فضل
عضو مميز
كاتب سعودى صاحب اسلوب ساحر
يحدثنا بقصته ..،
يحدثنا بقصته ..،
ليس في هذه الدنيا شيء أفعله سوى
الذهاب إلى عملي صباحا والعودة منه ظهرا
نومي غير محدد ، ووقتي غير منظم ، أعيش حياة مشتتة
فمنذ أن رحلت أمي عن هذه الدنيا
وأنا أعيش وحدي في هذه الشقة الواسعة
كانت أمي تقول ” لا يرتب حياة الرجل إلا امرأة”
أصرت عليَّ ذات مرة أن أتزوج
بكت كثيرا وهي تردد أريد أن أرى أطفالك ، أشفقت عليها ووافقت
سوء حظي قادني إلى فتاة تحب التسلية
كانت ترى أن الزواج أسواق وفسح، في كل ليلة نذهب إلى مركز تجاري
نظل ندور فيه حتى نتعب
ثم نذهب إلى مطعم فاخر نهدر فيه ما لم نهدره في السوق
لم تكن رومانسية ، ولا تعرف كيف تكون
كم تمنيت أن نتبادل عبارات الحب، أن تشعرني بقربها وأشعرها بحبي
كم وددت أن نصبح كطائرين في قفص، أن نكون عاشقين في جزيرة نائية
حاولت أن أقنعها بخطأ تصرفاتها، لكنها كانت مقتنعة بما تفعل
لما كثرت مشاجراتنا طلقتها
بعد هذه التجربة الفاشلة لم أعد أفكر في زواج
وجدت نفسي سعيدا هكذا ، أو لعلني أشعر نفسي بهذه السعادة الزائفه
أجد متعة في عزلتي هذه ، وفي البقاء وحيدا بين هذه الجدران
أعوض خوائي بما يعرضه التلفزيون من مشاهد رومانسية
وما تبثه الأغاني من كلمات وموسيقى حالمه
فتحت التلفاز اسلي نفسي ، توقفت عند قناة تعرض فيلما يبدو جميلا
مشهد رومانسي .. شابٌ في حديقة عامة .. يجلس على أحد المقاعد
بوجهه المشرق وعينيه الواسعتين .. وفي يده وردة حمراء ..
يقربها إلى أنفه بين حين وآخر وهو ينظر مرة إلى ساعته ومرة إلى
بوابة الحديقة الواسعة
فجأة يتسع وجهه لابتسامة كبيرة ، يصبح كطفل يرى لعبه تهدى إليه
يثب قائما كفرس سباق ، يمشي بضع خطوات ، ليستقبل الفتاة ..
يرحب بها كمن وجدها بعد سنوات من الغياب
يجلسان على ذات المقعد ، يكاد يلتهمها بنظراته وهي تتحدث كم عانت
حتى تراه ، يبتسم الشاب ثم يمد يده نحو شعرها ويثبت وردته الحمراء
على مقدمة رأسها ، موسيقى رومانسية أدارها المخرج وهو يرتفع
بكاميرته إلى الأعلى على مشهد الاثنين وهما يتحدثان ويبتسمان
كلمة النهاية جعلتني أفيق من تأثير هذا المشهد المشحون
صرت وديعا ورقيقا بعد هذه المشاهد
أصبحت رشيقا كطفل تتمايل به أرجوحته
رأسي مثقلٌ بالنعاس ، تثاؤب كبير يعمل فعلته بي
لعله النوم الذي يعاودني في كل لحظة ، ترنحت على مقعدي وغفوت
نهضت فجأة على آلام حادة في رقبتي ، نظرت إلى الساعة الموضوعه
على جهاز التلفزيون ، عرفت أني نمت ما يقرب من الساعتين
تفحصت موبايلي لم يكن ثمة اتصالات ، ولا حتى رسالة واحدة
لم يكن ذلك مستغربا ، بل الغريب هو طعم سكر الذي أتذوقه في فمي
شعور غريب يتملكني ، ابتسامة مرسومة على شفتاي
إحساس جميل في داخلي
روح عاشق لديه موعد غرامي مع فتاته تتملكني
نهضت من مكاني سريعا ، وأنا الذي كنت أنهض من نومي بكسل
فتحت دش الماء وشرعت ألهو بخيوطه وأنا أترنم بأغنية جميلة
ثم غسلت وجهي وفرشت أسناني ، أخرجت ماكينة الحلاقة
