fea014
عضو نشط
- التسجيل
- 14 أكتوبر 2006
- المشاركات
- 195
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخواني الأعزاء تقبل الله طاعتكم وكل عام وأنتوا بخير..
الموضوع:
سؤال عن حديث رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام..
عن أبي عبد الله النعـمان بن بشير رضي الله عـنهما قـال: سمعـت رسـول الله صلي الله عـليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهي الـقـلب) هلاّ وضحتم لنا هذا الحديث بالتفصيل؟
أثابكم الله..
الفتوى..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس...".
أجمع العلماء على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وسبب عظم موقعه أنه صلى الله عليه وسلم نبه فيه على إصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها، وأنه ينبغي ترك المشتبهات، فإنه سبب لحماية الدين والعرض، وحذر من مواقعة الشبهات...
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين والحرام بين" فمعناه أن الأشياء ثلاثة أقسام:
- حلال بين واضح، كالخبز والفواكه والزيت والعسل والكلام والنظر والمشي....
- وحرام بين، وهو الخمر والخنزير والغيبة والنميمة...
- والمشتبهات، وهي أمور ليست بواضحة الحل ولا الحرمة، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها.
أما العلماء، فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو غير ذلك، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة، ولم يكن فيه نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي، فإذا ألحقه به صار منه، وقد يكون دليله غير خال من الاحتمال البين، فيكون الورع تركه، ويكون داخلاً في قوله صلى الله عليه وسلم: "فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه".
أي: حصلت له البراءة لدينه من الذم الشرعي، وصان عرضه عن كلام الناس فيه.
وقوله: "إن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه" معناه أن الملوك من العرب وغيرهم يكون لكل منهم حمى يحميه عن الناس، ومن دخله أوقع به العقوبة، ولله تعالى حمى هو محارمه أي المعاصي التي حرمها، كالقتل والزنا والسرقة... ومن قارب شيئاً من ذلك يوشك أن يقع فيه، "إلا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".
قال أهل اللغة: المراد تصغير القلب بالنسبة إلى باقي الجسد، مع أن صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب، وفي هذا الحديث التأكيد على السعي في إصلاح القلب وحمايته من الفساد.
واحتُج بهذا الحديث على أن العقل في القلب لا في الرأس، وفيه خلاف مشهور، ومذهب أهل السنة وجماهير المتكلمين على أنه في القلب، وقال أبو حنيفة: إنه في الرأس.
وحكى ذلك عن الأطباء، ولك أن تنظر شرح الحديث المذكور في فتح الباري على صحيح البخاري، والنووي على صحيح مسلم وغيرهما.
وراجع في المسألة الأخيرة الجواب رقم: 13977.
والله أعلم.
....
ويقول الشيخ عبدالمحسن بن عبدالله الزامل في باب الزهد والورع:
وقوله: إن الحرام بين وإن الحلال بين، هذا يبين أن الأمور ثلاثة: حلال بين، وحرام بين، ومشتبه.
فالحلال البين: هو ما أحله الله - سبحانه وتعالى- من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح، والمراكب وما أشبه ذلك.
والحرام البين: ما حرمه الله - سبحانه وتعالى- من الأقوال والأفعال المحرمة، وأعظمها الشرك وعقوق الوالدين والكذب، والغيبة، والنميمة، والسحر، والبهتان، وما أشبه ذلك من سائر المحرمات التي حرمها - سبحانه وتعالى- ورسوله صلوات الله وسلامه عليه.
وبينهما أمور مشتبهات، هذا هو موضع النزاع، والجدال والخلاف بين أهل العلم، وفيه أربعة أقوال مشهورة: قيل: إنه ما اختلفت فيه الأدلة، وقيل: ما اختلف فيه العلماء، وقيل: هو المكروه، وقيل: هو المباح.
والأظهر القولان الأولان، وهو ما اختلفت فيه الأدلة، أو اختلف فيه العلماء، والصحيح أن القولين متلازمان؛ لأن ما اختلفت فيه الأدلة، يلزم منه غالبا اختلاف العلماء، وهذا اختلاف الأدلة في الظاهر، فإذا حصل خلاف في مسألة من المسائل في الغالب يكون في المسألة قولان، فعند ذلك يكون الأمر الاشتباه، وهذا في كل زمان بحسبه.
هذا في الأمور المشتبهة، ما اختلف فيه العلماء بحسب اختلاف الأدلة، ثم الاشتباه أمر واسع يختلف بحسب الزمان والمكان وبحسب ظهور العلم وقلته، قد يكون أمر من الأمور مشتبه، وعند في مكان آخر من الأمور الظاهرة، لكن هذا من حيث الجملة.
