حكم شرب الدم من أجل الشفاء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي في الله.... سؤال أريد ممن عنده أدله أن يخبرنا بالإجابة.
ما حكم شرب دماء الحيوانات، البرية، البحرية والبرمائية ،، وذلك استناداً على خبرٍ قرأته البارحة عن صيادين من أهل غزة، مَن قد قاموا باصطياد سلحفاة نادرة وقاموا بجمع دمها وشربه... وذلك ادعائاً منهم على أن دمها النادر يشفي كثير من الأمراض، ويعطي قوة في الجسم.. ما هو الحكم الشرعي لمثل هذا العمل؟؟؟؟؟
وبارك الله فيمن اطلع، بحث، سأل، أجاب، أو استفاد
أخوكم أبو بكر- نمر الوزني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبعد:
قال الله تعالى: ((إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) البقرة 173.
إشارة الى ما ذكر أخي نمر – حفظه الله – من أن أهل غزة قاموا باصطياد سلحفاة نادرة وهي قليلة الوجود في العالم وتمتاز بضخامتها....
وفيما كانت رقبة السلحفاة تنحر أمام الحشد من الناس، قال صياد: (( إن رشفة من دمها [ في جودة الفياجرا ] مشيرا الى العلاج الشهير بالعجز الجنسي. ولها مزايا علاجية أخرى.
وورد في التقرير أيضا: أن الصيادين جمعوا دماء السلحفاة الضخمة ومنحوها لأطفال مصابين برضوض ولبالغين يعانون مشاكل في الظهر.[ جريدة القدس 7/4/228 ص 36].
حكم شرب الدم من أجل الشفاء:
1- الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
السؤال:
فضيلة الشيخ! هناك عائلة في منطقة حائل وثبت بالتجربة أن دمهم يشفي من الغَلْث، المسمى: داء الكلب، فما حكم شرب الدم؟ أرجو الإجابة!
الجواب:
أنا أظن أن هذا ليس بصحيح؛ لأن الله لا يجعل شفاء هذه الأمة بما حَرَّم عليها، والدم محرم؛ لكن لعل هذا من باب الوهم؛ لأن الإنسان إذا توهم شيئاً انتفع به، فلعل هذا الذي يصاب يكون قد استقر في مخيلته أنه إذا شرب من هذا الدم استفاد فيستفيد، لكن لو فرض على أبعد تقدير أنه أمر محقق أن الإنسان إذا شرب من هذا الدم فإنه ينجو من الموت، فهنا نقول بالجواز استدلالاً بقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ... [الأنعام:119] أتموا إلى قوله تعالى: إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119]. ولقوله تعالى حين ذكر تحريم الميتة والخنزير: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ... [المائدة:3] إلى آخره، قال: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:3]. وفي آية أخرى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:173]. أفهمتَ؟ الجواب الأول: أستبعِدُ استبعاداً تاماً أن يكون هذا صحيحاً، وأظن أن ذلك من باب قبول النفس لهذا الدم وانفعالها بناءً على ما يتوهمه الإنسان.
ثانياً: لو فرض على أبعد تقدير أن هذا أمر محقَّق فهو جائز؛ لأن في ذلك إنقاذ نفسه من الهلاك.[ سلسلة لقاءات الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين رحمه الله].
وقال أيضا رحمه الله في منظومة القواعد والأصول:[ تنبيه يوجد نقص في الكلام]:
فلو قال قائل: لو اضطر المريض إلى شرب الدم.. . لا يجوز… ولكن قيل له إذا قيل له: إن الدم يبرئ المرض، فهل يجوز … هذا الذي قيل له ذلك؟ الجواب لا يصح له ذلك، لماذا؟ لسبب انتفاء الشرطين لحل المحرم الضرورة.
أما الشرط الأول: وهو أن يوجد هناك ضرورة؛ فلأن المريض قد يتداوى بغير هذا المحرم، فيشفى، وقد يشفى بدون دواء، فليس مضطرا إلى هذا الدواء المحرم.
ثانيا: أنه …إن رجا، أو قدر أنه لا يشفى إلا بهذا الدواء المحرم، فإنه ربما يشربه، ولا يبرأ من المرض كما قد يوصى بأدوية كثيرة قد علم نفعها، وأنها تؤدي للشفاء، ومع ذلك يتناولها المريض ولا يشفى، فحينئذ يثبت أن نقول: إنه لا يكون شرب الدواء للانتفاع به .
هذا من حيث التعليل، أما من حيث الدليل، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " فهذا الحكم معقول العلة؛ لأن الله سبحانه لم يحرمه علينا إلا لأنه ضار بنا، فكيف ينصرف الناس عنه، فكيف ينصرف المحرم شفاء ودواء .
إذًا القاعدة: كل ممنوع يباح للضرورة، ولكن متى يكون ذلك يكون بأمرين، وإن شئت فقل: قاعدتين:
الأول: ألا تنتفي ضرورته إلا بتناوله بحيث لا يوجد ما…
والثاني: أن نعلم انتفاء الضرورة في تناوله، فإن لم نعلم لا يثبت؛ لأنه لا يمكن أنه لا يرتكب معلوم الضرر لمصلحة موهومة.[ منظومة في القواعد والأصول لابن عثيمين ]
منقول