نواره1
إلغاء نهائي
جمعني بها القدر .. لتكون صديقتي قبل أن تكون خالتي ... كانت تكبرني بعشرون عاما ...فمنذ أن بدأت شخصيتي بالنضوج و الإيضاح ...إحتوتني .. وجعلتني صديقة لها وكاتمة أسرارها ....
كانت تقول لي ....... أراكي ذات عقلا واعيا رغم صغر سنك .. لهذا أشعر براحه نحوك ..حينما أفرغ كل ما بي في حجرة قلبك الواسعه ...
كانت كلماتها تفرحني وتمنحني ثقة ..قبل أن تكتمل أصولها في قواعدي الشخصيه ...
لم يمضي إسبوعا إلا وأراها أو أحادثها ...جمعنا البيت و البحر و إشارات الطريق ... إحتوينا بعضنا .. تشاركنا الفرحه معا ... بل وذرفنا الدمعه سويا .. و كأننا كنا نريد أن نقول لبعضنا ..أن حتى دمعاتنا المشتركه جمعهم ملحا واحدا .. كما جمعتنا الأيام بعيشة و ملحا واحدا ....
أسمها .. أزهار وهي كالزهره الزاهية العطره .. تفوح عطرا لتجعل من هو بقربها يستنشق نسمات بارده زكية .. و يكررها ليطلب مزيدا .......
نعم ... فهي كانت تعشق الضحكه ... رغم آلامها ..ففي أي مجلسا تطأه .. تقلبه فرحا و بهجة .. لتسمع قهقهات الجدار معك ......
كانت تعشق العطر ... و الأزياء و الألوان .. كم أنتي جميلة يا أزهار دون ألوان ...
كانت تعشق البر .. و تعشق صباحه .. كانت مفتونه بالليل وأشعاره .. كثيرا ما أسمعتني قصائدا لها ..تثري بها زوجها الشهيد ... تفتخر بأبيها قبل زوجها ........ لتقدم لي جمالا شعريا عنوانه الوفاء ...
كثيرا ما حدثتني عن زوجها .. شهيد الواجب .. تفتخر بشهامته ..حينما لب النداء لإنقاذ طفله تحاصرها النيران .. وقدم روحه ..شهيدا للطفوله ....
لم يرزقها الله بالأبناء ... و قد كانت صابره محتسبه .. وكانت تقول لي بنبرة الخائف من إفتراس الأيام ..إذا شاب رأسي ..وكهل جسدي.. من سيرعاني عند الكبر و أنا دون أبناء .. سارعت بالقول لها ..من قال لكي أن كل من لديهم أبناء قد بروهم عند الكبر ...
لا تخافي يا حبيبتي ...أعدك و أعاهدك ما حييت .. لن أتخلي عنكي ستكوني أنتي و أمي برعايتي ..
رأيت الفرحه ارتسمت على ملامحها .. وكررت ما قلته لها .. و كأنها تريد أن تسمع كلماتي لروحها .. و تقنعها بألا تخاف ..طالما هناك نورا يحيطها و بيتا من الأمان يسكنها ..
منذ سنه .. بدأت بعض الآلام تحاصر صدرها ..فإكتشف الأطباء به ورما حميدا .. فقرروا إستئصال أحد ثديها .......لكنها.. رفضت .. لتقول لي ..لا أريد أن ينقص بجسدي ولو جزءا ....
كم أنت عزيزة نفس وجسد .. يا أزهار .. و لكن من أجل الحياة لابد من الخضوع ...
الجميع يحاول إقناعها... و لكنها تصر على الرفض .. و تكرر .. لن ينقص بجسدي شيئا ...
منذ أربعة أشهر إستائت حالتها .. لينتقل الورم إلى مخها ...حينها لم أعلم بحقيقة ما ألم بها .. لأنها أرادت أن يكون الأمر سرا.. و كنت بتلك الفتره أواصلها .. و لكنها صدتني .. و بدأت بالهروب من تواصلي .. حزنت و تألمت كثيرا لقسوتها ... فلم أكن أعلم ما بها ... لهذا قسوت عليها ... و إبتعدت عنها لأنها هي أرادت ذلك .........
آه يا أزهار .. نعم لقد قسوة عليك .. و لم أكن أعلم أن الورم الحميد تحول خبيثا .. ليقسو على جسدك بأكمله دون رحمه ........
منذ إسبوعين علمت بحالتها السيئه .. قررت الذهاب لها ..حتى و إن رفضت وجودي .... ولكن ........
آآآآآآآه .. كم أبكيتيني و أنا أراكي جسدا دون حراك ... لم تعد تلك الزهره الجميله كما هي.. بل سقطت أوراقها في كل زوايا المكان ... تحاول أرواحنا لملمتها ..علها تحيا من جديد .....
