فضل
عضو مميز
لما كانت العين ترى الجمال الساحر ..
وكان القلب يهوى ويعشق
كان الجدال الأزلي بين العين والقلب ..
أيهما المسؤول عن الحب؟
أيهما الذي جلب الى الروح هذا البلاء؟
أهي العين التي اطلقت بصرها في وجه كل مليح وفتّان ..
أم هو القلب الرقيق الذي سمح لكل عشيق بالدخول اليه ..
ومازال الخصام بينهما حتى قال القلب للعين :
تمتعتما يا مقــلتيَّ بنظــــرة... وأوردتــما قـلـبي أمرَّ المـــــــوارد
أعيّني كفا عن فؤادي فإنه... من الظلم سعى اثنين في قتل واحد
.
أيا عين .. أما تخافين الله؟ أنت التي جلبتِ لي المصائب بنظرك الى كل ما
هو أمامك .. وخالفت قول رب العالمين : "قل للمؤمنين"
نظر العيون إلى العيون هو الذي ... جعل الهلاك إلى الفؤاد سبيلا
.
فقالت العين للقلب :
مهلاً يا سيدي .. أنت الملك المطاع .. ونحن الجنود والأتباع .. ولو أنك
أمرتني بغض البصر .. لما خالفتك .. لكنك ربما تناسيت قول سيد
المرسلين : "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا
فسدت فسد سائر الجسد" ربما كان يعنيك هذا الحديث ياقلب ؟
والقلب ملك .. والأعضاء جنود .. وإذا فسد الملك .. فسدت الرعية
.
ومازال الجدال قائماً حتى صاحت الكبد التي أتلفها الهوى .. ودمرها
العشق .. صاحت:
كفى !! كلاكما مشترك بالجريمة .. وكلاكما تعاونتما في تقطيعي .. وصدق
الشاعر حين قال:
يقول طرفي لقلبي هجت لي سقما ... والعين تــــزعم أن القلب أنكــاها
والجسم يشــــهد أن العين كاذبــة ... وهي التي هيجت للقــلب بلــواها
لولا العيون وما يجنين من ســقم ... ما كنت مطرحا من بعض قتـلاها
فقالت الكبد المـــظلومة اتـــــــئدا ... ((قطعـتماني وما راقبتــما الله))
وصدق الذي قال .. واصفاً القلب وهو يرد الاتهام الى العين :
يقول قلبي لطرفي أن بكى جزعا ... تبكي وأنت الذي حملتني الوجعا؟
فــقال طرفــــي له فيما يعاتــــبه ... بل أنت حملتني الآمـــال والطمعا
حتى إذا ما خـــلا كل بصاحــــبه ... كلاهما بطويل السقـم قـد قنـــعــا
نادتهما كبدي لا تبعـــــدا فلقـــد ... ((قطعتماني بما لاقيتما قطـعا))
.
ومازال الكل يلقى اللوم على صاحبه .. حتى تفتت الكبد .. ودُمرت الروح ..
وسقط الجسد .. ولا ندري من المجرم ومن الضحية؟
فوالله ما أدري أنـــــــفسي ألومــــها ... على الحب أم عيني المشومة
أم قلبي
فإن لمت قلبي قال لي العين أبصرت ... وإن لمت عيني قالت الذنب
للــــقلـــب
فمن القاتل إذن ؟!
