منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أعتاب مرحلة جديدة من النمو

Arabeya Online

عضو نشط
التسجيل
24 مايو 2012
المشاركات
6,504
بالرغم من موجات التقلب التي شهدتها الأسواق المالية العالمية على مدار السنوات الثلاث المنصرمة، تمكنت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تجاوز هذه المرحلة وتسجيل نمو ملموس خلال عام 2012. ووفقاً لتقرير "إستراتيجية الاستثمار 2013" الصادر عن شركة الماسة كابيتال، فقد سجلت المنطقة نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بواقع 5,3%، الأمر الذي يعتبر مؤشراً إيجابياً في ظل أزمة الديون التي تشهدها منطقة اليورو، وتراجع النشاط الاقتصادي الصيني، وتفاقم حدة الركود المالي في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المتوقع أن يشهد عام 2013، ارتفاعاً ملحوظاً في معدل النمو للعديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث سيتم تخصيص مبالغ ضخمة للإنفاق العام مقارنةً بعام 2012. وتصدرت السعودية وقطر وعمان المشهد الاقتصادي المتعافي رغم المساعدات التي تم تقديمها عبر تدخل البنوك المركزية لرسم سياسات نقدية جريئة ومواتية. وارتكز أداء السوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام الماضي على مجموعة من الجوانب المحفزة ومن أبرزها تطور قطاع الاتصالات، وانتعاش الشركات الاستثمارية، وتحسن الحالة العامة للعديد من الشركات العقارية التي شهدت ركوداً لبعض الوقت، وتعزيز الاهتمام بقطاعات الزراعة والأغذية والمشروبات، والالتزام الراسخ بزيادة كمية مواد البناء المخزنة. كما عكست توجهات السوق النظرة الإيجابية التي أبداها مديرو الصناديق تجاه سوق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الأمر الذي تعزز إلى حد كبير مع إعلان معظم الدول الخليجية مؤخراً عن زيادة المبالغ المخصصة للإنفاق العام ضمن ميزانيتها السنوية. ولم يكن ذلك مجرد إظهار للثقة فحسب، بل جاء مدعوماً بآليات حكومية أكثر سرعةً وفاعلية. فقد أعلنت السعودية على سبيل المثال عن أكبر ميزانية عامة في تاريخها لعام 2013 والتي بلغت 219 مليار دولار أمريكي، أي ما يمثل نسبة زيادة تقدر بنحو 20% مقارنةً بالعام الفائت. كما أقرت حكومة دبي ميزانيتها العامة لعام 2013 بقيمة 34 مليار درهم إماراتي، وبنسبة زيادة قدرها 8% عن السنة الماضية. فيما خصصت الميزانية العامة لسلطنة عمان مبلغ 33,5 مليار دولار أمريكي للإنفاق العام بنسبة زيادة قدرها 30% عن العام الفائت. ولا تعكس هذه الأرقام مصداقية حكومات هذه الدول فحسب، بل تؤكد أيضاً على تعافي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تداعيات الأزمة المالية العالمية وبلوغها أعتاب مرحلة جديدة من النمو. وتواصل دول مجلس التعاون الخليجي تحقيق فوائض ضخمة بفضل ارتفاع أسعار الطاقة، ومتابعة خططها التوسعية في مجال البنية التحتية المادية والبشرية، وزيادة وتيرة النمو بخطى متسارعة، الأمر الذي من المتوقع أن ينعكس إيجاباً على أرباح الشركات. ويرى المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "الماسة كابيتال" شاليش داش، أن بعض القطاعات ستشهد تحسناً كبيراً في أدائها مع تحقيق مزيد من العائدات المالية. ووفقاً لتقرير "إستراتيجية الاستثمار 2013"، سجلت أسواق السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقياً بدورها أداءً جيداً خلال عام 2012؛ حيث حققت السندات التقليدية في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً بنسبة 14,1% وفقاً لمؤشر "إتش إس بي سي/ ناسداك دبي" لصكوك الدولار الأميركي، في حين سجّلت السندات الخليجية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية نمواً بنسبة 10,4% خلال هذه الفترة، الأمر الذي يبشر بتحقيق نتائج إيجابية خلال العام المقبل. ويجمع المحللون على انتعاش السوق العقارية بصورة ملحوظة، وهذا ما يعتبر مؤشراً رئيسياً على تحسن الأمور بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة. ويشير تقرير "الماسة كابيتال" إلى أن السوق العقارية في قطر تعد الأفضل نسبياً ضمن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى؛ فقد استعادت عقارات المكاتب والبيع بالتجزئة فرصها الجيدة للنمو بعد أن عانت فائضاً في مستوى العرض في عام 2011. أما فيما يتعلق بالعقارات السكنية، فقد شهدت منتصف العام زيادةً في مستوى الإقبال على استئجار عقارات الشريحة المتوسطة، كما شكّل إقرار السعودية لقانون الرهن العقاري في يوليو 2012 نقطة تحول رئيسية سنشهد نتائجها الإيجابية الآن. وتشهد أسواق العقارات في الإمارات العربية المتحدة (دبي)، وقطر (الدوحة)، والمملكة العربية السعودية (الرياض) أجواءً توحي بالتفاؤل؛ حيث سجل مستوى الطلب على الفلل في دبي زيادةً مستمرة حتى الآن، بينما حافظ قطاع الضيافة بدبي على أدائه القوي خلال هذا العام مع ارتفاع معدلات الإشغال اليومي. وينظر تقرير "إستراتيجية الاستثمار 2013" إلى العام القادم بنظرة ملؤها التفاؤل الحذر، حيث يسلّط التقرير الضوء على إمكانية تحقيق دورة نمو جديدة يكون لها تأثير مباشر على فئات أصول محددة. ورغم استمرار التهديدات المحيطة مثل أزمة اليورو وتباطؤ الاقتصاد الصيني، غير إن الأسواق الإقليمية لا تزال أفضل جاهزيةً من غيرها للمضي قدماً ما لم يحصل أي حدث مفاجئ آخر.

 
أعلى