رأي الكاتب أحمد الديين اللبرالي بالرأس مالية اللبراليه الامركية

خبر ممتاز

عضو نشط
التسجيل
25 يناير 2010
المشاركات
421
الإقامة
الكويت

أزمة الدَّين الأميركية ليست أزمة عابرة!

كتب أحمد الديين

مع تداعي الاتحاد السوفياتي السابق وبداية انهيار التجربة الأولى في العالم لتطبيق الاشتراكية جراء أخطاء التطبيق ونواقصه وسلبيات انعدام الديمقراطية هلّل المدافعون عن النظام الرأسمالي وأشاعوا الأوهام حول أزلية هذا النظام الاستغلالي وديمومته، وكان أبرزهم المفكر الأميركي من أصل ياباني فرانسيس فوكوياما الذي أَلّف كتابه الشهير “نهاية التاريخ والإنسان الأخير” مفترضا فيه أنّ النظام الرأسمالي الليبرالي هو المرحلة النهائية في التطور البشري... ولم يمض وقت طويل حتى تخلى فوكوياما عن ادعائه وتراجع عن أطروحته غير العلمية!

وفي هذا السياق فقد كان من بين ما أشاعه الليبراليون الجدد من أوهام تقديسهم لآلية السوق التي ادعوا أنّها تمتلك الحكمة على معالجة الاختلالات في النظام الرأسمالي والقدرة على إعادة التوازن إليه؛ فيما كان رفضهم مطلقا لتدخّل الدولة في الاقتصاد، وغير ذلك من الأوهام والمقدسات التي تداعت وانهارت تماما مع الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة في العام 2008، وهي الأزمة الأشمل والأعمق للنظام الرأسمالي العالمي، حيث فرضت الأزمة على الأنظمة الحاكمة في البلدان الرأسمالية ضرورة إدارة الدولة للاقتصاد وتدخلها لحلّ أزمته!

وكذلك فقد كان هناك مَنْ يوهم نفسه أنّ أزمة 2008 إنما هي أزمة دورية عابرة، شأنها شأن الأزمات السابقة الأخرى التي شهدتها الرأسمالية عبر دورات الرواج والكساد، وأنّها سرعان ما ستتجاوزها، بينما كانت هناك في المقابل دراسات جادة لاقتصاديين تقدميين في الغرب الرأسمالي نفسه ترى أنّ الأزمة الحالية للنظام الرأسمالي العالمي ليست أزمة دورية عابرة، بل هي أزمة بنيوية لهذا النظام الاستغلالي الآيل إلى زوال، وأنّ هناك موجات متلاحقة للأزمة ستأتي تباعا وستكون أشد وأعنف من موجتها الأولى، وذلك استنادا إلى تحليل علمي يرى أنّ التناقضات البنيوية الصارخة للرأسمالية التي تجلّت في طغيان قطاع المال وفقاعاته، وغلبة قطاعات الاقتصاد غير الفعلي على قطاعات الاقتصادات الفعلية، وتعاظم الدَّين واستمرار تقلّص الفواصل الزمنية بين دورات الأزمات العامة، إنما هي أزمات تعبّر عن تفاقم التناقض الرئيسي بين العمل ورأس المال، وبين الطابع الاجتماعي المتزايد للعمل وطبيعة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، بما يؤكد حقيقة أنّ الرأسمالية آيلة إلى زوال بوصفها نظاما قائما على الاستغلال الطبقي والظلم الاجتماعي وإخضاع الشعوب وإفقارها ونهب ثرواتها؛ وتدمير البيئة؛ وخلق التوترات وتأجيج الصراعات وافتعال الحروب لهثا وراء تعظيم الأرباح؛ وتكوين الثروات وتراكمها؛ وتمركز رأس المال.

وهاهي أزمة الدَّين في الولايات المتحدة الأميركية معقل النظام الرأسمالي العالمي التي نشهدها هذه الأيام تمثّل إحدى الموجات المتلاحقة تباعا للأزمة البنيوية لهذا النظام... وأما الحلول المطروحة لمواجهة أزمة الدَّين، وذلك بغض النظر عن الصراع الظاهري في هذا الشأن بين الجناحين السياسيين للرأسمال الأميركي “الحزب الجمهوري” و”الحزب الديمقراطي”، فإنّها مجرد حلول ترقيعية تأجيلية تستهدف بالأساس إلقاء عبء الأزمة على كاهل الطبقات الشعبية، وخصوصا الطبقة العاملة والفئات الاجتماعية المهمّشة، وذلك عبر سياسات التقشف وتقليص بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية وما سينجم عنها من زيادة في معدلات البطالة وتوسيع لدائرة الفقر.

باختصار، الرأسمالية نظام اجتماعي استغلالي بدأ يتفسخ، ونهايته لن تكون نهاية التاريخ
 
أعلى