فضل
عضو مميز
يقول احدهم ..،
أسند عبدالرحمن رأسه على يديه .. وأخذ يفكر في نفسه ...
خمس عشرة عاما مضت وهو لا يزال كما هو ...
الموظف المثالي المتفاني الامين ..
الذي لم تفارقه ابتسامته حتى في أصعب الاوقات
كان سعيدا برغم فقره
لا زال كما هو في غرفة مكتبه الكئيبة .. ذات الارضية القذرة ..
ومكتبه الحديدي الصغير في زاوية الغرفة الضيقة
التي لم تتغير منذ خمسة عشر عاما عليه لوحة تحمل اسم
" عبدالرحمن محمد – موظف خدمة الجمهور "
فكر في نفسه .. وفي صراع الخير والشر داخله .. عرضت عليه الكثير من
الرشاوي لتسريع معاملات المتنفذين أو لتمرير معاملة ممنوعة
ولكن صوت ضميره كان دائما هو الفصل ..
منذ خمسة عشر عاما لم يحصل على ترقية واحدة .. ولا زيادة على راتبه
مع أن غيره من زملائه أصبحوا من المدراء ..
يؤمن قوت أبنائه من عرقه .. ودمه .. ولكنه لم يمد يده الى الحرام أبدا
ولم يدخل السحت يوما الى قوت أبنائه ..
ولكن .. كما في كل انسان بذرة الخير ، فيه أيضا نزعة الشر ..
مرة واحده ... أحسن وضعي ثم أتوب .. شيطانه يشن حربا شعواء ضد ملاك
الخير في داخله
مغلف منتفخ في يد أحد الاثرياء المرصعة بالذهب يمتد اليه
حشد شيطانه كل جيوش الشر في داخله لمواجهة نفسه النظيفة كما
يسميها هو ..
يده على مكتبه تأبى أن تمتد .. لا يسمع الا نبض قلبه .. وصوت أوراق النقد
داخل ذلك المغلف اللعين الذي غير حياته
اوراق نقديه تحدثت معه وسمع لها صوتا مختلفا ...
ان لم تأخذه انت سيأخذه غيرك .. وستمشي المعاملة بك أو بدونك .. انها
رزقة أتتك .. ضعها في جيبك وأسعد ابنائك .. اشتري لابنك تلك الدراجة
وفاجئ زوجتك باسوارة ذهبية ..
أصوات عديده ... صراخ .. تلوث ضجيجي داخل نفسه ..
لأول مرة .. منذ التحق بوظيفته يكون صوت ضميره منخفضا .. بالكاد
يسمعه .. وكأن مرضا ألم به ..
أو أن عبد الرحمن ثقل سمعه فجأه بحيث لم يسمع صوت ضميره هذه
المره !
عاد الى بيته كما لم يعد من قبل .. يحمل العديد من الاكياس ..
أكياس لم يحضر مثلها الى بيته منذ زمن طويل جدا
ولكن لم يحمل معه هذه المره ابتسامته المعهودة ..
بعد أربع سنوات .. يسند عبد الرحمن رأسه على يديه ويفكر في نفسه ..
وهو يتذكر تفاصيل الحريق الذى تسبب بفقدان كل اسرته
والمرض الذى اعياه ..
وهو يجلس الى مكتبه ذا الارضية النظيفة والاثاث الفاخر
وامامه لوحه كتب عليها اسمه
" عبد الرحمن محمد – المدير العام "
قال صلى الله عليه وسلم :
< من لم يُبال من أين اكتسب المال لم يبالِ الله من أي باب أدخله النار >