وعلى هذا نقول: ما اختلف فيه العلماء مثلا في بعض أنواع عقود البيع، ما اختلف العلماء فيه في بعض مسائل العبادات والزكاة والصوم والصلاة، كذلك في بعض مسائل الأطعمة، فالاحتياط فيه أن يأخذ بالقول الذي يكون فيه الوثيقة، وذلك أن يعمل بكلا القولين، مثلا حينما اختلف العلماء في بعض الأطعمة وفي بعض الصيود مثلا حينما اختلفوا مثلا في بعض أنواع الصيود مثل الضبع، ومثل القنفذ، ومثل الثعلب، وما أشبه ذلك في جواز أكلها، فإن من احتاط وتركها فإنه يكون عاملا بكلا القولين؛ لأن الذي يحلها لا يقول إن تركها حرام، والذي يحرمها يقول: إن الإقدام عليها حرام. فإذا اجتنبها فإنه يكون آخذا بكلا القولين.
وهكذا كثيرٌ من المسائل مثل مثلا بعض المسائل بانتقاض الوضوء الذين يقولون مثلا: إن لحم الإبل لا ينقض فإنه إذا توضأ منها عند من لا يرى نقضه هو الأحوط؛ لأنه إذا توضأ منها فإن وضوءه صحيح على جميع الأقوال، وإن لم يتوضأ منها فالوضوء باطل على أحد القولين، وإن كان هو يتبع الذي يعتقده، كذلك مثلا في بعض المسائل في مسائل الطهارة، وهي بحر لا ساحل له.
وكذلك في مسائل كثيرة، لكن ينبغي أن يعلم أنه في بعض المسائل التي يقع فيها الخلاف ينبغي أنه ينظر إن كان الخلاف فيها ظاهر والدليل ظاهر، فالعمل بالقول الأحوط لا عتب على من عمِل به، مثل انتقاض الوضوء بلحم الإبل، فهذا هو القول الصحيح لظاهر الأدلة، لكن هناك مسائل الدليل فيها ظاهر وواضح، ولا يكون القول الثاني شبهة لضعفه، فالشبهة إذا كانت قوية هو الذي يكون فيها الاحتياط، وإذا ضعفت ففي هذه الحالة الاحتياط وهو العمل بالسنة، وهذا فيه بحث محل تفصيل لأهل العلم في هذه المسألة.
ثم قول النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في اللفظ هنا: لا يعلمهن كثير من الناس يبين أن الاشتباه في الحقيقة نسبي، وأن أمر المشتبهات تظهر لأهل العلم المحققين الراسخين تظهر وتتبين المشتبه، وهذا يختلف اختلافا قد يظهر في وقت وفي زمان يناسب من أهل العلم هذا القول وقد لا يظهر لآخرين من أهل العلم، وهكذا، ويكون شبهة في حقه، لأنه ما ظهر، ولا يكون شبهة في حق غيره لظهوره. وعلى هذا تكون الشبهة إذا وقعت فالناس فيها لهم ثلاثة مواقف:
الموقف الأول: من يجتنبها لعدم ظهور الحق بدليله، فيقف ويتقيها، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، وهذا قد أخذ بالثقة.
وقوم آخرون أقدموا عليها ولم يبالوا بلا نظر وبلا بصيرة، فهذا يوشك أن يجسر على الحرام، كما في رواية في الصحيحين: من أقدم على ما شك فيه فهو على ما استبان أجسر يعني يكون إقدام، وهذا في الحقيقة يوشك أن يقع في الحرام الصريح الواضح حينما لم يبال بالشبهة.
والقسم الثالث: وهو إن لم يذكر لكنه أرفع الأقسام وأعلاها، وأجل الأقسام وهم الذين تتبين لهم الشبهة وتظهر وتتضح، وهم أهل العلم، فينظرون في الأدلة، ثم لا يكون الأمر مشتبها، بل يكون واضحا بينا عندهم فيعلم هل هذه من الشبهة أو ليست من الشبهة، فيجتنب أو يعمل.
لكن بالجملة لا بد أن يكون هناك بعض الأمور التي يكون الخلاف فيها قويا، فيحصل شيءٌ من التوقف وإذا نظر واجتهد ثم ترجح له أحد القولين بشيء من الترجيح فإنه تزول الشبهة في حقه نعم.
وفي الختام أسأل الله أن يبعدني وإياكم عن الحرام ويرزقنا من رزقه الحلال..
