اذا ريشت النملة..دنى زوالها!
في تصريحه المنشور في جريدة الرأي العام عدد الأحد يقول الشيخ احمد الفهد وزير الطاقة ان محمد الجاسم يذكرني بعبدالباري عطوان ومصطفى بكري ويضيف انني في انتقاداتي وصلت مرحلة الصراخ والشعارات.
وقد يتسائل الناس ماسبب هجوم الشيخ احمد الفهد الشخصي علي ولماذا اختار هذا التوقيت بالذات..ان الجواب بسيط جدا..
شاركت يومي الخميس والجمعة الماضيين في برنامج اوراق خليجية على قناة اوربت وقد تحدثت في اللقاء الذي كان على الهواء عن قضية هليبيرتن, ومما قلت ان القضية يجب ان تحال الى محكمة الوزراء لأن المشتبه به هو وزير والنيابة العامة لا تملك قانونا التحقيق مع وزير والاختصاص هو لمحكمة الوزراء. ومما قلت ايضا ان وزير الطاقة يجب ان يمثل امام لجنة التحقيق في محكمة الوزراء, واشرت ايضا الى قصة القاء وزير الطاقة اللوم على الشيخ صباح في قضية هليبيرتن, كما تطرقت الى عدد آخر من القضايا التي تقع مسؤوليتها على عاتق الشيخ احمد.
ولأن قضية هليبيرتن "حساسة" جدا بالنسبة للشيخ احمد ويمكن ان تقضي على مستقبله السياسي مرة وللأبد, وخوفا من ان يقضي الشيخ احمد بقية حياته في ردهات محكمة الوزراء نراه يفقد صوابه ويرتبك, ولأنني قلت ما قلت على الهواء وفي محطة تلفزيونية لا تستطيع فرقة الفهلوة والتكتكة حجبها فقد جاءت تصريحات الشيخ احمد في الرأي العام للتغطية عليها من جهة وبهدف "شخصنة" الموضوع حتى يجد الشيخ احمد سلاحا يدافع به عن نفسه بافتعال صخب هامشي يمكنه من خلاله الزعم بأن بيني وبينه امور شخصية حتى ينزع عن انتقادي له لباس الموضوعية.
هذه هي القصة.. فالشيخ احمد يريد طمس قضية هليبيرتن بأي وسيلة وبأي ثمن. انه يريد ان يستمر في خداع الشيخ صباح فيجني المحاسن لنفسه ويلقي بالمساوىء على الشيخ صباح.
ولعلكم تذكرون انني في احد المقالات في هذا الموقع تطرقت الى قضية هليبيرتن التي شكل مجلس الامة لها لجنة تحقيق برلمانية خلصت الى توافر شبهات هدر المال العام تحوم حول وزير الطاقة, واوصت اللجنة بإحالة التقرير الى النيابة العامة. واشرت في المقال الى ان الشيخ احمد الفهد حاول التملص من المسؤولية بأن "قطها براس عمه الشيخ صباح". وعلى الفور تحركت فرقة الفهلوة والتكتكة لحماية الشيخ احمد فسعت لحجب الموقع, وقد كان هدف الحجب في الواقع منع الشيخ صباح من الاطلاع على المقال, فهم لا يريدون ان يعلم الشيخ صباح عن "سوالفهم العمية" التي تكشف مقدار تلاعبهم واستغلالهم لإسم الشيخ صباح دون علمه, ولأن ما يهم الشيخ احمد هو استمرار اعتماد الشيخ صباح عليه فقد ارتبك بعد نشر المقال وتم حجب الموقع جزئيا دون علم وزير الداخلية او وزير المواصلات وطبعا دون علم الشيخ صباح نفسه. وبعد ان انكشفت اللعبة تم رفع الحجب في اليوم التالي.
