صندوق النقد الدولي: عن أي تنمية تتحدثون في الكويت؟

london

عضو نشط
التسجيل
24 أكتوبر 2004
المشاركات
213
الإنفاق الاستثماري لم يتغير قيد أنملة بين 2008 و2011
صندوق النقد الدولي: عن أي تنمية تتحدثون في الكويت؟






مارون بدران
على الرغم من الجدل «البيزنطي» القائم منذ سنتين حول خطة تنمية رصدت الحكومة لها أكثر من 30 مليار دينار، وعلى الرغم من الآمال الكثيرة التي عُلقت على تنفيذ تلك الخطة لتحفيز الطلب ودعم القطاع الخاص وخلق فرص عمل وتحسين البنية التحتية، جاء تقرير دولي جديد ليشكك في مصداقية كل الأرقام المنشورة حول زيادة الانفاق على المشاريع التنموية، اذ يؤكد صندوق النقد الدولي في أحد تقاريره الأخيرة أن انفاق الحكومة الكويتية على الاستثمارات والمشاريع المحلية كان الأقل نموا خليجيا خلال الأزمة المالية الأخيرة. فوفق رسم بياني نشره الصندوق، بلغ نمو الانفاق في الميزانية العامة بين 2008 و2011، صفر في المائة إذا تم استثناء المبلغ المدفوع كسداد للعجز الاكتواري لمؤسسة التأمينات الاجتماعية. وكانت الدول النفطية العربية، بما فيها الدول الخليجية، سجلت نموا كبيرا في الانفاق، آخر 3 سنوات، نظرا لاتباعها أسلوب ضخ الأموال في الاقتصاد لتحفيز الطلب ودعم القطاع الخاص. وقد وصلت نسبة نمو الانفاق الحكومي الاجمالي في هذه الفترة إلى %30 في عُمان و%48 في الإمارات و%53 في البحرين و%54 في السعودية و%59 في قطر.
وفي آخر تقرير حول النظرة المستقبلية لاقتصادات الشرق الأوسط ووسط آسيا، الذي صدر الأسبوع الماضي، تطرق صندوق النقد الدولي إلى أداء أسواق المال الخليجية، حيث لاحظ في 2011 توقف حركة الانتعاش التي بدأت منتصف عام 2010. وقد تراجعت مؤشرات الأسواق متأثرة بالربيع العربي وبأزمة ديون منطقة اليورو وبتخفيض تصنيف الولايات المتحدة الائتماني. وكما في نهاية سبتمبر الماضي، كانت مؤشرات البورصات ما زالت أقل بكثير من المستويات التي بلغتها قبل افلاس ليمان براذرز. وقد سجل سوق الكويت للأوراق المالية ثاني أسوأ أداء خليجيا منذ 31 أغسطس 2008، بعد سوق دبي المالي. وبلغت نسبة تراجع بورصة الكويت %59، مقارنة مع %70 لدبي و%55 للبحرين و%43 لأبوظبي، و%40 لعُمان و%30 للسعودية و%20 لقطر.

القطاع المالي
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن القطاع المالي في دول مجلس التعاون الخليجي عاد للانتعاش بعد الأزمة المالية الأخيرة، مدفوعا بالنشاط الاقتصادي. وقد استطاعت بنوك الخليج مقاومة الأزمة نسبيا، وهي تحتفظ بكفاية رأسمال بين %15 في عمان و%20 في الإمارات وقطر. كما بقيت نسبة القروض المتعثرة من إجمالي المحافظ الائتمانية أقل من %10. وقد انخفضت نسبة القروض المتعثرة في الكويت من ذروتها عند %11 في 2009 إلى %9 في نهاية 2010، نتجية شطب جزء من هذه القروض السيئة.
وفي الوقت الذي تتحرك فيه مؤشرات القطاعات المالية الخليجية في الاتجاه الصحيح، يبدو أن نمو إقراض القطاع الخاص ما زال حذرا، كما كان متوقعا. فالانهيار الائتماني في المنطقة بعد الأزمة المالية جاء نتيجة تراجع الطلب بسبب ضعف النشاط الاقتصادي، وضعف العرض بسبب تراجع شهية التمويل وزيادة الحذر من المخاطر لدى البنوك.
وعلى الرغم من انتعاش الحركة الاقتصادية ونمو الودائع المصرفية، ما زال قطاع الائتمان ضعيفا جدا في المنطقة. صحيح أن بعض دول الخليج تشهد نموا قويا في الاقراض، خصوصا قطر، إلا أن قطاع الاقراض المصرفي ما زال ضعيفا في المنطقة ككل. من جانب آخر، رحب صندوق النقد بالحذر الذي يعتري مصارف الخليج اليوم، نظرا للمشاكل التي وُلدت في القطاع المصرفي نتيجة النمو الائتماني المبالغ فيه قبل الأزمة المالية.

