حان الوقت لوضع حد لأسطورة حرب العملات

Q8-Fund.Manager

عضو نشط
التسجيل
17 نوفمبر 2009
المشاركات
7,380
الإقامة
Kuwait
حان الوقت لوضع حد لأسطورة حرب العملات
الاقتصادية - جيم أونيل 01/12/2010

شاع في الأسابيع الأخيرة استخدام تعبير «حرب العملات» على نطاق واسع. دعونا نأمل أن يكون
هذا أمراً عابراً، لأنه غير مناسب وفي الحقيقة من نسج الخيال.

في الواقع لا توجد حروب عملات، وكل ما في الأمر أنها استجابة عادية
من أسواق العملات لمجريات الأحداث.

دعونا نستعرض الحقائق. ارتفعت العملة الصينية نحو 20 في المائة مقابل الدولار في السنوات الخمس الماضية. وعُشر هذا الارتفاع تقريبا حدث
منذ صيف العام الحالي. وعلى أساس المرجح التجاري، ارتفع الرنمينبي 14 في المائة تقريبا خلال الفترة نفسها. ومهما كان المقياس الذي
تستخدمه، يعتبر هذا تحركاً كبيراً، وهو تحرك تترتب عليه نتائج قوية.

بالنسبة لأولئك الذين لديهم نزوع للنظر والتأمل، هناك أدلة كثيرة على أن اقتصاد الصين بدأ فعلاً يتغير إلى الأفضل. خذ بياناتها التجارية لشهر
تشرين الأول (أكتوبر). لقد استحوذت الزيادة الهائلة في حجم
فائضها التجاري – الذي ارتفع إلى 27.1 مليار دولار – على كل الاهتمام، لكن فائض الصين في الأشهر العشرة الأولى من عام 2010 تراوح فقط
حول 3.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي نحو ثلث أعلى مستوى وصل إليه قبل الأزمة المالية.

وفائض حساب الصين الجاري يبدو كبيراً هو الآخر. ويعتقد صندوق النقد الدولي أنه سيبلغ 270 مليار دولار هذا العام. لكن كنسبة من الناتج
المحلي الإجمالي، من المحتمل ألا يزيد كثيراً عن 5 في المائة، أي نحو نصف أعلى مستوى وصل إليه. وتراجع الفائض التجاري أكثر من ذلك،
ويرجح أن يكون هذا العام أقل من 4 في المائة من الناتج المحلي
الإجمالي، ومرة أخرى أقل من أعلى مستوى وصل إليه في
الآونة الأخيرة.

وهناك تقارير على نطاق واسع تفيد أن ارتفاع التكاليف يعني أن الشركات الدولية لم تعد تعتبر الصين خياراً متدني التكلفة بالنسبة لإنتاجها،
الأمر الذي يمكن أن يخفض العجز التجاري أكثر من ذلك. ولا غرابة إذن
في أن تفكر الصين في الإبقاء على فائض حسابها الجاري أقل من
4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع العلم أنه ليس بعيداً
عن ذلك.

ويدعي بعضهم أن هذه التحسينات مؤقتة لا غير، وأنها تعكس فقط
انخفاضاً حاداً في الطلب على الصادرات الصينية – وبخاصة في الولايات المتحدة .

لكن لو كان ذلك صحيحاً، لماذا تزيد قيمة الواردات الصينية الآن بواقع 400 مليار دولار عما كانت عليه في عام 2009، وتزيد قيمتها على
الاقتصاد اليوناني؟ ينبغي إرجاع الفضل هنا إلى قوة الطلب المحلي الصيني، وهو أمر يعود بالفائدة على البلدان التي توجد لديها شركات
تصدير قوية كألمانيا. وهناك بعض البلدان التي لا تستفيد من ذلك بطبيعة الحال، لكن ذلك ليس سبباً لإلقاء اللائمة على الصين للدخول في
حرب عملات. وفي واقع الأمر، ربما ترى الولايات المتحدة صادراتها
ترتفع في مرحلة ما.

في الاجتماع الأخير لمجموعة العشرين بدأ كثيرون في اتهام الولايات المتحدة بلعب دور في حرب العملات هذه، وذلك في أعقاب
قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي ضخ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي.

لكن مسؤولية الاحتياطي الفيدرالي تتمثل في المحافظة على ارتفاع معدل التشغيل وانخفاض التضخم وليس العملات، وربما يكون انخفاض
قيمة الدولار إحدى النتائج المترتبة على السياسات التي ينتهجها
الاحتياطي الفيدرالي. لكن عندما ينجح ويتعافى الاقتصاد سيتعافى
الدولار. فهذا ما يحدث جراء تعويم أسعار الصرف.

ولجأت مختلف البلدان إلى التدخل لوقف ارتفاع أسعار صرف عملاتها في الأشهر الأخيرة، بعضها فعل ذلك بين فترة وأخرى وبعض آخر فعل ذلك
مرات عديدة. لكن إذا أخذنا البرازيل، واليابان، وسويسرا أمثلة، فإن لدى
كل منها عذراً مشروعاً تماماً على الإجراءات التي اتخذتها على اعتبار
أن عملاتها تبدو أعلى من قيمتها الحقيقية. ومرة أخرى، اللغة شبه
الحربية ليست في محلها.

وسط كل هذا الحديث الساخن، توجد نقطة واحدة فقط ذات صدقية
بالنسبة لمن يهاجمون الصين معتبرين أنها خفضت قيمة عملتها، وهي
نمو احتياطياتها من العملة الأجنبية التي تزيد حالياً على 2500 مليار دولار.

لكن حتى هنا يجب أن ندرك ضخامة التدفقات الاستثمارية الداخلة
على الصين. وهذا يعني أن ميزان مدفوعاتها الأساسي الذي يشمل
حركة رؤوس الأموال الداخلة إليها أقوى بكثير حتى من حسابها الجاري الذي تحسن في الآونة الأخيرة. لقد كان بعض هذا معقولاً، رغم أن
بعضه يتأتي من مراكمة الاحتياطي التي لا لزوم لها والمصممة لتجنب
حدوث أزمة مشابهة للأزمة الآسيوية التي حدثت عام 1998.

إننا نعيش في حقبة تنتشل فيها التنمية الملايين من براثن الفقر.
والصين موجودة في مقدمة هذه العملية باقتصاد تضاعف حجمه ثلاث
مرات خلال عقد من الزمن. وتعتبر البلدان الأخرى الأعضاء في مجموعة البريك، وهي البرازيل، وروسيا، والهند مهمة هي الأخرى، إلى جانب
مختلف الاقتصادات الناشئة. وهذه التطورات المهمة ليست من النوع
الذي يقرنه المرء بالأحوال شبه الحربية.

ومع تقدمنا في هذا العقد سيعمل مزيد من النمو على عكس الاختلالات العالمية التي تكمن في لب الجدل الحالي حول العملات. ومع تكشف
ذلك عبر مد وجزر تحركات أسعار الصرف، سيثبت نظامنا الخاص بتعويم الأسعار جدواه. وسيحقق في نهاية المطاف نتائج معقولة أكثر بكثير
مما يعتقد كثيرون الآن.

الكاتب رئيس إدارة الموجودات في بنك جولدمان ساكس.
 
أعلى