...
أخواني الأعزاء تقبل الله طاعتكم وكل عام وأنتوا بخير..
الموضوع:
سؤال عن حديث رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام..
عن أبي عبد الله النعـمان بن بشير رضي الله عـنهما قـال: سمعـت رسـول الله صلي الله عـليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهي الـقـلب) هلاّ وضحتم لنا هذا الحديث بالتفصيل؟
أثابكم الله..
الفتوى..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس...".
أجمع العلماء على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وسبب عظم موقعه أنه صلى الله عليه وسلم نبه فيه على إصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها، وأنه ينبغي ترك المشتبهات، فإنه سبب لحماية الدين والعرض، وحذر من مواقعة الشبهات...
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين والحرام بين" فمعناه أن الأشياء ثلاثة أقسام:
- حلال بين واضح، كالخبز والفواكه والزيت والعسل والكلام والنظر والمشي....
- وحرام بين، وهو الخمر والخنزير والغيبة والنميمة...
- والمشتبهات، وهي أمور ليست بواضحة الحل ولا الحرمة، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها.
أما العلماء، فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو غير ذلك، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة، ولم يكن فيه نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي، فإذا ألحقه به صار منه، وقد يكون دليله غير خال من الاحتمال البين، فيكون الورع تركه، ويكون داخلاً في قوله صلى الله عليه وسلم: "فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه".
أي: حصلت له البراءة لدينه من الذم الشرعي، وصان عرضه عن كلام الناس فيه.
وقوله: "إن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه" معناه أن الملوك من العرب وغيرهم يكون لكل منهم حمى يحميه عن الناس، ومن دخله أوقع به العقوبة، ولله تعالى حمى هو محارمه أي المعاصي التي حرمها، كالقتل والزنا والسرقة... ومن قارب شيئاً من ذلك يوشك أن يقع فيه، "إلا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".
قال أهل اللغة: المراد تصغير القلب بالنسبة إلى باقي الجسد، مع أن صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب، وفي هذا الحديث التأكيد على السعي في إصلاح القلب وحمايته من الفساد.
واحتُج بهذا الحديث على أن العقل في القلب لا في الرأس، وفيه خلاف مشهور، ومذهب أهل السنة وجماهير المتكلمين على أنه في القلب، وقال أبو حنيفة: إنه في الرأس.
وحكى ذلك عن الأطباء، ولك أن تنظر شرح الحديث المذكور في فتح الباري على صحيح البخاري، والنووي على صحيح مسلم وغيرهما.
وراجع في المسألة الأخيرة الجواب رقم: 13977.
والله أعلم.
....
ويقول الشيخ عبدالمحسن بن عبدالله الزامل في باب الزهد والورع:
وقوله: إن الحرام بين وإن الحلال بين، هذا يبين أن الأمور ثلاثة: حلال بين، وحرام بين، ومشتبه.
فالحلال البين: هو ما أحله الله - سبحانه وتعالى- من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح، والمراكب وما أشبه ذلك.
والحرام البين: ما حرمه الله - سبحانه وتعالى- من الأقوال والأفعال المحرمة، وأعظمها الشرك وعقوق الوالدين والكذب، والغيبة، والنميمة، والسحر، والبهتان، وما أشبه ذلك من سائر المحرمات التي حرمها - سبحانه وتعالى- ورسوله صلوات الله وسلامه عليه.
وبينهما أمور مشتبهات، هذا هو موضع النزاع، والجدال والخلاف بين أهل العلم، وفيه أربعة أقوال مشهورة: قيل: إنه ما اختلفت فيه الأدلة، وقيل: ما اختلف فيه العلماء، وقيل: هو المكروه، وقيل: هو المباح.
والأظهر القولان الأولان، وهو ما اختلفت فيه الأدلة، أو اختلف فيه العلماء، والصحيح أن القولين متلازمان؛ لأن ما اختلفت فيه الأدلة، يلزم منه غالبا اختلاف العلماء، وهذا اختلاف الأدلة في الظاهر، فإذا حصل خلاف في مسألة من المسائل في الغالب يكون في المسألة قولان، فعند ذلك يكون الأمر الاشتباه، وهذا في كل زمان بحسبه.
هذا في الأمور المشتبهة، ما اختلف فيه العلماء بحسب اختلاف الأدلة، ثم الاشتباه أمر واسع يختلف بحسب الزمان والمكان وبحسب ظهور العلم وقلته، قد يكون أمر من الأمور مشتبه، وعند في مكان آخر من الأمور الظاهرة، لكن هذا من حيث الجملة.