وضع الائتمان
إلى ذلك، وصف صندوق النقد الدولي السياسات النقدية في الخليج بالمناسبة آخر 3 سنوات. لكنه طالب صناع السياسات بالاستعداد لتعديل الإجراءات النقدية والمالية عندما تبدأ الضغوط التضخمية والفقاعات الائتمانية بالظهور. فالبنوك الخليجية متخمة بالسيولة، وعندما تشهد تغيرا بشهية الإقراض، قد تسجل نموا حادا في الائتمان. وحتى الساعة، ما زالت السياسات النقدية غير ناجعة في تشجيع البنوك على الإقراض.
من جهة ثانية، ألقى الصندوق الضوء على الاختلالات الهيكلية في الاقتصادات الخليجية نظرا لضعف تنوع مصادرها، وأشار في الحلول المقترحة إلى ضرورة التركيز على 3 أصعدة: تحسين بيئة الاعمال، واصلاح أسواق العمالة، وتطوير الحوكمة والشفافية.

ضغوط الربيع العربي
إلى ذلك، قال صندوق النقد في تقريره: تبشر الفترة الراهنة، وما تحمله من تغير غير مسبوق بحدوث تحسن في المستويات المعيشية وتحقيق مستقبل أكثر رخاء لشعوب منطقة الشرق الاوسط، وشمال افريقيا. وعلى الرغم من ان ثمار الربيع العربي أمر محقق على المدى الطويل، فإن المنطقة تشهد منذ بداية هذا العام حالة فريدة من عدم اليقين، والضغوطات الاقتصادية الناشئة عن مصادر داخلية وخارجية على السواء. ومن المرجح ان تزداد هذه الضغوط بالنظر الى تفاقم اوضاع الاقتصاد العالمي أخيراً.
وحتى تتمكن البلدان من بناء الثقة وتثبيت التوقعات وجني التحول التاريخي الجاري على المدى الأطول، ينبغي ان تتخذ اجراءات حاسمة لصياغة جدول اعمال زاخر بالاصلاحات سعيا لتعزيز النمو الشامل لكل المواطنين، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي وفضلا عن ذلك، ينبغي صياغة تدابير اضافية للإنفاق عبر بلدان المنطقة بما يؤدي الى تعظيم النفع الذي تحققه على المدى القصير، مع الحد من الالتزامات على المدى الطويل. ويلاحظ ان هناك تدابير مساندة تقدمها المالية العامة (على غرار نظم الدعم المعمم) لا تصل مزاياها بالضرورة الى اشد الفئات احتياجا لها، ولذلك ينبغي ان تسارع الحكومات بالتحرك لتحسين دقة توجيه الدعم والتحويلات الى المستحقين، مما سيساعد على توفير قدر من الموارد يمكن توجيهه الى الاستثمار في البيئة التحتية والتعليم والصحة.
وتخيم على الآفاق مخاطر تطورات سلبية ملموسة ابرزها احتمال التباطؤ الحاد في النشاط الاقتصادي العالمي، بسبب المصاعب التي تمر بها الاقتصادات المتقدمة في سعيها لايجاد حل فعال لتحديات المديونية والمالية العامة. وإذا تحققت هذه المخاطر وتعرض النمو العالمي لتدهور حاد يمكن ان يتأثر النشاط في البلدان العربية المصدرة للنفط تأثراً سلبياً وهو ما يرجح ان يحدث من خلال هبوط اسعار الطاقة الدولية. ويمكن ايضاً ان يزداد ضعف احتمالات النمو في هذه البلدان ايضا اذا هبط النشاط الاقتصادي لدى اهم البلدان الشريكة تجارياً في الأسواق الصاعدة، وتفاقمت الاضطرابات السياسية في المنطقة.
 
أعلى