ملفات ساخنة على طاولة عمومية بيت التمويل الكويتي

essa_ibokhald

عضو نشط
التسجيل
25 يناير 2012
المشاركات
220
ملفات ساخنة على طاولة عمومية بيت التمويل الكويتي


بعد النجاحات والتوسعات.. الأزمة تتعمق والقيادة تتفكك

تنعقد الجمعية العمومية لمجموعة بيت التمويل الكويتي غداً الاثنين 26-3-2012، وسط تغييرات جوهرية في المجموعة المصرفية الأكبر بين المصارف الإسلامية الكويتية والثانية في القطاع البنكي.

وتأتي التغييرات مدفوعة بنموذج عمل جديد يتم تطبيقه بالاستعانة بشركة "بوز آند كومباني"، حيث أدت التحولات إلى ظهور فريقين من المؤيدين والمعترضين لثقافة العمل الجديدة، ما دفع بقياديين إلى الاستقالة، وسط معلومات عن ظهور بعض التجاوزات والشبهات في قرارات استثمارية سابقة، ربما تصيب بعض القيادات.

من ناحية أخرى، تسربت معلومات عن اختلاف في وجهات النظر بين الإدارة الحالية للبنك والرئيس السابق له بدر المخيزيم، القيادي الذي تُنسب له أبرز إنجازات بيت التمويل في الكويت والعالم، حيث تدور الاختلافات حول مبلغ مكافأة نهاية الخدمة للمخيزيم والمبلغ المليوني المفترض أن يكافأ به بعد 33 عاماً قضاها في البنك.

لكن معلومات أخرى تفيد بوجود علامات استفهام حول استثمارات لشركة بيت التمويل العقارية في السعودية الذي كان يرأسها المخيزيم قبل أن يستقيل فجأة قبل شهر تقريباً، وربما تخيم هذه الأخبار على أجواء العمومية في حال فتح مجلس الإدارة أو مجموعة من المساهمين هذا الملف في العمومية.
التزام بجدول الأعمال
وتقول مصادر مسؤولة في البنك إن العمومية لن تتطرق لهذا الملف وستعمل حسب جدول الأعمال المعلن، لكن مصادر قيادية أخرى ترى أن المخيزيم لن يترك ملفاً بهذا الحجم يمسّ سيرته المهنية وموقعه الاجتماعي يمر من دون أن يضع النقاط على الحروف، خصوصا أن الأخير واجه حملة إعلامية موجهة من أطراف في البنك تتهمه بأنه خلف القرارات الخاطئة التي عمقت أزمة بيت التمويل.

ولم ينفِ المخيزيم معلومات عن "وجود خلاف حول نهاية الخدمة وعن فترة عمله في السعودية"، كما ذكرتها إحدى الصحف الكويتية في تحقيق تطرق للخلافات، علما أن المخيزيم ردَّ على التحقيق بقوله إن "لا خلاف بينه وبين الرئيس التنفيذي محمد العمر، وإنه هو من طبَّق معايير الحوكمة في البنك، ويمكن العودة للمحاضر".

ومع أن معظم الأطراف غير المنسجمة التي اتصلت بها "العربية" تفضل عدم التصريح باسمها، وكذلك عدم الكشف عن أوراقها بانتظار سياق الجمعية العمومية، إلا أن المُلاحظ أن هناك أشبه بتوازن رعب بين طرفين رئيسيين: الأول يساند بدر المخيزيم، والآخر يراهن على محمد العمر، وكل التوقعات مفتوحة في الجمعية العمومية التي وصفها أحد القياديين في البنك بأنها "الأسخن بتاريخ بيت التمويل".
دهشة كويتية
وثمة استغراب في السوق الكويتية لما يجري في البنك منذ بداية الأزمة في 200، خاصة بين قياداته، الذين شكلوا نموذجاً ناجحاً لأعوام طويلة، وأعطوا صورة إيجابية عن الصناعة المالية الإسلامية في الكويت والعالم، ومرونة في التعاطي مع أسواق المال العالمية، بعقليات كويتية إسلامية فذة، تلبس البدل وربطات العنق، وتجوب الأسواق بوجوه باسمة حليقة الذقن والشارب.

