الهارون: استبعاد البنوك عن تمويل التنمية يناقض الخطة

Trillion

عضو مميز
التسجيل
27 مايو 2009
المشاركات
7,157
وزير شؤون التنمية دعا إلى زيادة الإنفاق الحكومي لإنقاذ القطاع الخاص المريض
الهارون: استبعاد البنوك عن تمويل التنمية يناقض الخطة
القبس 17-7
يبدو وزير الدولة لشؤون التنمية الجديد عبدالوهاب الهارون أكثر واقعية تجاه الفترة التي سيلمس فيها المواطن الكويتي انعكاسات مشاريع خطة التنمية على حياته اليومية، كذلك على القطاعات الاقتصادية كافة، عندما يحددها بـ 4 سنوات. وفي مقابلة خاصة مع القبس، يضع الهارون النقاط على الحروف لمرحلة سابقة اتسمت بكثير من المبالغات أو «الخيال» كما يسميه الهارون من دون أن يغفل إنجازات عدة وانطلاق بعض المشاريع. ويقول الهارون «لنكن عمليين، فالعائد من مول يحتاج إلى 4 سنوات على الأقل.. فكيف بخطة طموحة ومشاريع ضخمة كما هي في الخطة؟». لكن الهارون يؤكد أن «ذلك لا يعني أن هناك أمورا لن يلمسها المواطن متعلقة بمسكنه وتعليمه وصحته والخدمات الأساسية التي انطلقت بعض المشاريع فيها». ولا يرغب الهارون في فتح كل الأوراق فيما يتعلق برؤيته لكيفية تمويل شركات تنموية يمتلك فيها المواطنون %50، وتبين لاحقا أنها بلا عائد استثماري على المدى القريب، لكنه يؤيد شراء الدولة لمنتجات هذه الشركات لخلق عائد مجدٍ للمستثمر الأجنبي، وهي رؤية تتفق مع رئيس الفريق الحكومي الفني الشيخ سالم العبدالعزيز الصباح محافظ بنك الكويت المركزي، كما يؤيدها اتحاد المصارف. وعندما يأتي الحديث عن البنوك، يؤكد الهارون أن تمويل المشاريع التنموية يجب أن يكون منها، متسائلا: «كيف نقول (في الخطة) إننا نريد تشجيع القطاع الخاص ونشاركه، ثم نستبعد البنوك؟ هذا كلام معكوس».
يجرّ الكلام عن القطاع الخاص تساؤلا عن السبب الذي تخلع فيه شخصيات محسوبة على القطاع الخاص رداء هذا القطاع، ثم تلبس «البشت الحكومي»، وأين موقع الهارون المعوّل عليه من القطاع؟ يجيب الوزير: «دعم القطاع الخاص في مهمتي لن يكون انحيازا، بل هو قانون مجبَر على تنفيذه». أما ماذا سيفعل لكي لا يقع في مأزق سلفه الشيخ أحمد الفهد عندما تبين أن لا سلطة لديه على وزارات زملائه، وبالتالي لا يمكنه تنفيذ مشاريع تنموية متعلقة بها إلا بموافقتهم، فأجاب: إن ذلك سيتم بالتعاون مع الجميع. ويبدو أن الهارون متلمس لما يعانيه القطاع الخاص من بعض التشريعات كالـ b.o.t والخصخصة، ولديه تطلع لبحث هذه التشريعات مع زملائه الوزراء واللجنة المالية البرلمانية للخروج بتصورات جديدة.

