الفهلوي
عضو مميز
مها البحر لـ : القبس
عبدالله الذي كره رائحة المستشفيات
خلد بمشروع إنساني لمن يعبر مشوار مرضه
كتبت استقلال العازمي:
أجمل النهايات تلك التي تتحول الى نقطة انطلاق، لا سيما اذا ما تكرس من خلالها عمل انساني نبيل، هذه الحقيقة جسدتها انسانة محتسبة صابرة، انها مها البحر أم عبدالله التي فقدت ابنها قبل خمسة عشر عاما بعد معاناة مع مرض السرطان عاشت خلال فترة مرضه محنة مؤلمة خلال رعايته فترة المرض، وعاشت لحظات رعب لا تمحي من ذاكرتها عندما ابلغوها بأن ايام ابنها عبدالله معدودة في الحياة، والايام الغالية من حياته القصيرة.
أم عبدالله جعلت من قصة ابنها ومعاناته مع المرض الى ان توفاه الله عصفورا من عصافير الجنة ولم يتعد الخامسة من العمر، عنوانا انسانيا حضاريا تجسد في بيت عبدالله لرعاية الميئوس من حياتهم من الاطفال.
«القبس» التقت أم عبدالله الذي احتفلت الكويت قبل ايام بتدشين مشروع يحمل اسمه هدفه تخفيف المعاناة عن الاهل الذين يعانون المصيبة وحجمها، لا سيما انتظار فقدان ابنهم الطفل، وكذلك لتخفيف المعاناة عن الاطفال انفسهم وهم ينتظرون ايامهم الاخيرة بعيدا عن اجواء المستشفيات ووخز الإبر ورائحة الادوية.
أم عبدالله تتحدث بشجاعة عن بداية قصتها المؤلمة، ومعاناتها منذ تلقيها النبأ الى السعي لمعالجته في لندن، ومن ثم عودته الى الكويت الى ان عاد المرض ليضرب بجسده الغض من جديد ويتوفاه الله.
تقول أم عبدالله: «لقد كان طفلا طبيعيا الى أبعد الحدود يأكل ويشرب، بالرغم من ان حجم الورم كان كبيرا فاننا لم نلاحظ عليه اي آثار وعلمنا عن طريق الصدفة حينما عرضه والده على المستوصف وتم تحويله للمستشفى لاجراء الفحوصات».
حينها كانت الصدمة والألم..
تقول أم عبدالله:
«فبراير 87 كانت النتيجة ورما في البطن ونصحنا الاطباء باجراء العملية، وبالفعل اجرينا لعبدالله العملية في مستشفى ابن سينا ولم يتمكنوا من استئصال الورم لكبر حجمه، وهنا قرر الاطباء ان ننقله الى بريطانيا للعلاج الكيماوي حتى يتم مكافحة الورم وبعدها يتمكن الاطباء من استئصاله».
أمل ويأس
أم عبدالله عمرها في هذه الفترة لا يتجاوز الثانية والعشرين ولم تستطع ان تسافر مع عبدالله لظروف الحمل، كانت الظروف التي مرت بها جدا عصيبة تقول أم عبدالله: «في أواخر فبراير عام 88 تمت زراعة نخاع في بريطانيا ورجعنا الى الكويت لأني كنت حاملا، وبعد ولادة ابنتي عاش عبدالله معنا كطفل طبيعي، وعند المراجعة المعتادة اخبرنا الدكتور ان الورم عاد لعبدالله، ولكن في ساقه».
وتستذكر أم عبدالله معاناتها وتقول: «اضطررت لأن اترك ابنتي المولودة عند والدتي وذهبت برفقة عبدالله للعلاج، وفي بريطانيا كانت الصدمة: توقف الاطباء عن العلاج واعلنوا ان عبدالله في ايامه الاخيرة».
اللجنة
وتكمل أم عبدالله حديثها:
«رجعت الى الكويت بعدما فقدت الامل والألم يعتصر قلبي اشتقت لابنتي التي تركتها بعد ولادتها واحتضنت عبدالله ولا اعرف ما مصيره في الكويت بعدما عجز الاطباء في الخارج عن علاجه، فما وجدت امامي سوى اللجنة الكويتية للعناية بالاطفال Hacch».
لقد تطور المرض ومضاعفاته فما وجدت سوى Hacch ممثلة بالسيدة مارغريت الساير وزوجها د. هلال الساير، وجدت لديهما الرعاية وعرفانا بالاطباء المختصين والجمعيات الخاصة التي تعنى بمثل هذه الحالات، وكانت الجمعية توفر لنا الجو الصحي والمسكنات للمرضى».