انني لا الوم الشيخ احمد حين يفقد صوابه مرتين, فمن يعرف تفاصيل هليبيرتن يدرك انها, في حال ثبوت التهمة عليه, تعني اقصاء الرجل ووضع حد لطموحه السياسي. غير انني استغرب تصرف الشيخ احمد وقد كنت اعتقد انه اكثر ذكاءا مما كشف عنه التصريح, "فالمقاضيب عليه وايد" ولو اردت ان اخاصمه شخصيا لما اتعبتني خصومته, وفي مخاصمة شخص مثل الشيخ احمد لا يحتاج المرء للشعارات ولا لاتباع اسلوب البكري او عطوان او اسلوب "الشيخ احمد غوبلز" فالوقائع والحقائق كفيلة باسقاط كل الاقنعة, نذكر واحدة منها في هذا المقال:
كان الشيخ احمد يعمل بالتجارة قبل توليه الوزارة وكان "يطقطق" هنا وهناك بحثا عن تحسين وضعه المادي كغيره من الشباب, وقد دخل شريكا في شركة واصبح هو كفيل متضامن لتلك الشركة في مواجهة البنوك. لكن الشركة افلست لذلك لابد من الرجوع على الشيخ احمد بوصفه شريكا وكفيلا متضامنا. غير ان الشيخ احمد امتنع عن سداد الديون بحجة انه عاجز عن السداد (ما عنده فلوس) وقد اصبح وزيرا. ولأن قانون المديونيات الصعبة يسرى على الشيخ احمد الفهد فقد احيل الرجل الى نيابة الاموال العامة, وهو وزير, لكنه واصل امتناعه عن سداد الدين بحجة استمرار العجز. فتمت احالته الى محكمة الافلاس, وهو لم يزل وزيرا, وكان الهدف الوصول الى مرحلة الصلح كي يدفع جزء من الدين لا كله حسب "مقدرته" , وبالفعل طلب من المحكمة اجراء ما يعرف بالصلح الواقي من الافلاس وهو صلح يقتضي تسليم جميع اموال طالب الصلح للمحكة وخروجه "بهدومه". وافقت المحكمة على تفاصيل الصلح وبموجبه سدد الشيخ احمد جزءا بسيطا من الدين المستحق عليه وهو ما استغرق امواله كلها... او هكذا يفترض!! وقد نشرت جريدة الرأي العام تفاصيل المركز المالي الذي قدمه الشيخ احمد وهو مركز يظهره "حافي"!! كما نشر حكم المحكمة في الجريدة الرسمية الكويت اليوم, ولا ادري ان كان الشيخ احمد لم يزل "حافيا" حتى الآن!! لكن هذا هو المفروض فموافقة المحكمة على الصلح الواقي من الافلاس تمت قبل اشهر معدودة وهي فترة لا تكفي حتى "لهبوط" مفاجىء للثروة من السماء!!
والسؤال المنطقي وبعيدا عما اذا كان الشيخ احمد الفهد غير قادر على سداد ديونه فعلا هو هل يعقل ان يتولى وزارة الطاقة او اي وزارة اخرى من هو عاجز عن سداد ديونه" رسميا" والتحق ببرنامج للصلح الواقي من الافلاس تحت اشراف المحكمة؟ هل من يكون في مثل هذا الوضع القانوني والمالي جدير بالثقة السياسية؟
إن من يمتنع عن سداد ديونه لا يجوز له ان يكون عضو مجلس ادارة شركة استثمار او عضو مجلس ادارة بنك... فما بالكم وزير... لا ووزير نفط بعد!!
اقول انني لا ارغب في مخاصمة الشيخ احمد الفهد ولا اود الدخول معه في مهاترات ولن اهبط بمستوى مقالاتي ولن اسايره في الردح, وتصريحه في الرأي العام انقلب لغير صالحه وكشف عن حقيقة مستواه.
لقد كتبت انا العديد من المقالات التي تعالج اوضاع الأسرة الحاكمة وأوضاع الكويت ولم يفتح الشيخ احمد فمه ولو حتى من باب الدفاع عن رئيس الوزراء او من باب الدفاع عن اوضاع الأسرة الحاكمة, لكن ما ان اثير موضوع هليبيرتن حتى ينتفض الشيخ احمد مجسدا القول "اللي على راسه بطحه يحسس عليها".
لقد استعجل الشيخ احمد على نفسه وفقد مصداقيته مع الأسف. ان عطوان وبكري يهاجمون الكويت شعبا ونظاما, اما انا فقد تحدثت عن شبهة من شبهات الفساد المالي رأى مجلس الأمة توافرها بحق وزير النفط فأحال الموضوع الى النيابة العامة, لكن الشيخ احمد الفهد الذي بدأت ذاته تتورم وتنتفخ يعتبر نفسه اعلى شأنا من بلده. لكن
وكما يقول المثل" النملة اذا ريشت دنى زوالها" فاعتبر يا احمد.
9/10/2005