فرغم ما رأيته .. كان أملي و ثقتي بالله كبيره أن تقاوم المرض و تعود زهرتي الجميله لزهاء ..
ذهبت لها في يوم الخميس الماضي .. رأيت وجهها منتفخا ..محتقننا بالسواد ..تجر نفسها بكل صعوبه ......ولكن مازال الأمل بداخلي كبير ..
صحوت صباح الجمعه مفزوعه على صرخات أمي ......... نوره ... أزهار ماتت ....
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا زهرتي .لا ترحلي ...
ذهبت مسرعه للمستشفى لأراها ... كانت خطواتي تسارع بعضها البعض ... لقد إقتربت من جناحك .. باقي خطوتين لأراكي ....
رأيتها ...... أبكتني دما قبل أن تكون دموعا ..أخبرتها أني أريدها .. و لا أريد أن ترحل ...آه يا أزهار كم هو جميل وجهك ... عاد البياض لك و إختفى الإنتفاخ البشع من على وجهك الطاهر ..
لازمتها للمغسل ... أريد أن أبقى بقربها ... سمعت صوتا من حولي يقول لي ... نوره أرجوكي إبتعدي ... أنا أعلم أنكي تخافي من منظر الأموات ...
تقولين خوفا ... و أين الخوف هنا من قلبي ...فالحزن و الحنين لهذه الروح كسا روحي فلم يعد للخوف مكانا ...
تقولين خوفا .... و أنا أريد أن ألتصق بها ... لأعطيها من أنفاس روحي .. روحا
الجمعه الماضيه رحتلي ياأزهار بنفس هذا اليوم .. بجسدا كاملا كما أردتي ..
و لأول مره بحياتي أري ميتا .. و أحتضن ميتا .. و أرافق ميتا ... لتكون أنتي يا أزهار ...
آآآآآه يا حبيبتي.. لقد رحلتي قبل أن أوفي بوعدي لكي .. و لكني أعدك سأبقى لكي وفيه .. فأنتي من علمني الوفاء ... و سأهديكي في كل يوم زهره لتنير لكي قبرك ... و لن أنساكي بالدعاء ..
أزهار ...... تعطرت جمعتك بعطور الجنه .. و جعل الله قبرك روضا من رياض الجنه ....
رحم الله ....... من مر هنا و ترحم عليها ... و على أموات المسلمين ...
كانت تقول لي ....... أراكي ذات عقلا واعيا رغم صغر سنك .. لهذا أشعر براحه نحوك ..حينما أفرغ كل ما بي في حجرة قلبك الواسعه ...
كانت كلماتها تفرحني وتمنحني ثقة ..قبل أن تكتمل أصولها في قواعدي الشخصيه ...
لم يمضي إسبوعا إلا وأراها أو أحادثها ...جمعنا البيت و البحر و إشارات الطريق ... إحتوينا بعضنا .. تشاركنا الفرحه معا ... بل وذرفنا الدمعه سويا .. و كأننا كنا نريد أن نقول لبعضنا ..أن حتى دمعاتنا المشتركه جمعهم ملحا واحدا .. كما جمعتنا الأيام بعيشة و ملحا واحدا ....
أسمها .. أزهار وهي كالزهره الزاهية العطره .. تفوح عطرا لتجعل من هو بقربها يستنشق نسمات بارده زكية .. و يكررها ليطلب مزيدا .......
نعم ... فهي كانت تعشق الضحكه ... رغم آلامها ..ففي أي مجلسا تطأه .. تقلبه فرحا و بهجة .. لتسمع قهقهات الجدار معك ......
كانت تعشق العطر ... و الأزياء و الألوان .. كم أنتي جميلة يا أزهار دون ألوان ...
كانت تعشق البر .. و تعشق صباحه .. كانت مفتونه بالليل وأشعاره .. كثيرا ما أسمعتني قصائدا لها ..تثري بها زوجها الشهيد ... تفتخر بأبيها قبل زوجها ........ لتقدم لي جمالا شعريا عنوانه الوفاء ...
كثيرا ما حدثتني عن زوجها .. شهيد الواجب .. تفتخر بشهامته ..حينما لب النداء لإنقاذ طفله تحاصرها النيران .. وقدم روحه ..شهيدا للطفوله ....
لم يرزقها الله بالأبناء ... و قد كانت صابره محتسبه .. وكانت تقول لي بنبرة الخائف من إفتراس الأيام ..إذا شاب رأسي ..وكهل جسدي.. من سيرعاني عند الكبر و أنا دون أبناء .. سارعت بالقول لها ..من قال لكي أن كل من لديهم أبناء قد بروهم عند الكبر ...
