ابتعد عن الحرام والربا
إذا كان القرض بمعنى دفع المال إرفاقاً لمن ينتفع به ويرد مثله أو قيمته، وكان الربا بمعنى تلك الزيادة المالية التي لا مقابل لها في معاوضة مال بمال تبيّن واضحاً أن القرض الربوي هو :القرض الذي يشترط فيه المقرض شيئاً زيادة على ما أقرض.
و المعلوم لدى الجميع أن الربا المحرم في عصر النبوة كان في القرض :
إن الربا المتعامل به في عصر النبوة والذي سماه القرآن ربا هو تلك الزيادة المشروطة في القروض والديون؛ لأن هذه المعاملة هي ما يرجع إليه لفظ الربا في ذلك العصر.
وهي معاملة شائعة ومعروفة بينهم.
1. قال الجصاص: الربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله، إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل، بزيادة على قدر ما استقرض، على ما يتراضون به ....... هذا كان المتعارف المشهور بينهم ،ثم قال: ولم يكن تعاملهم بالربا إلا على هذا الوجه الذي ذكرنا، من قرض دراهم أو دنانير إلى أجل، مع شرط الزيادة.
2. وقال الرازي: أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهوراً متعارَفاً في الجاهلية؛ وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدراً معيناً، ويكون رأس المال باقياً، ثم إذا حلّ الدين طالبوا المدين برأس المال، فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل؛ فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلية يتعاملون به.
نفهم مما تقدم أن الربا المتعامل به في عصر النزول، والذي جاءت آيات القرآن بتحريمه كان على القرض، وهو نوعان:
النوع الأول: هو تلك الزيادة التي تشترط في أول العقد في عقد القرض، فيكون العقد ربويا من الأصل وهو الإقراض باشتراط فائدة
النوع الثاني: هو الزيادة الثانية أو المكررة، في دين البيع.
وهو الذي قلنا: يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى؛ فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخّر عنه، وهو ما يسمى البيع الآجل.
وإن كان ذلك لا يعني أنهم لا يزيدون في ثمن البيع على قيمته نقداً.
الفائدة في القرض هي عين الربا :
يتضح مما تقدم أن الربا المعهود في عصر النبوة هو تلك الزيادة التي يشترطها المقرِض على رأس مال القرض؛ فكذلك الفائدة التي عرّفوها بأنها: الزيادة على رأس المال النقدي المقرَض، بشرط ألا يزيد على الحد المقرر قانونياً، فإذا زادت عليه فهو الربا عندهم في قانون الاقتصاد الرأسمالي.
ولكي نزيد الأمر وضوحاً، ينبغي أن نبيّن أوصاف القرض الربوي التي إذا اكتملت في القرض صار ربوياً، على رغم ما سمي به من الأسماء، و هي:
1. الزيادة التي يزيدها المقرِض على أصل رأس مال القرض.
2. الأجل الذي من أجله تؤدى هذه الزيادة.
3. كون هذه الزيادة شرطا مضموناً في التعاقد.
ومعروف أن هذه الأوصاف الثلاثة قد اجتمعت في القروض ذات الفوائد التي نتكلم عنها (يعني فوائد البنوك)
ويزيد موقفنا هذا تأكيداً: أن المجامع الفقهية الإسلامية قد أجمعت على أن هذه الفوائد محرمة وأنها عين الربا بأنواعها .
و بعد هذا كله و مع انتشار البنوك الإسلامية هل يمكن لهذه البنوك أن تقدم مثل هذه الخدمة ( القرض الحسن ) لجمهور الناس ؟؟؟
أولاً : يجب علينا أن نعلم أن البنوك الإسلامية ليست عبارة عن جمعيات خيرية تعطي المال و تمول الأشخاص من غير بحث عن ربح شرعي مقبول . وبل هي مؤسسات إسلامية ربحية تجارية تبحث عن ربح حلال بطرق شرعية .
ثانياً : أن المجامع الفقهية و المعايير الشرعية حثت البنوك الإسلامية على تقديم القرض الحسن ضمن ضوابط و معايير تضمن حق الطرفين ، فهناك معيار شرعي رقمه ( 19 ) خاص بالقرض .
و عندما نقول قرضاً حسناً أي من غير فوائد أو زوائد تؤخذ على هذا القرض الحسن ، و لعل من الأمور التي تميز البنوك الإسلامية عن غيرها هو تقديم خدمة القرض الحسن .
فالحلال بين و الحرام بين فأسأل المولى سبحانه أن يقنعنا بالحلال و يبعد عنا الحرام .