ومررتها على جذور الشعر الذي بدأت تعلن عن نفسها
فتحت خزانة ملابسي ، بحثت عن ثوب جديد ، وغترة ذات ماركة حديثة
وقفت أمام المرآه وأنا أعدل الثوب تارة والغترة تارة أخرى
مددت يدي نحو قارورة العطر الباريسي الفاخر
وأطلقت رشات منها وأنا أصفر بفمي بأغنية رومانسية
نزلت سريعا من الدرج ، ووقفت أمام حوض ورود جارنا الشامي
وقطفت منه وردة حمراء ، ويممت نحو سيارتي
انطلقت أسير في الطرقات والشوارع المتقاطعة
أقود بيد وبالأخرى أمسك بوردتي الحمراء ، كان الزحام شديدا
ومع ذلك كنت سعيدا قرحا منتشيا برومانسيتي
فتحت المذياع وأطلقت العنان لزر البحث الآلي كي يصطاد أغنية رومانسية
حتى وجدتها وعلى أنغامها كنت أسير بلا هدف نحو لقاء محبوبة وهمية
لا أدري أين أجدها ولا كيف أقابلها
أحسست أني في هذه اللحظات كعاشق بلا حبيب
زادتني الأغنية عشقا .. كان قلبي ينبض شوقا إلى حبيب
كنت أنتظر الحصول عليها في أي وقت
عند الإشارة أقف وفمي يتسع لابتسامة جميلة
نزل زجاج النافذة الخلفية الداكن لسيارة بجانبي، لتبدو امرأة شابه
سألتني عن مستوصف المنطقه ، وصفت لها المكان وأنا أبتسم
كنت سعيدا وأنا أشير لها بيدي : خذي هذا الطريق ، تتبعي الإشارات
ثالث إشارة خذي جهة اليمين ، بعد إشارتين سيأتيك المبنى على اليمين
عندما أضاءت الإشارة لونها الأخضر انطلقت السيارة
وبقيت أتجول في سيارتي ببطء ، لعلي كنت أنتظر منها شيئا
لكنها لم تكن فتاتي ، لم تر وردتي الحمراء في يدي
طال دوراني بسيارتي ، أحسست بجوع ، وقفت أمام مطعم فاخر
بوابتان إحداهما للأفراد وأخرى للعائلات ، قدماي سارتا نحو البوابة العائليه
إلا أن النادل أشار إلى الباب الآخر
طلبت طعاما سريعا وعدت إلى سيارتي أنتظره، تشاغلت بالبحث عن أغنيه
تبقيني على حالتي المنتشية، اقتربت مني فتاة في العشرين تقريبا
رفعت يدي التي تحمل الوردة ، ومعها ابتسامتي العاشقة
لكنها ترنمت لي بأدعيه ، وأن يكون مصيري الجنة ، وأن يعوضني الله على
ما سأبذله ، مددت يدي نحو محفظتي وأخرجت منها
ورقة من العشرين ريالا ، قدمتها لها وقبل أن أفتح فمي بكلمات
كانت قد خطفتها وولت وهي تترنم بأدعيتها تلك
بدأت ابتسامتي تتلاشى من وجهي الحزين ، وشعور المحب
تسرب من داخلي ، وفقدت الكثير من ذلك الإحساس الجميل
جاء العامل بالساندويتش والعصير ، أقود بيد وألتهم عشائي بيدي الأخرى
التي مازالت تحمل وردتي الحمراء ، كنت أمضغه بكسل
ثم أدفعه بجرعات من العصير الحامض
بدأت المحال تغلق أبوابها ، واختفت السيارات من الشوارع فجأة
وتحولت أعمدة النور إلى عجائز حزينة ، وانحنت الأشجار كأرامل بائسة
لم يعد هناك ما يبهج ، عدت إلى شقتي ، ورميت غترتي كيفما كان
تمددت على سريري ، مازالت وردتي الحمراء في يدي
حركت لساني لم أعد أشعر بذات الطعم
عادت لي صوري الحزينة مرة أخرى
ذكريات الأم الراحلة، والزوجة التافهة ، أعدت ذات الشريط مرات عدة
بدأ جسمي يثقل ، وبدأ النوم يداعبني ، ترنحت قواي
