جنون البقر انتقل إلى العقــار

essa_ibokhald

عضو نشط
التسجيل
25 يناير 2012
المشاركات
220
جنون البقر انتقل إلى العقــار (1)!

انتشر مرض جنون البقر في عام 1996 وسبّب أزمة على المستوى العالمي بشكل مخيف، بحيث حذر العلماء من انتقالها الى العقل البشري، لكن أن ينتقل ذلك الجنون الى أسعار العقارات المحلية هذا ما كنا لا نتوقعه. للأسف يعتقد البعض أن الشهادات في علوم الادارة والاقتصاد تفيد أكثر من النزول الى عمق السوق ومعرفة خبايا الامور وحقائقها.
من خلال عملي في القطاع الخاص لمدة 14 سنة، منها 5 سنوات في مجال الوساطة العقارية، اتضح لي أن مشكلة ارتفاع أسعار العقارات السكنية بصفة خاصة، والاستثمارية والتجارية بصفة عامة، هي مشكلة مفتعلة ومدبرة، تشترك فيها جهات من الحكومة مرورا ببعض الجهات التمويلية، وبعض الشركات العقارية، وكثير من مكاتب السماسرة. وللأسف يشترك بعض المواطنين في ذلك من خلال تصديقهم وهرولتهم أمام التصريحات الاعلامية التي يصدح بها الجميع، من وجود مشكلة اسكانية تعصف بالجميع. وحتى تتضح الصورة بشكل أوضح للقارئ، لا بد من ذكر بعض النقاط المهمة ومنها:
● عدد الطلبات لدى الهيئة العامة للاسكان 90 ألفا، ويكمن الخلل في ذلك الى الآلية التي وضعت لتقديم الطلب، وهي شرط الزواج، حيث كان الأفضل وضع شروط كمرور 5 سنوات على الزواج، أو وجود عدد 3 أطفال، وذلك للتحفيز على الترابط الاجتماعي والمساهمة في عدد المواطنين.
● السماح للشركات الاستثمارية والعقارية شراء العقارات السكنية والمضاربة بها، حتى وصلت الى أسعار فلكية. ثم بعد أن وصل الفأس الى الرأس، انتبهت بعض الجهات التي تطلق على انفسها نخبا سياسية الى تشريع قانون أعرج، وهو قانون 8 – 9 / 2008، الذي ترك بعض المخارج للالتفاف عليه، وهذا ما وضح جليا من الصعود غير الطبيعي للأسعار خلال 12 شهرا الماضية على الرغم من الظروف الاقليمية المتوترة التي تحوم حول منطقة الشرق الأوسط، بالاضافة الى المشاكل المالية التي تعاني منها اوروبا.
● من الأخطاء الحكومية التي وقعت بها نتيجة ضغط بعض الجهات السياسية الى اعادة قانون دمج وفرز الأراضي السكنية الذي ساهم في تحويل الأراضي السكنية من حاجة أساسية غير قابلة للمساومة، الى كوبونات مرابحة تفرخ ثروات مالية على حساب المواطن المغلوب على أمره.
● مسلسل المدن الحدودية التي نسمع بها، وكأن الكويت دولة قارية، الكل يعلم أن هناك مشكلة أساسية في التخطيط والتوزيع للمدن السكنية، فإما تجدها مترابطة ومتلاصقة بشكل يخلق مشاكل في المرور والازدحام، أو مدن سكنية ناقصة للخدمات، ان المطلوب هو بناء مدن سكنية تتواجد بها كل الخدمات الأساسية للمواطن والمقيم، بالاضافة الى وسائل نقل وطرق ميسرة وخطوط سريعة.
إن العقول عندما تفكر فإنها تنتج وتبدع، أما الألسن عندما تثرثر فإنها تتخبط وتفشل، لا بد من تبديل أصحاب الكراسي القديمة بعقول وطاقات جديدة، نستطيع بها حل بعض من مشاكلنا العقارية.
في الأسبوع المقبل سنركز في الموضوع بصور أدق وأشمل، وذلك لضيق عدد السطور. الاقتصاد الناجح يعتمد على لغة الأرقام، ولا يستند إلى لغة الصراخ ودغدغة المشاعر وصنع الأفلام المرعبة! والله من وراء القصد.
http://www.alqabas.com.kw/node/77906

جنون البقر انتقل إلى العقار (2)!

