الوسواس....

نجوم777

عضو نشط
التسجيل
19 يونيو 2010
المشاركات
5,990
الإقامة
الكويت الجهراء
الوساوس


كلمة هادية في أسبابه وسبل التغلب عليه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمن عليك بالشفاء عاجلا غير آجل، وأن يشرح صدرك وينور قلبك ويرزقك الراحة والطمأنينة، واعلم أن الوسوسة مرض يعتري الشخص، يأتي له بصورة أفعال وأفكار تتسلط عليه وتضطره لتكرارها، وإذا لم يكرر الفعل أو يتسلسل مع الفكرة يشعر بتوتر وضيق وعدم صحة ما فعل، ولا يزول هذا التوتر إلا إذا كرر الفعل، وتسلسل مع الفكرة، فهو إذاً المبالغة الخارجة عن الاعتدال، فقد يفعل الأمر مكررا له حتى يفوت المقصد منه، مثل أن يعيد الوضوء مرارا حتى تفوته الصلاة، أو يكرر آية أو نحو ذلك حتى يسبقه الإمام بركن أو أكثر، وقد يتمكن منه الوسواس فيترك العمل بالكلية والعياذ بالله، وهذا هو المقصد الأساس من تلك الوسوسة،

وللوسواس أسباب أعظمها:
1- الشيطان، فله الدور الأكبر فيها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة . رواه أحمد وأبو داود . أي فلا تلتفتوا إلى هذا الشيء الذي يزعجكم ويقلقكم.


2- عوامل نفسية أو تربوية أو وقوع حدث أو موقف كان له أثر قوي في نفس المصاب، وفي مثل هذه الحالة يعرض الشخص المريض على طبيب نفسي مسلم.
ولتغلب العبد على الوسواس الذي يصيبه في عبادته وأفكاره عليه فعل
الآتي:
1- الالتجاء إلى الله تعالى بصدق وإخلاص في أن يذهب الله عنك هذا المرض ( بالدعاء والإلحاح فيه )
[/
COLOR]
2- الإكثار من قراءة القرآن والمحافظة على الذكر لا سيما أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، ودخول المنزل والخروج، ودخول الحمام والخروج منه، والتسمية عند الطعام والحمد بعده، وغير ذلك، وأنصحك بشراء كتاب الأذكار للإمام النووي( محققًا ) ومعاودة القراءة فيه دائما.

3- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والانتهاء عن الاسترسال مع خطواته الخبيثة في الوسوسة، فلا أنفع من هذ الأمر لذهاب الوسواس، وقد جاء عن بعض الصالحين الذين ابتلوا بالوسواس أنه كان يقول للشيطان إذا وسوس له بعدم صحة وضوئه أو صلاته بعد الانتهاء منها يقول له: لا أقبل منك حتى تأتيني بشاهدي عدل على ما تقول. فأعظم العلاج للوسواس هو الإعراض عنه وعدم تصديقه في عدم صحة ما قمت به، واسمعي لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي أحدكم الشيطان فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته .
وتأمل معي حبيبي في الله هذه النفحات النبوي شرح الله صدرك
ـ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ : [ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ] (البقرة: 268) رواه الترمذي .
ـ وعن عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثا. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني . رواه مسلم .
فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من ابتلي بهذه الوسوسة إلى الإعراض عن هذا الخاطر الشيطاني، والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه، وترك الاسترسال معه، فالتمادي في الوسوسة لايقف عند حد، فلا تظنن أن علاج الوسواس هو تكرار الفعل أو تركه بالكلية.

ـ وروي الإمام أحمد عن أبي تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره فقلت تعس الشيطان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تقل تعس الشيطان فإنك إن قلت تعس الشيطان تعاظم ،وقال: بقوتي صرعته ، وإذا قلت: بسم الله ، تصاغر حتى يصير مثل الذباب ".
قال ابن كثير : فيه دليل على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغُلب، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب ".

وأوصيك بذكر الله تعالى ،
وخاصة التعوذ من الشيطان ،
وقراءة القرآن ،
وآية الكرسي ،
والإخلاص
والمعوذتين .

