جزاك الله خير يا جواهر
"فلنحيينه حياة طيبة"
د. صلاح الخالدي
هذه جملة حكيمة من آية كريمة، هي قول الله عز وجل: {
من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن، فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (النحل:97).
تدل الآية الناس على طريق الحصول على الحياة الطيبة، وتدعوهم إلى سلوك الطريق لنيل المراد.
ومن المعلوم أن كل إنسان يحب أن يعيش حياته في سعادة، آمناً منعماً، سعيداً مسروراً، بعيداً عن الشقاء والتعاسة والخسارة! لكن كثيراً من الناس لا يحققون هذه الرغبة، ويخطئون في اختيار الطريق، وينالون الخسارة والتعاسة والضياع في النهاية!
ليست الحياة الطيبة في التنافس على متاع الحياة الدنيا وشهواتها، ولا في الفوز بأكبر كمية ممكنة منها، ليست في جمع الأموال والممتلكات والعقارات، ولا في الإكثار من الزينة والزخارف، ولا في الحصول على أعلى المراكز والوظائف، والترقي في الرتب والدرجات، ولا في الاستمتاع بالشهوات عند النساء والغناء، ولا في النجاح في الأعمال والمشاريع، وتحقيق الأرباح والمكاسب، ولا في الإكثار من الطعام والشراب.
الحلال المباح من تلك الأشياء طيب وجيد، ولا مانع للمسلم أن يأخذه ويمارسه ويستفيد منه، لأنه ضروري له لحياته على الأرض، لكن الحصول عليه ليس دليلاً على تحقيق السعادة، وتأمين الحياة الطيبة.
للحياة الطيبة طريق غير هذه الطريق، تدلنا الآية عليه، وتدعونا إلى السير فيه، ولا مانع أثناء السير من الاستمتاع ببعض المباحات المادية والمعنوية، بدون إسراف أو تبذير .إن الأعمال الصالحة هي التي يحبها الإسلام ويبيحها، ويدعو المسلمين إلى ممارستها والقيام بها، وهي كثيرة متشعبة، تشمل كافة جوانب الحياة، من شعائر تعبدية، وأعمال يومية، أقوال وأفعال، وتصرفات وممارسات، وتحركات ونشاطات، وأفكار وتصورات..
وتقدم الآية الكريمة وعداً ربانياً قاطعاً لكل إنسان عمل صالحاً، سواء كان ذكراً أو انثى، رجلاً أو امرأة، بأن يحييه الله حياة طيبة، لكن بشرط أن يكون مؤمناً مسلماً، دخل في الإسلام، واتبع محمداً صلى الله عليه وسلم.
وتعمم الآية الوعد للرجال والنساء: «من ذكر أو أنثى»، وهذا تكريم إلهي إسلامي للمرأة المسلمة الصالحة، متقدم في الزمن، وسابق على كل مظاهر التكريم لها عند غير المسلمين.. وكثيرة هي النصوص الإسلامية من آيات وأحاديث تكرم المرأة الصالحة، وتعلي من منزلتها عند الله، بشرط صلاحها واستقامتها!
وتقدم هذه الجملة «من ذكر أو أنثى» هدية للذين ينعقون متهمين الإسلام بظلمه للمرأة، واحتقارها وتعطيل دورها في الحياة، ويمدحون النظرة الغربية التي تكرم المرأة -في نظرهم- وتطلق لها حريتها!!
إن الأعمال الصالحة هي التي يحبها الإسلام ويبيحها، ويدعو المسلمين إلى ممارستها والقيام بها، وهي كثيرة متشعبة، تشمل كافة جوانب الحياة، من شعائر تعبدية، وأعمال يومية، أقوال وأفعال، وتصرفات وممارسات، وتحركات ونشاطات، وأفكار وتصورات.. وبإمكان المسلم أن يجعل كل هذه الأعمال عبادة، بأن يتقرب بها إلى الله، ويمارسها ويؤديها على أساس شرع الله، يبتغي بها الأجر من الله