فضل
عضو مميز
طفل صغير
يحدثنا بما حصل له ..،
يحدثنا بما حصل له ..،
ألهو ببراءتي حول أمي ..
أقفز هنا وهناك ..
أتعلق برقبتها لتخفضها قليلا ثم أسقط ..
أتسلق على ظهرها فتتخلص مني لأقع على الأرض..
ثم أعاود اللعب مرة بعد أخرى ..
كنت فرحا وأنا ألهو حولها ، تنطلق مني ضحكات متواصلة عندما تبعدني
بيدها أو عندما تسقطني أرضا ، وأجد سعادة كبيرة عندما أعود مرة أخرى.
لكنها فجأة التفتت إلي بغضب ثم صفعتني على وجهي
وقالت : ابتعد عني .. العب بعيدا هناك ..
تسمرت مكاني والدهشة والبكاء يتصارعان في داخلي
لم أكن أتوقع أنها ستصفعني .. وأنها ستنهي لحظات فرحي بهذه القسوة !
تراجعت حتى التصقت بالجدار ، ووقفت أنظر إليها في ذهول
أقاوم بكائي ودموعي ، أنظر إليها وقد عادت تصلي وكأن شيئا لم يكن
تنحني وترفع ، تسجد وتقوم .. وأنا في مكاني أصارع عبراتي التي تبكي نفسي المحطمة.
كف على وجهي ..
أحسست بلسعته في قلبي قبل وجهي .،
توقعت أنها ستأتي وتقول كلاما رقيقا وتضمني إلى صدرها ..
لكنها لم تأت !
أخيرا نزلت دموعي ، نزلت منهمرة حتى حجبت الرؤية عن عيني ..
بكيت بصوت عالٍ ، لم أتمالك نفسي
أطلقت العنان للعبرات المشحونة في داخلي لتخرج كيف شاءت
بكيت وعيناي متسمرتان نحوها
مازال لدي بقايا أمل في أن تنهض وتمسح دموعي العاتبة ..
خرجت زوجة أخي من غرفتها ، وسألتني وهي تقترب مني :
الحلو يبكي ليه ؟
ازداد بكائي ، والعبرات مازالت تهزني ، جثت على ركبتيها ومسحت
دموعي بأطراف أصابعها ، ثم أمسكت بيدي لتغسل وجهي .
وفي غرفتها أجلستني على كرسى تسريحتها ، وراحت تسرح شعري
وأنا أنظر إليها في المرآة ، كانت تبتسم وعيناها تبرقان
ثم أدارت الكرسى نحوها وجلست أمامي واقتربت بوجهها نحوي وقالت :
لماذا كنت تبكي ؟ ألا تريد أن تقول لي ؟ حسنا .. كما تحب..
ثم قبلتني على خدي ، وقربت خدها مني وقالت : قبلني .. ما بك ؟
هيَّا قبلني … لا تريد أيضا ! حسنا تعال سأعطيك حلوى ..
سحبتني نحو خزانة قريبة ، وأخرجت حلوى وفتحت واحدة منها وقالت :
تفضل .. ثم أخرجت ألبوم صور ، فشرعت تعرفني على أخوتها وأقاربها ..
والحلوى بين أصابعي لم أرفعها إلى فيَّ.
أعترف بأني خذلتها .. لم أتكلم معها ، ولم أقل لها لماذا بكيت ؟
كما إنني لم أستطع أن أقبلها .. وفي الواقع لم يكن الحياء وحده هو الذي
منعني .. بل لأني لا أعرف كيف تكون القبلة ؟ وكيف تصنع ؟
فشلت في إرضائها وهي التي تحاول إسعادي ..
كم تمنيت لحظتها أن تكون هي أمي .. تأخذني في حضنها وتقبلني
وتعطيني حلوى .. وتحدثني وتسليني ..
ازددت اقترابا منها ، وجدت نفسي أعتاد الجلوس في غرفتها
تسرح شعري وتعطيني حلوى ، لكنها في يوم تغير وجهها وقالت : غدا
ستذهب إلى المدرسة ، وسيكون لك أصدقاء كثيرون ، حينها ستنساني
وتنسى الحلوى التي أعطيك إياها ..
ومازالت تطلب مني أن أقبلها .. ومازلت أخذلها !
ذات يوم .. غسلت شعري وسرحته .. ألبستني ثوبا جديدا وقالت ستذهب
معي إلى أهلي .. سأعرفك على أختي وأخي .. وأمي وأبي ..
دخلنا البيت وأجلستني في الصالة .. جاءت أمها بالشاي .. وعادت تحضر
شيئا ما .. فسكبت كأسا وقدمته لي وقالت : هذا الشاي لك .. حاذر يا
حبيبي .. انه حار جدا .. هل أنت سعيد الآن ؟
ثم طبعت قبلة على خدي وكالعادة طلبت مني أن أقبلها ..
وفي هذه المرة وجدتني أقترب منها
وبالكاد لامست شفتاي جلدها الناعم
حتى صرخت قائلة : هذه أجمل قبلة في حياتي !
< كلنا بداخلنا طفل صغير برىء >