لتغطية عجز السلطة التنفيذية من محاسبته إجرائياً أو لائحياً
«الجمان»: تعديل مدة عمل المفوضين في «أسواق المال» هدفه التخلص من صالح الفلاح
الثلاثاء 1 يوليو 2014 - الأنباء
أضـف تعليقك
:حجم الخط
قال تقرير مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية بشأن تعديل قانون هيئة أسواق المال بما يتعلق بمدة عمل المفوضين إن مجلس الأمة ادخل مؤخرا تعديلا على قانون هيئة أسواق المال بما يتعلق بمدة عمل المفوضين، وقد قصرها من 5 الى 4 سنوات تنتهي في سبتمبر القادم 2014، أي خلال شهرين تقريبا.
وقد جاء ذلك التعديل على أثر صراع عنيف ما بين هيئة أسواق المال من جهة، وعدة أطراف من جهة أخرى، منهم بعض اعضاء مجلس الأمة، وذلك بما يتعلق بعدة ملفات ليس المجال هنا لاستعراضها، ومنها، الجدل الحاد والمستمر بشأن شخص رئيس الهيئة في كل منصب يتولاه منذ أكثر من عقد من الزمان.
ونكاد نجزم بأن السبب الرئيسي لتقصير مدة فترة المفوضين هو إقالة أو التخلص من شخص رئيس هيئة المفوضين صالح الفلاح بموجب تشريع قانوني لتغطية عجز السلطة التنفيذية التام في محاسبته إجرائيا أو لائحيا في حال ثبوت تقصيره.
ولن نخوض في التفاصيل حول الجدل الخاص بشخص رئيس هيئة أسواق المال، لكن تعديل قانون هيئة اسواق المال على النحو الذي تم فيه كان للأسف على الطريقة الكويتية الخاطئة 100%، أي أن يتم تشريع القوانين أو «تفصيلها» لصالح أو ضد شخص أو أشخاص معينين، وليس للمصلحة العامة، أي انها تفتقر لأبسط القواعد القانونية بأن تكون التشريعات بناء على قواعد عامة ومجردة.
وقد دعا إلى العبث في قانون هيئة أسواق المال بتقصير مدة ولاية مفوضي هيئة اسواق المال عجز السلطة التنفيذية في الدفاع عن رئيس هيئة اسواق المال ان كان محقا، أو بعزلة ان كان مخطئا، ولا شك بأن لهذا الإجراء مثالب جوهرية وسلبيات استراتيجية بعيدة المدى، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 ـ ازدياد صعوبة توافر مفوضين جدد لهيئة أسواق المال: حيث إنه من المعروض الفترة الطويلة التي يتطلبها البحث عن مفوض لهيئة اسواق المال نظرا للمؤهلات والخبرات المفترض توافرها بهم تبعا للمسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقهم، ناهيك عن شرط التفرغ الكامل، وهو ما يندر توفره في العديد من المرشحين لهذا المنصب، وقد مررنا في هذه التجربة بشكل واضح وطويل إبان البحث عن مفوضين بعد صدور القانون عام 2010، حيث اعتذر العديد من المشرحين عن شغل تلك المناصب، خاصة منصب رئيس الهيئة، حيث نتوقع أنه من شأن تقصير المدة من 5 إلى 4 سنوات أن يجعل من الصعب جدا توافر مرشح مستعدا للتضحية بمصالحه من أجل التفرغ الكامل لوظيفة فترتها قصيرة نسبيا.
2 ـ إرباك العمل في هيئة الأسواق: من المعلوم أن هيئة اسواق المال هي مؤسسة ناشئة نسبيا، حيث تأسست بموجب قانون تم إصداره منذ أربعة سنوات فقط، أي في عام 2010، وقد تعرقل تطبيقه لفترة طويلة لعدة أسباب، كما يحتاج العمل في هيئة الأسواق إلى حد ادنى من الاستقرار خاصة في القيادات العليا لمدة 5 سنوات على الأقل، وذلك نظرا للملفات الجسيمة التي تتولاها والقضايا الحساسة التي تنظرها، ناهيك عن أهمية وعمق وتفصيل القضايا المناطة بها، وأيضا للتعقيد والتشابك مع المؤسسات الأخرى ذات العلاقة، مثل إدارة البورصة ووزارة التجارة والبنك المركزي...إلخ.
3 ـ تكريس ظاهرة التشريعات المبنية على ردود الأفعال: ولا شك أن هذا الموضوع خطير جدا للبنية التشريعية الكويتي، وذلك بتحويل تشريعات استراتيجية إلى «تكتيكية» وقصيرة المدى ومعيبة عمليا، وربما قانونيا ودستوريا أيضا، والذي سيربك وربما يشل تدفق النشاط في الدولة، خاصة بما يتعلق بالشأن الاقتصادي، وأحد محاور الحساسة نطاق عمل واختصاص هيئة أسواق المال.
4 ـ خلط السياسة بالاقتصاد: لا شك أن تمرير التعديل المعيب لقانون هيئة أسواق المال في مجلس الأمة ـ الذي يعتبر مواليا للحكومة ـ هو لترضية النواب ولصفقات سياسية معروفة، وللأسف جاء ضد المصلحة العامة وضد مصلحة الاقتصاد تحديدا، وهو تكريس لمنهج تبادل المصالح الخاصة وخلط للسياسة بالاقتصاد، مما يعتبر مضرا للغاية بمستقبل البلد الاقتصادي والسياسي ايضا.
ونود التذكير في هذا المقام بوجهة نظرنا القائلة بضرورة تعديل بعض قانون هيئة اسواق المال بعد تجربته وتطبيقه لنحو أربعة أعوام، ومثال ذلك المادة 122 الخاصة بشبهات التداول، وكذلك بعض المواد والفقرات الخاصة بلائحته التنفيذية، إلا أن التعديل «الشخصاني» أو لمعالجة موضوع شخصي والمتمثل بتقصير مدة مفوضي الهيئة من جانب مجلس الأمة وبمباركة حكومية جاءت لتؤكد المنزلق الخطير الذي نسير فيه، والمتمثل في تكريس مفهوم الدولة المؤقتة ودولة المصالح الخاصة، علما بأن التعديل المعيب على قانون هيئة اسواق المال هو مثال بسيط جدا لما يحدث من تخريب في هذا البلد في العديد من الاتجاهات.