نُلاحظ أنك بدأت مهمتك الجديدة بتهدئة الاندفاع السابق تجاه خطة التنمية ومشاريعها؟
ــــ الحماس جميل لكن هناك منطقا ايضا، نحن نمر بمرحلة شبيهة بمن يؤسس مشروعا، لنفترض أنه مول تجاري، فالتخطيط يحتاج إلى ما لا يقل عن سنة، ثم طرح المشروع للترسية وبدء البناء، والمستثمر لن يشعر بالعائد إلا بمرور 4 الى 5 سنوات، فما بالك بهذا الحجم الطموح من الخطة. وأنا متفائل بأن نشعر بانعكاس الخطة في غضون 4 سنوات. لا شك أن هناك بنية تحتية تشريعية وضعناها، فهناك حوالي 45 قانونا وما يتبعها من لوائح وقرارات وزارية.
لكن هناك قانونا واضحا وضع مراحل لإنجاز مشاريع معينة وبمدد زمنية محددة.
ــــ هناك اجراءات موازية لن تنتظر مدة 4 سنوات، وسيلمسها المواطن كتحسين خدمة في العلاج أو في الصحة، رفع مستوى الأداء في التعليم، توفير مساكن للناس، فهناك سياسات وأهداف مرحلية وأخرى طويلة الأمد، وما هو مطلوب في المراحل القصيرة الأمد بدأ العمل فيه مع زيادة جرعة العمل، أما الأمور الأخرى فبعيدة المدى في سياستها.
البعض شعر بإحباط بعد أن كانت هناك وعود برؤية جسور معلقة ومدن جاهزة؟
ــــ خيال.. خيال.. لنكن واقعيين وعمليين.. أما بالنسبة للمحبطين فعليهم أن يروا ايضا أن هناك مشاريع وقعت في السنة الأولى، وبدأ العمل بها، كمستشفى جابر وميناء بوبيان، وجار العمل على طرح مشروع جسر جابر، وهناك مشاريع في جامعة الشدادية بدأ العمل بها، وهذا جهد يُشكر عليه المسؤولون في الوزارات المعنية بهذه المشاريع، لكن في الوقت نفسه لنكن صبورين لنرى إنجازات أخرى مع الوقت.

معرقلات أحمد الفهد
واجهت سلفك الشيخ أحمد الفهد إشكالية في تنفيذ ما هو مطلوب منه في خطة التنمية، حيث تبين أن لا سلطة له على زملائه لفرض تنفيذ مشاريع تنموية تتعلق بوزاراتهم، فكيف ستحل هذه الإشكالية؟
ــــ خطة التنمية هي وثيقة وطنية متفق عليها بين جميع الأطراف الحكومية والنيابية والمجتمع المدني، وتحقق رؤية الأمير في تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري. أظن لو أن كل شخص وضع الأهداف والسياسات المطلوبة منه نصب عينيه، فلا شك أننا سنحقق جميعا ما هو مطلوب منا، كما أن علينا جميعا ـ حكومة ومجلسا ومجتمعا مدنيا وموظفي دولة وإعلاما حكوميا وخاصا ـ ان نسعى لتحقيق هذه الأهداف.
دار جدل عقيم لمدة سنة تقريبا بين اطراف حكومية حول آلية تمويل شركات تنموية بلا عائد على المدى القريب، ما رؤيتك لهذا الملف؟
ــــ هناك شركات جاهزة للطرح مثل الكهرباء والمستودعات الجمركية في الشمال ومستشفى الضمان الصحي، وهذه عائدها مجدٍ للمستثمر الاستراتيجي. لكن تبقى هناك شركة المساكن الحكومية المنخفضة التكاليف وشركة الخيران السكنية، التي سنقف أمامها قليلا ونعيد هيكلتها من جديد حتى تحقق الأهداف منها، لكن في كل الأحوال لن نتراجع عن هذه الشركات، لأنها صدرت بقانون، قد نحتاج إلى إضافة بعض المحفزات فيها لتشجيع المستثمر على المساهمة فيها، وهذه الإضافات ستتبلور بعد لقائي باللجنة التي شُكّلت لهذا الغرض برئاسة البنك المركزي، كما سيكون لي لقاء مع اللجنة المالية البرلمانية والجهات المعنية للوقوف عند رأيها والتوصّل الى نتيجة نهائية.

شراء الدولة للمنتجات
طُرح خيار لخلق العائد، يقضي بشراء الدولة لمنتجات هذه الشركات، ما رأيك؟
ــــ هذه الشركات أتت لتحل محل الدولة، وبالتالي بدل أن تنتج الدولة سلعة ما، إن كانت سلعة كهربائية أو خدمة صحية، تصبح الدولة شارية لمنتجات هذه الشركات، وبالتالي تتحمّل فرق ما تدفعه الآن كدعم للمواطن، وهذا لا شك سيخفف التكلفة على الدولة، حيث ستكون الانتاجية في القطاع الخاص والادارة التجارية مختلفة عن الادارة الحكومية.
وللعلم، هناك رغبة لدى الشركات في المشروعات المطروحة بهذا النظام، كما هي في شركة الكهرباء، حيث هناك ضمانة بأن تشتري الدولة منتجاتها.
هناك امر اخر اريد ان الفت إليه، أن مسألة العائد مفتوحة أمام المستثمر، فإذا اكتشف في دراسته للمشاريع انه يمكنه خلق عوائد من فرص داخل المشاريع، فهذا متاح له في اطار القانون.
لكن ماذا عن دور البنوك، هل تؤيد ان يكون التمويل لهذه المشاريع من البنوك %100؟
ــــ بأي حال من الاحوال يجب ألا يُستبعد دور البنوك، فكيف نشجّع القطاع الخاص في الخطة، ونضع اولويات لمشاركته في التنمية، ثم نتكلم عن استبعاد المصارف.. هذا كلام معكوس. فاليوم البنوك لديها فائض بالمليارات من السيولة، يمكنها استخدامه في تمويل المشاريع.