لكن كل ذلك تغير بعد الأزمة المالية في 2008، وضرب سمعة "هارفرد الإسلامي" كما يطلق على بيت التمويل، حيث صحت الكويت على ملفات شائكة ومبعثرة وتعثرات في استثمارات البنك من أميركا إلى ماليزيا، لم تنتهِ حتى اليوم، ويتوقع مصدر مسؤول عن إعادة الهيكلة في البنك أن يستمر التنظيف هذه السنة، بوتيرة أقل من 2011.

وكان نتائج العام الماضي مخيبة لتطلعات حملة الأسهم والمودعين، بعد أن تراجعت ربحية البنك 24%، وانعكس ذلك على سعر السهم، وبدا وكأن الأزمة تتعمق على عكس البنوك الأخرى، حيث عادت المخصصات إلى الارتفاع بنسبة 62%، عن متوسطها البالغ 700 مليون دولار سنوياً خلال أعوام الأزمة (2008 حتى 2010) لتبلغ 1.1 مليار دولار في 2011، وليصبح مبلغ المخصصات التي حجزها بيت التمويل مقابل القروض المتعثرة نحو 3.3 مليار دولار منذ العام 2008، وهي الأعلى بين البنوك الكويتية، حسب بيانات شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو).

وكان يفترض أن يستفيد المساهمون من هذه المليارات، علما أن ثاني بنك في حجم المخصصات هو بنك الخليج بـ2.4 مليار دولار، الذي كاد يفلس في بداية الأزمة لولا تدخل الحكومة الكويتية لإنقاذه.

كما ما زالت نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي محفظة القروض مرتفعة وتحتاج معالجة، وهي عند 9.2% في 2011، بينما لا تتجاوز 1.5% عند البنك الوطني..
وهو البنك الذي غالباً ما تتم المقارنة معه نظراً لتقارب حجمي البنكين، وحتى إنها لم تتجاوز 3.1% عند "برقان"، وهو بنك آخر لديه توسعات واستثمارات خارج الكويت كالوطني وبيت التمويل وتصح مقارنته إلى حد ما. وأيضا ما زالت نسبة تغطية القروض المتعثرة عند 77% لدى "بيت التمويل" رغم أن غالبية البنوك تجاوزت 100%.
مريض يحتاج عملية
ويقول المصدر المسؤول عن الهيكلة إن تراجع الربحية سببه حملة التنظيف السريعة بفضل إعادة الهيكلة ورفع كفاءة التشغيل. ويضيف أن العوائد التشغيلية ارتفعت بنسبة 19%، ويصف بيت التمويل بـ"المريض الذي يجري عملية جراحية سريعة لاستئصال المرض، بدل أن يستمر في بدنه فترات طويلة".

لكن عملية الاستئصال هذه وما قد يترتب عليها من ظهور تعثرات ومشاكل أخرى، قد تدفع، حسب محللين ماليين، إلى طلب زيادة لرأس المال، حيث بلغت نسبة الملاءة المالية للبنك 13.7%، وهي نسبة تقترب من المعدل المطلوب من البنك المركزي عند 12%، بينما تبلغ 18.3% في "الوطني" و19.6 % في "برقان"، وهو ما يعني أن أي هزة جديدة قد تتطلب تعزيز لرأس المال، وهو سؤال مطروح للعمومية.

وربما يظهر عمق الأزمة لدى بيت التمويل في تركز الأصول لديه بنسبة 56% في القطاعين المالي (29%) والعقاري (27%) وبمبلغ 7.6 مليار دينار (26.6 مليار دولار، وهما قطاعان تأثرا بشدة في الأزمة المالية، وأي عملية إعادة هيكلة قد تضطر إلى إعادة ترتيب هذه الأصول وما يرافقها من مخصصات محتملة. لكن هناك توزيعاً جيداً لصول البنك بين الداخل 55% والخارج 45%، وربما أفضل من بنوك أخرى، وهو ما قد يمكنه من تحمل ضربات موجهة أخرى.