واستسلمت له ، ومددت يداي
لتسقط مني وردتي الحمراء
الذهاب إلى عملي صباحا والعودة منه ظهرا
نومي غير محدد ، ووقتي غير منظم ، أعيش حياة مشتتة
فمنذ أن رحلت أمي عن هذه الدنيا
وأنا أعيش وحدي في هذه الشقة الواسعة
كانت أمي تقول ” لا يرتب حياة الرجل إلا امرأة”
أصرت عليَّ ذات مرة أن أتزوج
بكت كثيرا وهي تردد أريد أن أرى أطفالك ، أشفقت عليها ووافقت
سوء حظي قادني إلى فتاة تحب التسلية
كانت ترى أن الزواج أسواق وفسح، في كل ليلة نذهب إلى مركز تجاري
نظل ندور فيه حتى نتعب
ثم نذهب إلى مطعم فاخر نهدر فيه ما لم نهدره في السوق
لم تكن رومانسية ، ولا تعرف كيف تكون
كم تمنيت أن نتبادل عبارات الحب، أن تشعرني بقربها وأشعرها بحبي
كم وددت أن نصبح كطائرين في قفص، أن نكون عاشقين في جزيرة نائية
حاولت أن أقنعها بخطأ تصرفاتها، لكنها كانت مقتنعة بما تفعل
لما كثرت مشاجراتنا طلقتها
بعد هذه التجربة الفاشلة لم أعد أفكر في زواج
وجدت نفسي سعيدا هكذا ، أو لعلني أشعر نفسي بهذه السعادة الزائفه
أجد متعة في عزلتي هذه ، وفي البقاء وحيدا بين هذه الجدران
أعوض خوائي بما يعرضه التلفزيون من مشاهد رومانسية
وما تبثه الأغاني من كلمات وموسيقى حالمه
فتحت التلفاز اسلي نفسي ، توقفت عند قناة تعرض فيلما يبدو جميلا
مشهد رومانسي .. شابٌ في حديقة عامة .. يجلس على أحد المقاعد
بوجهه المشرق وعينيه الواسعتين .. وفي يده وردة حمراء ..
يقربها إلى أنفه بين حين وآخر وهو ينظر مرة إلى ساعته ومرة إلى
بوابة الحديقة الواسعة
فجأة يتسع وجهه لابتسامة كبيرة ، يصبح كطفل يرى لعبه تهدى إليه
يثب قائما كفرس سباق ، يمشي بضع خطوات ، ليستقبل الفتاة ..
يرحب بها كمن وجدها بعد سنوات من الغياب
يجلسان على ذات المقعد ، يكاد يلتهمها بنظراته وهي تتحدث كم عانت
حتى تراه ، يبتسم الشاب ثم يمد يده نحو شعرها ويثبت وردته الحمراء
على مقدمة رأسها ، موسيقى رومانسية أدارها المخرج وهو يرتفع
بكاميرته إلى الأعلى على مشهد الاثنين وهما يتحدثان ويبتسمان
كلمة النهاية جعلتني أفيق من تأثير هذا المشهد المشحون
صرت وديعا ورقيقا بعد هذه المشاهد
أصبحت رشيقا كطفل تتمايل به أرجوحته
رأسي مثقلٌ بالنعاس ، تثاؤب كبير يعمل فعلته بي
لعله النوم الذي يعاودني في كل لحظة ، ترنحت على مقعدي وغفوت
نهضت فجأة على آلام حادة في رقبتي ، نظرت إلى الساعة الموضوعه
على جهاز التلفزيون ، عرفت أني نمت ما يقرب من الساعتين
تفحصت موبايلي لم يكن ثمة اتصالات ، ولا حتى رسالة واحدة
لم يكن ذلك مستغربا ، بل الغريب هو طعم سكر الذي أتذوقه في فمي
شعور غريب يتملكني ، ابتسامة مرسومة على شفتاي
إحساس جميل في داخلي
روح عاشق لديه موعد غرامي مع فتاته تتملكني
نهضت من مكاني سريعا ، وأنا الذي كنت أنهض من نومي بكسل
فتحت دش الماء وشرعت ألهو بخيوطه وأنا أترنم بأغنية جميلة
ثم غسلت وجهي وفرشت أسناني ، أخرجت ماكينة الحلاقة
ومررتها على جذور الشعر الذي بدأت تعلن عن نفسها
