هل أضرت العولمة وثورة الاتصالات بالاقتصاد العالمي ؟

Aljoman

عضو نشط
التسجيل
12 نوفمبر 2005
المشاركات
26,848
--01-10-2011-as01.JPG





يرجى من أعضاء الديوان والزائرين الكرام الإدلاء برأيهم حول




استطلاع شهر( أكتوبر2011 )



من خلال الدخول على موقع الجُمان



على الرابط التالي




 

Aljoman

عضو نشط
التسجيل
12 نوفمبر 2005
المشاركات
26,848
للتخلص من الحلقة المفرغة

اليونان.. لا إنقاذ دون إعلان العجز والخروج من {اليورو}



اليونان عالقة في حلقة مفرغة من العجز عن الوفاء بالتزاماتها المالية والقدرة التنافسية المتدنية والكساد المتفاقم. ويتجه دين البلاد العام إلى مستوى %200 من الناتج المحلي الإجمالي بفعل إجراءات التقشف المالية الصارمة. وحتى تنجو من هذا المصير، ينبغي على اليونان أن تبدأ الآن بعجز منظم عن سداد الديون، وخروج طوعي من منطقة اليورو والعودة إلى الدراخمة. فصفقة تبادل الدين الأخيرة التي قدمتها أوروبا إلى اليونان لم تكن سوى مراوغة واستغلال، إذ إن إعفاءات الديون التي قدمت لها أقل بكثير مما تحتاج إليه البلاد. فإذا ما وضعنا جانباً الأرقام، وأخذنا في الحسبان الحوافز التي منحتها الخطة للدائنين، فإن الإعفاء الفعلي للديون يقترب من الصفر. إن أفضل خيار حالي لليونان سيكون في رفض هذه الاتفاقية، وتحت تهديد التعثر عن السداد، تتم إعادة التفاوض على اتفاقية أفضل. لكن حتى وإن منحت اليونان قريباً إعفاء فعلياً وكبيراً من دينها العام، فإنها لن تتمكن من العودة إلى تحقيق النمو ما لم تستعيد بسرعة قدرتها التنافسية. ومن دون أن تتمكن من العودة إلى تحقيق النمو، فإن الدين العام سيبقي عند مستويات لن تستطيع الإيفاء بالتزاماته. ومع ذلك، فإن الإشكالية هي أن جميع الخيارات لاستعادة القدرة التنافسية تتطلب خفضاً حقيقياً في قيمة العملة.

ضعف حاد في اليورو

أول هذه الخيارات يتمثل في عدم إمكانية حدوث ضعف حاد في اليورو، طالما أن الولايات المتحدة ضعيفة اقتصادياً، بينما تزداد القدرة التنافسية لألمانيا. كما أن تخفيضاً سريعاً في تكاليف وحدة العمل من خلال إدخال إصلاحات هيكلية تزيد من نمو الإنتاج بما يتجاوز زيادة الأجور، أمر غير متوقع بالقدر نفسه. ففي ألمانيا تطلب الأمر 10 سنوات لاستعادة قدرتها التنافسية بهذه الطريقة. وليس بمقدور اليونان تحمل انتظار عقد كامل في كساد اقتصادي.
الخيار الثالث يتمثل في انكماش سريع في الأسعار والأجور، والذي يعرف باسم «التخفيض الداخلي». لكن ذلك سيؤدي إلى خمس سنوات من الكساد المتفاقم، بينما يزيد من عبء الديون، وعدم القدرة على الالتزام بسداده وأعبائه. لذلك من المنطق أنه في حال كانت هذه الخيارات الثلاثة غير ممكنة، فإن المسار الوحيد المتبقي أمام اليونان هو أن تترك منطقة اليورو. فالعودة إلى العملة الوطنية وإدخال تخفيض حاد على قيمتها سوف يمكنان اليونان من استعادة قدرتها التنافسية، وتحقيق النمو بسرعة، كما حدث مع الأرجنتين وغيرها الكثير من الأسواق الناشئة، التي تخلت عن ربط عملاتها بعملات أجنبية.

ومن الطبيعي أن تكون هذه العملية مؤلمة. ومن أبرز المشكلات التي ستواجهها ستتمثل في الخسائر الرأسمالية التي ستتكبدها المؤسسات المالية في بلدان المركز لمنطقة اليورو. وسترتفع المطلوبات الأجنبية باليورو، بين عشية وضحاها، على الحكومة والبنوك والشركات اليونانية. إلا أنه يمكن تجاوز هذه المشكلة والتغلب عليها. فقد نجحت في ذلك الأرجنتين عام 2001، عندما حولت ديونها بالدولار إلى البيزو. كما أن أميركا فعلت أمراً مماثلاً عام 1933 عندما خفضت قيمة الدولار بنسبة %69، وألغت شرط الذهب. إن القيام بعملية مماثلة، ومن جانب واحد أي تحويل الديون باليورو إلى الدراخمة، أمر ضروري ولا مفر منه.

