انفراج في هيكلة شركات الاستثمار

هده خله يتحدي

عضو نشط
التسجيل
15 مارس 2007
المشاركات
2,089
الإقامة
لندن
ملف «أعيان» أنجز... و«كفيك» في الطريق و«البيت» تسجل تقدماً

انفراج في هيكلة شركات الاستثمار



كتب رضا السناري |

برزت خلال الأسبوعين الماضيين مؤشرات متزامنة إلى حلحلة العديد من ملفات إعادة هيكلة ديون شركات الاستثمار. الأبرز على هذا الصعيد إنجاز مفاوضات إعادة هيكلة ديون شركة أعيان للإجارة والاستثمار، التي سيوقع اتفاقها غداً. وفي الطريق اتفاقات أخرى يبدو أنها باتت قريبة.
وتشير معلومات إلى أن الشركة الكويتية للتمويل والاستثمار (كفيك) باتت هي الأخرى قريبة من التوصل إلى اتفاق مع البنوك على إعادة هيكلة مديونياتها، بعد أن واجه الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل أشهر عثرات غير متوقعة.
ويقوم الاتفاق المرتقب على فكرة مبدئية تقوم على ثلاثة عناصر:
- يضخ المساهمون رأسمالٍ جديداً بمبلغ 15 مليون دينار.
- تحوّل البنوك الدائنة 50 في المئة من الدين إلى أسهم في الشركة. ويجري التفاوض على سعر السهم في هذه العملية.
- تعيد البنوك جدولة النصف الآخر من الدين.
ومثل هذه الآليات التي يدخل فيها استبدال الدين بأسهم لم تكن تلقى قبولاً قبل سنة واحدة، بل كانت منطلقات البنوك في اي مفاوضات لتسوية المديونيات تقوم على استرداد كامل المبلغ مع التفاوض على إعادة جدولة الأقساط ومهل السداد لا أكثر.
وربما تستحق الأشهر المقبلة عنوان «مرحلة الحلحلة» إذا صدقت التوقعات بانطلاق عمليات إعادة الهيكلة، لتتجاوز معظم الشركات الاستثمارية مشكلاتها، لاسيما تلك التي تتبع لمجموعات عائلية مرموقة.
وربما تشمل «الحلحلة» ملفات كانت حتى وقت قريب ميؤوساً منها، مثل ملف الشركة الدولية للإجارة والاستثمار، التي حظيت بفرصة للإنقاذ بفعل سيطرة تحالف البنك الإسلامي للتنمية على مجلس إدارتها، والخطوات العملية العاجلة التي بدأها لإنقاذ الشركة. ويبدو البنك المركزي متجاوباً مع هذه الجهود، بمنحه مهلة ثلاثة أشهر، قد تكون كافية له لتبيّن مدى جديتها.
ويبدو ان متغيرا مهما استجد أخيرا في ما يتعلق بمقاربة البنوك لعلاقاتها مع الشركات الاستثمارية المتعثرة أو شبه المتعثرة. فحتى نهاية العام الماضي كانت النقاشات تتسم بقدر كبير من الصرامة وقدر أقل من الواقعية، في ظل سقف مرتفع لتوقعات البنوك لما يمكن لها أن تسترده، وسقف مماثل لتوقعات الشركات المتعثرة في شأن ما يمكنها أن تحتفظ به من أصول.
الا ان المصارف بدأت تعيد حساباتها تجاه الديون غير المنتظمة، لتفتح نوافذ أوسع للنقاش لحلحة جملة من الملفات حول آلية السداد، ليشمل ذلك إلى جانب المساهمة في زيادة رؤوس الاموال المقترحة للهيكلة استدخال الاصول، وإسقاط نسبة من اصل الدين أحيانا.
واستدخال الأصول مقابل الدين بالذات كان يلقى اعتراضاً من البنوك، حين كانت أسعار الأصول تتهاوى ولا ترسو على بر، حتى لأن بنك الكويت المركزي منع على البنوك اللجوء إلى تسييل الاصول المرهونة مخافة ان يتعرض سوق الاسهم إلى ازمة نظامية في ما يتعلق بمعادلة العرض والطلب.
ولم يقتصر التحول في العلاقة الائتمانية الصعبة على البنوك فقط، اذا امتد ايضا إلى الشركات التي تميزت احيانا بالمبادرة لمعالجة اوضاعها. ومن الواضح أن المزيد من الشركات الاستثمارية باتت مستعدة للتخلي عن أصول «استراتيجية»، أو حتى عن «درر التيجان» في استثماراتها، في سبيل معالجة أوضاعها والانطلاق من نقطة بداية جديدة. ومن الأمثلة على ذلك مبادرة بيت الأوراق المالية التي عرضت على الجهات الدائنة قائمة بجميع اصولها، ليتقدم من يرغب في استدخال أي منها مقابل دينه بعرض. وكان اول المتجاوبين مع عرض «البيت» بنك بوبيان الذي استدخل اصولا من الشركة بقيمة 5.5 مليون دينار.
ومن عمليات استدخال الأصول البارزة التي هي قيد التنفيذ، الاتفاق الذي توصلت إليه شركة الزمردة القابضة مع اهم دائنين لها وهما البنك الوطني والتجاري، باستدخال اسهمها في بنك الخليج.