اختتمنا مقالنا الأسبوع الماضي بهذه العبارة «الاقتصاد الناجح يعتمد على لغة الأرقام، ولا يستند إلى لغة الصراخ ودغدغة المشاعر وصنع الأفلام المرعبة»، لذلك لا بد أن يعي القارئ الكريم أن الأسعار المتداولة للعقارات في السوق الكويتي على اختلاف أنواعها سترتفع، وستصل إلى أرقام من الصعب استيعابها، وخير دليل على ذلك عندما ارتفع سعر المتر الواحد لأرض تجارية الترخيص في شارع أحمد الجابر عام 2004 من 6 آلاف دينار إلى أن وصلت الأسعار إلى 12 ألف دينار عام 2008، ثم إلى انخفاض على شكل تسونامي إلى أن رجع السعر لما كان عليه عام 2004، هذا إن تم عليه التداول، الأمر الذي سبب انتكاسة ضخمة لأصحاب الأبراج التجارية ولجميع دراسات الجدوى المخصصة لتلك المشاريع، مما أثر في قدرة أصحابها على تسديد الدفعات المستحقة للبنوك، نتيجة القروض الضخمة والفائدة المرتفعة، مما عرض الكثير من العقارات للبيع في المزاد العلني لتخوف بعض البنوك من انخفاضها أكثر، والمتتبع الجيد لوضع السوق العقاري عليه أن يرى الأمور من جميع الزوايا قبل الإقدام على أي خطوة قد تسبب له مصائب لا يحمد عقباها.
مشاريع ذات جدوى
سعر بيع برميل النفط وأداء المصارف، بالإضافة إلى حركة التداول في سوق الأسهم، عناصر مهمة يعتمد عليها الاقتصاد الكويتي في تنمية البلد، حيث المبالغ المدرة من بيع النفط تعتبر أرقاماً خيالية لوضع كحال دولة الكويت، إن استغلت في عمل المشاريع ذات المدى البعيد الذي يصب في خدمة الأجيال المتعاقبة من بنية تحتية ومدن سكنية جديدة ومناطق صناعية ومشاريع سياحية ومراكز مالية نستطيع بها حمل بعض الثقل الذي تتحمله ميزانية الدولة على القطاع النفطي، بالإضافة إلى دور المصارف البنكية في تمويل المشاريع الخاصة وفق سياسات واضحة وشفافة وبعيدة كل البعد عن المخاطر والانحرافات التي قد تلحق الفاجعة بالنسبة إلى الكثير من المودعين الذي وضعوا كل ثقتهم في تلك البنوك، من دون أن تلجأ تلك البنوك وقت الأزمات إلى الدخول في جلباب الحكومة للوقوف معها في أخطائها، أيضاً لا بد لإدارة سوق الأوراق المالية أن تضع شروطاً وقيوداً تجبر الشركات المدرجة على التعامل بشكل واضح وشفاف في ميزانياتها المعتمدة، بعيدة كل البعد عن الغش والتلاعب في الأصول والأرقام والأرباح، وقد أدت الأزمة العالمية التي عصفت بالعالم إلى كشف المستور وتعرية بعض الشركات الورقية.
إن تضخم أسعار العقارات بمختلف أنواعها في الكويت سيستمر على الأرجح لسنة مقبلة، ولكن ليعلم الكل أن البالون كلما انتفخ أكثر تعرض للانفجار في أي لحظة، مما سيسبب أوجاعاً وآلاماً وجروحاً للاقتصاد قد تشمل أعراضه جميع النواحي الاجتماعية في الكويت، ولنا في سوق المناخ عبرة للذاكرين.
خلاصة الكلام، إن الاقتصاد الكويتي حالياً يمر في ظروف حرجة وصعبة، وإن لم يتدارك أصحاب القرار في وضع الرجال الملمين بالعمل الاقتصادي وأصحاب الخبرة في المواقع المتقدمة للشؤون الاقتصادية والمالية للبلد، فإننا قد نستعين في المستقبل بأكثر من جراح وخبير من دول العالم لاستئصال الأورام الخبيثة المعششة في الاقتصاد الكويتي.
والله من وراء القصد.
http://www.alqabas.com.kw/node/79939
 
أعلى