وعلى هذا نقول: ما اختلف فيه العلماء مثلا في بعض أنواع عقود البيع، ما اختلف العلماء فيه في بعض مسائل العبادات والزكاة والصوم والصلاة، كذلك في بعض مسائل الأطعمة، فالاحتياط فيه أن يأخذ بالقول الذي يكون فيه الوثيقة، وذلك أن يعمل بكلا القولين، مثلا حينما اختلف العلماء في بعض الأطعمة وفي بعض الصيود مثلا حينما اختلفوا مثلا في بعض أنواع الصيود مثل الضبع، ومثل القنفذ، ومثل الثعلب، وما أشبه ذلك في جواز أكلها، فإن من احتاط وتركها فإنه يكون عاملا بكلا القولين؛ لأن الذي يحلها لا يقول إن تركها حرام، والذي يحرمها يقول: إن الإقدام عليها حرام. فإذا اجتنبها فإنه يكون آخذا بكلا القولين.
وهكذا كثيرٌ من المسائل مثل مثلا بعض المسائل بانتقاض الوضوء الذين يقولون مثلا: إن لحم الإبل لا ينقض فإنه إذا توضأ منها عند من لا يرى نقضه هو الأحوط؛ لأنه إذا توضأ منها فإن وضوءه صحيح على جميع الأقوال، وإن لم يتوضأ منها فالوضوء باطل على أحد القولين، وإن كان هو يتبع الذي يعتقده، كذلك مثلا في بعض المسائل في مسائل الطهارة، وهي بحر لا ساحل له.
وكذلك في مسائل كثيرة، لكن ينبغي أن يعلم أنه في بعض المسائل التي يقع فيها الخلاف ينبغي أنه ينظر إن كان الخلاف فيها ظاهر والدليل ظاهر، فالعمل بالقول الأحوط لا عتب على من عمِل به، مثل انتقاض الوضوء بلحم الإبل، فهذا هو القول الصحيح لظاهر الأدلة، لكن هناك مسائل الدليل فيها ظاهر وواضح، ولا يكون القول الثاني شبهة لضعفه، فالشبهة إذا كانت قوية هو الذي يكون فيها الاحتياط، وإذا ضعفت ففي هذه الحالة الاحتياط وهو العمل بالسنة، وهذا فيه بحث محل تفصيل لأهل العلم في هذه المسألة.
ثم قول النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في اللفظ هنا: لا يعلمهن كثير من الناس يبين أن الاشتباه في الحقيقة نسبي، وأن أمر المشتبهات تظهر لأهل العلم المحققين الراسخين تظهر وتتبين المشتبه، وهذا يختلف اختلافا قد يظهر في وقت وفي زمان يناسب من أهل العلم هذا القول وقد لا يظهر لآخرين من أهل العلم، وهكذا، ويكون شبهة في حقه، لأنه ما ظهر، ولا يكون شبهة في حق غيره لظهوره. وعلى هذا تكون الشبهة إذا وقعت فالناس فيها لهم ثلاثة مواقف:
الموقف الأول: من يجتنبها لعدم ظهور الحق بدليله، فيقف ويتقيها، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، وهذا قد أخذ بالثقة.
وقوم آخرون أقدموا عليها ولم يبالوا بلا نظر وبلا بصيرة، فهذا يوشك أن يجسر على الحرام، كما في رواية في الصحيحين: من أقدم على ما شك فيه فهو على ما استبان أجسر يعني يكون إقدام، وهذا في الحقيقة يوشك أن يقع في الحرام الصريح الواضح حينما لم يبال بالشبهة.
والقسم الثالث: وهو إن لم يذكر لكنه أرفع الأقسام وأعلاها، وأجل الأقسام وهم الذين تتبين لهم الشبهة وتظهر وتتضح، وهم أهل العلم، فينظرون في الأدلة، ثم لا يكون الأمر مشتبها، بل يكون واضحا بينا عندهم فيعلم هل هذه من الشبهة أو ليست من الشبهة، فيجتنب أو يعمل.
لكن بالجملة لا بد أن يكون هناك بعض الأمور التي يكون الخلاف فيها قويا، فيحصل شيءٌ من التوقف وإذا نظر واجتهد ثم ترجح له أحد القولين بشيء من الترجيح فإنه تزول الشبهة في حقه نعم.
وفي الختام أسأل الله أن يبعدني وإياكم عن الحرام ويرزقنا من رزقه الحلال..
...