خسائر كبيرة

كما ستتكبد البنوك الرئيسية والمستثمرون في منطقة اليورو خسائر كبيرة هي الأخرى من جراء هذه العملية، لكنها ستكون خسائر يمكن تحملها أيضاً، والتعامل معها إذا ما تمت إعادة رسملة هذه المؤسسات على نحو سليم وقوي، وحتى يتم تجنب حدوث انهيار للنظام المصرفي اليوناني في أعقاب الخروج من منطقة اليرور، فإن ذلك ربما يتطلب فرض تدابير مماثلة للنمط الأرجنتيني، مثل منح البنوك فترة سماح وقيود على رأس المال، لمنع حدوث انهيارات غير منظمة. وفي الواقع، فإن أضراراً جانبية ستحدث، لكنه يمكن الحد منها إذا ما تمت عملية الخروج بصورة منظمة، وقدم دعم دولي لإعادة رسملة البنوك اليونانية، وتمويل المرحلة الانتقالية المالية والخارجية الصعبة. ويرى البعض أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليونان سوف يكون أقل بكثير في ظل سيناريو مغادرة اليورو، مما سيكون عليه الوضع في ظل انكماش حاد. لكن هذا الرأي تشوبه شائبة من الناحية المنطقية:

فحتي في ظل الانكماش، ستتراجع القوة الشرائية الفعلية للاقتصاد اليوناني مع الخفض الفعلي لقيمة عملتها. إن مسار الخروج من اليورو سيمكن اليونان، وعبر تخفيض اسمي وفعلي لقيمة العملة، من استعادة النمو مباشرة، وتجنب عقد طويل من الكساد. كما أن أولئك الذين يدعون أن العدوى ستجر بلداناً أخرى إلى الأزمة هم في حالة إنكار للواقع. فدول الأطراف الأخرى تعاني من مشكلات مماثلة لمشكلات اليونان في ما يتعلق بالديون والتنافسية. والبرتغال، على سبيل المثال، ربما تضطر في نهاية المطاف إلى اعادة هيكلة ديونها، والخروج من منطقة اليورو أيضاً. تحتاج الاقتصادات، التي لا تتمتع بالسيولة النقدية لكنها قد تكون ذات ملاءة مالية، مثل أسبانيا وإيطاليا، إلى دعم من أوروبا بغض النظر عما إذا كانت اليونان ستترك اليورو أم لا، وفي الواقع، فإن تدافعاً متوقعاً للتخلص من الديون العامة لأسبانيا وإيطاليا في هذا الوقت يكاد يكون مؤكداً، إذا لم يتم تقديم الدعم. ويمكن استخدام الموارد الرسمية الكبيرة التي تهدر في إنقاذ الجهات الدائنة الخاصة باليونان، لحماية البلدان والبنوك في بلدان الأطراف في منطقة اليورو.

مزايا ثانوية

وقد يكون لخروج اليونان مزايا ثانوية، إذ سيكون أمام الاقتصادات الأخري في منطقة اليورو المنكوبة بالأزمات فرصة لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستتبع الخطوة ذاتها أو أنها ستبقي في اليورو، وأن تتحمل مسؤولية وتكلفة خيارها مهما كان. وبغض النظر عما تفعله اليونان، فإن بنوك منطقة اليورو بحاجة الآن إلى إعادة رسملة سريعة.

التجربة الأخيرة لآيسلندا، إضافة إلى الكثير من تجارب الأسواق الناشئة في العشرين سنة الماضية، تظهر أن إعادة الهيكلة المنظمة وخفض الديون الخارجية يمكنهما استعادة القدرة على الإيفاء بسداد الديون وأعبائها والقدرة التنافسية والنمو. وكما هي الحال في تلك الحالات، فإن الأضرار الجانبية التي ستلحق باليونان من جراء خروجها من اليورو ستكون كبيرة، لكن يمكن احتواؤها. وشأنه شأن الزواج الفاشل الذي يتطلب الانفصال، من الأفضل وجود قواعد تجعل من الانفصال أقل تكلفة على كلا الطرفين. إن الانفصال والطلاق مؤلمان ومكلفان، حتى مع وجود تلك القواعد. وتأكدوا تماماً أن خروجاً منظماً من اليورو سيكون أمراً قاسياً وشاقاً، لكن رؤية الانهيار غير المنظم والبطيء للاقتصاد والمجتمع اليوناني سيكون أكثر سوءاً.





المصدر : جريدة القبس
تاريخ النشر : 05/10/2011
 
أعلى