لا تخافي يا حبيبتي ...أعدك و أعاهدك ما حييت .. لن أتخلي عنكي ستكوني أنتي و أمي برعايتي ..
رأيت الفرحه ارتسمت على ملامحها .. وكررت ما قلته لها .. و كأنها تريد أن تسمع كلماتي لروحها .. و تقنعها بألا تخاف ..طالما هناك نورا يحيطها و بيتا من الأمان يسكنها ..
منذ سنه .. بدأت بعض الآلام تحاصر صدرها ..فإكتشف الأطباء به ورما حميدا .. فقرروا إستئصال أحد ثديها .......لكنها.. رفضت .. لتقول لي ..لا أريد أن ينقص بجسدي ولو جزءا ....
كم أنت عزيزة نفس وجسد .. يا أزهار .. و لكن من أجل الحياة لابد من الخضوع ...
الجميع يحاول إقناعها... و لكنها تصر على الرفض .. و تكرر .. لن ينقص بجسدي شيئا ...
منذ أربعة أشهر إستائت حالتها .. لينتقل الورم إلى مخها ...حينها لم أعلم بحقيقة ما ألم بها .. لأنها أرادت أن يكون الأمر سرا.. و كنت بتلك الفتره أواصلها .. و لكنها صدتني .. و بدأت بالهروب من تواصلي .. حزنت و تألمت كثيرا لقسوتها ... فلم أكن أعلم ما بها ... لهذا قسوت عليها ... و إبتعدت عنها لأنها هي أرادت ذلك .........
آه يا أزهار .. نعم لقد قسوة عليك .. و لم أكن أعلم أن الورم الحميد تحول خبيثا .. ليقسو على جسدك بأكمله دون رحمه ........
منذ إسبوعين علمت بحالتها السيئه .. قررت الذهاب لها ..حتى و إن رفضت وجودي .... ولكن ........
آآآآآآآه .. كم أبكيتيني و أنا أراكي جسدا دون حراك ... لم تعد تلك الزهره الجميله كما هي.. بل سقطت أوراقها في كل زوايا المكان ... تحاول أرواحنا لملمتها ..علها تحيا من جديد .....
فرغم ما رأيته .. كان أملي و ثقتي بالله كبيره أن تقاوم المرض و تعود زهرتي الجميله لزهاء ..
ذهبت لها في يوم الخميس الماضي .. رأيت وجهها منتفخا ..محتقننا بالسواد ..تجر نفسها بكل صعوبه ......ولكن مازال الأمل بداخلي كبير ..
صحوت صباح الجمعه مفزوعه على صرخات أمي ......... نوره ... أزهار ماتت ....
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا زهرتي .لا ترحلي ...
ذهبت مسرعه للمستشفى لأراها ... كانت خطواتي تسارع بعضها البعض ... لقد إقتربت من جناحك .. باقي خطوتين لأراكي ....
رأيتها ...... أبكتني دما قبل أن تكون دموعا ..أخبرتها أني أريدها .. و لا أريد أن ترحل ...آه يا أزهار كم هو جميل وجهك ... عاد البياض لك و إختفى الإنتفاخ البشع من على وجهك الطاهر ..
لازمتها للمغسل ... أريد أن أبقى بقربها ... سمعت صوتا من حولي يقول لي ... نوره أرجوكي إبتعدي ... أنا أعلم أنكي تخافي من منظر الأموات ...
تقولين خوفا ... و أين الخوف هنا من قلبي ...فالحزن و الحنين لهذه الروح كسا روحي فلم يعد للخوف مكانا ...
تقولين خوفا .... و أنا أريد أن ألتصق بها ... لأعطيها من أنفاس روحي .. روحا
الجمعه الماضيه رحتلي ياأزهار بنفس هذا اليوم .. بجسدا كاملا كما أردتي ..
و لأول مره بحياتي أري ميتا .. و أحتضن ميتا .. و أرافق ميتا ... لتكون أنتي يا أزهار ...
آآآآآه يا حبيبتي.. لقد رحلتي قبل أن أوفي بوعدي لكي .. و لكني أعدك سأبقى لكي وفيه .. فأنتي من علمني الوفاء ... و سأهديكي في كل يوم زهره لتنير لكي قبرك ... و لن أنساكي بالدعاء ..
أزهار ...... تعطرت جمعتك بعطور الجنه .. و جعل الله قبرك روضا من رياض الجنه ....
رحم الله ....... من مر هنا و ترحم عليها ... و على أموات المسلمين ...