وتضيف أم عبدالله:
«لقد كان طفلي يستحلفني بألاّ انقله الى المستشفى، عبدالله تعب من الحقن والادوية، واصبح يكره رائحة المستشفى والادوية لذلك ساهمت اللجنة بأن تنقل علاجه للبيت وبرعاية كبيرة وبدا بحاجة للذهاب الى المستشفى حتى وقت وفاته، حيث توفي بتاريخ 8/3/1990.
البداية
لم تتوقف أم عبدالله عند وفاة عبدالله، بل على العكس تماما شعرت بأنه من واجبها ان تقف مع الاطفال الذين يواجهون حالات مثل حالة فقيدها ويتألمون من هذا المرض او غيره. وتقول: «اشعر بالتعاطف للأوضاع الصعبة التي تعيشها الاسرة بوجود طفل يعاني من مثل هذا المرض، فالأم والأب يمران بأحرج الاوقات ويحتاجان لرعاية نفسية للتعامل مع المريض، الأم تكون منهارة جدا وغالبا ما تكون خبرتها بهذا المرض قليلة وتكون اشبه بانسان محطم من الداخل، لذلك تعمل اللجنة على مساعدتها وتوفر لها الجو المناسب، فمن الصعب ان يخطر في فكر الأم انها سوف تفقد ولدها ويمرض ولا تستطع ان تنجده».
المشروع
وتتحدث أم عبدالله عن اهمية مشروع بيت عبدالله الانساني فتقول: «اهمية هذا المشروع تكمن بأنه لا يعد مستشفى، ولكن أُعد خصيصا للاطفال، حيث يتوفر فيه كل ما يرغبون فيه من ألعاب وأدوات تسلية تنسيهم معاناتهم، فبعد وفاة عبدالله شعر د. هلال الساير وزوجته مارغريت بأهمية تطوير عمل اللجنة في الكويت وجمعا المعلومات ودرسا المشروع من جميع الجهات وعملا جدولة اعدت خصيصا للمشروع، وجاءت ظروف الغزو وأخرت الفكرة، ولكنها لم تمح اهميتها، فهناك المحتاجون لهذه الخدمة وهنا انبرت المهندسة علياء عبدالرحمن الغنيم بتجسيد الفكرة عبر اعداد مشروع التخرج الخاص بها في الهندسة المعمارية بتصميم لبيت عبدالله وقدمت التصميم ونجح المشروع واطلق الافتتاح برعاية اهل الكويت جميعا.
عبدالله الذي كره رائحة المستشفيات
خلد بمشروع إنساني لمن يعبر مشوار مرضه
كتبت استقلال العازمي:
أجمل النهايات تلك التي تتحول الى نقطة انطلاق، لا سيما اذا ما تكرس من خلالها عمل انساني نبيل، هذه الحقيقة جسدتها انسانة محتسبة صابرة، انها مها البحر أم عبدالله التي فقدت ابنها قبل خمسة عشر عاما بعد معاناة مع مرض السرطان عاشت خلال فترة مرضه محنة مؤلمة خلال رعايته فترة المرض، وعاشت لحظات رعب لا تمحي من ذاكرتها عندما ابلغوها بأن ايام ابنها عبدالله معدودة في الحياة، والايام الغالية من حياته القصيرة.
أم عبدالله جعلت من قصة ابنها ومعاناته مع المرض الى ان توفاه الله عصفورا من عصافير الجنة ولم يتعد الخامسة من العمر، عنوانا انسانيا حضاريا تجسد في بيت عبدالله لرعاية الميئوس من حياتهم من الاطفال.
«القبس» التقت أم عبدالله الذي احتفلت الكويت قبل ايام بتدشين مشروع يحمل اسمه هدفه تخفيف المعاناة عن الاهل الذين يعانون المصيبة وحجمها، لا سيما انتظار فقدان ابنهم الطفل، وكذلك لتخفيف المعاناة عن الاطفال انفسهم وهم ينتظرون ايامهم الاخيرة بعيدا عن اجواء المستشفيات ووخز الإبر ورائحة الادوية.
أم عبدالله تتحدث بشجاعة عن بداية قصتها المؤلمة، ومعاناتها منذ تلقيها النبأ الى السعي لمعالجته في لندن، ومن ثم عودته الى الكويت الى ان عاد المرض ليضرب بجسده الغض من جديد ويتوفاه الله.
تقول أم عبدالله: «لقد كان طفلا طبيعيا الى أبعد الحدود يأكل ويشرب، بالرغم من ان حجم الورم كان كبيرا فاننا لم نلاحظ عليه اي آثار وعلمنا عن طريق الصدفة حينما عرضه والده على المستوصف وتم تحويله للمستشفى لاجراء الفحوصات».
حينها كانت الصدمة والألم..
