عمر الولد لعقوقه لأبيه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟! قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب ـ أي:القرآن ـ، قال الولد: يا أمير المؤمنين، إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك؛ أما أمي فإنها عبدة ، وقد سماني جعلا، ولم يعلمني من الكتاب حرفا واحدا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته من قبل أن يعقَّك، وأسأت إليه من قبل أن يسيء إليك.
قال احدهم ناصحا : اولادنا هم ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة وبهم نصول إلى كل جليلة ، فإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم ، ويحبّوك جهدهم ، ولا تكن عليهم ثقيلاً فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك ويملوا حياتك.
يقول الشاعر :
ولدي وأنت على الزمان * * * لي السراج النير
لك من حناني ما يضيق* * * الوصف عنه ويقصر
ولدي وهل شيء اعز * * * علي منك وأكثر
يصفو الزمان إذ ابتسمت* * * بناظري ويثمر
وإذا شكوت فكل ما * * * حولي جديب مقفر
رزقنا الله واياكم قربه , وقرب عمل يؤدي الى قربه , ورزقنا بر ابائنا كما امرنا سبحانه , ورزقنا بر ابنائنا في حياتنا وبعد مماتنا . اللهم امين