4-استحضار القلب والانتباه عند الفعل وتدبر ما هو فيه من فعل أو قول، فإنه إذا وثق من فعله وانتبه إلى قوله وعلم أن ما قام به هو المطلوب منه كان ذلك داعيا إلى عدم مجاراة الوسواس،
وإن عرض له فلا يسترسل معه، لأنه على يقين من أمره،
ومن ذلك في الوضوء -مثلاً- أن يتوضأ من إناء فيه قدر ما يكفي للوضوء بلا زيادة، ويجاهد نفسه أن يكتفي به، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بأقل منه،
وفي الصلاة يجتهد في متابعة الإمام حتى ولو خيل إليه أنه لم يأت الذكر المطلوب،
وإذا قرأ الإمام ينصت له في الصلاة الجهرية وهكذا يحاول تدريب نفسه على هذه الحلول شيئا فشيئا،

واعلم أن علاج نفسك
يكون بقوة العزيمة منك وإصلاح نفسك
لأنه مهما كتب لك من كلام لن تنتفع به إلا إذا أخذته وطبقته بقوة وعملت بما أرشدت إليه، لا بما يمليه عليك الشيطان.
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية : والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إن كيد الشطان كان ضعيفا، وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب .
وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه والعياذ بالله،

ومن أفضل السبل إلى قطعها والتخلص منها:
الاقتناع بأن التمسك بها اتباع للشيطان.
ـ وقد سئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله عن داء الوسوسة هل له دواء؟
فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها...
ـ وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته .

فتأمل هذا الدواء النافع الذي علَّمه من لا ينطق عن الهوى لأمته.

واعلم أن من حُرمه حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر.

[ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ]..
ولا شك أن من استحضر طرائق رسل الله سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وجد طريقته وشريعته سهلة واضحة بيضاء بينة، سهلة لا حرج فيها،

[ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ]
ومن تأمل ذلك وآمن به حق إيمانه ذهب عنه داء الوسوسة والإصغاء إلى شيطانه..
ـ وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته
فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني،
وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأن يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فرَّ عنه، وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان وسلطه الله عليه محنة له ليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون.. وبه تعلم صحة ما قدمته أن الوسوسة لا تسلط إلا على من استحكم عليه الجهل والخبل وصار لا تمييز له،
وأما من كان على حقيقة العلم والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع ولا يميل إلى الابتداع..

5- ومن أعظم الأسباب لعلاج الوسوسة هو مجالسة الصالحين وحضور مجالس العلم، والحذر من الانفراد والانعزال عن الناس.

وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم
 

نجوم777

عضو نشط
التسجيل
19 يونيو 2010
المشاركات
5,990
الإقامة
الكويت الجهراء
* مظاهر الوسوسة وصورها:

من خلال استقراء شكوى الناس من الوسوسة نستطيع أن نذكر بعض مظاهر الوسوسة وصورها على النحو التالي:


1. الشك في أداء العبادة كاملة: وذلك فإن كثيراً من الناس ما يشكّون في وضوئه، بحيث يخيل إليهم أنهم قد نسوا عضواً من أعضاء الوضوء لم يغسلوه بالماء، فيعود الشخص فيتوضأ مرة أخرى، ثم يشك في هذا الوضوء الجديد، فيعود ويتوضأ مرة ثالثة وهكذا …، ونفس الأمر يكون في الصلاة بحيث يشك المصلي في عدد ركعات صلاته، وأنه صلى أقل من العدد المفروض أن يصليه، فيعود ويصلي مرة أخرى.

2. الشك في صحة العبادة: وفي هذه الصورة يشك الإنسان في عبادته من حيث صحتها وعدمها، فترى الإنسان يتوضأ وضوءاً كاملاً، وهو يعرف أنه قد أتى بكل أركانه وشروطه، ولكنه يخيل إليه أن هذا الوضوء غير صحيح، وأنه أخطأ فيه خطأ لا يعرفه، ومن أجل ذلك يجب عليه أن يعيد هذا الوضوء، ونفس الأمر يقال في الصلاة أو الصيام أو غير ذلك.

3. الشك في صدق النية وإخلاص التوجه إلى الله تعالى: وهذا نجده عند كثير من الناس أيضاً، وهم يشكون إحساسهم بأن عبادتهم هي نوع من النفاق والرياء، وأنهم لم يخلصوا في توجههم إلى خالقهم بالعبادة.

4. الشك في قبول العبادة: وهذا يتمثل في أن كثيراً من الناس يرون أن الله لن يقبل منهم عبادتهم، وأن صلاتهم أو صيامهم أو تقربهم من الله بأي نوع من أنواع العبادة، لن يصل منه شيء إلى الله تعالى، أو أن الله لن يلتفت إلى عباتهم، وأن مصيرهم إلى النار والعياذ بالله.

5. الشك في أن ما يقوم به الفرد من العبادة غير كافٍ: حيث يشكي كثير من الناس أنهم يشعرون بأن ما يقومون به من العبادات المفروضة عليهم غير كافٍ، وأنهم مفرطون في جنب الله تعالى، رغم أنهم يقومون بأداء ما فرض الله عليهم، إضافة إلى بعض النوافل.