كما يتمتع البنك بقاعدة عملاء ومستثمرين موالين له تاريخيا، لطبيعة معاملاته الإسلامية وأقدميته في السوق، وهم في ارتفاع مستمر بالتزامن مع الموجة الإسلامية المتزايد حضورها في السياسة والاقتصاد والاجتماع. وقاربت المبالغ المودعة 31 مليار دولار تقريباً مع نهاية 2011، مقارنة مع 24 مليارا للوطني. كما ارتفعت الأصول المدارة للغير في البنك إلى 2,4 مليار دولار، بعد أن كانت عند 1.7 مليار دولار تقريبا قبل الأزمة (2007)، ومحفظة القروض في نمو متواصل عند 7% بينما في "الوطني" عند 4.2% في 2011.

لكن بيت التمويل يتمتع بميزة اضافية عن البنوك، كونه اشبه بشركة قابضة حسب مرسوم تأسيسه، فهو يستثمر بشكل مباشر وغير مباشر في قطاعات عقارية ومالية وتجارية، ويمكنه المتاجرة وتملك العقارات والاراضي وغيرها، ولطالما اُتهم بأنه احد اسباب ازمة ارتفاع اسعار الاراضي السكنية.
تراخي تاريخي
ويحلل احد القياديين القدامى في البنك ان هذه القاعدة الجماهيرية الموالية والميزة التفاضلية للمصرف مقابل نظرائه، ربما هي سر نجاح البنك لأعوام طويلة (تأسس في 1977) وفي الوقت نفسه ربما تفسر الهبوط السريع لادائه في ازمة 2008 المستمرة حتى الآن. ويشرح أن البنك نشأ على فلسفتين "الاحتكار والدين"، وهما عاملان كافيان لتربعه على عرش الاوائل من دون تعب، ولجعل القياديين يسترخون لأن تدفق الودائع لن يتوقف، خصوصا من المؤسسات الحكومية المالك الاكبر في البنك عند 48.7%.

وغطت عملية الاسترخاء على أخطاء كثيرة في السابق، مصحوبة بدعم حكومي دائم، كما غطت استثمارات ناجحة في قطاع ما على أخرى فاشلة. لكن الاستثمارات انكشفت في الازمة التي ضربت كل القطاعات، وكشفت عن توسعات غير مدروسة في الداخل، خصوصا في شركات الاستثمار، وعدم قدرة المركز الرئيسي على ضبط القرارات في الاطراف (الخارج)، وهو ما ظهر بشكل واضح في بيتك-ماليزيا على سبيل المثال الذي تكبد خسائر يقدرها قيادي من مؤسسي البنك الماليزي بـ420 مليون دولار.
غطاء ديني
أضف الى ذلك أن الغطاء الديني للمعاملات الاسلامية انكشف هو الآخر في الازمة، واصاب مجموعة بيت التمويل كما اصاب مجموعات أخرى، حيث انسحبت شبهات التعاملات وفساد مسؤوليها على القطاعين الماليين الاسلامي والتقليدي، تماما كما تكبد الاثنان الخسائر بنفس الاحجام، فظهرت شكوك حول المعاملات حسب الشريعة ومدى تحوطها من الازمة.

وهناك عامل آخرمهم يذكره القيادي المذكور، حيث دخل منافسون جدد على خط التمويل الاسلامي بعد احتكار دام ثلاثة عقود تقريبا لبيت التمويل، مثل بنك بوبيان (تابع للبنك الوطني) وبنك الاهلي المتحد (حديث التحول للعمل الاسلامي)، وبنك الدولي، ويسعى البنك التجاري للحصول على رخصة لمزاولة العمل حسب الشريعة الاسلامية، وهناك بنك جابر الاسلامي الداخل الجديد للسوق.

