لم يفشل «التدخل الحكومي»... بل فشلت المحفظة الوطنية مقال أكثر من رائع

بدجت

عضو نشط
التسجيل
29 سبتمبر 2007
المشاركات
1,276
الإقامة
الكويت
| كتب علاء السمان |

تلف بورصة الكويت أجواء من القلق من تجدد موجات التراجع، ما أعاد إلى الواجهة النقاش حول ضرورة التدخل الحكومي وجدواه.
ويبدو النقاش مختلفاً هذه المرة لأنه يأتي بعد تجارب عاملية على مدى عامين ونصف العام، اتضحت فيها آثار تدخل المال الحكومي للإنقاذ في بلدان كثيرة، لاسيما في الولايات المتحدة الأميركية، التي تعد موطن الرأسمالية وحرية السوق. فهناك استعاد عملاق صناعة السيارات «جنرال موتورز» عافيته، وعاد عملاق التأمين «AIG» إلى سابق نشاطه، فيما لا تزال الشركات الكويتية المتعثرة تواجه تداعيات الأزمة وحدها.
ومع ذلك فإن أحداً لا يتحدث عن مساعدة الشركات المتعثرة وغير المتعثرة، بل عن مساعدة البورصة باعتبارها «بيت الداء والدواء».
فهل حُكم على التدخل الحكومي في السوق بالفشل؟ أم أنه أخرج من التداول من دون نقاش كاف في جدواه؟
ومناسبة الحديث ليست فقط أجواء السوق الضبابية، بل الكرم الحكومي في توزيع العطايا، وأكبرها المنحة للمواطنين التي تقارب قيمتها 1.4 مليار دينار، بشقيها النقدي والتمويني. ومعلوم أن جزءاً لا يستهان به من هذا المبلغ سيذهب للاستهلاك، من سفر وأجهزة تدخل في خانة الكماليات. ما يدفع كثيرين إلى المجادلة بأن شيئاً من هذا الكرم يكفي لقلب حال السوق، ومعه حال المواطنين الذين أتت الأزمة على مدخراتهم.
لكن تجدد النقاش حول جدوى التدخل الحكومي يصطدم بمفارقة. فالمبدأ سبق أن أقرته الحكومة في أواخر العام 2008، ونفذته من خلال ما عرف بـ «المحفظة الوطنية»، لكنه فشل فشلاً موصوفاً، ولم يظهر لتلك المحفظة أي أثر في التداولات. فهل كان الفشل لمبدأ التدخل الحكومي أم للمحفظة الوطنية التي ترجمته واقعاً؟
ثمة أسباب كثيرة تدفع إلى الحكم بالفشل على «الممحفظة الوطنية» بذاتها لا على مبدأ التدخل الحكومي، ومن ذلك:
1 - ظلت هوية المحفظة هجينة وغير محسومة. فالمسؤولون عنها مازالوا حتى اليوم يصرون على أنها تأسست على أساس «استثماري وليس انقاذياً». والواقع أن المحفظة لم تنجح لا في الإنقاذ ولا في الاستثمار، فلا أحوال السوق تحسنت بفضلها ولا هي حققت المكاسب من سياستها «الانتهازية».
2 - تحت راية «الاستثمار لا الإنقاذ» حصرت المحفظة نشاطها بسلة محددة من الأسهم التشغيلية التي لا تترك لحاملها في الغالب مجالاً للخسارة، وهذه الشريحة من الأسهم كان أداؤها قوياً في 2010، بدليل أن المؤشر الوزني سجل مكاسب بأكثر من 26 في المئة، وساعد ذلك في حققت الكثير من الصناديق الاستثمارية مكاسب قوية في 2010 تجاوزت 40 في المئة لدى البعض منها، ومع ذلك سجلت محفظة الأسهم لدى «المحفظة الوطنية» خسارة. فأي عذر يبرر ذلك.
3 - يبلغ رأس المال «الرسمي» للمحفظة الوطنية 1.5 مليار دينار، في حين أن ما تم تحويله فعلاً لا يتجاوز 425 مليون دينار، أي ما نسبته 28.3 في المئة مما قرره مجلس الوزراء. وفي منتصف 2010، كان 55 في المئة من هذا الرصيد مجمداً في ودائع ونقد، أي أن المبلغ الذي تم استثماره فعلاً من أصل الـ1.5 مليار دينار التي قررتها الحكومة لم يتجاوز 190 مليون دينار أو أقل من 13 في المئة! فكيف يمكن الحكم على فشل تجربة لم تطبق إلا بنسبة 13 في المئة؟ (يشار إلى أن أقصى ما وصل إليه رصيد الاستثمار في الأسهم من إجمالي قيمة المحفظة 70 في المئة، بحسب ما كشفت الجهات المسؤولة عنها لديوان المحاسبة).
4 - تحت ستار هذه النسبة الكبيرة من الودائع والنقد تتم التعمية على الأداء الاستثماري الباهت للمحفظة. إذ إن الودائع المجمدة لدى البنوك تحقق للمحفظة عائداً أفضل من العائد السلبي الذي تحققه المحفظة من الاستثمار في الأسهم، على الرغم من الانخفاض القياسي لمعدلات الفائدة حالياً.
5 - ما تدافع به الجهات المعنية في وجه النقطتين السابقتين أن المحفظة تأسست لتستثمر أموالها على مدى خمس سنوات وليس دفعة واحدة. لكن من الواضح الآن أن عامين مرا من الأعوام الخمسة وظلت المبالغ المحولة ضئيلة، والمبالغ المستثمرة أكثر ضآلة، رغم كل ما مر به السوق. والسؤال إذا لم تتدخل «المحفظة الوطنية» الآن فمتى تتدخل؟
6 - حتى الآن لم تقدم الجهات المسؤولة عن المحفظة سبباً واحداً مقنعاً لإحجامها عن الكشف بشفافية عن واقع المحفظة وأدائها الفصلي أو السنوي، مع أن المحفظة يصح اعتبارها «مجازاً» أكبر صندوق للاستثمار الجماعي في البورصة، لأن أموالها هي أموال عامة للمواطنين جميعاً. فهل هو الفشل الذي يدفع إلى التمسك بالسرية تحت ذرائع شتى؟
7 - يلاحظ أن «المحفظة الوطنية» سلبية في تحركها، فتداولاتها لا تتحسن نسبياً إلا عندما تتحسن مستويات السيولة. أما عندما ينخفض التداول اليومي إلى ما دون العشرين مليون دينار فإنها لا تحرك ساكناً.