1. الإحباط واليأس الشديد: وهنا يشعر الشخص بأنه محبط، وأنه عاجز عن أداء ما فرض الله تعالى عليه، ومن ثم يضيق بنفسه وبالدنيا ذرعاً.



2. الاكتئاب والحزن: بحيث يشعر الشخص بالحزن الشديد لأنه غير قادر على أن يتخلص مما يشعر به من الوسوسة، وأنها أمر لا فكاك عنه، وقد تلازمه إلى الأبد.

3. الخوف والوجل من الله تعالى: ويشعر الشخص بذلك نتيجة شعوره بالتقصير في أداء العبادة، وأن الله تعالى سيعاقبه على عجزه هذا.

4. الإحجام في الحالات المتقدمة عن أداء العبادات: وهذا قد حصل من أناس كانوا قبل الوسوسة ممن لهم باع طويل في العبادة، وممن يواظبون عليها بكل صورها، من صلاة وصيام وقراءة للقرآن وغير ذلك من الفرائض والنوافل.
 

saadkuwait

موقوف
التسجيل
27 مارس 2009
المشاركات
2,526
الله يجزاك كل خير
موضوع قيم
 

نجوم777

عضو نشط
التسجيل
19 يونيو 2010
المشاركات
5,990
الإقامة
الكويت الجهراء
الوسواس القهري
ما هو مرض الوسواس القهري؟

الذين يصابون بالمرض قد يعتقدون أن هذه الوساوس إنما هي نتيجة ضعف بالشخصية أو أنها من عمل الشيطان أو الجن أو أنها تكون بسبب حالة نفسية، ولكن الحقيقة ليست كذلك، وربما يكون الاعتقاد هذا يسبب في زيادة حدة المرض، فكيف يمكن أن يتخلص أحدهم من ضعف في الشخصية والتي ربما أنشأ عليها طوال حياته، أو كيف له التخلص من الشياطين والجن وهو ليس لديه القدرة عليهم، أو كيف يمكنه أن يتخلص من الحالة النفسية وهو ربما يستحي أن يفصح للمختصين بها؟ كل هذا يدعو لفقدان الثقة بالنفس وزيادة حدة المرض.

إذن، فما هو هذا المرض؟ ما السبب في وجوده؟ وكيف يمكن للأفكار أن تتطفل بهذه الشدة؟ ولماذا الإحساس وكأنك مرغم على القيام بعادات غريبة؟ ولماذا تتكرر هذه الأفكار كلأسطوانة المكسورة؟ هذه الأفكار التي تخلق الشعور بالخطر (كالتي تقول: "إذا لامست مسكة الباب ستتنجس يداي،" أو "أنا أعلم أنني لو تركت لوحدي فسوف أقتل أبني،" أو "أعد قراءة الآية لأنك أخطأت في قراءتها،") ليست إلا أفكار سببها خلل كيمائي حيوي في المخ.

تشير بعض الدراسات أن المرض قد يكون وراثيا ولكن لا يظهر إلا بعد أن يقع الشخص تحت ضغط أو إرهاق نفسي على سبيل المثال، ولقد دل البحث العلمي على أن السبب في مرض الوسواس القهري هو خلل في انتقال الرسائل من مقدمة المخ إلى أعماقه، ولانتقال الرسائل بشكل طبيعي يستخدم المخ مادة السروتونين (Serotonin) لنقل الرسائل بين الوصلات العصبية، فمرض الوسواس القهري يتعلق بنقصان مادة السروتونين. لذلك فإن الأطباء المختصين وبعد تشخيصهم لمرض الوسواس القهري يقومون في بعض الأحيان بإعطاء المرضى أدوية تزيد من نسبة مادة السروتونين حتى يسهل العلاج النفسي.

الشكل التالي يوضح النشاط الزائد في المخ عند المريض بمرض الوسواس القهري مقارنة بالشخص العادي، لاحظ أنه كلما اقترب اللون إلى الأحمر دل ذلك على شدة النشاط في المخ، المخ المصور على اليمين هو لشخص مصاب بمرض الوسواس القهري حيث أن مقدمة المخ (Orbital Frontal Cortex) في حالة هيجان، بينما الشخص العادي (على اليسار) في حالة التفكير الطبيعي.
 

نجوم777

عضو نشط
التسجيل
19 يونيو 2010
المشاركات
5,990
الإقامة
الكويت الجهراء
في فتوى أخرى للشيخ محمد بن عثيمين ردًا على سؤال للدكتور طارق الحبيب الذي فيه: "أن عددًا من مرضى الوسواس يعتقدون أنهم ضعاف الإيمان بسبب غلبة الوسواس عليهم." فكان رد الشيخ بن عثيمين رحمه الله: "إن ذلك خطأ والصواب أنه علامة قوة الإيمان".
 
أعلى