أزمة أوروبا دخلت مرحلة أشد خطورة

Ali Hussein

عضو نشط
التسجيل
13 أكتوبر 2011
المشاركات
112

| بقلم : إبراهيم شكري دبدوب |

دخلت ازمة الديون في اوروبا مرحلة جديدة اشد خطورة مع تجاوز العائد على السندات الايطالية لاجل 10 سنوات مستوى الـ 7 في المئة، ويعتبر هذا المستوى قياسياً في منطقة اليورو، ومن شأنه، في حال استمراره، ان يهدد بشكل جدي وضع مديونية ثالث اكبر مصدر للسندات في العالم واحد المؤسسين الستة للمشروع الاوروبي الحديث.
ان الذين عايشوا الايام الصعبة لمختلف ازمات الديون التي شهدتها الاسواق الناشئة، سيدركون سريعاً العوامل التي تضافرت خلال الايام القليلة الماضية والتي اججت من حالة عدم الاستقرار، وقد يتفق جميعهم على ما يجب فعله للحد من تأزم الوضع على نحو اضافي.
وكما في حالة اليونان، تمر ايطاليا حالياً بمرحلة انتقالية على المستوى السياسي يشوبها حال من عدم اليقين، وبينما ركزت وسائل الاعلام على استقالة رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني، الا ان ما تحتاجه ايطاليا بشكل عاجل يفوق ذلك تعقيداً، وهو حكومة جديدة تستطيع تصميم وتنفيذ وقيادة الجهود لسنوات مقبلة لخفض حجم الدين والعجوزات، وفي الوقت نفسه، تعزيز النمو الاقتصادي.
لقد بات من الدارج ليس فقط بيع السندات الايطالية، بل ايضاً اعلان ذلك على الملأ وبصوت مرتفع للعالم كله.
وفي الايام القليلة الماضية، سارعت العديد من البنوك الى الاعلان عن خفض ما تحمله من ادوات دين ايطالية، في محاولة منها لتهدئة قلق الاسواق حول سلامة مركزها المالي، وتشبه هذه الظاهرة ما حدث خلال فترة الثمانينات حين تسابقت البنوك على طمأنة العالم انها محمية تماماً من انكشافها على اميركا اللاتينية، والنتيجة، اليوم، هي دفع المدينين الاخرين لايطاليا وحثهم على بيع السندات الايطالية ايضاً، مما يعزز من الضغوط التي تتعرض لها الاسواق، وفي العديد من الحالات، فإن الضرر على الطلب على السندات الايطالية يفوق بكــــثير اثــــار المرحـــلــة الانــــتقالــــية.
واخيراً، فقد بدا البنك المركزي الاوروبي في الايام الاخيرة اكثر تردداً في شراء السندات الايطالية سواء كان ذلك مسألة ارادة ام قدرة، كانت النتيجة ازدياد عدم الاستقرار في السوق.
وقد يكون للعديد من هذه العوامل ان تركت دون معالجة تداعيات اكبر، حيث ان اي خبر سلبي من شأنه ان يقود الى آخر اكثر سوءاً.
هناك مؤسسة واحدة تملك ميزانية جاهزة ومتاحة بامكانها تهدئة الوضع وتحقيق الاستقرار خلال الاسابيع المقبلة، وهي البنك المركزي الاوروبي، لكن علينا ان ندرك انه، لوحده، لن يكون بمقدوره تحقيق نـــتائج ايجابية.
ولكي يلعب دوراً فاعلاً على نحو مستدام، فان البنك المركزي الاوروبي بحاجة الى مساعدة الآخرين في اربع مسائل اساسية: فصل جريء وحازم في كيفية التعامل مع الدول الاوروبية المتعثرة التي تعاني من نقص في السيولة، ووضع برنامج اقليمي لتعزيز النمو وخلق الوظائف، واتخاذ اجراءات فورية لمعالجة ضعف الجهاز المصرفي، واتخاذ قرارات سياسية حازمة لتعزيز العمل المؤسسي في منطقة اليورو، ان بشكله الحالي او على نحو اصغر لكن افضل.
لقد قاربت القمة الاوروبية التي انعقدت في 23 اكتوبر الماضي بعض هذه العوامل وسبل مواجهتها، لكن النتائج جاءت محدودة اثر بطء التقدم المحقق والتطورات السياسية على مستوى الدول، ونتيجة لذلك، دخلت ازمة اوروبا في مرحلة جديدة اكثر سوءاً.
ليست منطقة اليورو ولا الاقتصاد العالمي في وضع يسمح لهما بتحمل المزيد من الانزلاقات، لذلك، دعونا نأمل ان تكون التطورات الاخيرة بمثابة انذار عاجل وواضح لوضع تشخيص سليم واتخاذ الخطوات اللازمة.

* الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني عضو مجلس إدارة معهد التمويل الدولي ومجموعة بريتون وودز العالمية في واشنطن

منقول من http://www.alraimedia.com/Article.aspx?id=310142&date=17112011
 
أعلى