تعديل b.o.t والخصخصة
معظم المشاريع المطروحة ستكون ضمن قانون b.o.t أو عن طريق الخصخصة، وهناك مطالب من القطاع الخاص لتعديل القانونين، ما هي رؤيتك؟
ــــ سأنسق مع زملائي الوزراء لإعادة النظر في هذه المشاريع، وذلك بالتعاون والمشاركة مع اللجنة المالية البرلمانية لكي نذلل العقبات. وقد وصلتني ردود الأفعال من القطاع الخاص ان كان من غرفة تجارة وصناعة الكويت او اتحادي الصناعيين او العقاريين حول مشاكل تطبيق مشاريع حسب القانونين.
يضع القطاع الخاص آمالا عليك، كونك أتيت منه وتمثله في الحكومة، وهو اليوم يئن من تبعات الازمة، فما هي رسالتك له؟
ــــ أنا أدرك الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع الخاص، وحتى خطة التنمية حمّلت القطاع الخاص مسؤولية كبيرة، فمن بين الـ30 مليار دينار المرصودة للمشاريع التنموية، هناك ما لا يقل عن 1.8 مليار دينار على القطاع الخاص انفاقها في المشاريع، وهناك تساؤل مشروع: «من أين يأتي القطاع الخاص بهذه الاموال في ظل هذه الظروف؟». وانا سأسعى الى زيادة الإنفاق الحكومي في المشاريع التنموية كما هو مطلوب في القانون، حيث تحرك المال العام في الاسواق لا شك سيحرك الدورة الاقتصادية كاملة، ويفيد القطاع الخاص ويفتح امامه المجالات والفرص للدخول في المشاريع. فشفاء القطاع الخاص من حالته المرضية الآن يحتاج الى جرعات إنفاقية.
كما أن هناك مسعى لحل المشكلات القانونية في b.o.t والخصخصة، فحتى المجلس الاعلى للخصخصة لم يصدر فيه مرسوم لتعيين اعضائه حتى الآن. وأظن إذا خلق هذه الأجواء، فسيكون هناك قدرة للقطاع الخاص للنهوض من جديد.

هل يلبس الهارون البشت الحكومي؟
سألت القبس الهارون عن رأيه في الاعتقاد السائد لدى كثيرين من القطاع الخاص بأن وزراء يدخلون الحكومة ممثلين لهم، ثم لا يلبثون ان يخلعوا رداء القطاع الخاص ويلبسون «البشت الحكومي»، فأجاب: «أنا سأعمل على تطبيق القانون، وقانون خطة التنمية واضح بدعم القطاع الخاص وتشجيعه ومشاركته في المشاريع التنموية. فالقانون رأى بضرورة اعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، والخلل الحاصل حاليا ان هناك سيطرة للقطاع الحكومي على الاقتصاد، واصلاحه يتطلب رفع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد وتقليل هيمنة القطاع الحكومي، وانا مجبر على تطبيق القانون الذي جاء لمصلحة القطاع الخاص وليس انحيازا للاخير».
وعن رؤيته للتنمية بشكل عام، يرى الهارون أنه لا يمكن ان تكون هناك تنمية الا بادارة فعالة في المؤسسات واصلاح الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني. ويعتقد ان هناك تراكمات تاريخية ادت الى هذه الاختلالات، وان اصلاحها لن يأتي بعصا سحرية، لكن المهم ان تحد منها، ثم تبدأ في اصلاحها، ولن يكون ذلك في الفترة الزمنية نفسها التي تراكمت فيها، بل بحرق مراحل سريعة لاصلاح الاختلالات.
 
أعلى