فتحت خزانة ملابسي ، بحثت عن ثوب جديد ، وغترة ذات ماركة حديثة
وقفت أمام المرآه وأنا أعدل الثوب تارة والغترة تارة أخرى
مددت يدي نحو قارورة العطر الباريسي الفاخر
وأطلقت رشات منها وأنا أصفر بفمي بأغنية رومانسية
نزلت سريعا من الدرج ، ووقفت أمام حوض ورود جارنا الشامي
وقطفت منه وردة حمراء ، ويممت نحو سيارتي
انطلقت أسير في الطرقات والشوارع المتقاطعة
أقود بيد وبالأخرى أمسك بوردتي الحمراء ، كان الزحام شديدا
ومع ذلك كنت سعيدا قرحا منتشيا برومانسيتي
فتحت المذياع وأطلقت العنان لزر البحث الآلي كي يصطاد أغنية رومانسية
حتى وجدتها وعلى أنغامها كنت أسير بلا هدف نحو لقاء محبوبة وهمية
لا أدري أين أجدها ولا كيف أقابلها
أحسست أني في هذه اللحظات كعاشق بلا حبيب
زادتني الأغنية عشقا .. كان قلبي ينبض شوقا إلى حبيب
كنت أنتظر الحصول عليها في أي وقت
عند الإشارة أقف وفمي يتسع لابتسامة جميلة
نزل زجاج النافذة الخلفية الداكن لسيارة بجانبي، لتبدو امرأة شابه
سألتني عن مستوصف المنطقه ، وصفت لها المكان وأنا أبتسم
كنت سعيدا وأنا أشير لها بيدي : خذي هذا الطريق ، تتبعي الإشارات
ثالث إشارة خذي جهة اليمين ، بعد إشارتين سيأتيك المبنى على اليمين
عندما أضاءت الإشارة لونها الأخضر انطلقت السيارة
وبقيت أتجول في سيارتي ببطء ، لعلي كنت أنتظر منها شيئا
لكنها لم تكن فتاتي ، لم تر وردتي الحمراء في يدي
طال دوراني بسيارتي ، أحسست بجوع ، وقفت أمام مطعم فاخر
بوابتان إحداهما للأفراد وأخرى للعائلات ، قدماي سارتا نحو البوابة العائليه
إلا أن النادل أشار إلى الباب الآخر
طلبت طعاما سريعا وعدت إلى سيارتي أنتظره، تشاغلت بالبحث عن أغنيه
تبقيني على حالتي المنتشية، اقتربت مني فتاة في العشرين تقريبا
رفعت يدي التي تحمل الوردة ، ومعها ابتسامتي العاشقة
لكنها ترنمت لي بأدعيه ، وأن يكون مصيري الجنة ، وأن يعوضني الله على
ما سأبذله ، مددت يدي نحو محفظتي وأخرجت منها
ورقة من العشرين ريالا ، قدمتها لها وقبل أن أفتح فمي بكلمات
كانت قد خطفتها وولت وهي تترنم بأدعيتها تلك
بدأت ابتسامتي تتلاشى من وجهي الحزين ، وشعور المحب
تسرب من داخلي ، وفقدت الكثير من ذلك الإحساس الجميل
جاء العامل بالساندويتش والعصير ، أقود بيد وألتهم عشائي بيدي الأخرى
التي مازالت تحمل وردتي الحمراء ، كنت أمضغه بكسل
ثم أدفعه بجرعات من العصير الحامض
بدأت المحال تغلق أبوابها ، واختفت السيارات من الشوارع فجأة
وتحولت أعمدة النور إلى عجائز حزينة ، وانحنت الأشجار كأرامل بائسة
لم يعد هناك ما يبهج ، عدت إلى شقتي ، ورميت غترتي كيفما كان
تمددت على سريري ، مازالت وردتي الحمراء في يدي
حركت لساني لم أعد أشعر بذات الطعم
عادت لي صوري الحزينة مرة أخرى
ذكريات الأم الراحلة، والزوجة التافهة ، أعدت ذات الشريط مرات عدة
بدأ جسمي يثقل ، وبدأ النوم يداعبني ، ترنحت قواي
واستسلمت له ، ومددت يداي
لتسقط مني وردتي الحمراء