السلام عليكم
القاعدة الفقهية : "من تعجّل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمــــــانه"
وأمثلة ونماذج من الواقع
من القواعد الفقهية المعروفة لدى العلماء قاعدة :" من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه" وقد ذكرها كثير من العلماء في كتبهم حتى لا يكاد يخلو كتاب من كتب القواعد الفقهية من ذكرها أوالإشارة إليها.
ومعنى القاعدة إجمالاً : أن من تعجّل الأمور التي يترتب عليها حكم شرعي قبل وجود أسبابها الصحيحة لم يفده ذلك شيئاً وعوقب بنقيض قصده.
وقال ابن رجب مبيناً معناها :"من تعجل حقه وما أبيح له قبل وقته على وجه محرم عوقب بحرمانه " .
وقال بعض الفقهاء :" من استعمل ما أخره الشرع يجازى برده "
وقال الشيخ السعدي في نظم هذه القاعدة في منظومة القواعد الفقهية :
معاجل المحظور قبل آنه قد باء بالخسران مع حرمانه
أي أن المستعجل للشيء المحرم عليه الآن مع أنه سيباح له بعد حين ولكن لا يصبر حتى يأتي وقته فيستعجل سببه وطلبه فحكم عليه بأنه "قد باء بالخسران مع حرمانه" أي أنه يصير إلى الخسارة مع حرمانه بالكلية مما استعجله وتسرع في حصوله ، ولاستخدامه الوسائل غير المشروعة للحصول على مطلوبه.
ويعتبر استعجال الأمر قبل أوانه من التقدم بين يدي الله وعدم التسليم وقد قال الله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم" ، كما أنه سوء أدب مع الله تعالى .
وقد ذكر بعض العلماء كالحسن البصري والشعبي في سبب نزول هذه الآية الكريمة أنها نزلت في قوم ذبحوا أضحيتهم قبل أن يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن يعيدوا الذبح حيث إنهم استعجلوا الذبح قبل وقته المحدد شرعاً فكان لغواً ولم يعتبر.
فكل من توسّل بالوسائل غير المشروعة تعجلاً منه للحصول على مقصوده المستحق له ، فإن الشرع عامله بضد مقصوده ، فأوجب حرمانه جزاء فعله واستعجاله ، لأن الشرع جعل للأشياء أسباباً ، ولا تتحقق تلك الأشياء إلا بتحقق أسبابها.
ولمزيد من التوضيح يقال :إن من أجازت له الشريعة شيئاً في وقتٍ معين ثم تباطأ هذا الوقت وطال عليه الأمد ، وحاول استعجاله بطرقٍ (ملتوية محرمة) ، فإنه حينئذٍ يعاقب بحرمانه من ما هو مباحٍ له ، ويحال بينه وبين حقّه ، معاملةً له بنقيض قصده جزاءً وفاقاً ، فكما أنه أراد الوصول للمشروع بوسائل محرمة تعجلاً منه للحصول على مقصوده المستحق له ؛ فإنه يعاقب بالحرمان منه ، وهذا هو العدل ، فإن هذا الحق الذي جعل صاحبه يقع في الحرام من أجل استعجاله ، لا خير فيه ، وحقه أن يمنع منه ، وهذه القاعدة العظيمة تمثل جانبًا من جوانب السياسة الشرعية في القمع وسد الذرائع ؛ ولأن فعل ذلك الشخص الذي أراد الوصول إلى حقه بطرقٍ محرمة يُعَدُّ تحايلاً على الشرع من جانبٍ آخر ، فعنده بليتان :
أحدهما : أنه وقع في المحرم استعجالاً لحقه .
الثانية : أنه تحايل على الشرع بسلوك هذه الطرق للتوصل إلى حقه ، فعوقب بحرمانه من هذا الحق أصلاً.
والأمثلة التي ذكرها الفقهاء لهذه القاعدة كثيرة جداً
منقول