مقالة أعجبتني

debtor

عضو نشط
التسجيل
14 يوليو 2010
المشاركات
4,051
يقعون دائماً في الفخ نفسه
«كل طراق بتعلومة» مثل لا ينطبق على متداولين في البورصة

سعود الفضلي
«مع الخيل يا شقرا» سياسة طالما اتبعها المتداولون في سوق الكويت للأوراق المالية، وشكلت الجانب الأكبر الذي تعتمد عليه مجموعات اشتهرت بعمليات تدوير أسهم بين شركاتها والمضاربة عليها لتصعيدها، بغية جر أرجل جموع المتداولين للدخول على أسهمها، لينتهي المطاف بعد أن تحقق تلك المجموعات أهدافها من التصعيد، بوقوع كثيرين في الشرك بعد أن تهبط أسعار الأسهم بشكل كبير، ليعضوا أصابع الندم على ما اقترفت أيديهم، لكن بعد فوات الأوان.
ورغم الدروس العديدة التي من المفترض أن يتعلمها المتداولون من النكسات التي مر بها سوق الكويت للأوراق المالية، منذ أزمة سوق المناخ إلى أزمة عام 2006، وأخيراً وليس آخراً الأزمة المالية 2008 التي جاءت بعد انتفاخ لأسعار الأسهم خلال سنوات الرواج، فإن نظرية علم الاجتماع التي تقول إن الإنسان كائن يدون تاريخه ويستفيد من تراكم الخبرات من جيل لآخر، لا يبدو أنها تنطبق على الكثير من متداولي سوق الكويت للأوراق المالية. فلا يزال هؤلاء يمنون أنفسهم بالربح السريع وينجرون للمضاربة على أسهم شركات لديها من المشاكل ما لديها، سواء على مستوى مديونيتها المرتفعة، أو الانخفاض الكبير في أسعار أصولها، أو عدم وجود أنشطة تشغيلية واضحة لها، يزيد من طمعهم ما يلمسونه من أرباح كبيرة حققها مضاربون سبقوهم في الدخول على تلك الأسهم خلال فترة وجيزة، متناسين كل التجارب السابقة التي مر بها السوق، التي أثبتت أن نفخ الأسعار من دون سند أو مبرر، لا بد أن ينتهي بانفجار يؤدي إلى هبوط كبير في أسعار تلك الأسهم.
إن الفترة الماضية من العام الحالي، أثبتت أن غالبية المتداولين سائرون على النهج السابق نفسه، مع «الخيل يا شقرا»، لكن إذا اصطلحنا على المجموعات التي تعمل على تدوير أسهم بين شركاتها والمضاربة عليها لتصعيد أسهمها بالخيل، فإن الأقرب إلى سلوك جموع المتداولين التي جرها ذلك التداول المصطنع إلى الدخول على تلك الأسهم والمضاربة عليها، هو سلوك الفئران التي يصفها علماء الاجتماع بكائنات بلا ذاكرة، لا تنتقل خبراتهم من الأسلاف إلى الأحفاد، إذ انه يمكن اصطيادها بالطريقة ذاتها المتبعة منذ آلاف السنين، عن طريق «المصيدة وقطعة الجبن»!
لا شك أن هناك أسهماً حاولت شركات استثمارية تملك حصصاً مؤثرة فيها أن تصعّد أسعارها، مستغلة مؤشرات إيجابية حول إمكانية تحقيق تلك الشركات نتائج أفضل خلال الفترة المقبلة، مثل شركات الاسمنت الإماراتية، لا سيما بعد الارتفاع في أسعار الاسمنت في الإمارات وتوقع ارتفاعات جديدة في أبريل المقبل، لكن ماذا عن شركات لا يوجد أي مبرر لارتفاعها، غير بث الإشاعات حول أوضاعها، أو تفاؤل غير مقرون بقرائن عن تدخل حكومي لإنقاذ شركات في ظل الحكومة الجديدة، متناسين أن الإنقاذ حتى ولو جاء، فمن المستبعد أن يشفع لشركات تعاني تعثرا واضحا في أعمالها وفقدت ملاءتها، كما أن سقوطها لن يكون ذا تأثير على السوق أو الاقتصاد الوطني برمته.
سلوك الفأر لم ينحصر في سلوك جموع المضاربين، لكن أيضاً في تعامل الجهات التنظيمية والرقابية في السوق مع تلك الارتفاعات والتداولات الكبيرة لبعض الأسهم، فرغم أننا نسمع أخباراً عن التحقيق في تداولات أسهم معينة تحمل شبهة مخالفات قانونية، فاننا لم نر من البورصة إيقافاً لأسهم صعدت بشكل مبالغ فيه خلال فترة وجيزة، وإن كنا نوقن أن لا تبريرات أو تحسناً على أوضاع الشركة، يمكن أن يعتمد عليه في تبرير تلك الارتفاعات القياسية خلال فترة وجيزة، وأن عذر تلك الشركات في الارتفاعات الحاصلة والتداولات الكبيرة على أسهمها سيكون سياسة العرض والطلب على السهم في السوق من دون سواها، فإن وقف السهم وطلب تبرير من الشركات، سيضع المتداولين أمام مسؤولياتهم بدلاً من تلقيهم الإشاعات من هنا وهناك..
قد نسمع صراخاً بعد هذه الارتفاعات لمن يقع في شراك هذا التصعيد المصطنع لأسهم شركات تعاني ما تعانيه من مشاكل في ما يتعلق بديونها أو أسعار أصولها بعد أن تقع الفأس بالرأس، وإلقائهم اللوم والاتهامات يسرة ويمنة تارة على الشركات نفسها، وتارة أخرى على الجهات التنظيمية والرقابية في السوق، لكن على من غامر بوضع أمواله في أسهم تلك الشركات، ألا يلوم إلا نفسه، فرغم أن المثل العامي يقول «كل طراق بتعلومة»، فان هؤلاء لم يتعلموا من «الطراقات» الكثيرة التي تعرضوا لها هم أو أسلافهم خلال الأزمات المتعاقبة على السوق.
 
أعلى