وفسر هذا التحول على انه محاولة من البنوك والشركات لإحداث توازن ائتماني يساعد في تحسين محفظة القروض غير المنتظمة من جهة ومعالجة أوضاع الشركات ذات الصلة، فكان الطريق الاوسع للطرفين توسعة نطاق عمليات الهيكلة مع الشركات المتعثرة ودخولها مرحلة جديدة، عنوانها العريض التعامل وفق آليات مرنة للنقاش قابلة للتطبيق على الأرض» بعكس المرحلة السابقة التي كان الجيمع فيها يشد اللحاف ناحيته.
ويفسر مصرفيون التحول في مقاربات البنوك والشركات المتعثرة الذي أوصل إلى هذه المرحلة الجديدة باعتبارات هي:
1-ان البنوك نجحت في بناء المستويات الكافية من المخصصات امام ديونها غير المنتظمة، واكد ذلك في اكثر من مناسبة محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح. وتجاوزت نسب التغطية 100 في المئة من ديون الكثير من الشركات المشكوك في تحصيلها. ومن ثم يمكن القول ان البنوك بدأت التفكير في استرداد اموالها المتعثرة من دون أن تكون تحت الضغط. وكان من افرازات المرحلة ان المصارف بدأت تقبل آليات جديدة للاسترداد ربما لم يكن احد يتصور ان تقبلها حتى ديسمبر الماضي.
2- لم يبق لقوس العديد من الشركات المتعثرة، حتى التي تمتلك اصولا جيدة. ولم يعد تقطيع الوقت متاحاً، ولذلك كان من الضروري الاعتراف بالمشكلة، والتفاوض على حلها بمعطيات لا تعتمد على التشدد في رفض بعض التفريط. وامام موقف البنوك الملاقي لبعض الخصومات الاضافية لعبور الأزمة كان من الطبيعي ان تعتمد مجريات النقاش على صيغة جديدة نهائيا لحل أزمة بعض الشركات التمويلية، والشاهد في بعض خطط الهيكلة التي اعتمدت اخيرا على بنود كان من الصعب قبولها سابقا.
3- رغم ان البنوك كونت تقريبا كافة المخصصات المطلوبة منها امام ديونها غير المنتظمة الا انها لا تفضل اللجوء الى القضاء طلبا لمديونتها، الذي قد يعني في كثير من الحالات طلب تصفية الشركة المدينة. ومن اجل المقاربة ربما يتذكر البعض توصيات «ديلويت» إلى البنك المركزي بخصوص تصفية شركة دار الاستثمار، حيث لفت إلى انه في حال اقرار التصفية لن يحصل الدائنون اكثر من 30 في المئة من اجمالي مديونيتهم، ناهيك عن الوقت الضائع في انجاز عملية التصفية التي تطول لسنوات طويلة لا يستطيع احد الوقوف على نهاية لها.
وبمعنى اكثر دقة لم يعد امام البنوك الدائنة وبعض الشركات المتعثرة التي تمتلك المركز المالي الجيد وملاءة الاصول الا الجلوس على مائدة التفاوض لحل أزمتهما بمعطيات جديدة قابلة للتنفيذ، فاذا كانت البنوك لم تعد معرضة مثل السابق لحاجة بناء المخصصات مثل السابق، مقابل شركات بدأت تعترف بمشاكلها وتسعى لتقريب وجهات النظر، ولديها من الاصول ما يمكن ان تدفع به للحل، من الطبيعي ان تقف البنوك والشركات الراغبة في العلاج على مسافة واحدة من الرغبة في الحل وبتقديم بعض التنازلات الضرورية.
وعكس ذلك مؤداه ان تصر البنوك على موقفها والشركات المتعثرة تستمر في عدم الاعتراف بمشكلتها إلى ان تحدث المعجزة الحكومية كما يعتقد البعض، والمحصلة استمرار الوضع الائتماني في التدهور إلى الدرجة التي لا يمكن لملمتها ثانية خصوصا في ظل تراجع قيم الاصول، مدفوعة باستمرار تعليق صيغ الحل بين البنوك والشركات المتعثرة.

أصعب الملفات «الدار» و«غلف إنفست»

في غمرة «الحلحلة» التي تشهدها ملفات شركات الاستثمار المتعثرة او شبه المتعثرة، تبقى بضع شركات بعيدة عن حل مشكلاتها، إما بسبب ضخامة ديونها بالنسبة إلى أصولها وحقوق مساهميها، وإما بفعل تعقيدات تحكم هيكل المديونيات.
ويبقى الملف الأكثر تعقيداً ملف «دار الاستثمار»، الذي لا يبدو أن هناك أي فرصة لمعالجته «ودياً» مع الدائنين، نظراً لكثرتهم وتوزعهم بين الداخل والخارج، ولا امل للشركة إلا بفرض الحل بقرار من المحكمة تحت مظلة قانون تعزيز الاستقرار المالي في جلسة 2 يونيو المقبل.
والملف الآخر المعقد هو ملف الشركة الخليجية الدولية للاستثمار (غلف إنفست)، التي استنفدت الكثير من المحاولات لرسملة بعض الديون.
 
أعلى