وتضع هذه البنوك خططا للاستحواذ على شريحة المتعاملين بالاسلامي، وبعضها لديه تقنيات جذب جديدة وطرق مبتكرة، وقاعدة مساهمين قوية، مثل بنك بوبيان الذي نمت محفظة قروضه 25% في 2011، رغم انها مازالت صغيرة جدا مقارنة مع بيت التمويل، لكنها تؤشر الى ان "بوبيان" والبنوك الاخرى آخذة في تقاسم كيكة عملاء الاسلامي، بينما يوجه العملاء النقد لبيت التمويل بسبب طريقته التقليدية في التعامل معهم والبيروقراطية في انجاز تعاملاتهم، اضافة الى أن معظم الافكار التي يسوقها حول منتجاته هي بنات افكار بنوك اخرى، خصوصا في نشراته الصحافية التي تصدر عن ادارته الاعلامية.
مسلسل مكرر
ويضيف القيادي أنه حتى المشاكل بين القياديين هي شكل من اشكال رمي كل قيادي مسؤولية التراخي على الآخر. ويشرح: مثلا، عند بدء الازمة، تركزت الانتقادات حول المسؤولين عن ملف شركات الاستثمار المتعثرة، فنزلت التهم على مسؤولين في مجموعة عارف للاستثمار التابعة لبيت التمويل، وحوّل الملف الى النيابة للتحقيق، وذلك في منتصف 2010 في الجمعية العمومية للشركة. ثم أُخذت المخصصات عن استثمارات اخرى في شركات دار الاستثمار وأعيان وبيت الاوراق المالية.

وظهرت مشاكل وخسائر في فروع خارجية، على رأسها بيتك-ماليزيا، فأُخذت المخصصات ايضا وتغيرت الادارة هناك، بينما صور الامر وكأنها سحابة صيف وعبرت، وتوقع كثيرون ان الازمة انتهت هنا. لكن الخسائر والمشاكل استمرت، فكان لا بد من البحث عن مسؤول عنها قبيل الجمعية العمومية لتبريرها، وهو مسلسل سيتكرر طالما استمرت المشاكل في المستقبل، علما أن كل ملفات الاتهامات والشبهات ستُغلق تماما أو يتم نسيانها كما حصل في بنكي بوبيان (قبل استحواذ الوطني عليه) والخليج، أو حتى في "عارف".
مستقبل مستقر
وتظل الرؤية المستقبلية غير واضحة وسط ارقام متباينة وادارات غير مستقرة، (خرج عماد الثاقب مساعد المدير العام لقطاع التمويل، ويتوقع أن يلحقه أحمد الخالد، مساعد المدير العام للقطاع التجاري وآخرون)، ونواب يتوقع دخولهم على الخط للسؤال حول كيفية الحفاظ على المال العام في البنك وسط هذه التحولات، بينما آخرون يتوقع أن يسألوا عن القروض الحسنة المعطاة لأعضاء مجلس امة سابقين وحاليين.

لكن المصدر المسؤول عن اعادة الهيكلة يتوقع مستقبلا افضل لمجموعة لانها تخضع لعملية ترتيب لأصولها الخارجية وربطها مع الادارة المركزية الكويتية، وربما تخلي عن بعضها، اضافة الى اعادة هيكلة قطاعات البنك واستغناء عن بضعها وتعزيز بعضها الاخر، ثم ربطها في شبكة مركزية واحدة وبمسؤوليات تصاعدية لمتخذي القرار فيها، بينما تمر القرارات عن طريق ادارة المخاطر لدرسها واعتمادها، علما ان هذه الادارة تم تدعيمها بكفاءات جديدة. ويقول احد المسؤولين الشباب في شركة تابعة لمجموعة بيت التمويل أنه لمس ورغم مرور وقت قليل على انتقاله للبنك، اهتماما بالعنصر الشبابي ومكافآة سريعة لعمله الذي تُرجمت الى ترقيته الى منصب جديد قيادي، وقد يكون ما يقوله مؤشرا على ان تغييرات إيجابية تجري لصالح جيل شبابي اكثر كفاءة.

http://www.alarabiya.net/articles/2012/03/25/202990.html
 
أعلى