تقول أم عبدالله:
«فبراير 87 كانت النتيجة ورما في البطن ونصحنا الاطباء باجراء العملية، وبالفعل اجرينا لعبدالله العملية في مستشفى ابن سينا ولم يتمكنوا من استئصال الورم لكبر حجمه، وهنا قرر الاطباء ان ننقله الى بريطانيا للعلاج الكيماوي حتى يتم مكافحة الورم وبعدها يتمكن الاطباء من استئصاله».
أمل ويأس
أم عبدالله عمرها في هذه الفترة لا يتجاوز الثانية والعشرين ولم تستطع ان تسافر مع عبدالله لظروف الحمل، كانت الظروف التي مرت بها جدا عصيبة تقول أم عبدالله: «في أواخر فبراير عام 88 تمت زراعة نخاع في بريطانيا ورجعنا الى الكويت لأني كنت حاملا، وبعد ولادة ابنتي عاش عبدالله معنا كطفل طبيعي، وعند المراجعة المعتادة اخبرنا الدكتور ان الورم عاد لعبدالله، ولكن في ساقه».
وتستذكر أم عبدالله معاناتها وتقول: «اضطررت لأن اترك ابنتي المولودة عند والدتي وذهبت برفقة عبدالله للعلاج، وفي بريطانيا كانت الصدمة: توقف الاطباء عن العلاج واعلنوا ان عبدالله في ايامه الاخيرة».
اللجنة
وتكمل أم عبدالله حديثها:
«رجعت الى الكويت بعدما فقدت الامل والألم يعتصر قلبي اشتقت لابنتي التي تركتها بعد ولادتها واحتضنت عبدالله ولا اعرف ما مصيره في الكويت بعدما عجز الاطباء في الخارج عن علاجه، فما وجدت امامي سوى اللجنة الكويتية للعناية بالاطفال Hacch».
لقد تطور المرض ومضاعفاته فما وجدت سوى Hacch ممثلة بالسيدة مارغريت الساير وزوجها د. هلال الساير، وجدت لديهما الرعاية وعرفانا بالاطباء المختصين والجمعيات الخاصة التي تعنى بمثل هذه الحالات، وكانت الجمعية توفر لنا الجو الصحي والمسكنات للمرضى».
وتضيف أم عبدالله:
«لقد كان طفلي يستحلفني بألاّ انقله الى المستشفى، عبدالله تعب من الحقن والادوية، واصبح يكره رائحة المستشفى والادوية لذلك ساهمت اللجنة بأن تنقل علاجه للبيت وبرعاية كبيرة وبدا بحاجة للذهاب الى المستشفى حتى وقت وفاته، حيث توفي بتاريخ 8/3/1990.
البداية
لم تتوقف أم عبدالله عند وفاة عبدالله، بل على العكس تماما شعرت بأنه من واجبها ان تقف مع الاطفال الذين يواجهون حالات مثل حالة فقيدها ويتألمون من هذا المرض او غيره. وتقول: «اشعر بالتعاطف للأوضاع الصعبة التي تعيشها الاسرة بوجود طفل يعاني من مثل هذا المرض، فالأم والأب يمران بأحرج الاوقات ويحتاجان لرعاية نفسية للتعامل مع المريض، الأم تكون منهارة جدا وغالبا ما تكون خبرتها بهذا المرض قليلة وتكون اشبه بانسان محطم من الداخل، لذلك تعمل اللجنة على مساعدتها وتوفر لها الجو المناسب، فمن الصعب ان يخطر في فكر الأم انها سوف تفقد ولدها ويمرض ولا تستطع ان تنجده».
المشروع
وتتحدث أم عبدالله عن اهمية مشروع بيت عبدالله الانساني فتقول: «اهمية هذا المشروع تكمن بأنه لا يعد مستشفى، ولكن أُعد خصيصا للاطفال، حيث يتوفر فيه كل ما يرغبون فيه من ألعاب وأدوات تسلية تنسيهم معاناتهم، فبعد وفاة عبدالله شعر د. هلال الساير وزوجته مارغريت بأهمية تطوير عمل اللجنة في الكويت وجمعا المعلومات ودرسا المشروع من جميع الجهات وعملا جدولة اعدت خصيصا للمشروع، وجاءت ظروف الغزو وأخرت الفكرة، ولكنها لم تمح اهميتها، فهناك المحتاجون لهذه الخدمة وهنا انبرت المهندسة علياء عبدالرحمن الغنيم بتجسيد الفكرة عبر اعداد مشروع التخرج الخاص بها في الهندسة المعمارية بتصميم لبيت عبدالله وقدمت التصميم ونجح المشروع واطلق الافتتاح برعاية اهل الكويت جميعا.