لكي لا يتكرر الفشل
قد تكون النقاط السبع السابقة كافية للاستنتاج أن المشكلة لم تكن في مبدأ التدخل الحكومي بل في التطبيق الفاشل من خلال «المحفظة الوطنية». وغني عن القول إن العودة إلى المبدأ نفسه من خلال المحفظة الوطنية نفسها وبطريقة الأداء نفسها ستلاقي فشلاً جديداً يفرغ المبدأ من محتواه.
ولذلك فإن النقاش يجب أن يبدأ من مكان آخر. فالسوق يبقى في حاجة الى دعم حقيقي في هذا الظرف بالذات، ولا بد من مراجعة آلية دعم السوق والبحث عن أسباب فشل المحفظة الوطنية.
ويجدر هنا النظر إلى تجارب أسواق تم دعمها بالمال الحكومي بشكل أو بآخر، ومنها خليجية مثل قطر وعالمية مثل السوق الأميركية. فنتاج التدخل الحكومي تظهره الارقام التي تكشف عن ارتفاعات بلغت 100 في المئة من قاع الازمة قبل عامين، في حين ان البورصة الكويتية ما زالت على بعد 200 نقطة لا أكثر عن أسوأ قاع بلغته في مارس 2009، أو القاع الجديد الذي سجلته في يوليو الماضي عندما وصل المؤشر الى 6280 نقطة.
ويقول محلل خبير ان الاموال الحكومية التي ضخت في أسواق مال اقليمية وعالمية من خلال خطط انقاذ أو استثمار من اجل الاستقرار حققت نمواً بمقدار الضعف او أكثر وبعضها خرج فعلياً بعد تجاوز تلك الأسواق آثار الأزمة المالية، لافتاً الى أن الجهات المعنية في الكويت ما زالت تبحث منذ الأزمة عن آليات ناجعة تخرج البورصة والشركات من الازمة وتداعياتها في وقت باتت منافذ التمويل البنكي مغلقة في وجه الشركات المدرجة حتى بلغ الامر خطر تعثر جديد.
وعن الخطوات الاخرى التي تحتاج الى تفعيل بين المحلل ان هناك ضرورة كبيرة لتدشين آلية تمويل التنمية من خلال البنوك المحلية ومن ثم فتح المجال لتمويل الشركات التي تملك أصولاً جيدة وهي كثر بدلاً من التمويل وفقاً للعلاقات الشخصية التي تربط بين بعض البنوك ومسؤولي شركات على غرار ما أنجز لصالح شركات استثمار كبرى معروفة.*


من مظاهر فشل*
«المحفظة الوطنية»

• استثمرت 13 في المئة من رأسمالها الرسمي فقط خلال عامين
• سجلت خسائر في الأسهم خلال 2010 في مقابل مكاسب قوية لـ «الوزني» والصناديق
• 55 في المئة من أموالها المحولة كانت مجمدة في الودائع والنقد منتصف 2010
• تكتم على النتائج للتغطية على الأداء الاستثماري الباهت*
< p>
 

المهذب جداً

عضو مميز
التسجيل
28 مارس 2004
المشاركات
3,017
الإقامة
مانشستر يونايتد
إرضاء الناس غاية لا تدرك ؛



الكل ينتقد ؛



الأفضل إقتراح خطوات محددة للحل
 
أعلى