فضل
عضو مميز
يقول احدهم ..
محلل سياسي بإحدى القنوات المشهورة يحاول أن يبرر ربيع الثورات العربية
وكيف أنها تزامنت في وقت واحد ، يحاول أن يشرح للجميع أن هذه هي
البداية وأن دولا ستظهر مجددا ، ستتحرر دول كثيرة من زعمائها الفاسدين
كما وصفهم ..
لم يعجبه كلامه ، قال وهو يرفع كأس الشاي ليرتشف منه رشفة سريعة :
لم يبرر التبرير الصحيح ، هناك أسرار وراء هذه التظاهرات ، حتى وإن كان
زعماؤها طغاة فهناك أسرار لم تظهر للعيان ، هناك أسرار مدفونة ، ربما
ستظهر يوما ما ..
كما لا أعتقد أن دولا أخرى سنظهر ، فالهدف من وراء هذه التظاهرات
التحررية غير مجدٍ إلا مع دولة واحدة باقية ، وهذه الدولة يبدو أنه قد اختير
لها أسلوبا آخر ..
لم ترد ، بل فضلت الاستماع دون تعليق ، هي من النوع الذي لا يحب
الحديث في السياسة ، لكنها قالت بعينين تلمعان : أحبك ..
وقبل أن يتفاجأ بالكلمة وسببها عادت تقول : أحبك وأنت تعلق على الأحداث
السياسية ..
ابتسم لكلمات الإعجاب هذه ، فسألها : وما الجميل في ذلك ؟
قالت : أحب حماسك وأنت تتحدث ، تخرج منك الكلمات سريعة ، تبدو جديا
أكثر .. وهذه الأشياء أحبها فيك ..
ارتفعت معنوياته لما قالت ، وجدها مبررات معقولة بعد زواج امتد لعشر
سنوات ، اعتقد بعدها أن الحب الذي انغرس بعد الزواج قد تلاشى ، وحل
محله عشرة وألفة ، إضافة إلى أنه يشعر أنه ممل وثقيل وهو يتمسك
بتلك الأفكار والآراء التي يؤمن بها سياسيا ..
عادت زوجته تقول : بالمناسبة جاراتي سيزورونني مساء الغد ، ولدي بعض
الطلبات ، كما أني اتصلت بمحل الحلويات وطلبت بعض الحلوى آمل أن
تحضرها لي ..
قال وابتسامته لا تزال على محياه : حاضر .. كل طلباتك مجابة ..
ابتسمت مرة أخرى وقالت : تسلم يا حبيبي ..
طرأت لديه فكرة دعوة صديق مساء الغد ، سيستغل فرصة تنظيف البيت
وإعداده ودعوته ، فقال لزوجته :
- لدي فكرة ..
- وما هي ؟ فأفكارك تعجبني دائما ..
قال ومازالت تلك الابتسامة تعلو محياه ، ومازالت تنظر إليه بتلك النظرة
المشرقة :
مادام البيت سيكون جاهزا غدا فما رأيك لو دعوت صديقي خالد ، فلطالما
بحثت عن فرصة لدعوته ..
هنا تغير وجهها وصرخت قبل أن يكمل قائلة :
لا ينفع يا حبيبي .. سأكون منشغلة بجاراتي .. ويصعب علي الاهتمام بكما..
- إذن ما رأيك في مساء اليوم الذي بعده ، وخاصة أن البيت سيكون في
نظافته ؟
- لدي فكرة أجمل من فكرتك .. أتذكر ذلك المقهى الذي امتدحت مشروباته
وجلسته ؟ ما رأيك أن تصحب صديقك إليه ، حتما ستقضيان وقتا جميلا ..
قال وقد فقد بهجته: حسنا ..
شعر بصدمة ، حاول أن يقرن بين كلمة الحب ومحتواها وبين رفضها فلم يجد
إلا خيبة جديدة ، أحب أن يبين لها أن حبا دون عمل كلام يطير به الهواء
لكنه تراجع ، ولا يدري لماذا تراجع !
تذكر أنه قد استهلك جميع الثياب النظيفة التي في الخزانة ، فحرك لسانه
في كسل وقال : أحتاج إلى ثوب جديد ، الثياب في الخزانة انتهت ، وليس
لدي ثوب للذهاب به إلى العمل ، ما رأيك لو تجهزي واحدا بينما أحضر لك
طلباتك ..
قالت مع ابتسامة لم تعجبه : لا أستطيع يا حبيبي ، فأنت تعرف أن كتفي
تؤلمني عند الكي ..
- ولكنه ثوب واحد و ..
- حتى ولو يا حبيبي .. لماذا لا تذهب به إلى المغسلة وتريحني ..
طعنة أخرى تكشف حقيقة الحب الذي يؤمن به ولا يرى أثره ، فقال بصوت
فقد حماسه : حسنا .. سأذهب به إلى المغسلة ..
عاد يتابع البرنامج الحواري وهو يبلع غصته ، ساد بينهما صمت لثواني
فقرر طرد النكد ومحاولة نسيان الحب والصديق والثوب
فالتفت إليها وقال : أنا جائع .. أريد عشاء من يديك ..
هنا صرخت : ” سكرينا ” إذا انتهيت من تجهيز العشاء أحضريه بسرعة ..
ثم عادت تقول بصوت رقيق : أحبك يا زوجي العزيز .. أحبك ..
فقال في رقة لا تقل عنها : وأنا أيضا أحبك ..
< الحب بلا تضحيه .. يصبح سراب >